دور
المؤسسة المتحفية في حفظ التراث الأثري

 

أ. عائشة فاطمي

- جامعة ابو بكر بالقايد. قسم علم الاثار . تلمسان

 

 المقدمة:

 

إنّ الحفاظ على المقتنيات يعني صيانة الجذور الإنسانية من الزوال و الاندثار، باعتبارها شاهدا ماديا على ما خلفه الانسان منذ العصور القديمة الى يومنا هذا، وباعتبار المؤسسة المتحفية من وسائل الحفاظ على هذا الموروث الثقافي، و هي ابضا تمثل رسالة حية للعالم لكونها وعاء التلاقي والتواصل الحضاري والثقافي فكثيرا ما نجد العديد من متاحف العالم تجمع بين طياتها الكثير من المقتنيات من كافة أرجاء الدنيا ومن مختلف الحضارات المتعاقبة ، وتعتبر المؤسسة المتحفية وسطا أمنا لحفظ وصيانة المقتنيات الأثرية على اختلاف أنواعها ، ولا سيما العضوية منها باعتبارها أكثر حساسية للظروف الطبيعية المحيطة بها سواء في قاعات العرض أو في غرف التخزين ، لأن الحفاظ على المقتنيات يعني صيانة و حماية التراث الأثري و الحضاري من الزوال والاندثار و من أهداف الحفظ هو الاستمرارية والمتابعة والوصول بالمقتنيات الى أبعد حد من خلال الصيانة الدائمة والمراقبة الدورية، فتوفير الظروف المواتية للحفظ تكمن في خفض درجة التدخل المباشر على التحفة ومن هذا المنطلق يعطي الحفظ دعمه الفني لمشروع شامل الا وهو إقامة تراث قابل للعرض والدراسة.

 

تعريف المؤسسة المتحفية:

المتحف هو تلك المؤسسة التربوية غير التجارية التي لا تهدف إلى ربح معين سوى المردود التربوي والتثقيفي، والتعليمي الجيد ومن بين التعاريف التي قدمت حول مفهوم المتحف نذكر ذلك المفهوم الذي قدمته منظمة الأمريكية للمتاحف The American Association of Museums (AAM) التي عبرت على أن المتاحف هي أماكن لجمع التراث الإنساني، و الطبيعي و المحافظة عليه و عرضه بغرض التربية و التعليم و الثقافة  .

ولا يتم إدراك ذلك في المتحف ما لم تتوفر فيه الإمكانيات الفنية و الخبرات المدربة, و يعد المتحف أيضا

معهدا دائما يعمل على جمع و حفظ و عرض التراث الإنساني و الطبيعي و العلمي بغرض البحث، و

الدراسة، و التعليم، و المتعة، و هو المكان الذي يحفظ و يصون كل شيء نادر وقديم و الآثار ذات القيمة

التاريخية أو الفنية، أو العلمية التي تحمل تاريخ عدة أجيال خوفا عليه من الضياع.

أما المجلس الدولي فيعرف المتحف على أنه مؤسسة بحوزتها مجموعة من الشواهد المادية المتبقية من ال تراث الثقافي الإنساني، و هي مخصصة للحفظ و الصيانة أو الدراسة والتربية أو التمتع, غير أن هذا التعريف تجاوزه الزمن اليوم بفعل التطور التكنولوجي، و التحولات الاستراتيجية التي قلبت معها المفاهيم عامة، الشيء الذي دفع بأعضاء المجلس منحه تعريفا أكتر شمولية و أوسع دلالة عندما يشير إلى أن المتحف مؤسسة عمومية خدماتية تهدف إلى تنمية المجتمع  المتحف دار لحفظ الآثار القديمة، و التحف النادرة و روائع المنحوتات و اللوحات الفنية و كل ما يتصل بالتراث الحضاري، و عرض كل ذلك على الجمهور، و قد يضم المتحف أعمالا علمية أو فنية و معلومات عن التاريخ و التقنية، و كذلك تقدم المتاحف معلومات للباحثين و الطلاب و غيرهم.

 

أساليب العرض والتخزين داخل المتحف:

العرض المتحفي الجيد هو ثمرة الذوق الفني السليم، ولابد للمسؤول عن هذا العرض أن يكون ملما ببعض

المبادئ الفنية التي قد تغرس في الإنسان وهو في مهد الحياة  ، ويتمتع ذاك المسؤول بروح فنية عالية.

فلقد كانت المتاحف في القديم تقتني التحف بشتّ الطرق وتسهر على صيانتها والمحافظة عليها، بينما أصبحت اليوم تؤدي دورا أهم من ذلك، فصار اهتمامها ينصب على عرض المواد بشكل جذاب وشيق سواء من حيث تنظيم القاعات أو طرق العرض.

