الطب
والطبيب في مرآة السينما الكولونيالية بالمغرب

 

أ . محمد الكرادي

جامعة ابن طفيل . القنيط رة . المغرب

 

 

تقديم

مخطئ من يعتقد أن الاستعمار الفرنسي للمغرب كان عملا عسكريا فقط، يقتصر على احتلال الأرض بواسطة الجندي والبندقية فحسب، بل هو سيطرة اقتصادية وإثنية، وغزو فكري استهدف فرض ثقافة المستعمِر وحضارته، بحجة نشر رسالته الإنسانية التي وجب تعميمها على سائر المناطق النائية) * (، وعن ذلك يقول الباحث "رايموند بيت" ) Betts Raymond (: "لم تعمل أي قوة استعمارية على توظيف مفهوم المهمة التحضُرية ) Mission civilisatrice ( مثلما فعلت فرنسا، حيث تظهر الأمة المستعمِرة كمُرَمِم للمجتمعات، فهي قادرة وحدها على القيام بأي تغيير مهما كان حجمه".

وفي هذا الإطار بدأ التركيز على مختلف الخدمات الميدانية التي تقوم بها الإدارة الفرنسية في مستعمراتها كنوع من الدعاية القادرة على تغيير صورة المحتل في ذهنية الرأي العام، مثل محاربة الأمية والمجاعات، وخاصة مكافحة الأمراض التي كانت تنهش في سكان المستعمرات وتهدد استقرار المعمرين، إذ عبر ليوطي غير ما مرة عن إعجابه بالطبيب، وأحاطه بهالة من الإجلال والتقدير، ورأى في عمله وسيلة فعالة في نشر إشعاع الحضارة الأوربية، وتمهيد البلاد وتطويعها والتسرب إلى داخلها، إذ يقول: "ليس هناك ما هو أقوى أو أكثر فاعلية من عمل الطبيب كوسيلة للتغلغل وجلب الأهالي وتمهيد البلاد"، وأضاف قائلا "إن للتوسع الاستعماري جوانبه القاسية، فهو ليس خاليا من العيوب والنقصان، غير أنه إذا كان هناك ما يضفي على هذا التوسع نبلا ويبرره فهو عمل الطبيب كمهمة وكرسالة شريفة"

لكن إذا كان عمل الطبيب مهما لتسهيل مأمورية الاحتلال فإن الحكومة الفرنسية كانت في حاجة إلى وسيلة دعائية ناجعة قادرة على تسويق صورة هذا الموظف الكولونيالي على نطاق واسع لإقناع الرأي العام المتروبولي والمغربي بايجابيات عمليات "الباسيفيكاسيون" ) Pacification (، فتم الالتفات إلى السينما كوسيلة مؤثرة قادرة على الإقناع والتأثير في الجماهير على اختلاف مستواها الثقافي) * (، فتم تصوير سلسلة من الأشرطة السينمائية بالمغرب زمن الحماية الفرنسية تنوعت بين الوثائقية والروائية المطولة، عالجت بشكل مباشر أو ضمني مهمة الطبيب العسكري أو المدني، وكل المجهودات التي كان يبذلها في سبيل مكافحة ما كان يتخبط فيه الأهالي من أمراض وأوبئة، هدفها إضفاء المشروعية على النظام الجديد، أطلق عليها اليوم اسم "السينما الكولونيالية".

وبالتالي يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على ماهية هذه الأشرطة، وعن الإطار التاريخي الذي برزت فيه، وكذا تتبع الصورة التي احتلها الطبيب الكولونيالي ضمن بعضها.

1 - تعريف السينما الكولونيالية

السينما الكولونيالية: اسم أطلق على مختلف الإنتاجات السينمائية الفرنسية بالمغارب خلال الفترة الاستعمارية، باعتبارها البلد المستعمر الأساسي، بالإضافة إلى إنتاجات غربية أخرى، على رأسها الإيطالية والإسبانية والإنجليزية والأمريكية) 1 (، صورها المخرجون الأوروبيون وتكلم عنها مؤرخو  السينما الاستعماريةأمثال: "بيير بولونجي" ) Boulangé Pierre (، "وموريس روبير بطاي" ) Maurice-Robert Bataille ( و"كلود ڤيو" ) Claude Veillot (. أخذ معطياتها بعض المؤرخين الأوروبيين كحقائق دون تمحيصها، لم ير منها إلا صور قليلة تناقلتها بعض جرائد ومجلات تلك المرحلة.

أخذ هذا النوع من الأفلام اسمه من الفترة التي صور فيها، ومن جنسية الأطر الفنية والتقنية المشاركة به، فمنذ بداية السينما بالمغرب وهي استثمار أجنبي جاء مهاجرا لشمال إفريقيا بصفة مؤقتة بحثا عن فضاءات جديدة للتصوير، هيمن عليها قبل كل شيء البحث عن الغريب لتلبية الاحتياجات العريضة للجمهور الأوروبي الذي وجهت من أجله. تميزت بتناول الآخر الأجنبي )المستعمَر( في علاقاته مع الذات الأوربية إيجابا تارة، وسلبا تارات عديدة، في إطار رؤية إستشراقية إثنوغرافية تقوم على تجميد الغرب.

