إستراتيجيـــــة تثميــــن التراث الأثري وترقيتــــه
طبقا لمبادئ النصوص التشريعية الوطنية
(دراسة تقييمية)
الفيلالي جازية
- جامعة بشار
مقدمة:
يشكّل التاريخ الطبيعي والعمراني بكل محتوياته ومكوّناته الجيولوجية والمعمارية والحيويّة تراثا ثريّا ومتنوعا يتجلّى في كل العناصر الحيّة التّي تتمتّع بها بلادنا الجزائر على امتدادها الجغرافي، وتتمثّل تلك العناصر في العديد من المشاهد والمواقع الطبيعية والمعالم المتميّزة والفريدة التي نحتتها يد الطبيعة والإنسان عبر العصور والأحقاب الزمنية الجيولوجية، تضاريس، أودية، صخور كلسية، رملية وحتّ بركانية وأيضا مدن وقرى عريقة تربّعت على هذه التضاريس المتنوعّة.
إنّ هذا الثرا والتنوّع الأثري على عاتق الدولة بكل م ؤسساتها عبئا ثقيلا باتجاه حماية التراث وترقيته ليس على اعتبار بعديه الثقافي والحضاري، أو على اعتبار انّه يختزل تجاربه التاريخية وعمق وجوده في هذه البلاد فقط، بل على اعتبار أنّه يشكّل موردا هامّا في الحفاظ على ماض أمّة تعاقبت عليها حضارات، وعلى الدولة دعْم ذلك بتطبيقها للتشريعات القانونية وتجديدها لمواكبة التنمية الاقتصادية ، والاجتماعية مع متطلبات حماية التراث الأثري، وعلى هذا الأساس يمكن طرح الإشكالية على النحو التالي: ماهي الإستراتيجية الوطنية المعتمدة عليها في سياسة حفظ التراث الأثري وترقيته ؟ وإلى مدى و فّق التشريع الوطني في حماية هذا الإرث الأثري؟.
1.مفهوم تثمين التراث الأثري:
"تثمين التّراث الأثري" (la valorisation du patrimoine archeologique) هو في واقع الأمر، مُبتغى نهائي تسعى الدّول والهيئات المتخصّ صة في مجال التّراث الثّقافي بشكل عام، والتّراث الأثري منه بشكل خاص إلى تحقيقه من خلال قيامها بأربع عمليات تختلف في الأدا ،ً وتتكامل فيما بينها من أجل تحقيق المبتغى، ألا وهي:
أ(. الحصانة القانونية: والمقصود بها هو جرد، أو تسجّيل عناصر التّراث الأثري في قوائم خاصّة لجملة من الاعتبارات لعلّ من أبرزها على الإطلاق، إحقاق المسؤولية الجزائية على تصرّفات الأشخاص بطريقة متعمّدة، أو غير متعمّدة تجاه الآثار، وما قد ينجم عليها من نتائج بصرف النّظر إن كانت إيجابية، أو سلبية في هذا المقام.
ب( الدّراسة العلمية المستفيضة: والمقصود بذلك هو تخصيص الآثار بما تستحقه من السّ بر العلمي الدّقيق من لدن باحثين أكْفا ،ً وضرورة إبراز أهميتها على مختلف الأصعدة. شأن التّجربة الفرنسية التّي تجعل من "علم الآثار الوقائي" بموجب المادّة الرّبع عشرة ) 14 ( من القانون رقم 2001 – 44 المتعلّق بعلم الآثار الوقائي على أنّه: "خدمة عمومية، وأنّه جز لا يتجزأ من علم الآثار العام، يسعى إلى تحرّي، وحفظ، أو حماية الآثار عن طريق الدّراسة العلمية لمختلف البقايا المتضرّرة، أو المحتمل تضرّرها بفعل تمديد المشاريع التّنموية المعاصرة على حسابها في المستقبل القريب" ؛ وذلك من قمبل مؤسساته الخاصّة، مثّلة في " المعهد الوطني لبحوث علم الآثار الوقائي" على وجه الدّقّة والتّحديد، الذي أُسندت له مهّمة الاعتنا بجزئية صغيرة من جملة مكوّنات التّراث الأثري الفرنسي، ألا وهي جزئية تحرّي ودراسة الآثار المطمورة تحت سطح فضا اًت جغرافية مُرشّحة لاستيعاب مشاريع تنموية معاصرة، كمدّ خطوط السّكك الحديدية، وشقّ الطّرقات السّيارة، وما إلى ذلك.
ج( الصيانة والترميم: والمقصود بذلك هو إصلاح الأضرار الميكانيكية اللاّحقة بالآثار كالكسور، والانشطارات، وإتمام الأجزا النّاقصة عن طريق عمليات التّرميم، وتعاهدها بإجرا اًت الصّيانة الدّورية لمنع أخطار استفحال الأمراض الفيزيو – يميائية، والحيوية التّي قد تعتريها جرّا الإهمال، وتفاعلها السّلبي مع عناصر البيئة المحيطة بها.
د( التأهيل والدّمج في الحياة المعاصرة: وهو في واقع الأمر إجرا انتقائي ليس بالوسع تعمّيمه على جميع البقايا الأثرية، مفاده إحيا الوظيفة الأصلية للأثر، أو تخصّيصه بوظيفة جديدة، تضمن له حقّ الاستمرارية، والعيش في كنف التّمدن المعاصر بانسجام، وهو ما يتطلّب تعميم آليات التّأهيل الوظيفي على الأثر والمحيط البيئي القريب منه على حدّ سوا ،ً وليس الاكتفا بتأهيل واحد منهما فحسب، كما قد يتوهم البعض .
2. تطوّر البنية التّشريعية الوطنية المسيّرة للتّراث الأثري:
خضع التّراث الأثري الوطني في بادئ الأمر لأحكام قانون المحتلّ الفرنسي، بد بأحكام المرسوم، المؤرّخ في 14 سبتمبر 1925 ، "المتعلّق بالآثار التّاريخية الموجودة في الجزائر"، الم ره من أقدم القوانين الفرنسية المسننّة في هذا الشأن، ألا وهو "قانون المعالم التّاريخية"، الصّادر بتاريخ 31 ديسمبر من عام) 1913 (م 3؛ مرورا بأحكام "القانون المتعلّق بحماية المعالم التّاريخية، والمواقع الطّبيعية ذات الطّابع الفنّي، والتّاريخي، والعلمي، والأسطوري، والجمالي"، الصّادر في الثّاني مايو من__ عام ) 1930 (م 4 ؛ وانتها بأحكام"القانون المتعلّق بتنظيم الحفريات الأثرية"، المشهور باسم منشئه لدى المختصين، ألا وهو قانون "جيروم كاركوبينو" ) JEROME CARCOPINO (* ، الصّادر بتاريخ 27 سبتمبر) 1941 ) 5 . وذلك بموجب أحكام المرسوم "المتضمن إلزام الجزائر تطبيق القانون الصّادر بتاريخ 27 سبتمبر 1941 "، المؤرّخ في 9 فبراير ( 1942 (م، المدعم بأحكام المرسوم المؤ رّخ في 10 سبتمبر 1947 م، "المتعلّق بتنظيم الإشهار، ولصق الإعلانات، ونصب اللاّفتات في الجزائر"؛ وكذا القرار المؤرّخ في 26 أفريل) 1949 (م، المعدّل، والمتمم، و"المتضمن إنشا دوائر إقليمية في الجزائر لرقابة المراكز الأثرية العائدة إلى فترة ما قبل التّاريخ" .
اكتفى المشرّع الجزائري أثنا الاستقلال تمديد العمل بالقانون الفرنسي في هذا الشّأن وإلغا منه الأحكام المتنافية مع مفهوم سيادة الجزائر كما سلفت الإشارة من قبل، وذلك بموجب أحكام القانون رقم 62 - 157 المؤرخ في 31 ديسمبر ) 1962 ،) "المتعلق بتمديد مفعول التشريع الفرنسي المتضمن حماية النصب التاريخية ضمن المقتضيات غير المخالفة لأحكام السّيادة الوطنية" .
وفي سنة) 1967 (، أُسندت مهمّة صياغة أوّل قانون للتّراث الأثري الوطني في ظلّ الاستقلال إلى عالم الآثار الفرنسي "ألبار فيفريه" ) ALBERT FEVRIER ( ** ؛ والذي اكتفى بالرّجوع إلى النّصين التّشريعيين الفرنسيين المذكورين من قبل )نصّ قانون 1930 ، ونصّ نظيره قانون 1941 (، وإعادة صياغتهما في نصّ جديد، قوامه مائة وثمن وثلاثين ( 138 ( مادة ، أُفرغت في وعا الأمر رقم 67 - 281 المؤرخ في 19 رمضان عام 1387 ه الموافق ل 20 ديسمبر 1967 م، "المتعلّق بالحفريات وحماية الآثار والأماكن التّاريخية والطبيعية"، واستمرّ العمل به إلى غاية صدور القانون 98 – 04 ، المؤرخ في 20 صفر 1419 ، الموافق ل 15 يونيو 1998 م، الذي مازال العمل قائما به إلى اليوم والذي جا كمحاولة لتحديث الأمر الآنف الذكر، إذا ما اُستثنيت عملية تقزّيم التّراث الأثري الذي كان يتمتع من قبل بقانون خاص، والاستنقاص من أهميته الحضارية والثّقافية بإخضاعه لأحكام قانون مشترك يجمع بينه، وبين مختلف مقوّمات التّراث الثّقافي بنوعيها المادّية، واللاّمادية، دون ربطه بقوانين التّعمير، وقوانين تهيئة الفضا اًت الجغرافية على نحو موثّق، كما تتطلّبه التّشريعات الحديثة في مجال التّنمية المعاصرة، رغم محاولات التّلميع المحتشمة، التّي أتت بها النّصوص التّشريعية الشّارحة، والمتممة له، والمتواصلة في عملية الصّدور بشكل متقطّع بين الفيّنة والفيّنة الأخرى إلى اليوم.
3. دراسة تقييمية للهيكلة التنظيمية الجارية في مجال حماية التّراث الأثري:
أ(. التشريع: يبدو من أوّل قرا ةً متأنّية لقانون ) 98 - 04 (، ذلك التّأخّر الواضح المسجّل على مستوى منظومة التّشريع الوطني المعتمد في مجال تسيير التّراث الأثري، وتأطير مؤسساته التّنفيذية على الرّغم من حداثة زمنه نسبيا بدليل اقتصاره على مراجعة أحكام الأمر ) 67 – 281 ( على ضو التّغيرات الظّرفية بداخل الوطن آنذاك، دون الأخذ بعين الاعتبار، ما جدّ في التّشريع الأممي، المتعلّق بتسيّير التّراث الأثري وتثمينه، كاتفاقية حماية ال تراث العالمي الثقافي والطبيعي، الصادرة عن "اليونسكو" بتاريخ 21 نوفمبر 1972 ، و"الميثاق الدولي لإدارة التراث الأثري"، الصادر عن "منظمة المجلس الدّولي للمعالم التّاريخية والمواقع الأثرية" (ICOMOS) عام 1990 على سبيل الذكر لا التّخصيص والحصر. هذا من جانب، ومن جانب آخر الإبقا على التّبعية المنهجية للأمر ) 67 – 281 (، الذي صادف تاريخه إنها مرحلة تعاون الإطارات الفرنسية ببلادنا في شتّ القطاعات بما فيها التّنقيب الأثري، كظرف استثنائي طارئ، والذي خُصص له هذا الأمر، المهندس على منوال "قانون كاركو بينو عام ) 1941 (" من طرف مواطنه، وزميله في التّخصص، "ألبار فيفرييه" ( ALBERT FEVRIER ( الذي كان مسؤولا عن مصلحة الآثار ببلادنا آنذاك. وذلك بغية ضبط المسؤولية الجزائية حيال التّراث الأثري من خطرين أساسيين هما: التّنقيب الأثري الهاوي، أو الفوضوي؛ وآخرهما وقف زحف المشاريع التّنموية على حساب المواقع الأثرية، والمعالم التّاريخية المعروفة آنذاك من خلال تأمين الحماية القضائية في ظلّ غياب المؤسسات التّقنية المؤهّلة، واليد البشرية المحترفة لحماية وتثمين التّراث الأثري الجزائري عمليا. وهو ما نجم عنه بنا سياسة تقليدية، محدودة الأفق في مجال حماية التّراث الأثري وتثمينه، كما يمكن أن يُلمس بوض وح في عدم ربط هذا القانون ببقية القطاعات المتقاطعة معه من جهة، ومن جهة ثانية، الإبقا على فكرة مركزية الإدارة، والنّشاط الموجه، الموروث عن النّظام الاشتراكي، الذي تخلّت عنه البلاد منذ مستهلّ عقد التسعينات من القرن الماضي، وهو تحوّل عميق لم يؤخذ بعين الاعتبار أثنا سنّ قانون ) 98 – 04 ( في نهاية تلك العشرية. ومن ثم العمل بسرعتين مختلفتين فيبقية النّصوص، الشّارحة لمضامينه، والمكملة لبنائه الإداري والتّقني، كما سيبدو بشي من التّفصيل في العناصر الفرعية المتبقية أدناه.__
ب(. البناء المؤسساتي: شهدت الجزائر ميلاد مؤسستين جديدتين في مقابل حلّ مؤسسة كانت قائمة من قبل على إثر اعتماد قانون ) 98 – 04 (، هي: إنشا "الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية"، الذي حلّ محلّ "الوكالة الوطنية للآثار وحماية المعالم والنّصب الّتاريخية"، المستحدثة عام ) 1987 (م، وذلك كمؤسسة اقتصادية ذات طابع تجاري، كما يُستشف من مضمون مرسومه الإنشائي، ومؤسسة إدارية غير مؤهلة حتّ لتسّيير جز من التّراث الأثري الذي كانت تشرف عليه "الوكالة" من قبل في حقيقة الأمر، ألا وهو جز التراث المحمي، واستغلاله، دون بقية مكونات ال تراث الأثري الأخرى، التّي تعاني اليوم المصير المبهم في غياب مؤسسة بديلة للعناية بها، والمحافظة عليها. و"المركز الوطني للبحث في علم الآثار" الذي باشر نشاطه بشكل فعلي منذ عام ) 2008 (م من غير أن تتّضح نتائجه، ولا دوره حتّ اليوم على الرّغم من تحلّيه بالصّبغة الأكاديمية من الوجهة القانونية، وبقا وصايته تحت وزارة الثّقافة بمفردها، دون إشراك وزارة التّعليم العالي والبحث العلمي في ذلك، كما تقتضيه الأعراف الدّولية في هذا الشّأن؛ وبذلك فهو هيكل بلا روح.