1 - مفهوم العرض:

يعد العرض من أهم الوظائف الأساسية التي لا يمكن للمتحف الاستغناء عنها، فهو المرآة التي من خلالها

يطل الزائر على ما يحتويه المتحف من شواهد حضارية،  والعرض بالنسبة لعلم المتاحف هو رؤية الشيء لهدف معين نسعى إلى تحقيقه سواء كان علميا أو ترفيهيا أو تربويا، أو اقتصاديا، ويتحتم العناية بجانب التخطيط المتحفي ليؤدي العرض دوره المنوط به.

2 - أنواع العرض:

إن مجال المتحف حيوي و هو زيارات منتظمة، ومحاضرات، و نشرات ، ومعروضات و وقائع ومناسبات خاصة للصغار والكبار على حد السواء و النجاح في هدا الميدان بعنمد على التكامل و التوازن في العروض و للعرض أنواع نذكر منها:

أ- العرض الدائم:

يضم المتحف تحفا تعرض عرضا دائما لأنها تتمتع بأهمية كبيرة بالغة، بحيث تجعل المتحف متميز عن نظيره، ومن ثم يجب عرض هذه التحف عرضا جيدا يقوم على ثلاثة أسس هي الانسجام، التوازن، والوحدة: 2

* الانسجام:

ويجب أن يسود الانسجام بين المعروضات وجو القاعة التي تعرض بها التحف فالمقصود هنا انسجام  المحيط كله.

* التوازن:

يقصد به تنظيم التحف من حيث أهميتها، أحجامها وأشكالها، وكذلك العصور والأوزان فمثلا: التحفة

الكبيرة الحجم والثقيلة الوزن توضع في المحور) الوسط( على العكس التحف الصغيرة.

* الوحدة:

ويمكن تفسيرها بالقيمة الحيوية للتحفة، لجمالها أو أسلوبها الفني، كذلك لون التحفة الذي هو عامل مؤثر في العرض، ولذلك ينبغي أن يعنى القائم بتنسيق التحف المعروضة بالصلة الفنية بين الألوان، بعضها وبعض بالنسبة للأسس والعناصر السابقة، الانسجام والتوازن والوحدة.

ب- العرض المؤقت:

يعد هذا النوع من المعارض وسيلة لجلب أنظار الناس إلى مقتنيات المتحف الدائمة وفي بعض الأحيان تقيم المتاحف معارض مؤقتة إذا توفرت لديها حيازة جديدة وهي في مدتها قصيرة ومحدودة، وبذلك يستحسن قبل

القيام بمعارض من هذا النوع أن نراعي النقاط الأربع الآتية  :

المحتوى العلمي للمعرض، أراء الزوار وسلوكهم، التقنية المستعملة للعرض، جمالية العرض.

ت- العرض المتنقل:

يحتوي على مجموعة صغيرة من مقتنيات المتحف المعروضة والمخزونة سواء كانت القطع المتكررة أو النادرة، وبما أن العرض المتنقل هو نقل تلك المجموعة من مكان لآخر فيجب عليه أن يتصف بالإكتفاء الذاتي وبالقدرة على التكييف، فالجدران أو الخزانات والرفوف وغيرها ويجب تصميمها بحيث يجب فتحها وإعادة تركيبها. غير أن هذه المعدات غالية الثمن وبدونها يفقد المعرض المتنقل أهميته، وقد استخدمت في بعض المتاحف سيارة صممت خصيصا لهذا الغرض وتتراوح مدة المعرض المتنقل بين يومين أدنى فترة وأسبوع وهي معارض خاصة ذات بعد تربوي وبيداغوجي وتحسيسي، وتعميمي موجهة أساسا للتلاميذ والطلبة وعامة الناس الغاية منها نشر الثقافة المتحفية، وتربية النشء وتحسيسهم بأهمية التراث في تكوين شخصية الفرد

والمجتمع.

3 - طرق العرض:

توجد عدة طرق لعرض المقتنيات وللمتاحف الحرية المطلقة في اختيار ما يناسبها و يستحسن عرض التحفة عرضا يبرز كل جوانبها لتجنب حجب ابعادها وغالبا ما تعرض المقتنيات المتحفية حسب الطرق الآتية ذكرها:

- التسلسل الكرونولوجي :

ويبدأ مثلا بعرض التحف من أقدم مراحل عصور ما قبل التاريخ ثم القديم ثم الإسلامي...الخ ويمكن أن يكون التسلسل أيضا في العصر ذاته أي حسب تسلسل فتراته التاريخية. وفي هذه الحالة يستطيع الزائر متابعة تطور الحضارة منذ ظهور الإنسان، وتعتبر هذه الطريقة من أنجع الطرق في تنظيم المعا رض.