إنها سينما كبار الباحثين والكتاب، أمثال "روني اولوج" ) Euloge René ( و"موريس لوگلاي" ( Maurice Logly ( " وإدمون دوتي" ) Edmond Dotte (، وغيرهم من اللذين ألفوا روايات وقصص وحكايات منقولة من التراث المغربي، اعتمد عليها مخرجون سينمائيون كانوا من ملهمي السياسة الأهلية لليوطي بالمغرب، وبالتالي لم يكن البعد الجمالي أو العمق السردي للأحداث أهم ما يميز السينما الكولونيالية أو ما تهدف إليه، بل البعد الإيديولوجي، عبر التأثير على ذهنيات المتلقي، مادام أن هذا النوع من السينما قد تزامن وجوده وأوج قوة الإمبريالية الفرنسية، الشيء الذي جعلها سينما توسع وغُربة، وسينما المهمات والبعثات الحضارية للرجل الأبيض، حيث تطورت السينما الكولونيالية لتقدم خطابات سياسية لا تقل عن الخطاب الاستعما ري الرسمي، فتحولت إلى وثائق تؤرخ للسياسة الدعائية الفرنسية بمستعمراتها، عبر استحضار مختلف آليات التسرب والتمهيد.

تميزت هذه الأفلام -على العموم- بكونها لا تناقش المسألة الاستعمارية، بل تركز على مجالات سطحية "مبتذلة" في المجتمع، لاستغلالها من أجل تركيز الاستعمار ومؤسساته، وهكذا حاولت هذه الأفلام ت رسيخ صورة الإنسان المغربي في ذهن الأوروبيين عبر "كليشيهين" أساسيين: الأول يظهر فيه الإنسان كجزء من ديكور لا يخلو من سخرية وتهكم بجانب الرمال والنخيل...  ، والثاني يكون فيه الإنسان المغربي مشاركا في الأحداث مع تشويه للحقائق، فهو إما: كائن بليد، أو مشاغب، أو مجرم، أو قاطع طريق، همه الوحيد البحث عن الغنيمة، وسبي نساء القبائل وعلى النقيض من ذلك، أظهرت هذه الأشرطة العنصر الأوروبي في صورة المعمِر الناجح، الذي يمد يده لانتشال الأهالي مما هم فيه، إنه العنصر الوسيم الذي تظهر على محياه البشاشة ويبعث على الاطمئنان، متحمس ومتحضر، يقدر القيم والأخلاق الإنسانية، فهو المنقذ من غارات قطاع الطرق، والطبيب الذي بيده الخلاص، والقادر بعلمه وكِياسته على معالجة أشد الأمراض فتكا، وإقناع الأهالي بحسن نواياه وصدق إدارته في تخليصهم مما يعانون، وبالتالي تغيير نمطهم التقليدي في التداوي وحفظ الصحة -القائم على بعض الممارسات اللاعلمية التي تصيب أحينا ولا تصيب أحيانا عديدة- وتبديد مخاوفهم من توسعات المستعمِر.

إنها صور صنعها مخرجون أوربيون انطلاقا من أحداث واقعية، وكذا اعتمادا على مخيلاتهم وإستدي وهاتهم، جعلت من سينما هذه الفترة أكثر من مجرد فن بسيط يهدف إلى المتعة والتسلية، بل حملت خطابات إيديولوجية وتاريخية، ساعد الزمن على تثمين قيمتها . فما هي ظروف توظيف السينما الفرنسية لصورة الطبيب الاستعماري في المغرب؟

 

2 - السياق التاريخي للدعاية

لم تكن السينما موجهة منذ بدايتها نحو الأهالي حتّ وإن شكلوا الموضوع الرئيسي لها) ، إذ كانت الأشرطة الأولى المصورة بالمغرب موجهة أساسا للجمهور الأوربي من ساكنة العواصم، والهدف طبعا تحسين صورة الجمهورية الفرنسية وتبرير سياسة الاحتلال، وما تتطلبها من نفقات مالية باهظة، وتضحيات كبيرة بالأرواح، وهو ما لم يكن دائما محل إجماع منذ بداية الحملة الفرنسية على المغرب، حيث تم تنظيم حملات تحريضية كبيرة داخل ملحق مجلس النقابات، شاركت فيها مجموعة من السرياليين أمثال "بول إلوار"( Paul Eluard ( و"أندري بريتون" ) André Breton ( صاحبا كتاب "لا تزورا المعرض الكولونيالي" ( Ne visitez pas l'exposition coloniale) لم تكن السلطات الفرنسية غافلة عن هذه المعارضة، كما لم تكن غافلة عن أهمية السينما ودورها الفعال في توجيه الرأي العام نحو تشجيع مختلف العمليات العسكرية بشمال إفريقيا، وهو ما نفهمه من كلام العسكري "مارسيل لابيي" قائلا: "إني أوضح بأن أية حكومة تعرف جيدا قوة السينما يجب أن تسند مهمة الإبداع السينماتوغرافي إلى رجال من ذوي الاختصاص...يختارون بدقة ومدرَّبين جيدا للمهمة السامية التي تنتظرهم" هذه المهمة طبعا هي تبرير السياسة الاستعمارية وإضفاء المشروعية عليها، وعن ذلك يقول بيير بولونجي: "إن وظيفة الأفلام الكولونيالية تكمن في تشويهها للحقائق، وتظليل الرأي العام المحلي والدولي، وتبرير السيطرة الاستعمارية الفرنسية بحجة الرسالة الإنسانية الحضارية الملقاة على عاتق المستعمر اتجاه الشعوب المستضعفة".