ومهما كان من أمر، فالجزائر بحاجة ماسّة اليوم إلى إعادة هيكلة مؤسسات تراثها الثّقافي، وفق رؤية واعية، ومتأنّية، بعيدة عن ضغوط الظّروف باعتبار أنّ كلّ ما حصل في الجزائر حتّ اليوم، كان منطلقه دواعي الظّروف الآنية القاهرة، ومن ثمّ اقتراح حلول عاجلة، إمّا لتقديم حلّ استعجالي آني، سرعان ما تثبت التّجربة فشله، وإمّا تقديم مسكن ظرفي في إطار سياسة الهروب إلى الأمام، والقفز في أحضان المجهول.
ج(. التمويل: سبقت الإشارة من قبل إلى أنّ قانون ) 98 – 04 (، يسير بسرعتين مختلفتين، فمن جهة نجده يؤرّخ لعهد جديد، ألا وهو تحوّل الجزائر من سياسة الاقتصاد الموجّه )النّظام الاشتراكي( إلى سياسة الاقتصاد الحرّ، أو اقتصاد السّوق، القائم على المنافسة، والفعّالية؛ ومن جهة لم يؤسس لمبادئ الخوصصة بشكل واضح في مجال تسيّير التّراث الأثري، كإمكانية استحداث، وإشراك المؤسسة العلمية الخاصّة في مناقصات التّنقيب الأثري؛ أو استحداث مؤسسات اقتصادية، كمؤسسة "الدّيوان"، والإبقا في عملية تمويلها، وتسييرها على نظام الاقتصاد المخطط؛ وعدم التّفكير في تقنين إتاوات ورسوم على المرقين، والمستثمرين لتمويل مختلف نشاطات البحث الأثري، وتخصيصه بصندوق وطني مستقلّ، جزا على الأضرار، والأخطار التّي يجرّونها على الآثار في خضم إنجاز مشاريعهم التّنموية، والاستثمارية المختلفة، مثل ما هو الحال عليه في قانون البيئة مثلا.
أحد الأسباب الرّئيسية في فشل المؤسسات القائمة على أدا المهام المنوطة بها بصرف النّظر عن تسمياتها، وطابعها الوظيفي إن كانت ذات صبغة إدارية خدماتية مثل ما حدث مع "الوكالة" من قبل، أو مؤسسة اقتصادية تجارية، كما هو الحال جارٍ اليوم مع "الدّيوان"، أو حتّ مؤسسات أكاديمية، مثل ما هو الحال عليه مع "المركز" الآنف الذكر. فهذه المؤسسات المتنوّعة تتلقى ميزانية التّسيّير من خزينة الدّولة في مقابل محدودية مداخيلها الخاصّة، التّي لا تتعدى حدّ الرّمزية في مقابل افتقادها لميزانية البحث، أو النّشاط، وعزوف الدّولة عن تدبّر مصادر تموّيل أخرى، تخفّف عب التّمويل الثّقيل على عاتق الخزينة العامة، التّي لم تأخذه بعين الاعتبار أصلا.
وبذلك يمكن القول بأنّ السّياسة الوطنية المنتهجة في مجال حماية التّراث الأثري وتثمينه، تفتقد للتّمويل على الرّغم من أنّ قانون ) 98 – 04 ( قد نصّ في المادّة السّابع والثّمانين ) 87 ( منه على استحداث صندوق وطني لتموّيل عمليات التّراث الثّقافي بشكل عام، دون وضع له شبكة واضحة المعالم لتحصّيل مداخيله، ووجهات إنفاقها 9، الشي الذي جعل من مؤسسات القطاع حتّ اليوم، مجرّد مؤسسات خدماتية ذات طابع إداري بصرف النّظر عن العنوان البرّاق الذي تتقمّصه.
د(. المتابعة والرقابة: يبدو من صورة البنا المؤسساتي القائم بشكله المهلهل في مقابل اعتماد نظام إداري مرك زي، قائم على الارتجال في معظم الأحيان، بعيدا عن التّسيير العقلاني، والقرا اًت الاستشرافية المستقبلية للأوضاع الدّاخلية والخارجية، كلّها عوامل مساعدة على إلغا مثل هذه المؤسسات النّاجعة، التّي لا يوجد لها وجودا في بنية السّياسة الوطنية القائمة، والاستعاضة عليها بعمليات التّفتيش الصّوري، التّي عادة ما يقوم بها بعض إطارات الوصايا في بعض الميادين، دون بعضها الآخر، مثل تتبع وقائع الجرد في المتاحف الجزائرية، وتتبع عمليات استكمال مشاريع التّرميم، دون إمكانية تقييم هذه الأخيرة من النّاحية الفنّية على سبيل المثال لا التّخصيص والحصر.
4. مجال العناية بالتكوين البشري وتحسين أدائه الوظيفي:
هناك إفراط كبير فيما يبدو على مستوى مسألة تكوين الإطارات البشرية، وصقل خبراتهم الوظيفية بدورات تكوينية بين الفينة، والفينة الأخرى إلى درجة أنّ التّدرّج في المناصب التّقنية المتخصّصة كالانتقال من منصب "ملحق بالحفظ والإصلاح" إلى منصب "محافظ التّراث الثّقافي" بوصفها مناصب خاصّة بموظفي التّراث الثّقافي دون سواهم، لا تتمّ عن طريق الاختبار المهني الميداني الفعلي، وإنّما بالاعتماد على أساس المسابقة الإدارية، التّي جعلت من تلك المناصب المتخصّصة )محافظ للتّراث، ومحافظ رئيس، ومفتّش التّراث، وغيرها( مجرّد ترقيات إدارية، مفرغة من مضمونها المهني المتخصص .
وهو ما يؤكّد بوضوح ترسّخ مبدأ الظّرف الاستثنائي، الذي شهدته الجزائر عشية رحيل المتعاونين الأجانب بكثرة نهاية عقد ستينات القرن الماضي، قبل استكمال تكوين الإطارات الجزائرية على النّحو المطلوب، ذلك الظّرف الذي لم يعد له اليوم، أدنى مبرّر، كما هو مكرّس في القرار الوزاري المشترك المذكور، الذي لا يتحرّج من منح تلك المناصب الخاصّة مجّانا تحت غطا "الشّرعية الثّو رية" لأشخاص غير جديرين بها 11 ، وهو ما يكرّس مبدأ المحسوبية بشكل سافر، التّي لا تتماشى كما هو معلوم مع منطق اقتصاد السّوق، القائم على عامليْ الكفا ةً، والمنافسة الحرّة في هذا المضمار، وهو ما لا يُساعد البتّة على إعداد إطارات أكفا ،ً وتحسين مردودهم الوظيفي بالم رّة.
5. تحديات التراث الأثري الوطني في الوقت الراهن:
ومهما كان من أمر، يبقى أمام التّراث الأثري اليوم تحدّيات عديدة، لعلّ من أبرزها على الإطلاق ما يلي:
أ(. تحديات تقنية: تتمثل كما سلفت الإشارة من قبل في أولوية إنها عمليات الجرد الأثري لمختلف عناصره الثّابتة والمنقولة؛ وضرورة إنجاز الخريطة الأثرية الوطنية بنوعيها )الورقية، والافتراضية( في أقرب وقت ممكن. وهو في واقع الأمر عمل جبار يتطلّب رصد إمكانات مادّية معتبرة، وحشد طاقات بشرية كبيرة للعمل جنبا إلى جنب على مدار عقود طويلة باعتبار أن القطر الجزائري بوصفه اليوم أكبر بلد في القارّة الإفريقية من حيث المساحة بعد تقسيم السّودان مؤخّرا من جهة، وتأخّر الجزائر في هذا الشّأن عن الرّكب الدّولي بأكثر من نصف قرن بلا مبالغة من جهة ثانية.
ولو أنّ الوصاية على القطاع قد بدأت في الآونة الأخير بمباشرة بعض المجهودات المحتشمة، عبر قنوات "الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية" الذي شرع في تنفيذ محاولة تجريبية مع فريق أثري إيطالي، أفضى إلى مسح مساحات كبيرة من ولاية الطّارف سنة ) 2009 (، وولاية سوق أهراس سنة ) 2010 (، ونأمل بأن تتواصل العملية السنّة الجارية لإنها مسح ولاية جديدة ومن ولايات أقصى الشّرق الجزائري.
ب(. تحديات تنظيمية: فقد بيّنت الممارسات الميدانية بوضوح قصور التّشريع المتخصص المعمول به اليوم في توفير الحماية الكافية للتّراث الوطني، وعجزه عن مسايرة التّغيرات الحاصلة في هذا المجال على الصّعيد الدّولي، كاستحالة استيعابه ل "علم الآثار الإنقاذي" من قبل، و"علم الآثار الوقائي" اليوم، ممّا يتطّلب مراجعة دقيقة، وإعادة النّظر في أشيا كثير فيه، ليس هاهنا مكان لمناقشتها.
أضف إلى ذلك ثبوت فشل المؤسسات السّاهرة على ترقية التّراث الأثري وتثمينه ميدانيا، كما يمكن أن يُستنتج من بقائها "مؤسسات خدماتية ذات طابع إداري" على الرّغم من التّسميات البرّاقة المسماة بها أحيانا، التّي يفهم منها على أنّها مؤسسات تقنية عملية، وكذا كثرة تغييراتها مقارنة مع قصر عمر الدّولة الجزائرية المستقلّة نسبيا من جهة أخرى، ناهيك عن تداخل صلاحياتها فيما بينها، وبين المؤسسات النّاشطة معها في قطاعات أخرى على الصّعيد المحلّى.
ج(. تحديات التنمية الشاملة: وتتمثّل أساسا في الشّرخ العميق القائم بين السّرعة البطيئة جدا لتقدم الأبحاث الأثرية ميدانيا عبر مختلف أرجا التراب الوطني بالمقارنة مع نظيرتها سرعة المشاريع التّنموية، الجارية بسرعة الضّو ،ً شأن مشاريع قطاع الأشغال العمومية خلال المخطط الخماسي الفارط، والمخطط الخماسي القائم ) 2010 – 2014 (م، حيث عرف فتح ورشات كبيرة في مجال تحديث الشّبكة الطّرقية بالجزائر، مثل إنجاز مشروع الطريق السّيار "شرق – غرب"، والطريق السريع الآخر للهضاب العليا الذي هو في طور الإنجاز، والطرق السريعة الكبرى الرابطة ما بين الطريق السيّار والمراكز الحضرية لأربع وثلاثين ) 34 ( ولاية، والطرق الوطنية ال رابطة بين الشمال والجنوب، وكذا التحويل التّدريجي للطريق العابر للصحرا )طريق الوحدة الإفريقية سابقا( إلى طريق سريع .
وهي كما يبدو للعيان، مشاريع تنموية ضخمة من شأنها المرور على آلاف المواقع الأثرية المطمورة تحت سطح الأرض بصرف النّظر عن حجمها، وأهميتها التّاريخية والحضارية، وإمكانية إلحاق بها الضّرر، أو إتلافها بالكامل من غير أن يكون في المتسع فعل شي في ظلّ قصر نظر السّياسة الوطنية الرّاهنة، المنتهجة في مجال ترقية التّراث الأثري، وتثمينه.