- نوع المادة الأثرية:

وتعتمد هذه الأخيرة على التخصص النوعي في تقييم المعروضات داخل المتحف الواحد في عدة قاعات

تخصص الأولى مثلا للأدوات الحجرية والثانية للفخاريات، وبالرغم من أن هذه الطريقة فيها ميل إلى التخصص الدقيق إلا أنها تجزئ التراث الحضاري وتفكك بين عناصر الربط في حلقاته.

- حسب القوميات:

وهي أن تخصص لكل قومية)جنس( ما قاعة مثلا قاعة للرومان، وقاعة للوندال، وقاعة للبزنطيين ....إلخ، و هذا بهدف ابراز ما تميزت به كل حضارة عن الاخرى من حيث التطور في الصناعات و استعمالاتها في الحياة اليومية.

4 - وسائل العرض المختلفة:

نقصد بوسائل و اجهزة العرض تلك الواجهات أو خزانات العرض و التي تسمى )الفترينات( و يمكن أن

نقسم هذه الواجهات إلى ثلاثة أنواع :

- النوع الأول:

ويتمثل في الواجهات الحائطية وهي عبارة عن خزانة تعلق على الحائط ويوضع بها بعض التحف، ووجدت بعد ذلك خزانات زجاجية داخل الحائط ذاته.

 

- النوع الثاني:

عبارة عن واجهات وسطية أي توضع في الوسط بعيدة عن الجدران ليمكن الإلتفاف حولها لترى التحفة من جميع جهاتها المختلفة وقد توضع التحف على أرضية من الحرير ذات اللون الذي يعكس جمال التحفة

ويحافظ على التضاد بينها وبين التحفة ليزيد في قوة النظر نحو التحفة، و لا بد إلى ترك مسافة بحيث تسمح بمرور الزوار بين الواجهات بسهولة.

 

- النوع الثالث:

وهذا النوع من الواجهات هو الذي يوضع على حامل لعرض تلك التحف، وقد يكون الحامل من الخشب أو المعدن، ويستحسن أن يكون من نوع جيد من الخشب أو المعدن و يستحسن أن يكون من نوع جيد من الخشب تعلق عليه رفوف خشبية تعلق بها التحف الأثرية المناسبة للعرض بهذه الطريقة.

ويراعى في الأنواع الثلاثة من هذه الخزانات تجنب التلف المستمر الذي يصيب الجدران وكذلك يجب أن

تكون أسلاك وحبال التثبيت المستخدمة من لون الجدران، دون أن ننسى ذكر تناسب علو وارتفاع الخزانات مع نسب قامة الزائر لكي لا يرهقه ذلك عند مشاهدة التحف.

هذا بالإضافة لوجود وسيلة أخرى للعرض وهي الديابوراما التي يعرض فيها تجسيم للحدث المراد عرضه، وقد توجد للعرض في وسط قاعة العرض و تزود بالإضاءة الباردة التي تضفي جمالا على التحفة المعروضة، كما في متحف الفن المصري بالقبة السماوية  أو المتحف الحربي بالقاهرة.

5 - البطاقة المصاحبة للمعروضات:

هي بمثابة الشخص المرافق للزائر داخل أروقة المتحف تحتوي هذه البطاقة على عدة عناصر هامة لشرح ما بالتحفة من عناصر تساعد الزائر على فهم وإضافة معلومات عن تلك التحفة المعروضة وأهم عناصر هذه البطاقة:

أ مادة البطاقة.

ب مادة الكتابة.

ت المادة المكتوبة.

ث عناصر الكتابة.

ج نوع الخط.

ح اللغة المكتوب بها على البطاقة.

وينبغي كذلك أن تكون البطاقة حسنة الشكل، ولإعطائها عمرا أطول يستحسن اختيار المادة الجيدة للبطاقة سواء كانت من الورق، أو البلاستيك، أو الزجاج، أو الخشب أو النحاس والملاحظ أن الورق هو المادة الرئيسية لمعظم البطاقات، ويكاد اللون الأبيض أن يكون هو المستعمل بصفة عامة في البطاقات، بالرغم

من أن هذا اللون قد يتغير مع طول الزمن، ومع تعرضه للحرارة والرطوبة، وتكتب البطاقة بخط الثلث. أو خط النسخ الكبير، أو النسخ الصغير أو الخط الفارسي ، فالبطاقة جزء لا يتجزأ من الشيء المعروض، فهي تكملة ولا ينبغي اعتبارها شيئا مستقلا عنه، ومكانها خزانة العرض ودورها يتمثل في تقديم وتوضيح المعروضات ومن الشروط التي يجب أن تتوفر عند وضع البطاقة أنه يجب أن تكون مناسبة من حيث حجمها مع التحفة المعروضة ولا يجب الإكثار من البطاقات في الخزانة الواحدة، وان تكون هذه الأخيرة في مستوى النظر، وأن تكون كذلك البطاقة بأكثر من لغة وتستعمل هذه الطريقة في المتاحف التي يرتادها الأجانب.