اجتهد المصورون الفرنسيون في نقل مشاهد مغربية منتقاة تستعرض الجانب الإيجابي للغزو، بعرض أشرطة وثائقية من إنتاج المصلحة الفوتوغرافية السينمائية للجيش (SPCA) منذ سنة 1917 م تحت إشراف ليوطي، وعن هذه الأشرطة تقول أسبوعية ) film-Hebdo (: "هي أفلام صورت من طرف المصلحة السينماتوغرافية للجيش بداية الأمر، في ظروف استثنائية، صعبة أحيانا، وخطيرة أحيانا أخرى، أظهرت المغرب بمختلف أوجهه...وأبرزت جنودنا يحاربون على الجبهة البربرية في مناطق جبلية وسط صعوبات كبيرة لضمان تطور الحماية الشابة وحماية المعمرين. إنهم يتخذون جميع التدابير لمنع التدخلات الألمانية، ويقدمون الدعم لمساعدة الأهالي".

غير أن صورة الجندي المدجج بالسلاح لم تكن وحدها لتفي بالغرض، إذ أنه لا يخرج عن إطار الغازي والمحتل، فتم الالتفات إلى شخصية الطبيب كعامل جذب لا نفور، قادر على كسب تعاطف المشاهد الفرنسي مع هذا الموظف الذي يضحي بحياته ووقته لمساعدة أولائك "البؤساء" من المغاربة، فكتب "كروشي" متحدثا عن أحد الأطباء وما كان يقدمه من أدوية وعلاجات بقوله: "إنه كان يوزع مساحيق الأدوية والأقراص، ويقدم الحقن، ويلقح، ويقوم بالعمليات الجراحية متّ دعت الضرورة إلى ذلك. وأحيانا عندما يغادي التيفوس أحد الدواوير، فإنه كان عليه أن يطهر الملابس ويقوم بتفلية الأفراد...وهكذا، بفضل عمل هذه الروح الممتازة الذي يفوق طاقة البشر وروعة مساعديها فإن فرنسا تمكنت من نثر أنوارها الحامية وزرع الخير وكسب القلوب".

ساهم نقل مثل هذه الشهادات من الكتب إلى شاشات السينما في توسيع نطاق الدعاية، وجعل الحماية الفرنسية أمرا مقبولا من طرف المتروبوليين، بل وضروريا لانتشال المغاربة مما هم في من وهن وفاقة، وعن ذلك يقول الباحث بيتر بل وم ) Bloom Peter (: "شكلت فترة مابين الحربين مرحلة مفصلية في السياسة الدعائية الفرنسية بعدما دخل التصوير السينمائي إلى المستعمرات، بينما عرضت هذه الأشرطة بالمتروبول، ما حولها إلى أداة تعليمية مهمتها بناء موقف عام حول وضع الإمبراطورية ومستقبلها، تسعى إلى فرض إجماع سياسي )حول المشروع الاستعماري(  انطلاقا من إنتاج وعرض الصورة المتحركة.

هكذا شجعت إدارة الحماية على تصوير أفلام وثائقية - قصيرة بداية الأمر- سلطت الضوء على بعض التدخلات الطبية، من قبيل حملات التلقيح والتفلية، وكذا علاجات العين، وبعض العمليات الجراحية، تكلف بإنتاجها شركتي "باتي" ) Pathé ( و"گومون" ) Gaumont ( بشكل رئيسي، إلى جانب بعض المبادرات الخاصة من معهد باستور بالمغرب، مثل شريط "صراع الملاريا بالمغرب" المصور سنة 1938 م وشريط -من نوع 16 ملم- "التلقيح ضد التيفوس بمعهد باستور" سنة 1939 م) 4 (، وهي نفس السنة التي شهدت تصوير شريطين من طرف شركة "سيني فون" ) Cinéphone (، الأول تحت اسم "المغرب شباب فرنسا" ) Maroc jeunesse de la France ) ، والثاني بعنوان "التلقيح ضد داء التيفوس" ) vaccination contre le typhus )، يستعرضان مختلف المساعدات التي يقدمها الأطباء العسكريون والمدنيون لفائدة المغاربة على اختلاف أصولهم العرقية والجغرافية.