د(. انعدام إستراتيجية واضحة المعالم في مجال وقاية التّراث الأثري وحفظه: حيث يُلاحظ على بٌنية السّ ياسة الوطنية في هذا المجال، نزوعها للتّكيف مع الأحوال الظّرفية، دون التّفكير بعمق في نظرة استشرافية تُقعدال تراث الأثري في موضعه الصّحيح من موضع بيئته العامّة، سبب استمرار الحلول التّرقيعية، القائمة بين الفينة والفينة الأخرى، والتّي لا تحلّ المشكل في واقع الأمر بقدر ما تُرجيه إلى فترة أخرى، وتعقيد معضلته أكثر، فأكثر ليس إلاّ.
خاتمــــة:
ما تمّ استنتاجه من خلال العرض السابق أن هذه السياسة الوطنية لم ترق بعد للمستوى التطلع، بحيث تركت أثرا واضحا على مصير التراث الأثري الوطني ، خاصّة أنّه وليومنا هذا لم تنته بعد من الإسراع في إنها الخريطة الأثرية الوطنية ، إضافة إلى تأخّر البحث الأثري في مجال التراث الأثري كالصيّانة والترميم، علم المتاحف ، الحفظ والوقاية، ومن هذا النطاق على الدولة الجزائرية مواكبة العصر خاصّة وأننا في عصر التطوّر الاقتصادي والاجتماعي، من خلال تبنّيها لسياسة جديدة في مجال حفظ التراث الأثري وترقيته، وتحسين الأدا الميداني، و وضع نظم تشريعية جديدة تتشارك فيها مختلف المصالح من التهيئة الإقليمية ، مطويري العمران، والمعنيين بالمشاريع التنموية.
المصادر والمراجع
الرزقي شرقي، مبادئ أساسية لإرسا دعائم مدرسة وطنية في التّرميم، مقال منشور في مجلّة: دراسات تراثية، منشورات مخبر البناً الحضاري للمغرب الأوسط )الجزائر(، جامعة الجزائر، العدد ) 01 ،) 2007 .
الوكالة الوطنية للآثار وحماية المعالم والنصب التاريخية ، نصوص ونظم تشريعية في علم الآثار وحماية المتاحف والأماكن والآثار التاريخية، تقديم عبد الرحمن خليفة، الجزائر، 1991 . قانون 98 – 04 ، المؤرّخ في 20 صفر عام 1419 ، الموافق 15 يونيو سنة 1998 ، يتعلّق بحماية التّراث الثّقافي، في: الجريدة الرّسمية للجمهورية الجزائرية الدّيمقراطية الشّعبية، العدد 44 ، 1998 . الجريدة الرّسمية للجمهورية الجزائرية الدّيمقراطية الشّعبية، العدد 44 ، 1998 ، العمود 1 . قرار وزاري مشترك، مؤرّخ في 16 رجب 1431 ، الموافق 29 يونيو 2010 ، المحدّد لإطار تنظيم المسابقات على أساس الاختيارات والامتحانات والاختبارات المهنية، للالتحاق بالرّتب التّابعة للأسلاك الخاصة بالثّقافة"، في: الجريدة الرّسمية للجمهورية الجزائرية الدّيمقراطية الشّعبية، العدد 55 ، 2010 ، العمود 1 - 19 . المادة الثّالثة ) 03 ( من المرسوم الوزاري المشترك، المذكور آنفا، في: الجريدة الرّسمية للجمهورية الجزائرية الدّ يمقراطية الشّعبية، العدد 55 ، 2010 ، ص 11 العمود 2 .
وزارة الأشغال العمومية، خطة عمل وبرامج قطاع الأشغال العمومية، تقرير ملخص حصيلة البرنامج الخماسي ) 2010 – 2014 (، نوفمبر 2009 .
Loi N° 2001–44 du 17 Janvier 2001, relative à l’Archéologie préventive, Article 14.
Loi du 31 décembre 1913 sur les monuments historiques,In: Journal officiel de la république française, du 04 Janvier 1914.
Loi du 02 mai 1930 relative à la protection des monuments naturels et des sites de caractères artistique, historique, scientifique, légendaire et pittoresque, In: Journal officiel de la République Française, du 04 mai 1930.
Loi du 27 septembre 1941 portant réglementation des fouilles archéologiques, In: Journal officiel de la République Française, du 15 Octobre 1941.
الأهمية الاجتماعية لأدب الأطفال
د. رفيقة يخلف
جامعة حسيبة بن بوعلي – الشلف
الملخص:
تهتم كثير من الدراسات الاجتماعية و النفسية و التربوية بمرحلة الطفولة و تحليل متطلباتها و خصائصها، و أثبتت معظم الدراسات أن الخبرات التي يكتسبها الطفل في مرحلة الطفولة لها اثر في بناء شخصيته في جميع المجالات، و من اهتمامات الدراسات الحديثة في مجال الطفولة "أدب الطفل" و مدى تأثيره على سلوكه الاجتماعي و التربوي بالإضافة إلى أهمية اكتساب الطفل لتقنيات و مقومات الأدبية من خلال ممارسة النشاطات الأدبية في المجتمع و على ذاته و هذا ما نريد تناوله قفي هذه الدراسة.هو معرفة الأهمية الاجتماعية لأدب الأطفال.
تمهيد:
يعتبر أدب الطفل هو نوع من الفن الأدبي يشمل أساليب مختلفة من النثر و الشعر، و تنبع أهمية أدب الأطفال من كونه يشكل أداة أساسية في التأثير على الطفل من اجل اتساع افقه و خياله و ترقي حسه و مشاعره، ولدراسة الأهمية الاجتماعية لأدب الأطفال يجب الرجوع إلى الخلفية الاجتماعية التي أدت إلى اهتمام بأدب الطفل، و الذي يعبر عن طريقه رؤيته للعالم الاجتماعي سواء بطريقة شعورية آو لا شعورية،من خلال إظهار الحس التعبيري و الجمالي للمجتمع،و ما دور أدب الطفل في التكيف الاجتماعي و التنشئة الاجتماعية ،هذه التنشئة التي تبدأ مع الأسرة وتستمر مع بقية المؤسسات الاجتماعية الأخرى، و ما الهدف الاجتماعي من وجود أدب الأطفال و ما تأثيره على المجتمع؟
1-تحديد مفاهيم الدراسة:
-أدب الأطفال:
أدب الأطفال هو مجموعة النشاطات الأدبية المقدمة للأطفال التي تراعي خصائصهم، وحاجاتهم ومستويات نموهم، أي انه في معناه العام يشمل كل ما يقدم للأطفال في طفولتهم من مواد تجسيد المعاني والأفكار والمشاعر.
-الأهمية الاجتماعية:
نقصد بها توضيح تأثيرات الاجتماعية والسلوكات و الأفعال و القيم الاجتماعية من خلال النشاطات الأدبية التي يقدمها الطفل منخلال تأثير هذه النشاطات الممارسة في محيطه الاجتماعي.
المنهجية المتبعة في الدراسة:
من اجل الوصول إلى أهداف الدراسة اعتمدنا في معالجة الظاهرة على المنهج الوصفي، وذلك للوقوف على أهمية الاجتماعية لأدب الأطفال، و اعتمدنا في ذلك على مرجعيات و مصادر نظرية ذات صلة بالموضوع من اجل إثرائه و تحليله.
1-الأهمية الاجتماعية لأدب الأطفال :
تعد مرحلة الطفولة من أهم المراحل التي يمر بها الإنسان في حياته ، ففيها تشتد قابليته للتأثر بالعوامل المحيطة وتتفتح ميوله و اتجاهاته و يكتسب ألوانا من المعرفة و المفاهيم و القيم و أساليب التفكير و مبادئ السلوك.
و يجعل الاهتمام بالطفولة من أهم المعايير التي يقاس بها تقدم المجتمعات لأن تربية الأطفال و إعداد المواجهة والتحديات الحضارية التي توضحها حتمية التطور و بعد اهتمامها بواقع الأمة و مستقبلها.
ولقد بدأ الاهتمام عالميا بالطفولة و بتحديد حقول الأطفال التي تكفل لكم الحماية و الرعاية . حيث أصدرت " عصبة الأمم" نصا صريحا يتضمن حقوق الأطفال في إعلان " جنيف " عام 1924 . وتطور هذا الاهتمام المتزايد بالطفل عامة و قضية الطفولة خاصة حين أصدرت " الأمم المتحدة " الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و تتضمن المادة رقم 25 منه النص صراحة على حماية الطفولة.
ويعتبر تحديد مرحلة الطفولة من القضايا الأساسية التي اهتم بها عدد كبير من الباحثين. حيث أنها تمتد المرحلة الأولى من حياة الإنسان.
تبدأ التنشئة الاجتماعية للطفل منذ لحظة الميلاد وهي عملية تعليمية اجتماعية تبدأ من الأسرة وتنتهي بالمجتمع وهي التأثير الذي يقع على الطفل من بيئة اجتماعية لتحويله إلى كائن اجتماعي ولأعداده لثقافة التي يعيش فيها.وهي تلك الأساليب التي يتعلمها الفرد ليشبع لا حاجه بمطلق يرضى عندها المجتمع وقوانينه ويشارك في الاتجاهات والقيم السائدة في المجتمع.
كما أصبح الاهتمام بالطفولة من أهم المعايير التي يقاس بها تحضر الأمم وخاصة الاعتراف بقيمة الطفل والاهتمام به وبأدوات تثقيفه وتسليته وتنمية تفكيره وإعدادهللمستقبل ومن هنا ظهر الاهتمام بأدب الأطفال حيث أنه يمثل مجالا حيويا من مجالات العناية بالأطفال والنهوض بهم و أن أدب الأدب جزء من الأدب بصفة عامة لكن له من الخصائص و السمات ما يميزه عن أدب الكبار. من حيث مستويات التعبير و طريقة معالجة القضايا للفنون الأدبية المختلفة كالقصة و المسرحية و النثر و الشعر و غيرها.
ومن الواضح أن الاستفادة من نماذج الدراسات النفسية للأطفال سوى فما يتعلق بالنمو أو السلوك هو شيء جدير بالاهتمام للأخذ به عند تقديم أدب الأطفال حتى يتحقق التلازم السوي بين أدب الطفل و المراحل العمرية التي يقدم له .
فلقصة التي يقوم على فكرة واحدة و عقدة واحدة و عدد شخصيات قليلة ملائمة كمرحلة الطفولة المبكرة.
و يثير مصطلح أدب الأطفال كثيرا من التساؤلات و بخاصة بالنسبة للباحثين في هذا المجال نظرا لأن مصطلح أدب الأطفال ذو دلالة مستحدثة حيث لم يتبلور في أدبنا العربي الحديث إلا في العقود الأربعة الأخيرة من القرن 20 و نظرا لان أدب الأطفال عمل إبداعي بطبيعته و هو في الوقت نفسه اختزال للثقافات و المفاهيم و القيم والطموحات المستقبلية فقد اختلف المهتمون بأدب الأطفال في تحديد ماهيته ووصف طبيعته فتصدرت توقيفاته وتنوعت مفهوماته.
و يعتبر أدب الأطفال وسيطا تربويا يتيح الفرصة أمام الأطفال لتحقيق الثقة بالنفس و روح المخاطرة في مواصلة البحث و الكشف و حب الاكتشاف و التحرير من الأساليب المعتادة للتفكير و الاكتشاف من أجل مزيد من الوقت كما أنه ينمي سمات الإبداع من خلال التفاعل و المثل و الاختصاص و استثارة المواهب.
و بالتالي فإن كان الأدب للأطفال هو يتجه للتفاعلات الموضوعية في المجتمع ، و منه نتساءل :أين تظهر الأهمية الاجتماعية لأدب الأطفال ؟
2-العمل الأدبي ظاهرة اجتماعية:
إن العمل الأدبي كظاهرة اجتماعية تنطلق وجود في بيئة اجتماعية في ظل الأوضاع سياسية معينه و مناخ اجتماعي و سياسي معبأ بأحداث تاريخية محددة ، بل و لا يؤثر العمل الأدبي إلا في هذا المناخ السياسي و تلك البيئة الاجتماعية و الثقافية و لذا فالعمل الأدبي له ملامح معينة و أبعاد متنوعة إذن إن الأدب هو شكل خاص من أشكال الكتابة الإبداعية أو الخيالية و التي لها سمات خاصة يصدر عن الواقع الاجتماعي و يعبر عنه بكيفيات محددة يتضح ذلك في كل أنواع العمل الأدبي و كل هذه الأنواع الأدبية لها جذور اجتماعية و تعبر عن ظاهرة اجتماعية .