ولابد من مراعاة عدم الإكثار من المترادفات والإطناب في الحديث عن التحفة وأن تكون المعلومات مركزة دون تعقيد أو فلسفة تثير الملل لدى الزائر.

وقد يوجد سجلات متنوعة في المتحف يحفظ بها مجموعة بيانات خاصة بالمعروضات وصورة لها، وقد تشتمل تلك المعلومات على رقم القطعة وكيفية الاقتناء، والقيمة الشرائية واللقب أو اسم البائع وعنوانه، وتاريخ الاقتناء، والوصف باختصار، والمقاييس، وما نشر عن تلك التحفة، وقد تسجل في الحاسب الآلي نظرا للتقدم العلمي الحالي فقد يعمل سجل إلكتروني تحفظ به مقتنيات المتحف  .

6 - المقتنيات:

تعد المقتنيات من أهم الأشياء بالمتحف أو بدونها يفقد هذا الأخير معناه ووظيفته لذلك وجب أن تحفظ التحف بجميع أشكالها.

فهذه الأخيرة عبارة عن شاهد مادي تعكس نشاط الإنسان فبمجرد دخولها المتحف يجب أن تصنف وتدخل

في إعداد التراث الوطني فتسجل وتضاف إلى جرد التحف ويمنع التصرف فيها من طرف الأشخاص العاديين، ولا يسمح بخروجها إلا للأسباب التالية: الإعارة أو التبادل بين المتاحف، أو الترميم إن لم يتوفر داخل المتحف، وهي الوسيلة الأهم في وسائل العرض فبدونها لاوجود للعرض ولا للمتحف كما سبق الذكر  .

7 - أساليب العرض:

يكتسي العرض المتحفي مكانة مرموقة في علم المتاحف ، فالعرض بلغة المتحف هو رؤية الشئ بهدف

معين سواء كان علميا أو ترفيهيا، او تربويا أو إقتصاديا، و من هنا تبرز أهمية الإعتناء بكيفية العرض السليم الذي يعد بمثابة النافذة التي يطل من خلالها الزائر على خبايا المتحف وللقيام بعرض جيد يجب مراعاة أمرين هامين للعرض و التحف في حد ذاتها يتمثلان في :

- الإضاءة :

للإضاءة دور بارز في نجاح المتحف للقيام بوظيفته العلمية، و تنقسم الإضاءة إلى إضاءة طبيعية و

أخرى اصطناعية، غير أنه في الآونة الأخيرة اتجهت المتاحف الحديثة إلى استخدام الإضاءة الاصطناعية بدل الإضاءة الطبيعة لما لهذه الأخيرة من تأثير سلبي على المقتنيات لأن الحرارة المنبعثة من أشعة الشمس تتسبب في تمديد الأصباغ و تشقق اللوحات و بهتان ألوانها ، وأما الإضاءة الاصطناعية فهي سهلة الاستخدام و يمكن ضبطها و التحكم فيها .

- التهوية :

بالنسبة إلى نظام التهوية داخل المتحف فهو ضروري للتقليل من نسبة بخار الماء الموجود في الهواء، وذلك باستخدام أجهزة التكييف بهدف ضبط درجة الحرارة و نسبة الرطوبة الملائمة لحفظ المقتنيات.

- أساليب التخزين داخل المتحف:

للمخازن أهمية كبرى بالنسبة للمتحف فلا تنحصر أهميتها في تخزين الأثار فقط بل تمتد إلى المساهمة في إنجاح الخدمة المتحفية وأداء رسالة المتحف، فمثلا عند عرض المقتنيات نجد أن هناك تكرار متعدد لبعض القطع ستحدث حالة من الارتباك و الازدحام بين القطع المعروضة مما يؤثر على الشكل العام للمتحف، لذلك يستلزم الأمر عرض قطعة واحدة أو قطعتين من تلك القطع المتكررة ويتم الاحتفاظ بالباقي في المخازن.

ومن ناحية أخرى نجد بعض المتاحف تعمل على تغيير معروضتها من حين على آخر كنوع من تجديد المتحف حتّ لا يصبح هذا الأخير مجرد شيء ثابت على الدوام فيتم استحداث المعروضات من القطع الموجودة بالمخازن وتبديلها بأشياء أخرى شيء من المعروضات في المعرض الدائم بالمتحف.