كان الطبيب إحدى الشخصيات الفرنسية البارزة في هذه الأشرطة، فهو الوجه الآخر للحماية الراعية، الذي حِبة، واستمرارية للرواد العسكريين والمستوطنين الذين اكتشفوا تلك الأراض المجهولة يشكل قيم المسيحية، ما جعل شخصيته تغزو كل أنواع الدعاية المصورة. إنه الرجل النبيل صاحب الوزرة البيضاء، شخص وقور قليل الكلام كثير الحركة، تساعده ممرضات وممرضون أوربيون ومحليون أحيانا، ومن خلال بطولته ندرك الواجب الذي تقدمه فرنسا داخل الأقاصي البعيدة لمستعمراتها، فهو يكافح الأمراض الفتاكة التي تعصف بسكان القرى والمدن، ويجري عمليات معقدة بمساعدة آلات متطورة، بينما تضع الممرضات قَطَّارات للأطفال. ما جعله من أكثر الشخصيات طلبا في الدعاية المصورة والمكتوية، فإذا كان المهندس يحفر الآبار، والمعلم يحارب الجهل، فمن يستطيع علاج الرمد والجذري في القرية غير الطبيب، وبالتالي مد قنوات التواصل مع الأهالي بعيدا عن دخان البارود الذي لم يخبو في بعض القرى إلى مطلع الثلاثينيات، وهو ما يفسر إعجاب ليوطي بالطبيب، فأحاطه بهالة من الإجلال والتقدير، ورأى أن عمله وسيلة فعالة في نشر إشعاع الحضارة الأوربية، يقول: "إن الطبيب عندما يزور مناطق ترفض الدخول تحت سيطرتنا، ويجد سكانها عرضة لأمراض فتاكة، فإنه هو الرئيس الأمثل هناك، لأنه يمكن أن يقوم مقام الموظفين وجيوش الاحتلال".

ومع نهاية الحرب العالمية الثانية أخذت الأشرطة الدعائية المصورة بالمغرب بعدا جديدا، خاصة بعد إنشاء المركز السينمائي بالرباط، حيث تم تصوير سلسلة من الأفلام الوثائقية التي تمتدح المجهودات الطبية بالبلاد تحت إشراف سلطات الحماية، كان أولها على شكل تحقيق )ريبو رتاج( أنتج أواخر سنة 1945 م تحت اسم "مغرب الأمس واليوم"، تقول عنه إحدى الصحفيات: "هذا الشريط يقارن بوضوح بين فترة قريبة كان يعيث فيها النهب والفساد وانتشرت الطرق البدائية والأوبئة المختلفة، وبين التطورات التي تحققت منذ السيطرة الفرنسية على البلد، بعدما تم ت وحيده، وأعطيت القيمة للأرض والساكنة التي أصبحت قادرة على التغلب على الأوبئة بنجاح".

 

3 - التوعية الصحية للأهالي بواسطة السينما

رغم أن الصور الملتقطة بالمغرب كانت موجهة لساكنة الميتروبول بالدرجة الأولى -كما سلف الذكر سابقا- إلا أن ذلك لم يمنع من توظيف العروض السينمائية داخل الأوساط المغربية من أجل توعية الأهالي بخطورة بعض الأمراض المتفشية، وإرشادهم إلى الكيفية الصحيحة من أجل اتقائها، من خلال عرض سلسلة من الأشرطة الوثائقية في العديد من الأماكن العمومية كالساحات أو الحدائق، إضافة إلى الأسواق الأسبوعية في مجموعة من القرى.

برز ذلك بشكل جلي مع نهاية الحرب العالمية الأولى، والفضل يعود إلى المقيم العام ليوطي الذي يعد مؤسسها الأول بدون جدل، فهو واضع القواعد الأساسية للحملة السينمائية للحماية كما وضع باقي أسس المغرب الحديث، ولم يفعل خلفاؤه شيئا سوى إتباع سياسته بنجاح أكبر أو أقل حسب الظروف. ففي 31 دجنبر 1920 م أصدر الماريشال ليوطي مذكرته الوحيدة حول السينما، وجهها للوزارات المعنية، مؤكدا فيها على أهمية الفن السابع، جاء فيها: "..فلا يمكننا أن نشك في النتائج السارة التي يحق لنا انتظارها من استخدام جهاز العرض السينمائي كأداة لتربية محميينا، فالأفلام والمناظر المناسبة ستترك في أذهان ونفوس المغاربة آثارا عميقة عن حيوية وقوة وثراء فرنسا، وإدراك وسائل عملها، والأدوات التي تصنعها جمالية مناظرها ومنتجاتها.

لم تكن السينما وسيلة لاستعراض عضلات المستعمِر على المستعَمر فقط، بل أداة ناجعة لنشر التوعية الصحية أيضا في صفوف الأهالي، خاصة مع تزايد تفشي الأوبئة وتهديدها بتراجع أعداد اليد العاملة في صفوفهم، وكذا باستقرار الأوربيين بالمناطق المحتلة، لذلك وبمناسبة انعقاد "مؤتمر شمال إفريقيا" ) La conférence nord-africaine ( في تونس بتاريخ يونيو 1931 م، قررت اللجنة الرابعة المكونة من الحكومات الثلاث للمغرب والجزائر وتونس القيام بدراسة وتمويل مشترك لإنتاج أفلام دعائية صحية قصد عرضها على الأهالي في أقرب وقت ممكن، بغية الحد من الطرق طرق التداوي التقليدية، والتأكيد على حسن نية المحتل، وعن ذلك تقول الباحثة "باربارا شوبير": وصلت السينما إلى إفريقيا كأداة مهمة بين أيدي القوى الامبريالية، وقد استخدم الفرنسيون هذه الوسيلة الجديدة للمضي قُدُماً في "مهمتها التحضُرية"، فعرضت العديد من الأفلام التي تقدم التفوق التقني والمعنوي للمستعمِر وتمرر القيم الفرنسية، فأثبتت الأفلام أنها أداة قوية لتلقين الأفارقة الثقافة الأجنبية بما في ذلك المثل والجماليات.