إن المؤسسة الأدبية مثل أي مؤسسة أخرى في المجتمع تخدم أغراضا خاصة في النظام الاجتماعي بصفة عامة وهي تضع قانونا جماليا يحول دون ممارسة أي أنشطة أدبية تختلف عنها. والمؤسسة الأدبية تحدد مع الأدب في أي عصر من العصور.وهذه المؤسسة الأدبية تحدد أنماط السلوك لدى المنتجوالمستهلك جميعا.ب
التوزيع الأدبي مثل المسارح ودور النشروقاعات القراءة. والسؤال المطروح ما وظيفة الأدب؟
إن رسالة الأدب كما يقول "جوامشي" هي الإصلاح ، إصلاح المجتمع في جميع جوانبه ، الإصلاح الاجتماعي و الإصلاح السياسي و الإصلاح الاقتصادي و الأخلاقي و الإصلاح الثقافي من أجل تقدم المجتمع و رفاهيته تبقى لرؤية العالم التي تحملها طائفة اجتماعية صاعدة.
الكاتب العبقري عند "جولدمان" هو من يحتاج فقط إلى التعبير عن حدسه و أحاسيسه كي يعلن ماهو أساس بالنسبة لعصره و ما يحدث من تحولات ، ومن ثم فالكاتب أو الأدب العبري هو من يتميز أحاسيسه بأنها أكثر اتساعا و اثراء وانسانية.
إن الدراسة السوسيولوجية " لجمهور القراء " من خلال ميدان علم اجتماع الأدب سوف تقتضي على قاضية العلاقة بين الأدب و المجتمع عمقا هاما حيث أن وقع و استيعاب " الجمهور " الذي يخاطبه الكاتب أو الأديب للمادة الأدبية يؤثر في تطور حضور و إثراء العمل الأدبي ذاته.
لقد اهتم" دوركايم" بدراسة الفنون و الآداب على ضوء تاريخ الحضارة محاولة وضع اطار يعبر ظواهر المجتمع الفنية وتطورها خلال التاريخ و هذا الإطار النظري يدرس الفن و الادب من الوجهة محاولة تحديد وظائفه الاجتماعية و الدور الذي يلعبه في الحياة الاجتماعية عند الشعوب و الجماعات المختلفة و لاشك أن تين TAINقد طور هذه النظرية و اهتم بدراسة التاريخ الفنون و الآداب و ونشاتها و خصائص الابداع الأدبي
(أسلوب التعبير الأدبي و نطاق هذه الخصائص باعتبارها مسبقة من المجتمع لاو إن الفن لا يمكن أن يقوم بمعزل عن المجتمع . و يتفق" تين" مع دور كايم في أن المجتمع وحده هو مصدر القيمة الفنية و الأدبية و الذي يعنينا هنا أن دوركايم قد ربط الظاهرة الأدبية بالظاهرة الدينية وأشار إلى الاختلافات الفنية و الأدبية بين الشعوب البدائية راجعة في الأصل إلى الاختلافات الدينية من حيث مظاهر الاعتقاد و الطقوس و الشعائر.
أدب الأطفال بأنه الأدب المكتوب و الشفهي (رقص ، مسرح ، غناء ، و إذاعة و تلفزيون ) ،الموجه للأطفال في مراحل نموذج حتى نهاية مرحلة الطفولة المتأخرة.
3-خصائص أدب الأطفال :
الهدفية ( الغاية ) : يعتقد البعض و منهم "لانسون" أن هدف الكتاب الأدبي أي كتاب أدبي هو التسلية الرفيعة التي تغذي النفس و تثير بفضل الخصائص صياغتها ، صورا خيالية أو انفعالات شعورية أو إحساسات فنية.
ولا يمكن ذكر أن أهمية الصياغة ، كما لا يمكن استبعاد مهمة إثارة الخيال و الشعور و الفن كما يهدف الأدب لا إليه ، لكن الأمر لا يقتصر على هذا وحده ، فالأدب فلأدب كلام و" الكلام عمل " كما يقول جون بول سارتر ، عمل يكشف عن موقف قاصدا كل القصد إلى تغييره حيث لا يستطيع الكشف عن شيء إلا حين يقصد تغيره.
وهذا يعني أن أدب الأطفال يمكن له أن يكون ناجحا إذا ما استطاع أن أدب الأطفال يمكن له أن يكون ناجحا إذا ما استطاع أن يجمع بين الوصول إلى الفن الراقي و بناء الفرد و المجتمع معا.
وفي إطار الغاية يمكن الإشارة إلى الأهداف المشتركة ما بين التربية و الأدب و والتي تكمن في تنمية والتي تكمن في تنمية القدرة على التعبير ، تحدثا و كتابة و القدرة و القدرة على الفهم و القدرة على قنص الأفكار الدقيقة هامة و "التلخيص " و واستخراج عبر أو فكرة و هذا يعني تنمية الثروة اللغوية مفردات و تركيب و تنمية الأسلوب بلاغة و جمالا و تنمية القدرة على التفكير تحليلا و كتابة و استدعاء و استنتاج و استدلالا و القدرة على نقل الخبرات إلى مواقف مشابهة كذل تنمية مهارات الاتحاد الحسن و وسادة و حكاية و تمثيلا و إنشاء
أن يلم الأدب بعناصره المكونة له :
يضم أربعة مع صفات يحبها الطفل من :
أ ـــ عاطفة ( سامية ، صادقة ، اجابية ) .
ب ــ معنى ( واضح ، مقتصد في المفهوميات ، المجردة ) .
ج ــ خيال مصور ( موحي ) .
د ــ أسلوب ( نقي غير خاطئ ، قصير الجمل).
ــ أن يحتوي على عناصر خاصة به :
أ ــ كالعناصر الحسية،والتي هيالصورة،اللون،اللحن، الحكة (منالحركة، رسم ...)
ب ـــ أن يجد الطفل فيه نفسه أو بعض اهتمامه و ميوله و عالمه ، الذي يحبه .
ـــ أن يراعي سن الصغار فتصبح لهم أدبا قصير النصوص
يجب تمييز أدب الأطفال عن أدب الراشدين من خلال :
أ ــ ما يملكه الأول من سمات تربوية و فنية تتعلق بمستوى نمو الطفل و حاجاته .
ب ــ احتواءه على الانفعال القادر على عنصر المفاجئة التي تجذب الطفل و تؤثر فيه .
ج ـــ أدب الأطفال ليس أقل قدرا من أدب الكبار .
بل هو أدب ينتمي بجدارة إلى علم الأدب و يجب أن يكون أدباء الأطفال من ضمن تصنيف الأدباء .
4-أهداف أدب الأطفال و الكتاب :
أ ــ ثقافية : حيث يقدم أدب الأطفال المعلومات و الحقائق و ويعرف الأطفال بجذور الثقافية و وتراثهم مجيد ويرفد في المادة التعليمية و يحقق النمو اللغوي والثقافية والقومية .
الخلقية : يبصر الأطفال بالقيم الخلقية و ينتمي إعجابهم و تقديرهم و جدهم للصفات الصائبة .
الروحية : حيث يحقق التوازن بين الاتجاهات المادية السائدة و بين القيم الدينية الروحية و بين العلم و الإيمان .
الاجتماعية : حيث يعرف الطفل بمجتمعه و مقوماته و انعدامه و مؤسساته و يساعده كل الاندماج و التجاوب القومية : يعرفه بوطنه.
العقلية : حيث يتيح فرصا طيبة لنشاط عقلي مستثمر في مجالات التخيل و التذكر و تركيب و الانتباه و الربط بين الحوادث .
الجمالية : يقدم الخيال و الجميل و الواقع الجميل و المعلومات الفنية و مختلف الألوان الجمالية المصاحبة للإنتاج الأدبي .
الترويحية : حيث يكون وسيلة لتشغل أوقات الفراغ .
ط ــ بناء شخصيات الأطفال : بعيدا عن المواجهة و النصائح المباشرة . بل من خلال القدوة الحسنة والنموذجالطايب و المحاكاة و المشاركة الوجدانية ــ كذلك من خلال
"تكوين معايير و قيم و العادات الصحيحة و تقوية الإرادة و يقوم و تعديل ما اكتسبه في فترة ما قبل المدرسة
5-تحقيق أهداف أدب الأطفال :
أسلوب تحقيق الأهداف يكون من طابق التركيز على أربع جوانب. الشكل – المضمون – الوسيلة –الانطباعات.
-الشكل و ويحقق شرطين:
أ ـــ من الناحية الفنية : أن يتخذ الموضوع الشكل الفني المناسب.
من الناحية المادية ،بأن يخرج الإنتاج الأبي يتيح الأدبي في صورة مادية مناسبة .
2-المضمون الهادف : يجب أن يكون المضمون صحيحا من الناحية العلمية مناسبا لمرحلة نمو الطفل
3-الوسيلة :يجب أن تكون غير مباشرة لتكون أقرب إلى الأطفال و أعمق أثرا في نفوسهم
4-الانطباعات السليمة: يعرف نجاح العمل الأدبي من الانطباع العام (الميل إلى الأدب عامة و حب الأدب) أو الانطباع الخاص.(الإعجاب بموقف أو فكرة أو نموذج) الذي يتركه العمل ويكون بذلك قد أدى دوره المطلوب منه
أدب الأطفال:
- يميل الأطفال إلى الأدب الخيالي.
- قراءة: سطحية وقراءة عميقة.
- يبين الأدب الحسي والأدب الإبداعي يميل لأطفال إلى قراءة الأدب الحسي الذي يتعلق بالحواس لا يكنون أبعد ما يكونون عن عالم التعليم والصور الأدبية.
- من البيئة المحددة إلى العالم الأمثل: الطفل يكتفي بوزارة أدب بصور بيئته المحدودة وملموسة ومحسوساته ومعارفه.
- من عالم المظاهرات إلى عالم المغامرات: من القضية القصيرة إلى الرواية طويلة.
-صفات أديب الأطفال:
- أن يكون عارفا بمراحل النمو العقلي والجدي واللغوي الخاص بكل مرحلة من مراحل الطفولة.
- أن يكون على أصلاح واسع بأدب الأطفال العالي.
ب ـ أن يقدم ما يناسب الأطفال عمريا من مسرحيات وتمثيليات واتخاذ وأناشيد وقصص وروايات.
- أن يكون أدبه بسيط وليس ساذجا.
- أن يرى العالم الذي يحيط به من خلال عيون الأطفال.
- أن يعرف في كتابه بين الكتابة لكتاب والكتابة لمسرح.
- يجب أن يكون خلوقا لأن سمة الأدب الأطفال هي سمة أخلاقية تربوية.
- أن يكون موهوبا ذا أحس مرهق مخلصا.
- يجب لا نطاق الأديب إلى الموضوعات المحظورة الدين، الجنس، العنف.
أدب الأطفال هو الأدب الشفهي والمقروء والمسموع والمرئي الذي يقدمه الكبار للأطفال في مراحل نموهم المختلفة شرط أن يتبناه الصغار، ويجب أن يحقق مضمونه بطريقة فنية غير مباشرة ليترك انطباعات سليمة تتوافق والطفولة وتحقق الأهداف المرسومة لها في شكل مناسب جذاب.
6-الأهمية الاجتماعية لأدب الأطفال:
إذا كان الأدب الأطفال جزءا من ثقافة الأطفال، فإن الاهتمام بثقافة الطفل أمر واجب على جميع المؤسسات المجتمعية، ومن أهميتها الأسرة والمدرسة، وذلك بتهيئة الأطفال وإعدادهم الإعداد السليم والعمل على معالجة مشكلاتهم وانحرافاتهم أي تكون علاقة وثيقة بين الطفل والراشد في المجتمع الواحد ونطاق إلى الواقع المعاش، تبين لنا أننا أمام إشكالية لذا ينبغي النظر إلى الطفل على انه عضو فاعل في المجتمع، و انه اللبنة الأساسية التي سيشيد عليها المجتمع ،و الركيزة الأساسية التي ينطلق منها ، و عليها اي تحرك نحو البناء و التطوير و التقدم، مما ينبغي النظر إلى الراشد على انه الوسط بين الطفل و الكتاب، و لدلك تظل علاقة الراشد بالأطفال عامل أساسي في علاقة الأطفال بالنص الأدبي، هده العلاقة هي جزء من التركيبة الاجتماعية، فالمكانة الاجتماعية للأطفال من حيث موقعهم في سلم التدرج الاجتماعي و تصنيف إمكانياتهم و قدراتهم، و من ثمأدوارهم في المجتمع تنعكس في كيفية تعامل الكاتب مع الأطفال من خلال النص الأدبي، و تحتوي كتب الأطفال عموما على تصورات الراشدين لما يفهمه الأطفال، كما أن الوسيط الراشد له دور في نقل النص الأدبي للأطفال و بذلك يعتبر هدا النقل احد المتغيرات التي تؤثر في تفاعل الأطفال مع الكتاب ليصبح مناسبا أو غير مناسبا.