وعلى كل حال فإن المخازن تحتل مكان لابأس به من المتحف سواء كانت قاعات جانبية أو خلفية أو تخصيص مساحات بالكامل كمخزن للمتحف ويتم عمل حساب المخازن عند التخطيط لعمارة المتحف كما يتم أيضا توفير الاضاءة المناسبة والمحافظة على التهوية سواء كانت طبيعية أو من خلال أجهزة التكييف

مع تحصين تلك المخازن أمنيا ضد السرقة.

1 - الشروط الواجب توفرها في المخازن :

إن تدهور حالة المقتنيات الحديثة يرجع أصلا إلى الطريقة غير المناسبة لحفظها فإن الجهل والإهمال في الإدارة وعدم التحكم في مستويات الحرارة والرطوبة والأتربة والحشرات...الخ و لتفادي ذلك وجب توفر الش روط التالية  :

- يراعى أن تكون هناك نظافة عامة للمكان وتنسيق وترتيب لكل القطع والمقتنيات الموجودة بالمخزن لتفادي الحوادث الطارئة.

- يراعى أيضا أن يكون المخزن خاليا من الورق والعلب، والصناديق، والدواليب غير المستعملة مع ترتيب المقتنيات كما لو كانت في العرض.

- أن يكون المخزن خاليا من كل المواد الكيماوية التي تستعمل في التنظيف أو الإضاءة اليدوية وكل ما يمكن أن يؤدي إلى الاشتعال .

- يجب أيضا إمداد المخزن بأجهزة كافية لإطفاء الحرائق وكذلك إمداده بكل وسائل نقل المقتنيات وأجهزة

التحميل وغيرها مع وجود مكان مخصص لهذه الأجهزة.

- يجب أن يقوم بالعمل في المخزن أناس مدربين على هذه النوعية من الأعمال بحيث يستطيعون نقل هذه

المقتنيات بحرص وأمان دون تعريضها للتلف.

أما بالنسبة لأرفف المخازن فإنها غالبا ما تكون من ألواح صلبة ذات الدعامات القوية المتينة التي تصنع

خصيصا لهذا الغرض ويمكن فكها وتركيبها بسهولة، ولا يصيبها التسوس أو العفن مثل الخشب وتكون

مقاومة للحرائق ويمكن استعمال أرفق خشبية على دعامات من الحديد .

وهناك أيضا الصناديق والدواليب التي تستعمل لتخزين القطع الهشة سهلة الانكسار والتي يجب إحاطتها

بالألياف أو القطن لمنع الاحتكاك بينهما وبين بعضها مما يقلل عوامل التلف والتكسير.

2 - شروط الحفظ:

للحفاظ على المقتنيات في حالة جيدة داخل المخازن يلزم هنا تدريب هيئة موظفي المتحف وتوعيتهم بأهمية تخصيص أماكن للحفظ تكون في حالة لائقة من حيث التهوية ودرجات الحرارة والرطوبة وتدريب المختصين في جمع المقتنيات على الصيانة الوقائية السليمة والترميم العلمي من حيث نوعية التحف الحديثة وخصائصها الطبيعية ويمكن تصنيفها كالتالي:

1 - المقتنيات المصنوعة من مواد غير عضوية:

نجد أن المقتنيات المصنوعة من مواد غير عضوية لا تحتاج إلى عناية كبيرة ومنها ما هو مصنوع من الصخور الرسوبية مثل الحجر الجيري أو الحجر الرملي و هذه الاخيرة تحتاج إلى عناية أكبر نظرا لكونها مصنوعة من صخور ذات مسام كثيرة تمتص الرطوبة وتتشبع بالأملاح مما يتسبب في تقشر سطحها ويعرضها للتلف لذلك يجب تنظيفها جيدا وحفظها في مكان جاف.

2 - المقتنيات المصنوعة من مواد عضوية:

هذه الأخيرة تكون أكثر حساسية للظروف الجوية والبيئة المحيطة بها فالرطوبة الزائدة تعمل على زيادة وتكاثر جميع أنواع العفن التي تصيب المقتنيات كما تتسبب الحرارة الزائدة والرطوبة في زيادة تكاثر دود الخشب والقوارض...وغيرها من الآفات التي قد تقضي نهائيا على تلك المقتنيات، لذلك يجب التأكد من سلامة كل المقتنيات المصنوعة من مواد عضوية ومن عدم إصابتها بالحشرات أو العفن قبل وضعها في المخزن، وبعد ذلك يجب استعمال كل الطرق والوسائل الواجبة من اجل الحفاظ على هذه المقتنيات.. وقد اهتمت متاحف التاريخ الطبيعي ومتاحف الآثار ومتاحف الفنون الجميلة بالمقتنيات المصنوعة من مواد عضوية فعملت على تخزينها في مخازن مكيفة الهواء لكي تتمكن من ضبط درجة الحرارة والرطوبة عند مستوى يحافظ على سلامة تلك المقتنيات ويتراوح هذا المستوى بين 50 و 55 % ) في المئة (.  على كل حال فإن تخزين المقتنيات في المخازن هو عمل له أهميته القصوى بالنسبة للمتحف فليس الهدف هو التخلص من تلك المقتنيات بعيدا عن قاعات العرض وإنما الهدف هو تنظيم عملية العرض بأن يتم عرض