إنها طريقة جديدة في التربية، هدف من ورائها ليوطي وخلفاؤه إلى تحبيب القوة الحامية للكتلة المحمية، عبر تبيان حجم التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي ينتظرهم تحت الإدارة الجديدة، معبرا عن ذلك بقوله: "...ويمكن بعد مدة طويلة وبعد مقارنات متكررة بين أسلوبهم )المغاربة( في العمل وأسلوبنا خلق الرغبة في التحسن، الذي يجب علينا تسهيل تحقيقه بفضل الحملة المزمعة، لكن دون أن نحدث انقلابا في عاداتهم التي يرتبطون بها. نأمل أن تثير هذه الحملة إعجاب المغاربة بفرنسا، مما سيزيد من ثقتنا بأنفسنا" ركزت الأشرطة التعليمية الصحية على أفلام قصيرة مبسطة تشرح طرق انتشار العدوى والاحتياطات الضرورية الواجب اتخاذها، لتوعية المغاربة بخطورة الأمراض المتفشية رغم مجهودات الحماية، وعلى رأسها التيفوس والطاعون وحمى المستنقعات والسل. تكلفت بهذه العملية قوافل سينمائية متنقلة، حرصت إدارة الصحة العمومية على تزويدها بأفلام تعريفية عن مختلف الأمراض المعدية، وعلى رأسها أمراض العيون والأمراض المنقولة جنسيا، فانطلقت شاحنات مجهزة بللات عرض جابت مختلف القرى البعيدة حسب تواريخ محددة، قدمت للمغاربة أشرطة تثقيفية حول الملاريا ورعاية الأطفال) * ( وتغذية الماشية الخ.

عُرضت هذه الأشرطة عادة قبل الأفلام الروائية المحبوبة، كأفلام رعاة البقر أو بعض الأفلام الكوميدية لضمان مشاهدة الجمهور لها باعتبارها الجزء الأساسي من السهرة، خوفا من مغادرة الحشود إذا ما تم تغيير ترتيب برنامج العروض. ونجد اليوم في قصاصات جريدة "السعادة" العديد من الإشارات التي تؤكذ ذلك، كحال القافلة السينمائية التي وصلت أرفود في 26 غشت 1954 م "مبعوثة من الإقامة العامة بقصد إطلاع السكان على الكيفية الطبية، وكيفية العمل بالمعالجة الناجعة المكللة بالنجاح...فبدأت أولا بشريط كيفية المحافظة على الجنين في بطن أمه إلى موعد الوضع، وبعده إلى فطامته أكلا وشربا ونظافته، وشريط في معالجة السل، وشريط في معالجة العيون وإجراء عمليات جراحية للعميان يسترجعون أبصارهم...حيث قدمت جميع أشرطتها بالمجان".

لم تقتصر العروض السينمائية "التوعوية" على الراشدين فقط، بل كثيرا ما حضر تلاميذ المدارس العمومية لعروض مماثلة، فبعد انتباه مدير التعليم العمومي "كوتلاند" إلى أهمية التوظيف السينمائي في تعليم التلاميذ، فكر في تنظيم سلسلة من الحصص النظرية داخل البوادي، وذلك بإنشاء فصول كبرى ضمت نحو 500تلميذ، تم داخلها تقديم إرشادات صحية للوقاية من داء التيفوس وحمى المستنقعات والأمراض الخاصة بالجهاز التناسلي، أما الأشرطة الروائية المطولة التي كانت تصور بالمغرب وتحمل في طياتها قصصا عن جه ود الأطباء الفرنسيين في سبيل تطويق الأوبئة المفتكة بأهله فكانت توجه أساسا لساكنة المتروبول، من أشهرها فيلم "يطو" ) Itto ) - صورة الطبيب الكولونيالي من خلال فيلم "يطو".

في دجنبر 1934 م عرضت الشاشات الباريسية أحد أشهر الأفلام الفرنسية المصورة بالمغرب بعنوان "يطو" (Itto) ، من إخراج جون "بونوا ليفي" ) Lévy-Benoît Jean ( و"ماري إبستاين ) MarieEpstein (، عن سيناريو لأحد الموظفين الساميين بإدارة الحماية "جورج دوفيرنوي" ) Georges Duvernoy (، مقتبسا قصة الشريط من الأعمال الكاملة ل"موريس لوگلاي "أما الحوار فقد وضعه أحد الضباط المرافقين للمقيم العام ليوطي سنة 1914 م يدعى "إتيان راي" ) Etienne rey)، وتمثيلكل من "سيمون بيريو" ) Berrian Simone (، و"سيمون بورداي" ) Brouday Simone ،) و"هوبير بريليي" ) rHubert Prelie (، بجانب "مولاي إبراهيم"، و"بنبريك، و"محمد يوسف"، و"عائشة"، و"سي سعيد".

صورت أغلب أحداث الشريط في الناحية الوسطى للأطلس الكبير الغربي، خاصة منطقة "تاليوين" و"برج دومرغ"، استفاد خلالها المخرج من خدمات إدارة الحماية التي أمدته بالجنود والضباط والأسلحة، ناهيك عن اختيارها للممثلين المحترفين.