و مما ينبغي أن يكون عليه أدب الأطفال أن يفهم طبيعة الطفل و خصائص نموه و مطالب الحياة الاجتماعية، وفيما يلي شروط للمادة الأدبية التي تسهم في بناء شخصية الطفل و في إدماجها في الحياة الاجتماعية:
-مراعاة المادة الأدبية لطبيعة الطفل و خصوصياتها.
-مراعاة متطلبات الحياة و أهداف المجتمع فلا قيمة لأدب من دون رسالة و أن يحققالتوازن المناسب بين الفرد و البيئة.
-أن تمتلك المادة الأدبية عناصر الجذب المناسبة التي تستدعي استجابات من المتلقي و مقومات تجعله قادرا على تحريك دوافع الطفل و توجيهها توجيها سليما ايجابيا.
-مراعاة المادة الأدبية بالاهتمام بوعي الطفل بذاته و علاقته بالآخرين، لان ما نكتبه للطفل يجب أن يساعده على فهم نفسه بصورة أفضل و فهم الآخرين و إنشاء علاقات ايجابية لان الطفل بحاجة إلى الرؤية الواضحة لتطلعاته و إلى تهدئة انفعالاته و إلى وعي بمشكلاته.
و تتعدد وسائل تنمية أدب الأطفال منها:
-التأكيد على تقديم نوعية متميزة في الشكل و المضمون.
-إيجاد أدوات إيصال ثقافية جديدة تجذب الأطفال إليها.
-ربط الثقافة العربية المعاصرة بأدب الأطفال.
-أن يتهيأ أدباء الأطفال التهيؤ المناسب- فكريا-نفسيا-علميا- و أن يتصلوا بتجارب الآخرين في هذا المجال محليا و عالميا و أن يوثقوا اتصالهم بعالم الطفل و بيئته ليدركوا ما يهمه و ما يمكن ان يشبع هده الاهتمامات.
-العناية الخاصة بإعداد الخبرات في مختلف مجالات ثقافة و أدب الطفل.
-التفات المؤسسات الثقافية لأدب الأطفال تدعمه و ترصد لكتابة الجوائز و تشجيعهم.
-اهتمام الصحافة ووسائل الإعلام بكتاب أدب الأطفال و إلقاء الضوء عليهم.
-الاهتمام بوجود نقاد يتناولون أدب الطفل بالنقد و التقويم ووضع معايير لعملية التقويم.
-الاهتمام بالتخطيط الشامل القائم على الدراسات العلمية و يتناول جميع جوانب حياة الطفل و تنسيق جهود المختصين في مختلف وسائط الطفل الثقافية.
و في الوقت تؤكد أهمية أن توجه الأسرة أدب الأطفال الوجهة التي يمكن معها توظيف هذا الأدب في تكوين الشخصية المتكاملة حيث تشجعهم على القراءة و الكتابة و اقتناء الكتب و القصص و الحكايات و الإشعار التي تحثهم على مكارم الأخلاق و دلك عن طريق اصطحاب الأطفال إلى المكتبات العامة، و توجيههم إلى معرفة الكتب و القصص التي تضمها هذه المكتبة و تشجيعهم على القراءة المستمرة.
و يتلخص دور المدرسة في توجيه أدب الأطفال و تشجيعه من خلال ما تقدمه للتلاميذ من مواد أدبية و علمية و فنية و ثقافية تسهم في تكوين الشخصية المتكاملة و السوية و تقوية الصفات الجيدة و العمل على اكتساب الطفل صفات اجتماعية و مبادئ أخلاقية و عادات جديدة و سليمة.
أما بالنسبة لوسائل الإعلام المقروءة و المسموعة يمكن أن تشجع أدب الأطفال و توجهه الوجهة الصحيحة التي يمكن معها تحقيق الهدف الأساسي من تنشئة الطفل و دلك على النحو التالي:
وسائل الإعلام المقروءة:
المتمثلة في القصص و التمثيليات و المسرحيات و الشعر و الكتب و المجلات المطبوعة التي كتبت خصيصا الأطفال و تشجيع أدب الأطفال من خلال تحري الدقة في اختيار الأعمال الأدبية و العلمية و الفنية التي تقدم للأطفال و تقديمها لهم في شكل جذاب، أما بالنسبة لوسائل الإعلام المسموعة و دلك عن طريق النص الجيد و حسن استغلال الإمكانيات الإذاعية أن تصل إلى استثارة خيال الطفل، أما بالنسبة لوسائل الإعلام المرئية.
وذلك عن طريق أن المعلم يمكنه أن يوجه تلاميذه الاستماع إلى الواد المقدمة عبر الإذاعة أو التلفاز و أن يزودهم بعادات و مهارات الاستماع الجيد و المشاهدة الجيدة.
ومن مميزات التي يتميز بها أدب الأطفال:
-أن أدب الأطفال يجب أن يحتوي الأساسيات – القصة، الأناشيد، الشعر-.
-أن يكون الوسيط في النقل لأدب الطفل وسيطا جيدا-كتاب الطفل، المجلة، الإذاعة،التلفزيون، سينما، المسرح.
-إن أدب الطفل الناجح هو الذي يحتوي على أدب يتناسب مع مستويات السن ومراحل الطفولة.
-إن يخاطب أدب الأطفال خيال الأطفال و عاطفتهم.
-فوائد الخبرات الموسيقية:
تستطيع الخبرات الموسيقية أن تبني الإبداع لدى الأطفال عندما يحفزون على التجريب و الاستكشاف و التعبير عن أنفسهم و كذلك يمكن للموسيقى أن تعزز لديهم التعبير عن أفكارهم و مشاعرهم، و تساعدهم أيضا على باء الوعي لمشاعر الآخرين و بالنسبة إلى الأطفال الصغار، يمكن ان تكون الموسيقى شكلا طبيعيا من أشكال التعبير.
و كذلك فان المهارات اللغوية تنمو لدى الأطفال عند مشاركتهم في النشاطات الموسيقية فعندما يصغون و يشاركون في الغناء فأنهم يتعلمون كلمات و اصواتا جديدة و يطورون مفاهيم جديدة.و النشاطات الموسيقية تساعد الأطفال أيضا في التطور معرفيا فهم يحفظون عن ظهر قلب كلمات الأغانيو يتعلمون إجراء مقارنة بين المفاهيم الموسيقية.
و يبدو أن الموسيقى تقوي الوصلات العصبية في الدماغ، فقد وجد الباحثون صلة بينها و بين تطور الذكاء المكاني وهذا النمط من القدوة العقلية يساعد الأطفال على تشكيل مفاهيم الرياضيات و العلوم.
-القصة و دورها الاجتماعي:
نجد أن القصة تنسجم مع نفسية الطفل الخيالية إذ يعتبر الخيال جزءا هاما من حياته التي تقوم على أساس من الإبهام من سنواته الأولى و عندما يصل إلى مرحلة الطفولة الوسطى يتحول إلى التخيل الإبداعي او ما يطلق عليه بالتخيل التركيبي مما يمكن معه توجيه قدرة الطفل الخيالية في ميدان القصص العلمية لتحمل إليه معاني و صورا جديدة من الحياة و الحوادث يجدها في بيئته فهي ادن مصدر من مصادر إشباع رغبته في المعرفة و دافع ألغريزته في حب الاطلاع للكشف عن أشياء لم يكن يعرفها.
المراجع والمصادر:
أمل خلف ،قصص الأطفال و فن روايتها ،عالم الكتب نشر ، توزيع ، طباعة ، ط1 2006 القاهرة ،مصر.
سمير عبد الوهاب أحمد ،أدب الأطفال ، قراءات نظرية و نماذج تطبيقية، دار المسيرة للنشر و التوزيع و الطباعة ط 1 2006 ، عمان ، الأردن .
علي ليلة ، الطفل و المجتمع، التنشئة الاجتماعية و أبعاد الانتماء الاجتماعي ، مكتبة المصرية للطباعة والنشر و التوزيع الاسكندرية ، مصر .
ايمان البقاعي ،المتقن في أدب الأطفال و الشباب ، لطلاب التربية و دور المعلمين ، دار الراتب الجامعية ، بيروت ، لبنان .
شبل بدران ،الاتجاهات الحديثة في تربية طفل ماقبل المدرسة ، تقديم د. حامد عمار ، الدار المصرية اللبنانية ط 1 2000 ، القاهرة مصر .
محمد علي البدوي، علم اجتماع الأدب، النظرية و المنهج و الموضوع، دار المعرفة الجامعية ـ 2009 الاسكندرية.
محمد سعيد فرج، مصطفى خلف عبد الجواد ،علم الاجتماع الادب ، دار المسيرة للنشر والتوزيع و الطباعة ، ط1 2009 عمان ، الأردن .
جودي هير، العمل مع الأطفال الصغار، ترجمة مركز إيمان للتعليم المبكر، الأهلية للنشر والتوزيع، الطبعة العربية الأولى، 2006، لبنان.
عبد الفتاح أبو معال، أدب الأطفال وأساليب تربيتهم وتعليمهم وتثقيفهم، دار الشروق للنشر والتوزيع، الطبعة العربية الأولى، 2005، عمان الأردن.
زين بدران ، د ، أيمن مزاهرة ، رعاية الأمم و الطفل ، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، ط1 ، 2008 ، عمان الأردن.
الطب الكولونيالي بمدارس الفتيات المسلمات
ﺃ.لبنى العماري
باحثة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية-القنيطرة
تمهيد
شكل التعليم إلى جانب الصحة، إحدى الشعارات التي تذرعت بها فرنسا لإثبات "مشروعية" توسعها بالمغرب، عبر التلويح أمام الرأي العام بنبل مهمتها الحضارية، مختلقة في سبيل ذلك مجموعة من المفاهيم من قبيل: الإلحاق، والإدماج، والشراكة، والتمدين… بُغية غزو الإنسان واختراق قيمه. فالاستعمار لم يكن عملا عسكريا فحسب، بل كان سيطرة اقتصادية وإثنية، وغزوا فكريا استهدف فرض ثقافة المستعمِر أيضا، وهو ما يفسر إسراع سلطات الحماية إلى إحداث مصلحة خاصة بالتعليم، أوكلت مهمة تسييرها للمدير السابق لإعدادية العلوي بتونس السيد "گاستونلوث" (Gaston Loth)، وكذا مصلحة للصحة أسندت للطبيب المفتش بيشار (Béchard) بمساعدة بيشيني (Péchiné)، وذلكتبعا لقرار المقيم العام "ليوطي" المنشور في العدد الأول من الجريدة الرسمية يوم الجمعة 1 نونبر 1912م.
لذلك سنحاول من خلال هذا المقال تسليط الضوء على نظام المراقبة الصحية للمدارس المغربية زمن الحماية الفرنسية، خاصة مدارس الفتيات، باعتبارها من اللحظات القليلة التي وظفت فيهما السلطات الاستعمارية مؤسستي الصحة والتعليم العموميتين كوسيلتين متكاملتين قادرتين على تأمين وجودها بالمغرب.
- أهداف المراقبة الصحية داخل مدارس الفتيات:
لم تكن الإدارة الاستعمارية غافلة عن دور المرأة داخل المجتمع المغربي -رغم محدودية مشاركتها الاقتصادية والفكرية- فهي "جوهر الأسرة ومحورها النشيط، والتي يمكن أن تتحول بعد تعليمها إلى أداة دعائية فعالة، ووسيلة للتسرب قادرة على تعزيز النفوذ الفرنسي داخل البيوت المغربية".
هكذا راهن منظرو الحماية الفرنسية على تعليم الفتيات المغربيات (أمهات المستقبل) باعتباره هدفا استراتيجيا قادرا على ضمان ولاء أبنائهن لاحقا، بعدما سيتربون داخل بيوتهم على القيم الفرنسية أو ما يعتقدون أنه كذلك، غير أن واقع الحال أثبت خيبة آمال المحتل، إذ بقيت منشآته المدرسية الجديدة تشكو من الفراغ وضعف الإقبال، بل بلغ الأمر بالمغاربة إلى درجة إخفاء بناتهم عن إدارة الحماية، وإرشاء السلطات المحلية للتستر وغض الطرف عنهن.
وأمام ردة الفعل هذه بدأت سلطات الحماية تتحرى عن الأسباب الخفية الكامنة وراء هذا الإحجام -غير المبرر بالنسبة لها- الذي يهدد مشروعها ليس التعليمي فقط، بل جعل وجودها الاستعماري في المغرب على المحك. وبالبحث تبين أن النساء المسلمات
هن أول معارض للمشروع الفرنسي بشكل لا إرادي، إذ غالبا ما يبددن كل مساء ما قام الفرنسيون بإنجازه طوال النهار، ففي العديد من الأسر لا تستطيع الحماية التأثير على أطفالها الذكور، لأن النساء لا يرغبن في ذلك. ورغم أن الرجال لم يكونوا دائما راضين عما تقوم به هؤلاء النسوة، إلا أنهم لا يجرؤون على فعل شيء إزاء هذا السلوك.