عينات معينة وحفظ الباقي من القطع المماثلة في المخازن لحين تبديلها من وقت لآخر. وبتوفير أفضل إمكانيات التخزين الممكنة نخطو أول وأهم خطوة نحو الحفاظ على تراثنا التاريخي والثقافي مما جعل المقتنيات والتراث المحفوظ في المخازن في أمان وفي رعاية أفضل لسنوات عديدة مقبلة. فمازال الكثير الذي يجب أن تتعلمه عن كيفية جعل المعروضات المتحفية الخبيئة تثير الاهتمام والهمة في الإبداع وتيسر التعلم لتحقق أهداف المتحف في المحافظة على التراث الثقافي وتسليمه للأجيال القادمة في حالة سليمة وصالحة للاستخدام كثروة دائمة فلازال قلب المتحف واقعا في مستودعات التخزين والترميم.

ومن اهداف المؤسسة المتحفية اضافة الى الحفظ تثمين التراث و التعريف به لدى جميع فئات المجتمع وللقيام بهذه المهمة هناك مجموعة من الوسائل تساهم هي الاخرى في نشر الوعي الثقافي و الاثري وتثمينه و منها ما يلي:

- وسائل الاتصال بالمتحف:

من المعروف بأن الدور الطبيعي للمتحف يتمثل في البحث والصيانة والترميم والتربية والتثقيف وهو مؤسسة تنموية يشارك في ترقية وتطوير المجتمع وهو القانون الذي نص علية المجلس الدولي للمتاحف ( ICOM ) و من أجل تحقيق هذه الأهداف النبيلة ونشرها وتعميمها وسط مختلف شرائح المجتمع يتعين على المتحف أن يركز على عنصر أساسي في تبليغ وإيصال رسالة المتحف وهو الإعلام والإتصال حيث تعتبر هذه الوسيلة من أحدث الوسائل العصرية و تؤدي دورا إيجابيا في تنمية وترقية المجتمعات. وحتّ يكون المتحف عامل اتصال يجدر بنا أن نتساءل عن الوسائل التي يستخدمها المتحف والآليات التي يركز عليها ليقوم بهذا الدور الإعلامي ويكون بذلك المتحف همزة وصل بين حضارة صارت تعد إرثا حضاريا قديما وبين حضارة عصرية تعتمد على تكنولوجيا حديثة.

ويمكننا تلخيص هذه الوسائل والآليات في العناصر الآتية :

1 - الإعلام:

يعتبر الإعلام بمختلف أنواعه )جرائد، مجلات، منشورات وأجهزة السمعي البصري( عنصرا أساسيا هاما يمكن للمتحف أن يوظفه للتعريف بمختلف أنشطته. لذلك يجب التركيز على هذه الأخيرة واستغلال تأثيرها ونفوذها على المجتمع خدمة للمتحف ونشاطاته العلمية والتربوية وكذلك تعطي الفرصة لأكبر عدد من الجمهور بالمشاركة والتعرف على مختلف النشاطات التي يقوم بها المتحف في الوقت المناسب.

اشتراك المتحف في إنجاز مقالات ونشرها في وسائل الإعلام والمشاركة في حوارات إعلامية تتعلق بدور المتحف وعلاقته بالمجتمع بهدف تحسيس الجمهور بدور هذه المؤسسة وأهميتها التنموية في خدمة الثقافة والمجتمع.

المطبوعات:

تلعب المطبوعات دورا لا يقل أهمية عن وسائل الإعلام أو ذلك بما لديها من قدرات تمكنها من نشر الوعي وتعميم المعرفة في وسط المجتمع. فضلا عن دورها في مجال الدعاية والترويج لأنشطة المتحف العلمية والتثقيفية لذا يستحسن الإكثار من هذه المطبوعات وتسخيرها لربط المتحف بمحيطه ويمكن تصنيف هذه الأخيرة حسب أهميتها الإعلامية إلى مايلي :

2 - الملصقات :

تعتبر الملصقات من بين المطبوعات التي يعتمد عليها المتحف ويوظفها لجلب واستقطاب الزوار إليه والتعريف بأنشطته الثقافية خاصة عند إقامة المعارض كما يراعى وضع صورة من صور التحف النادرة على هذه الملصقات ويفترض أيضا إختيار الأماكن العامة لتعليقها مثل الشوا رع العامة وفي الطرق والمداخل المؤدية إلى المتحف وفي دور الثقافة ...الخ حتّ تكون على مرأى من العين ويراها عدد أكبر من الناس وهذه الأخيرة تجنب المتحف صرف أموال في عمليات إبرام عقود مع شركات إشهاري يمكن توفيرها وصرفها في أغراض أخرى.