فتح الفيلم واجهة جديدة للكتّاب الاستعماريين عبر الحديث عن المحميين في وسطهم المحلي، لحفظ الشخصيات الأساسية داخل أجوائها الحقيقية، لكن هذه المحاولة الفنية لم تخل من ميولات سياسية واضحة، إذ لم تخرج عن المساندة الواضحة للحماية الفرنسية وسياستها المفروضة على الشعب المغربي منذ صدور الظهير البربري، إنه تعبير عن وجهة نظر الإقامة العامة تجاه المقاومة المغربية انطلاقا من نموذج مقاومة "موحى أوحمو الزياني" بالأطلس المتوسط، حيث يحكي قصة عجوز بربري يدعى "موحى أومغار" )في إحالة مباشرة إلى موحى أوحمو الزياني( أصر على تزعم مقاومة قبيلته التي تتخلى عنه بالتدريج ليجد نفسه في الأخير وحيدا صحبة ابنته يطو التي تصمد بجانبه حتّ النهاية، وتثبت في كفاحها أنها أقوى من الرجال.

غير أن الفيلم يروي قصصا فرعية أخرى تقوم على التقابل بين شخصية "يطو" ابنة حمو المخطوبة ل"ميلود" ابن زعيم قبيلة مجاورة، والحليف في الصراع ضد الفرنسيين، وبين "فرنسواز" ) Françoise ( الفتاة الفرنسية الشابة التي تنتمي إلى أسرة عريقة، تتزوج بطبيب عسكري يدعى "بيير داريو" ) Pierre Darieux ) وتتبعه إلى مناطق نائية بجبال الأطلس حيث يتفشى مرض الجذري الذي أهلك أغنام والد "ميلود"، بعدما عجز الأطباء التقليديون عن مواجهة الوباء بطرقهم العتيقة .

ينجح الطبيب في علاج المواشي حتّ تسميته القبيلة بالساحر الأبيض) 1 (، فيتمكن من حشدهم لمناصرة القضية الفرنسية، غير أن "ميلود" رفض رؤية زواجه ب"يطو" ينهار، مفضلا الالتحاق بقبيلة والدها، قبل أن يصاب من طرف إخوته الذين خرجوا في إثره وأرجعوه بالقوة تنفيذا لأوامر الأب، وبعد علاجه من طرف الطبيب غير "ميلود" موقفه فقاتل إلى جانب الفرنسيين ضد قبيلة خطيبته التي تتراجع نحو الجبال، وفي هذه الأثناء تضع "يطو" مولودها -غير الشرعي-، وبعد وقت قصير تنجب "فرنسواز" رضيعا آخر، غير أن وباء الدفتيريا الذي عم البلاد فجأة أجبر "يطو" على النزول إلى السوق لاستفادة رضيعها من الرعاية الطبية التي يقدمها "داريو" -الذي رفض العودة إلى الرباط مُؤْثرا الاستجابة لتوسل الأمهات البربريات والمكفوفين- غير أن الطبيب أصبح بلا حول ولا قوة بعدما سرق أبناء قبيلتها حقيبته الطبية معتقدين أنها مليئة بالخراطيش، وبالتالي أصبح عاجز عن علاج الأطفال المرضى، بما في ذلك ابنه الذي يواجه خطر الموت في بلد غريب عنه أصوله، فتتدخل يطو لإعادة الحقيبة طمعا في انقاد ابنها من موت محقق، في نفس الوقت تتمكن القوات الفرنسية من محاصرة قبيلة حمو الذي يعطي أوامره بالمواجهة الأخيرة.

 

1 3 3

صورة: أبناء قبيلة "حمو" يستمعون لآخر تعليمات القائد قبل مواجهة الاحتلال

 

تختار "يطو" الالتحاق بقبيلتها والموت رفقة والدها بعدما أوكلت رضيعها لزوجة الطبيب التي أشفقت على رضيع هذه المتمردة وتبنته، بينما فضل حبيبها الالتحاق بالمخيم الفرنسي مقتنعا بالدور الإيجابي للحماية الفرنسية، كصورة حضارية تجسد التعايش السلمي بين الأجناس، في تماش مقصود مع نظرية ليوطي التوسعية. وعن هذا الشريط يقول المقيم العام الأول بالمغرب: "ليس من أمر أكثر واقعية وحقيقية من الدور الذي لعبه الطبيب كأداة للتغلغل والتمهيد وجلب الأهالي للحماية، فهو عامل جذب وسلم " وهو ما أكدته مجلة ) ciné-France (: "يبرز فيلم يطو التهدئة التي رُسمت بجهد كبير من طرف ليوطي بالمغرب من خلال إخلاص أطبائنا في المستعمرات".