كانت الإقامة العامة متابعة للمرأة المغربية، ساعية -حسب الظروف- إلى توظيفها لتحقيق مخططاتها الاستعمارية، أوليس الفرنسيون أصحاب مقولة "إبحث عن المرأة"؟ لذا يقول الوزاني أن "السلطة الفرنسية بعدما تدبرت الأمر من جميع أوجهه (تبين لها) أن مصلحة سياستها تقضي بمصلحة تعليم البنات المغربيات المسلمات، فالمرأة الجاهلة...عدوة كل ما تعمله فرنسا في المغرب، فهي ذات تأثير على الأسرة رجالا وفتيانا، وقد استدل الفرنسيون على هذا بأنهم عجزوا عن الوصول إلى أبناء كثير من العائلات لسبب وقوف المرأة في وجوههم، وامتناعهنعن السماح للأبناء بالدخول للمدارس الفرنسية، ولهذا اتجهوا إلى غزو البيت المغربي عن طريق المرأة بعد أن تنقاد للتطور، وتقبل على التعليم".
وفي الوقت الذي عملت فيه إدارة الحماية جاهدة على إقناع المغاربة بأهمية تعليم بناتهم، وتبديد مختلف هواجسهم لتطوير مشروعها التعليمي، كان عليها مواجهة عائق آخر حال دون تحقيق هذا التطور المنشود وهو ندرة وجود المدرسات، حيث امتنعت الكثير من الفرنسيات عن تعليم البنات المسلمات بدعوى ضعف تحصيلهن الدراسي أولا، ولغياب نظافة الأقسام ثانيا، حيث تخوفت المدرسات من انتقال عدوى الأمراض المنتشرة، خاصة
وأن العديد من الفتيات المغربيات كن لا يقبلن بالفحوص الطبية، مما ساهم في تعزيز هذه الندرة، لاسيما مع انتشار جملة من الأوبئة سريعة الانتشار مثل: السل والرمد وكذا حمى المستنقعات، ما جعل "كامبيطا" (Gambetta) يصرح خلال سنوات الحماية الأولى بأن "الأهالي" أي الإنسان المغربي، هو العدو لأنه يتسبب في تفشي حمى المستنقعات بين المعمرين.
شكل المغرب طيلة عقود الحماية الفرنسية مجالا لانتشار أمراض كانت أوربا قد قطعت في محاربتها أشواطا طويلة، ومما زاد في استفحالها استمرار أشكال التداوي التقليدية التي تربط بين الاستعانة ببعض الأعشاب المحلية والتوسل بالعزائم والتمائم التي يعتمد نجاحها على الصدف والعلاج بالإيهام أكثر من أي شيء آخر، لذلك شهدت سنوات الحماية الأولى وقوع بعض الضحايا في صفوف المدرسات الفرنسيات اللواتي سقطن "فداء الواجب الاستعماري" مثل "مدام سينيور" (Mme Signour) بالمدرسة الإسلامية للفتيات بالرباط، التي لقيت حتفها بعد صراع طويل مع مرض أصابها بمنطقة خنيفرة نتيجة تردي الأوضاع المناخية.وقد شكلت وفاة "مدامسينيور" نموذجا للمخاطر الصحية المحدقة بالطاقم التربوي الفرنسي بالمغرب، وهو ما نستشفه من كلمة أحد المسؤولين الفرنسيين في حفل تأبينها إذ قال: "أنتم جزء من كتيبة باسلة، كرستم حياتكم إيمانا بالتفاهم المتبادل بين فرنسا ومحمييها المسلمين، تستكملون المهمة الحضارية متجاهلين صحتكم المتداعية...لا سلاح لديكم سوى شبابكم، ونشاطكم، وضمائركم المعذبة والمثالية التي تسعى بلا كلل أو ملل للوصول إلى هدفها.
إن الفقدان المفاجئ مسألة مؤلمة، ونحن نشعر بالقلق من قسوة المصير الذي يتربص بشبابنا في مقتبل العمر".
كانت حماية الطفل في الأقسام المدرسية من الأمور ذات الاستعجال البالغ، لما يشكله تجمع الأطفال في القسم أو الساحة أو الداخلية أو المطعم من تسهيل لسريان العدوى، وهو أكثر ما كان يرعب المشرفين على المشروع التعليمي بالمغرب، ويهدد بوقف قدوم المزيد من المعمرين.
- تنظيم التفتيش الصحي المدرسي وآلياته
لم تكن الإدارة الاستعمارية غافلة عن المخاطر الصحية المحدقة بمدارس الأهالي، فسارعت منذ أوائل سنة 1913م إلى تنظيم حملات للتفتيش الصحي بالمؤسسات التعليمية المخصصة لهم، حيث أقدم الدكتور "جوردران" (Jourdran) –وهو طبيب رئيسي للقوات الاستعمارية- على جمع المعطيات الخاصة بمصالح المراقبة الصحية بمدارس المستعمرات الإفريقية وطرق تنظيمها، لاختيار النموذج المناسب الواجب تطبيقه بالمغرب استجابة لأوامر شخصية من الجنرال ليوطي، وهو إجراء مبكر أدهش المتروبوليين أنفسهم، يقول عنه الطبيب "دوفيستيل" (Dufestel): "أعلمني رفيقي "جوردران" وهو شخص مطلع بالمسائل الإفريقية أنه بحاجة إلى معطيات عن نُظم المراقبة الصحية بمدارس إفريقيا الغربية لأنه ينتوي الذهاب إلى المغرب رفقة الجنرال ليوطي لتنظيم تفتيش طبي للمدارس هناك. أعترف بأنني لم استطع إخفاء مفاجئتي، فكيف لكم أن تفكروا في تنظيم تفتيش مدرسي بهذا البلد الذي بالكاد تتم تهدئته، ولا يزال منغلقا على الحضارة؟
كنت متشككا، لكن بعد لحظات من المحادثة مع الدكتور "جوردران" تبددت نظرتي السطحية بسرعة، وببضع كلمات أوضح زميلي أن الجنرال ليوطي مثل باقي المستعمرين الأفارقة يعتبر الطبيب هو العميل الأكثر فعالية لتسهيل التغلغل".
تنفيذا لهذه الرغبة أصدر المقيم العام سنة 1913م باتفاق مع "جوردران"، ومدير مصلحة الصحة العمومية، ومدير مصلحة التعليم، قرارا يقضي بضرورة إنشاء مصلحة للمساعدات الطبية خاصة بالأهالي تتكلف بالتفتيش الصحي للمدارس المغربية، من أجل التصدي لبعض الأمراض المنتشرة مثل القرع والجرب، مع الأخذ بعين الاعتبار إعداد برنامج مستقبلي يرمي إلى الوقاية من الأمراض التي تعصف بالمغرب مثل الجذري وحمى المستنقعات وما إلى ذلك.
وهكذا تكونت مفتشية خاصة بالمدارس تضم طبيبا عاما كُلف بإعداد جدولة زمنية للزيارات المزمع تنفيذها من طرف الأطباء المفتشين، وكذا التنسيق بينهم، وإبلاغ مدير التعليم أو مستشاره التقني في حالة وجود أمراض معدية وبائية، إلى جانب إرسال التقارير الطبية، وزيارة المدارس عدة مرات في السنة رفقة مدير التعليم العمومي.
أما الأطباء المفتشون الجهويون، فقد كلفوا بزيارة أسبوعية واحدة -على الأقل- لإحدى المدارس، مع تحديد ساعات الزيارة بتنسيق مع المدرسين، ثم إرسال تقارير إلى "القسم الصحي" التابع لمديرية التعليم العمومي في الحالات العاجلة، وأحيانا عبر التلغراف في حالة اكتشاف عدوى وبائية في صفوف التلاميذ، هذا إضافة إلى تقديم تقارير مفصلة للمصلحة المختصة في نهاية كل شهر.
استمر العمل بهذا النظام مدة سبع سنوات -تقريبا- قبل أن يعقد مدير مصلحة الصحة العمومية اتفاقا جديدا مع مديرية التعليم العمومي يوم الأربعاء 29 شتنبر 1920م شكل مرحلة جديدة من تنظيم التفتيش الصحي المدرسي بعدما أقر مبدأ التعويض عن الزيارات، حيث حصل الأطباء الجهويون على تعويض جزافي قدره 100 فرنك شهريا مقابل زيارات منتظمة لا تقل عن مرة واحدة في الشهر لجميع المدارس التابعة لمقاطعتهم، وأحيانا ثلاث زيارات في الحالات الاستثنائية بطلب شخصي من مفتش المنطقة. وقد سمح هذا النظام الجديد بتحقيق معدل زيارات أكبر لمدارس الفتيات، تجاوزت مجال منطقة الحماية الفرنسية إلى مدينة طنجة التي لم يكن قد حدد إطارها القانوني بعد، ففي 4 نونبر سنة 1925م نظمت سلطات التفتيش المدرسي زيارة لمدرسة الفتيات بالمدينة، تبعتها زيارة أخرى للمدرسة الحرفية في 1 دجنبر من نفس السنة.
غير أن سنة 1937م شهدت تأسيس تنظيم جديد تابع للمعهد الصحي حمل اسم "مصلحة الصحة المدرسية"، باتفاق بين إدارتي الصحة العمومية والتعليم العمومي، وعنيت هذه المصلحة بتفقد الحالة البدنيةللتلاميذ الأوربيين، والمغاربة من مسلمين ويهود في كل أسلاك التعليم، وهو إجراء تزامن مع التغيرات السياسية التي شهدتها فرنسا وأوربا جمعاء، بعدما تزايد خطر النازية وانطلقت الدول في الاستعداد للحرب العالمية الثانية، فاضطرت البلدان المستعمِرة إلى الاهتمام أكثر بمستعمراتها، هذا في وقت وصل
فيه المد الاشتراكي إلى فرنسا مجسدا في حكومة "ليون بلوم" (Léon Blum)، التي أولت -نظرا لتطلعاتها السياسية وأبعادها الاجتماعية- أهمية أكبر للمرافق الاجتماعية، ومن ضمنها الصحة، مما انعكس إيجابا على المستعمرات، كما شكلت سنة 1937م فترة اشتداد وطأة وباء التيفوس الذي شع بالمغرب بين دجنبر 1937م وأواخر غشت 1938م أشد ما سبق به العهد من طوارق هذا الداء، فتخوف المعمرون من انتقال هذه العدوى، وازداد احتياطهم من الاحتكاك بالمغاربة، كما أن "مديري المدارس أشاروا على التلاميذ الأوربيين بأن يبتعدوا من أولاد المسلمين لأن فيهم مكروب التيفوس"، خاصة بعدما تم سنة 1938م اكتشاف إصابة عدة تلاميذ في مدينة الدار البيضاء وحدها، منها: حالة بمدرسة البنات في المدينة الجديدة، وحالة بمدرسة البنات في ساحة بلجيكا، وحالتان في مدرسة أبناء الأعيان، وتسع في المدرسة الأوربية الخاصة المسماة "الضيعة البيضاء" (La ferme blanche)، إضافة إلى الاشتباه في عشرات الحالات الأخرى.
- دور الممرضات
لم يكن الأطباء وحدهم المكلفون بزيارة المدارس، بل الممرضات أيضا، خاصة مدارس الفتيات، وهنا كان للمرأة الفرنسية بالمغرب دور كبير ودقيق جدا، فهي وحدها من تستطيع التغلغل داخل مدرسة البنات واختراق العائلة دون أن تكون محل شبهة أو تحفظ كبيرين، وعن ذلك يقول الكاتب "ألفريد دو گوبارت"(De Gobart) : "في الوقت الراهن الذي لا تزال فيه العادات المحافظة هي المسيطرة من المستحيل على الطبيب
الرجل أن يتجاوز عتبة باب الغرف الخاصة بالنساء، وفقط الممرضة أو الطبيبة من يمكنها أن تجعل أساليبنا الصحية تنتشر من خلال التأثير الشخصي للنساء الفرنسيات على النساء المسلمات".
كان مُنظرو الحماية الفرنسية على يقين بدور الممرضة والطبيبة في اختراق أكثر الفئات الاجتماعية انغلاقا حتى وإن تعلق الأمر بالفتيات المسلمات، وهو ما يفسر إصرار زوجة المقيم العام "لوسيان سانت" (Lucien Saint) على ضرورة وجود ممرضات زائرات تعشن وتعملن بالمغرب.