3 - الدعوات :

تأتي الدعوات في الرتبة الثانية بعد الملصقات من حيث أهميتها الاعلامية والدعائية وتعتبر هذه الدعوات

وسيلة اتصال بين المتحف والجمهور يستلزم طبع عدد كبير عند كل تظاهرة ثقافية ومن المستحسن أن تكون حاملة لصورة تحفة من مجموعات المتحف وتوزع مجانا وعلى أوسع نطاق لإستقطاب عدد اكبر من الزوار.

4 - المعارض :

تعد المعارض من أهم وسائل الاتصال والإعلام فضلا عن دورها الدعائي والإشهاري لأنشطة المتحف المتنوعة. تلعب المعارض بمختلف أنواعها )المتنقلة، الدائمة، المؤقتة ( دورا كبيرا في جلب وإستقطاب الزوار من الجمهور الواسع الذي ينتمي إلى فئات مختلفة من شرائح المجتمع إلى المتحف ولاسيما فترة قيام المعارض فيحدث بذلك إتصال مباشر بين الجمهور والمتحف لذلك فإنه يستحسن حسب إعتقادنا الإكثار من هذه المعارض.

- المتحف و الجمهور:

كانت الكثير من المتاحف خلال القرن التاسع عشر تعتبر كالمعابد نادرا ما يز ورها الجمهور وفي الحقيقة لم يكن يصرح بدخوله إلا بمواعيد خاصة، أما اليوم، فمن المتفق عليه بصفة عامة أن مهام المتحف هي عرض المجموعات للجمهور، وأغلبية المتاحف مفتوحة لكل شخص ولو أن نجاحها في جذب الزائرين يختلف بدرجة متفاوتة، ويتوقف على عدد من العوامل تشمل طبيعة المجموعات، الأوقات التي يفتح فيها المتحف، البرامج التي تهيأ للزائرين إلى غير ذلك من أعمال المتحف.

يعرف المجلس الدولي للمتاحف ) م.د.م ( ) ICOM ( بأنه مؤسسة في خدمة المجتمع وتطوره، وهو عادة مفتوح للجمهور) حتّ لو تعلق الأمر بجمهور محدد مثلما هو الحال بالنسبة لبعض المتاحف مثل:

المتاحف الجامعية أو الطبية (. على المتحف أن يغتنم الفرصة للقيام بدوره كعنصر مستعمل من طرف جميع فئات السكان أو الجماعة المتخصصة التي تهيء المتحف لخدمتها، كما يجب المطالبة بعمال مختصين ذوي تكوين وكفاءات في الميدان التربوي بالمتحف حيث يحتاج برنامج ومسؤوليات المتحف إلى ذلك.

كذلك يجب أن يسمح المتحف للمجموعة بصفة عامة وكذلك الأشخاص والفئات المختصة المنتمية إليها أن يشرعوا بهمة في نشاطاته وأن يدعوا أهدافه وسياسته.

من حق الجمهور بصفة عامة الدخول إلى المعارض خلال أوقات معقولة وفترات منتظمة كما يجب على

المتحف أيضا أن يسمح للجمهور بعدد من اللقاءات مع العمال حسب المواعيد لتحصيل حر للمعلومات حول المجموعات مع مراعاة القيود الضرورية لأسباب ذات طابع سري أو أمني .

 

الخاتمة:

وفي الاخير يمكننا القول ان المتحف يراعي عرض المقتنيات بصورة لائقة وبتسلسل تاريخي وفني مع مراعاة الإضاءة الصّحية و التهوية السليمة وأن يكون هذا العرض مرتبط بما يدور حول المقتنيات من أساطير وقصص وحكايات وروايات تجسد طبيعة البيئة والأقاليم التي يوجد بها المتحف.

ويكمن الهدف من إقامة المتاحف في أنها تشكّل وعاء للتراث الثقافي بما يحتويه من سمات ثقافية مادية وغير مادية، وما يشكله هذا من جذب سياحي على المستوى الداخلي والإقليمي والدّولي وأثر ذلك في النهاية على تحقيق الاقتصادية في المجتمع.