يعد فيلم "يطو" من أوائل الأفلام التي تجرأت على الاقتراب من الأهالي وإظهار خصائصهم المحلية بقوتهم وضعفهم، وبعض أوجه كرمهم وشجاعتهم، وغيرها من خصال الإنسان المغربي) 5 (، وذلك بالتركيز على شخصية "يطو" التي جسدت سحر الأرض وك رم الإنسان الأمازيغي وتوحشه في نفس الوقت) 6 (. فلأول مرة تجرأت السينما في شمال إفريقيا على إبراز مسلمين في صفة آدميين من لحم ودم بضعفهم وشجاعتهم وترفهم، وليس مجرد أشباح تائهة في البعيد على التلال غير أن الشريط بالمقابل يدين مقاومة الشيخ موحى ويقدمها كعمل معزول من أعمال الانشقاق لا يستحق في النهاية سوى الشفقة، وهو ما تجسد من خلال تنظيم سلطات الحماية لجنازة فخمة بعد مقتل "الثائر" نهاية الشريط، مُعطية بذلك المشروعية التاريخية للتدخل العسكري الذي جاء لتوحيد البلاد وإحلال الوئام محل "السيبة"، وعلاج السكان وحمايتهم بواسطة عمليات التلقيح في الأسواق، إضافة إلى ضمان الأمن الغذائي عن طريق معالجة الماشية، وعن ذلك تقول مجلة ) Cinémagazine (: "لأول مرة تقُدم آلات التصوير على عبور البحر الأبيض المتوسط، وتتجرأ إلى عمق الإيالة الشريفة...أي عمل لا يمكنه أبدا أن يحصل على نفس المشاهد الرائعة لبلد ذي تنوع ساحر ومذهل، وأرض سخية ومتوحشة، وشعب متحمس ليس له ما يخسر، شعب مندفع وأصيل تؤطره عادات وأعراف ب ربرية تستولي على الحياة والعاطفة، مما يؤجج الصراع بين الرجال الذين جاؤوا لجلب الحضارة وأولئك الذين يقاتلون بشراسة لاستقلالهم. كل هذا يستحضره فيلم يطو ويجعله واضحا أمام أعيننا" .

من الواضح أن الشريط لم يتحرر من أبوية الوجود الكولونيالي، فهو احتفاء بنبل ال وجود الفرنسي العسكري والإنساني، الذي يبرز بمظهرين غير منفصلين هما: القوة والسلم، حيث اعتبره النقاد أبلغ دليل يعكس الدور التحضُري الذي تطلع به فرنسا في مستعمراتها، وكيف تقوم باحتلال المناطق عبر إقرار سياسة التسامح التي يمكن أن تصل إلى درجة الصداقة، مع الحفاظ على التقدير للجانب الفرنسي، وهو ما نفهمه من مجلة ( La revue Hebdomadaire (  التي كتبت: "... فيلم يطو، إنه عمل جميل مُستوحى من عملية احتلال المغرب... تكمن القيمة الكبرى لهذا العمل في جانبه الوثائقي بشكل أساسي...العديد من المناظر والمشاهد تعد وثيقة حقيقية...نرى أن الاحتلال لا يتمثل في الضابط الذي تعودنا عليه فقط، بل الطبيب الذي يحارب الأمراض ويعالج المرضى من أبناء القبائل...لقد أبرز قوة نقل منافع حضارتنا "أما ) La revue   des vivants (  فكتبت تقول: "يطو تجسيد للوجود الفرنسي في المغرب، الذي يكون أحيانا عن طريق قوة السلاح، وفي الغالب عن طريق التغلغل البطيئ للحضارة، الممثلة من طرف البطل الحقيقي للشريط وللاستعمار، إنه الطبيب العسكري الجوال، الذي يغامر بنفسه في وسط المنشقين، ولا يحميه شيء غير شخصيته الغامضة والمقدسة، فهو معالج ومتبرع في الآن نفسه" هكذا سايرت الصحف والمجلات الفرنسية رسالة الشريط، مشكلة دعاية لا تقل عن الصور المعروضة خدمة لهدف واحد وهو تبرير مختلف العمليات الدائرة فوق الأراضي المغربية، ولعل أكبر دليل على ذلك ما كتبته جريدة ) Le Journal du peuple ( بمناسبة العرض الأول في دجنبر 1934 م: "هذا الفيلم الرائع أزاح دفعة واحدة كل المؤاخذات التي تشوش ببشاعة السينما الفرنسية، جون بونوا ليفي...قدم عملا مهما يستحق أن يطوف العالم، ويبرز بجدارة راية الألوان الثلاثة المجسَّدة من طرف سينمائيينا، يطو نشيد وطني فرنسي وقبلة على الأرض المغربية".

 

خلاصــــــــة:

استطاعت فرنسا نتيجة تحكمها في مسار الفن السابع منذ بدايته، انطلاقا من الاختراع الأول، مرورا بالإنتاج، وانتهاء بالتوزيع، أن تكون من أوائل القوى الاستعمارية التي عملت مبكرا على توظيف السينما بشكل فعال بالبلدان المستعمَرة، خاصة بعدما ازدادت قوة هذا الفن، وشاع في أغلب أرجاء المعمور، فوظفته للتأثير عبر واجهتين:

الأولى نحو الجمهور الأوروبي الفضولي لكل ما هو أجنبي وغريب، عبر تسليط الضوء على مختلف مظاهر الحياة المغربية العتيقة على مستوى العمران والعادات الاجتماعية، وكذا على مستوى الخدمات الاجتماعية التي قدمتها مصالح الحماية في المدن كما في البوادي، من أهمها مجهودات مديرية الصحة العمومية في مكافحة مختلف الأمراض والأوبئة، في شخص الطبيب الذي جسد الوجه الأخر للدولة الحامية، القادر على تطويع البلاد بالاعتماد على سلاح العلم، يقول عنه ليوطي: "إن الطبيب عندما يزور مناطق ت رفض الدخول تحت سيطرتنا، ويجد سكانها عرضة لأمراض فتاكة، فإنه هو الرئيس الأمثل هناك، لأنه يمكن أن يقوم مقام الموظفين وجيوش الاحتلال أما الوجهة الثانية فكانت نحو المواطن المغربي المعروف -آنذاك- بمحدودية فكره، وجهله شبه المطلق بخبايا الفن السابع، فكانت السينما إحدى أدوات المستعمِر القادرة على إبراز عظمته) 1 ( وتفوقه التقني، والكفيلة بتعليم محمييه أبسط قواعد حفظ الصحة بشكل سلس ومقبول، ولما لا إلهائهم أيضا، إذ شكلت السينما وسيلة مثالية لإلهاء أبناء المستعمرات وإشغالهم عن الواقع السياسي الذي يعيشونه، وعن ذلك يقول العقيد مارشان ) Marchand (: "لا توجد سوى طريقة وحيدة لنزع سلاح الإنسان البدائي، وهي ستعمَرة. يعني جعله ينسى الوجود الأجنبي في أرضه" والمستغلة إضحاكه...فإضحاكه يجعله ينسى حالته.

 

المصادر والمراجع:

اباتو حميد، السينما الوطنية بالمغرب: أسئلة التأسيس والوعي الفني، ورزازات، 2002 .

أفايا محمد نور الدين، بانوراما السينما الجزائرية في القرن 20 ضمن الثقافة العربية في القرن 20 ، ضمن الثقافة العربية في القرن 20 حصيلة أولية، إشراف عبد الإله بلق+زيز، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2002 .

أوفيد جورج، اليسار الفرنسي والحركة الوطنية المغربية 1905 - 1955 ، ترجمة محمد الشركي ومحمد بنيس،

مراجعة عبد اللطيف المنوني، دار توبقال للنشر، الطبعة الأولى، 1987 ، الجزء الأول.

بنعلي محمد، " السينما الكولونيالية الإسبانية والآخر"، ضمن مجلة وشمة، العدد الأول، ماي يونيو يوليوز غشت 2005 .بوراس عبد القادر، التاريخ والسينما الاستعمارية في المغرب ) 1907 - 1956 ( ، ضمن "وقفات في تاريخ المغرب دراسات مهداة للأستاذ إبراهيم بوطالب"، تنسيق عبد المجيد القدوري، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، جامعة محمد الخامس، سلسلة بحوث ودراسات رقم 27 ، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى، 2001

حمداوي جميل، مدخل إلى السينما المغربية من السينما الوطنية إلى السينما الأجنبية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 2010 ، الطبعة الأولى.

دوني سيباستيان، السينما وحرب الجزائر دعاية على الشاشة: من أصول النزاع المسلح إلى إعلان الاستقلال ( 1945 - 1962 (، ترجمة يوسف بعلوج وهاجر قويدري، دار سيديا، الجزائر، 2013 .

رويان بوجمعة، الطب الكولونيالي الفرنسي بالمغرب 1912 - 1945 ، دار الأمان، الرباط، 2013 .

فولتون ألبيرت، السينما آلة وفن، ترجمة عبد الحليم البشلاوي وصلاح عز الدين وفؤاد كامل، سلسلة مكتبة الفنون الدرامية، مكتبة مصر للمطبوعات، 1998 .

كابوس عبد الكريم، نحو منهجية لاستغلال السينما في دراسة التاريخ، ضمن التاريخ والسينما، أشغال الندوة العلمية المنظمة من 16 إلى 24 فبراير 1990 ، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، بنمسيك، الدار البيضاء، 1993 .

Betts Raymond, "The French colonial empire and the French world" , in Racism and colonialism: essays on ideology and social structure, Edited by Robert ROSS, MARTINUS NIJHOFF PUBLISHERS for the LEIDEN UNIVERSITY PRESS, 1982.

Bloom Peter, Entre la représentation graphique et l’hygiène coloniale : le cinéma de propagande coloniale de l’entre-deux-guerres, in archives et cahiers de L’IREMAM, n° 71-72, 1997.

Boulanger Pierre, Le Cinéma colonial: de L’Atlantide à Lawrence d’Arabie, cinéma 2000/Seghers.

Borde Raymond, Les cinémathèques, Collection "Cinéma vivant", Editions L'Age d'homme, 1983.

Costantini Dino, Mission civilisatrice: Le rôle de l'histoire coloniale dans la construction de l'identité politique française, Édition La Découverte, collection Textes à l'appui, série Etudes coloniales, Paris, 2008.

Dadci Younes, Première histoire du cinéma algérien: 1896-1979, Edition Dadci, Paris, 1980.

Demellier Daniel, Les archives de l’Institut Pasteur et les fonds d’archives Georges Blanc (1884-1963) et Marcel Baltazard (1908-1971), in Lettre trimestrielle d’informations.

Fredj Claire, L’Institut Pasteur d’Alger, le gouvernement général et la « propagande » antipaludique en Algérie (1e moitié du 20ème siècle), in Lettre trimestrielle d’informations, n°7, actes du Colloque Décembre 2016 , éditée par l’Institut Pasteur du Maroc .

Le juez Brigitte, Les bons et les méchants ou l'image de justice algérien dans pépé le moko de julien Duvivier 1936, in CELAN: Revue du Centre d'études des littératures et des arts d'Afrique du Nord, Vol III, n°1-2, 2004.

L'oeuvre de la France au Maroc", in Hebdo-film, n°6, 2e année, 10 Février 1917.