اختيرت هذه الممرضات عادة من بين العسكريات اللواتي تم إعفاؤهن من الخدمة، أو من الممرضات اللواتي قضين سنتين على الأقل في وظيفة التمريض بأحد المستشفيات الخصوصية أو العمومية، لكن ذلك لم يمنع من استمرار الخصاص في صفوف الممرضات الزائرات، خاصة مع استمرار استقالة بعضهن أو طلبهن لإجازة طويلة الأمد، فتم تعويضهن ببعض المقيمات بالمغرب، كما تم استقدام أخريات من فرنسا، الشيء الذي مكن من إحياء نشاط بعض المراكز الصحية، كمركز تازة الذي ظل فارغا إلى حدود سنة 1941م، وأحدث مركز جديد بأگادير ضم 36 ممرضة زائرة انطلق في الخدمة ابتداء من دجنبر 1942م.
اقتضى عمل الممرضات الزائرات الاهتمام بالرعاية الصحية للمدرسة بشكل عام والتلاميذ بشكل خاص، وذلك من خلال التعاون الوثيق مع المديرات والمدراء والمدرسات والمدرسين، بإشراف الطبيب المدرسي، الشيء الذي مكن من إنشاء ملفات صحية فردية شكلت جميعها السجل الصحي للمدرسة.
وبقدر ما كانت هذه المهمة سهلة وروتينية داخل المدارس الأوربية، فقد اكتنفها الكثير من الصعوبة والحساسية بالمدارس الفرنسية-الإسلامية، خاصة مدارس الفتيات، إذ لم تتوقف مهمة الممرضة عند تفقد التلميذة بمدرستها بل تمتد إلى داخل الأسرة، فهي من تقود الطفلة إلى المستوصف وتزورها عند العائلة أيضا، ومن الفتاة يمتد التأثير إلى النساء اللواتي غالبا ما تكن مريضات.
ساهم تفهم الممرضات لطبيعة المجتمع المغربي وخصوصياته الثقافية في كسب ثقة التلميذات وتبديد مخاوفهن رغم اختلاف العرق واللغة والدين، وهو ما عبرت عنه إحدى الفتيات بطريقة تلقائية حينما صرحت لإحدى الممرضات الزائرات قائلة: "أنت نصرانية لأنك ترتدين قبعة لكن قلبك مسلم لأنك تحبيننا"،وهوما يجسد اعترافا بمجهودات هؤلاءالممرضات وتفانيهن في نشاطهن المهني.
- الأنشطة
اقتضى نظام المراقبة الصحية لمدارس الفتيات منذ نهاية الثلاثينات على وجود طبيب مفتش مكلف بزيارة كل المدارس بانتظام مرة في الأسبوع، بينما تقوم ممرضتان بزيارة تلك المؤسسات مرتين في الأسبوع، تكون إحداهما يوم زيارة الطبيب المفتش، حيث تتفقد كل ممرضة عددا من الأقسام الموكولة إليها.
تستغرق هذه الزيارة عشر دقائق تقريبا في كل قسم، تطلع خلالها الممرضة على الأحوال الصحية للتلميذات بمشاورتها مع الأستاذة، وتعاين التلميذات اللواتي هن في حاجة إلى فحوصات طبية أو إلى علاجات، وتسجل أسماءهن في دفتر، ثم تقتادهن إلى قاعة التمريض لتلقي الفحوصات، قبل أخذ العلاجات الضرورية. غير أن دور الممرضة لم يكن مقتصرا على العلاج الطبي فقط، بل تعداه إلى مراقبة النمو والنظافة وغير ذلك من أشكال الفحص الروتيني، حيث اهتمت الممرضات بتطعيم التلميذات ضد بعض الأمراض، وقياس طولهن وأوزانهن، مثلما حدث بمدرسة الفتيات المسلمات بوجدة مطلع الثلاثينات كما هو ممثل في الصورة أسفله.
استمر هذا النظام طيلة فترة الحماية مع بعض التعديلات البسيطة، ففي أواسط الأربعينات أصبحت الممرضة الزائرة تعمل على مراقبة الحالة الصحية للتلميذات المسلمات اللواتي سبق وأن رآهن الطبيب الفاحص -في كل دورة- بشكل أسبوعي هذه المرة، حيث يتم اقتياد بعضهن إلى المصحة إذا استوجب الأمر ذلك.
ورغم التزام جميع المدارس الفرنسية-الإسلامية للفتيات بالمراقبة الصحية لتلميذاتها، فإنها لم تلتزم بجدول زمني موحد، إذ تغير موعد الزيارة من مدرسة لأخرى، بل وداخل نفس المدرسة، ففي مدرسة الفتيات بمراكش مثلا ظلت الخدمات الطبية تقدم في ظهيرة كل أسبوع دون تحديد يوم زيارة الممرضة الذي ظل موعدا سريا يتم تغييره كل أسبوع تجنبا لغياب التلميذات، إذ أن فحوصات الممرضات لم تكن أمرا مقبولا بعد بشكل طوعي من طرف تلميذات تعودن على ستر وجوههن، فما بالك بكشف أكثر من ذلك أمام أجنبي مهما كانت صفته.
من جهة أخرى حرصت مصلحة الصحة المدرسية على جعل مدارس الحماية المفتوحة مراكز مهمة للتفلية والتلقيح عندما يلم بالبلاد طائف من الوباء، غير أنه كان من الصعوبة بمكان على القائمين بالصحة المدرسية -التي كان يرأسها الطبيب "ماتيو" (Mathieu) منذ سنة 1937م-أن تعم رعايتهم كل الأطفال، فالأسبقية في الاهتمام والعناية كانت من نصيب الأطفال الأوربيين، فيما لم تكن عملية الصحة المدرسية تمس من أطفال المغاربة إلا عددا قليلا ممن يدرسون في مدارس أوربية، أو في مدارس قريبة من أحياء أوربية بالمدن، لاسيما وأن مصلحة الصحة لم تكن تتوفر سوى على القليل من وسائل العمل، كما اعترف بذلك أحد التقارير حول نشاطها، خاصة خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، منها ما تعلق بندرة وسائل النقل، وآخر مرتبط بقلة المستخدمين، لكنها حاولت الاحتفاظ بنشاطها على الرغم مما ظل يشوبه من نقص وميز بين التلاميذ الأوربيين والتلاميذ المغاربة، كما هو موضح في الجدول التالي الذي يبين نشاط مصلحة الصحة المدرسية بأربع عشرة مدينة مغربية خلال سنة 1942م.
عدد الأقسام |
عدد التلاميذ |
عدد الزيارات |
تدخلات طبية صغيرة (ضمادات،قطرات عين..) |
تلقيحات |
|||
إناث |
ذكور |
في المدرسة |
في البيت |
||||
الأوربيون |
617 |
13.134 |
12.492 |
7.512 |
1.477 |
52.616 |
4.387 |
المسلمون |
422 |
5.420 |
11.225 |
3.500 |
471 |
222.328 |
6.073 |
اليهود |
286 |
7.154 |
6.982 |
1.675 |
117 |
149.360 |
6.716 |
المجموع |
1.325 |
56.407 |
12.667 |
2.065 |
424.304 |
17.176 |
تعكس الأرقام الواردة في الجدول مدى تباين نشاط مصلحة الصحة المدرسية بين مدارس الأهالي ومدارس الأوربيين، ففي الوقت الذي تمت فيه زيارة 8.989 أوربية وأوربي في المدرسة أو في البيت، فإنه لم يتم تفقد سوى 3.971 تلميذة وتلميذ مغربي مسلم، مقابل 1.792 فقط من أصول يهودية، رغم أن التلاميذ المغاربة كانوا أكثر احتياجا لتلك الخدمات لسوء حالتهم الصحية، وهو ما تبينه أرقام التدخلات الطبية في الجدول أعلاه.
راهنت مديرية التعليم العمومي على الخدمات الطبية المقدمة للتلميذات والتلاميذ المغاربة داخل مؤسساتهم التعليمية لتكون خير معين على الحد من تفشي الأوبئة الفتاكة التي كانت لا تزال تنهش جسدهم وتعرقل كل رغبات المستعمِر، مهما كلف الثمن. وفي هذا الإطار تورد جريدة "السعادة": "تكبدت المدرسة في محاربة الأمراض المعدية ضحايا في
سبيل الواجب، حيث كان هناك العديد من الفرنسيات اللواتي لقين حتفهن وهن عاملات في مناصبهن كخادمات وفيات لصالح بلادهن".
كانت جريدة "السعادة" محقة في قولها من أن عددا من الفرنسيات رحن ضحية الواجب، لكن أي واجب؟ هل هو واجب الإنسانية الذي يناقض مبدأ الاستعمار والاستغلال؟ أم واجب خدمة المتروبول الذي يجب أن يعيش ويكبر مهما كلف الثمن؟
مهما يكن من أمر، فقد قضى بعض الأطباء والممرضين نحبهم وهم يحاولون تطويق الأمراض والأوبئة التي كانت لا تزال تفتك بالمغاربة وأبنائهم، وهي إجراءات عززت ثقة الآباء في مؤسسات فرنسا التعليمية، إن لم يكن على مستوى البرامج فعلى مستوى الأمن الصحي والخدمات المجانية التي تجاوزت التفتيش المدرسي إلى مرافقة التلاميذ في المخيمات الصيفية، ففي صيف 1942م وضعت ثمان ممرضات تحت تصرف مديرية التعليم العمومي لضمان الإشراف الصحي على المخيمات الصيفية بمازاگان، وعين السبع، وسلا، وإفران، وثمان عشرة منهن بمخيمات الشبيبة والرياضة.
عنيت مصلحة الصحة المدرسية بتنظيم التفتيش الصحي في المدارس وتحسين عمل المشرفين عليها من أطباء وممرضات، إلى جانب توفير الأدوية للقضاء على الأمراض التي كانت تجتاح التلاميذ، أو للوقاية منها إذا أمكن، وهو ما ساندته مجموعة من الظهائر، كان آخرهافي 15 يونيو من سنة 1954م، هدف إلى إطلاق "حملة للتلقيح ضد داء الدفتيريا للتلاميذ ذكورا وإناثا من الأطفال البالغين أقل من 14سنة، سواء بالمؤسسات العمومية أو الخاصة"، ويفرض عقوبات جنائية على كل من امتنع عن تسليم أطفاله. بجانب ذلك حرصت المدارس العمومية للفتيات المسلمات على إدراج مواد تُعنى بتعليم
التلميذات شروط الوقاية والنظافة بل وحتى طرق تربية الأطفال، وكيفية انتقال الأمراض المعدية والحد من انتشارها، فكانت الفتيات المتخرجات أولى الحريصات على صحة أبنائهن وعائلاتهن وبنات أحيائهن أيضا.
خاتمة
استطاعت مصلحة الصحة المدرسية -بأطرها الطبية والإدارية- تقديم خدمات علاجية ووقائية للتلاميذ والتلميذات المغربيات، رغبة في الحد مما يفتك بهن من أمراض، ويعرقل سير تحصيلهن، ويدفع مدرساتهن الفرنسيات إلى التردد والإحجام عن القدوم إلى بلد لا يخلو تاريخه من فترات عمها الوباء وعاث فيه فسادا، لكن ذلك لا ينفي عن هذه المصلحة دورها السياسي في تعزيز الوجود الاستعماري وتهيئ ما يضمن له سبل الاستمرار، من خلال اختراق الأسرة المغربية في شخص فتاتها وربة بيتها المستقبلية، اعتمادا على سلطة العلم والمعرفة القادرين على إبهار من ظلوا عقودا طويلة مكبلين بقيود التقليد والخرافة، وعن ذلك يقول "ألفريد دو گوبارت": "تأثير الطبيب في مدارس الأهالي هائل، إذ هناك العديد من الأطفال الذين يعانون من الصلع والجرب وأمراض طفيلية من جميع الأنواع التي يسهل علاجها. والتلميذ الشاب يقف مشدوها جراء النتائج المبهرة التي يتم الحصول عليها، فالحقائق التي يرونها والمعالجون الذين يرونهم تقدم لهم انطباعات دائمة تظهر لهم تفوق الطبيب الفرنسي وحضارته".
المصادر والمراجع:
اليزيدي محمد، التعليم بالمغرب على عهد الحماية، مدينة فاس نموذجا: 1912-1956، أطروحة لنيل الدكتوراه في التاريخ، إشراف محمد البكراوي، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ظهر المهراز-فاس، السنة الجامعية 2002-2003.
أوري لحسن،التعليم بمدينة صفرو على عهد الحماية 1912-1956، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ المعاصر، إشراف الدكتور حسن الشافعي العلوي، ظهر المهراز-فاس، 2003-2004.
الوزاني محمد حسن، مذكرات حياة وجهاد، التاريخ السياسي للحركة الوطنية التحررية المغربية : طور المخاض والنشوء، مؤسسة محمد حسن الوزاني، فاس، الجزء الأول، 1982.
العلمي الخمار، الخطاب حول التعليم وإستراتيجيات السلطة، استراتجيات ورهانات تعليم الفتاة، منشورات اتحاد كتاب المغرب، الطبعة الأولى، 2004.
رويان بوجمعة، الطب الكولونيالي الفرنسي بالمغرب 1912-1945، مطابع الرباط نت، 2013.