كما يمكننا القول بان الحفظ هو الهدف الرئيسي لكل متحف وهو ضروري وشرط من شروط نقل المقتنيات في أحسن صورة ، وحتّ يتسنى للأجيال القادمة الاطلاع عليها، ولتحقيق هذه الغاية يجب تناسب وسط الحفظ مع معايير تهيئة العمارة المتحفية وتأثيثها بأجهزة ووسائل خاصة بالعرض والحفظ الجيد ، وكذلك التزود بوسائل الرقابة المناخية الداخلية وأجهزة تكيف الجو وتعديله، وكل هذا تحت رقابة طاقم بشري مؤهل وساهر على حماية وحفظ التحف من الأخطار التي تتعرض لها جراء الوسط المناخي المتذبذب ، ونظرا لما تحتويه متاحفنا من مقتنيات أثرية متنوعة من مواد عضوية وغير عضوية مختلفة الأغراض والوظائف، فهي تواجه خطرا كبيرا في وسط الحفظ بفعل العوامل البيئية من تذبذب مستمر بين درجة الحرارة ونسبة الرطوبة والاستخدامات الغير ملائمة للإضاءة بنوعيها )الطبيعية والاصطناعية(، وكذلك بفعل العامل البشري من الإهمال وقلة الوعي والخبرة في مجال حفظ وصيانة المقتنيات الأثرية، و من اولى اهتمامات المؤسسة المتحفية للحفاظ على التحف الاثرية هي تجهيزات وسائل العرض و التخزين.

 

المصادر والمراجع:

احمد الرفاعي، العرض كيف يجب أن يكون، حوليات المتحف الوطني للآثار، العدد السادس 1997 .آدمز فيليب، دليل تنظيم المتاحف، ترجمة محمد حسن عبد الرحمن، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة.

بروفو لمو لاجولي ، عمارة المتحف دليل تنظيم المتاحف، إعداد آدمز فليب ،ترجمة محمد حسن عبد

الرحمان ، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة 1994 .

تواركا جورجيو ، تكنولوجيا المواد و صيانة المباني الأثرية ، ترجمة احمد إبراهيم عطية ، دار الفجر للنشر والتوزيع ، 2003

حسن الطرموشي، المتاحف جسر الثقافة . جريدة الوطن العمانية. 2003 .

حسين إبراهيم العطار، المتاحف عمارة وفن وإدارة، هبة النيل العربية للنشر والتوزيع 2004 .

حنان دوبالي ، التسيير الإداري للمتحف ، حوليات المتحف الوطني للآثار ، العدد 07 ، 1981 .

سمية حسن محمد إبراهيم ومحمد عبد محمد عبد القادر محمد ، فن المتاحف ، د.م.ت .

سناء علي السيد، ندوة التربية المتحفية، صحيفة الوطن السعودية 30 مارس 2006 .

شمر بيير، إدارة المتاحف، إعداد آدمز فليب، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة ، 1993 .

رفعت موسى محمد، مدخل إلى فنّ المتاحف، الدار المصرية اللبنانية للطبع، القاهرة، الطبعة الأولى 2002 .

عبد الحق معزوز، المتحف عامل اتصال ، حوليات المتحف الوطني للأثار، العدد 06.1418.1997 .

عبد الرحمن بن إبراهيم الشاعر، مقدمة في تقنية المتاحف التعليمية، كلية التربية، جامعة الملك سعود، الطبعة الأولى، الرياض 1412 / 1992 .

عبد العزيز لوري، مصلحة الآثار المغربية. مجلة المتحف العربي، العدد الرابع، الكويت. 1987 .

علي حملاوي، علم المتاحف، سلسلة محاضرات على الآثار جامعة الجزائر، معهد الآثار، ط 1991،1 .

ماري برديكو، الحفظ في علم الاثار الطرق والأساليب العلمية لحفظ وترميم المقتنيات الأثرية، ترجمة محمد احمد الشاعر، المجلد 22 المعهد العلمي للآثار، القاهرة 2002 .

متحف الأقصر للفن المصري القديم، وزارة الثقافة لهيئة الآثار المصرية، القاهرة 1978 .

محمد سيف أبو الفتوح، مقدمة في علم الحفائر وفنّ المتاحف، د. م. ت .

هدى عبد الله الدغفق ، المتحف الوطني بين الإعلام و الإعلان و التعليم، جريدة الرياض السعودية،

العدد 13422 مارس 2005 .

هيروشي دايفوكو، المتحف والزائر تأليف آدمز فيليب، ترجمة محمد حسن عبد الرحمان، القاهرة الهيئة العامة للكتاب 1994 .

François (V), Les vases Grecs, presse universitaire de France.1956.

Maria ( A ), Sacarpa, la pensée - le dessin – les projets, TRD xavier maivertir , Edition pierre maradage, Bruxelles. 1984.

Richard (A), Présent les antiquités égyptiennes concepts et méthodes muséum international. Juin. 1995 .

Sheila Grimeli , Conception et préparation des expositions nouvelles de l’icom , vol 43.1990.

Vade Mucum, De la conservation préventive .Centre de recherche et de restauration des musées de France. Paris. 2006.