بنعدادة آسية، السياسة الاستعمارية الطبية في النظام التعليمي المغربي، ضمن المعرفة الطبية وتاريخ الأمراض في المغارب، تنسيق آسية بنعدادة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، 2011.
جريدة السعادة، العدد 6232، السنة 41، الخميس 28 شتنبر 1944.
الجريدة الرسمية، العدد 2176، السنة 43، 09 يوليوز 1954.
Rivet Daniel, Lyautey et l’institution du protectorat français au Maroc 1912-1925, L’Harmattan, 1988, Tomme II.
Bulletin officiel, N°1, 1er année, 1er Novembre 1912.
Colombani (J),La femme dans l’œuvre d’assistance française au Maroc, in Bulletin union des femmes de France, n° 4, 14e année, Avril 1933.
Marty Paul, Le Maroc de demain, publication du comité d’Afrique française, Paris, 1925.
Bulletin de l'enseignement public au Maroc, N°138, 22éme année, Mars 1935, Edition Larousse, Paris.
Dufestel (L), L’hygiène scolaire au Maroc, in Revue internationale d’hygiène et de thérapeutique oculaires, 7e année, Juillet 1913.
Vermeil (A), l’inspection médicale des écoles au Maroc, circonscription de Casablanca, in Bulletin de l'enseignement public au Maroc, N°73, 13e année, Mars 1926.
Perrier (A), L’inspection médicale des écoles au Maroc, circonscription de Tanger, in Bulletin de l'enseignement public au Maroc, N°73, 13e année, Mars 1926.
De Gobart (A), La femme au Maroc a une belle tâche à accomplir, in L’intransigeant, N° 18647, 51e année, Dimanche 9 Novembre 1930.
Piétri (L), Rapport sur l’activité du service central de L’hygiène scolaire en 1942, in Bulletin de l’institut d’hygiène du Maroc, tome II, 1942.
Le Maroc en 1932: vingtans de Protectorat français au Maroc, Imprimerie Fontana, 1932.
Les écoles franco-musulmanes de fillettes au Maroc, in Bulletin d'information du Maroc, N°6, N° 6, Juillet 1946.
Knibiehler Yvonne, Instruction des filles au Maroc pendant le protectorat (1912-1956), in Sextant, Revue du groupe interdisciplinaire d’études sur les femmes, vol N° 1, Bruxelles, 1993.
الترجمة الأدبية، القصة القصيرة، سبيل للتواصل الاجتماعي
ﺃ. منيــرة حميدش
باحثة - معهد الترجمة- جامعة الجزائر 2
ملخص:
نحاول من خلال هذه الدراسة، لما نتحدث عن الترجمة كعلم وفن يقوم على أساس عملية النقل المعرفي بمختلف مجالاته، من لغة وبيئة وحضارة معينة الى أخرى. لتمكين الشعوب من الاحتكاك بعضها ببعض. كما هو شـأن وسائل الاعلامالتي تنقل وتنشر الاخبار فتساهم هي الأخرى في التواصل الاجتماعي، ابراز الدور الجوهري للترجمة.لذلك عمدنا في هذا البحث تناول العملية الترجمية، فانتقينا كمثال عنها النص الادبي، منه القصة القصيرة. والهدف من هذه الورقة هو التوضيح ان القصة القصيرة ليست وقائع واحداث تسرد وفقط، بل تحمل في طياتها رسائل يمررها الكاتب للقارئ عبرها، فيسقط فيها كل ذاتيته. لذا سنقوم بعد التعريف بعملية وموضوع النقل المعرفي وأهدافه في التواصل الاجتماعي، بالتطرق أيضا الى ما يعيق تأدية هذه الأمانة بأمانة.
الكلمات الدالة: النص الادبي، القصة القصيرة،الترجمة الأدبية والتواصل، الأمانة في الترجمة.
ABSTRACT:
The present study attempts, when we talk about translationas a science and an art that is based on cognitive transfer, in different fields, from a language, environment to another. So facilitate the contact of people. As well as what is doing bythe
mass media, which imparts and transmits informations. Thus, redounding the social communication.
To feature the effective role of translation, hence we will deal with translation’s process, literary text, short story as an example. That is why, the target of this study is explaining that short story is not just narrating actions, but it holds messages sent by the author to the lector. Who will project in it, all his subjectivity. Then, will deal,after clarifying translation’s process and his aims, with all what can prevents transferring this message with fidelity.
KEYWORDS:Literary text, short story, literary translation and communication, fidelity in Translation.
توطئة:
إن الترجمة ليست فقط كل عمل وعملية تتلخص في نقل المعلومات، والمعارف، والتجارب وغيرها من الأمور الخاصة بأمة وشعب، في لغة محددة إلى لغة مغايرة. إنما هي علم يشكل نقطة إيصال وتواصل بين الأشخاص وإن تعدد وتباينت ثقافاتهم ولغاتهم.فالترجمة تصبو لمساعدة المتلقي للتعرف على غيره في كل أمر يجهله عنه. وبالتالي تُوسِّعُ دائرة معارفه فيصبح كل أمر مكنون قد كُشِف الستارعنه.
لقد ساعدت حركات الترجمة إلى الى جانب وسائل الاعلام الى حد مهم في تيسير العمل بما وصل إليه العلم اليوم. فالأولى تقوم بالنقل المعرفي بين اللغات، اما الثانية فتشر الاخبار والمستجدات سواء مكتوبة او مرئية او مسموعة مرئية. بالتالي انتشرت ظاهرة التثقف والانفتاح على العالم الخارجي. إذن هدف الترجمة هو نفس هدف وسائل الاعلام الا وهو إزاحة كل ما من شأنه إبعاد الأفراد والشعوب عن بعضهم البعض لصعوبة التواصل التي تكمن في اختلاف اللغة والثقافة.
ومن هذا المنطلق يكثر الحديث والجدل أيضا حول موضوع الاثار المترجمة الى اللغة العربية بالخصوص الأدبية منها، لذا فضلنا تناول ترجمة القصة القصيرة كمثال بسيط نوضح من خلاله دور المترجم في ذلك كما سنسلط الضوء على الأهمية العلمية والتواصلية للترجمة من جهة، وكذا نشير ونحلل على ضوء اراء منظري المجال واللسانيين العقبات التي تعيق سير العملية بنجاح وامانة. لذا تتمحور الإشكالية الرئيسة للبحث كما يلي:
إشكالية البحث الاساسية:
ما أهمية ودور ترجمة النصوص القصصية في الاتصال والتواصل؟
كما ندرج تساؤلات فرعية أخرى نحو:
- ما مدى تأثير الاثار القصصية المترجمة على ثقافة المتلقي؟
- وما هي جملة العوامل التي تعيق عملية النقل المعرفي للرسالة المصدر LS الى الهدف LC؟
ولنتمكن من الإجابة عن هذه التساؤلات نصيغ الفرضيات الاتية:
- يكون للنص القصصي وقع بالغ على نفسية متلقي الرسالة، لما قد يحويه من أفكار ورؤى جديدة.
- قد لا يجد المتلقي لذة في قراءة وتناول الأثار المترجمة باللهفة ذاتها التي تشهدها الاثار الاصلية.
- يمكن للمرسل من التحكم في سلوكيات وتفكير متلقي رسالته، لما يقحمه في جوها ويستوجب له مكان بين شخصياتها.
وبناء عليه نهدف من خلال هذه الدراسة الى:
- توضيح ماهية النص القصصي، بالخصوص كل ما يتعلق بشأن القصة القصيرة كمثال عنه.
- التعريف بالعملية الترجمية للآثار الأدبية واستراتيجيتها.
- توضيح العوائق التي تسد او تحول دون بلوغ المترجم لغايته، في ضمان النقل الأمين للرسالة الى مستقبلها. ويكون كل ذلك ضمن إطار أكاديمي بحث، يبنى على أساس اراء المنظرين في ميدان اللغة والترجمة والتواصل.
- كما سيكون لنا كباحثين نصيبا في التحليل والوصول الى مقترحات بخصوص موضوع ترجمة الفن القصصي، بغية تسهيل عملية النقل المعرفي له بصورة موثوقة. وبالتالي المحافظة التامة على مضمون الرسالة من أي شبهة او غموض يلحقه.
وعليه تتحقق الغاية من هذا النقل، وتصبح نتيجة حتمية تكمن تمكين هؤلاء الأفراد من الاحتكاك، والتواصل وبالتالي تتكاثف وتتضافر جهودهم للتطلع لغد أفضل. الأمر الذي يحرك بداخلهم روح البحث والدراسة.ومنه سيتمخض عن هذا الاتصال القائم بينهم نور جديد يسود سماء هاته الأمم. والذي تسهم الترجمة والاعلام في انبعاثه بشكل كبير.
منهجية الدراسة:
ولان هذه الدراسة تتناول موضوع دور ترجمة الادب في التواصل الاجتماعي، ستكون المنهجية المبتغاة في ذلك هي الوصف والتحليل للعملية الترجمية واستراتيجيتها، ثم ابراز العقبات التي تعيق سيرها الحسن ومن ثمة اقتراح الحلول لذلك، مع مراعاة لغة وثقافة وبيئة المتلقي.
وحتى تكون النقاط المتناولة في هذه الدراسة متسلسلة ومترابطة، سنستهلها بتقديم تعريفات للمفاهيم الرئيسة، ثم نمر الى الشرح والتحليل لمضمونها.
I- شرح المفاهيم:
يرى علماء النفس ويشاطرهم في ذلك الادبيين، وجوب استهلال الدراسات العلمية بتقديم شرح او تعريف بمختلف المصطلحات والنقاط الجوهرية، التي سيبنى عليها البحث.
ذلك حتى نفهم الموضوع المعالج من جهة ونحصر البحث حول الجوانب التي سيسلط عليها الضوء لاحقا. كما ان الطبيعة البشرية بحاجة الى التعرف عن كثب عن ماهية المشكلة المعالجة، حتى تتمكن من طرح التساؤلات حولها ثم إيجاد او اقتراح ما يناسبها من حلول. ضف الى ذلك ان عقل الانسان يستلزم لتنظيم المعلومات والربط بينها، تعريفها وتوضيحها أولا وبدقة، بإبعاد جميع الشبهات او التردد، حتى يمكننا من تذكرها وقتما دعت الحاجة الى ذلك. ومنه سيقوم بتوسيعها لتشمل أفكار اخرى ذات صلة والموضوع الذي سيتم تناوله لاحقا وفي مقامات اخرى.
أولا- ماهية النـص الأدبي والتواصل الاجتماعي:
إن النص الأدبي هو ذلك السرد الناجم عن وحي من الخيال الواسع او نتيجة تجارب في الحياة او واقعي، مسقط في كتابات اقل ما توصف به هو جمال الأسلوب وبلاغة اللغة ورقه الفن، للوقائع والاحداث. فهذا النوع من الكتابات يشمل سلسلة من الخصائص والميزات التي تجعله يتعارض مع باقي النصوص على اختلاف أنواعها. فنجذ الكتابة الأدبية تتراوح بين السرد القصصي والتحرير الصحفي والتأليف الروائي والإبداع الشعري وإعادة خط الأساطير وما إلى ذلك.
يقول الدكتور عزت علي أن الأدب لا يستخدم اللغة بهدف الاتصال وكفى، بل يعتبرها وسيلة فنية. ذلك ان اللغة الادبية هي نتاج صياغة دقيقة متأنية قمة في بعث المشاعر وتحريك الأحاسيس. فتكون مثل الدمية بين يدي الأديب البارع، الذي سَيُخرِج بفضلها نصا يصور فيه عالما جديدا، يبسطه للمتلقي ليعيش مغامراته فيه. منتهِجا في سبيل هذا التصوير أسلوبا فريدا ولغة بليغة فصيحة، قد يصعب فهمها على من أَلِفَ التعامل مع النصوص العلمية البعيدة عن أي تنميق، وإسقاطات شخصية في الكتابة.
أو على من يهتم بالتدوين التاريخي، الذي يتقاسم وسابقه صفة روح الموضوعية والجدية.
نفهم اذن ان اللغة هي أسمى وسيلة للتعبير والتواصل والتفاهم من بين جميع وسائل الحوار والإعراب عما يخالجنا. يقول رولان بارتRoland Barthesفي هذا الصدد أن اللغة تشمل كل إبداع أدبي يتسم بالأسلوب الراقي، يرسم الكاتب من خلالها موطنا غير الذي عليه في الواقع.
"La langue ne se réduit pas à un lieu de communication entre interlocuteurs, c’est une médiation dynamique entre les pôles de la connaissance."
بمعنى لا تقتصر اللغة على مكان معين للتواصل بين المتحدثين، بل هي وسيطة حيوية تجمع بين اقطاب المعرفة.
اذ ان الأسلوب الأدبي هو جملة مكتسبات لغوية وحدق فكري وملكة تحريرية، تصور مهارة الكاتب او الاديب من عدمها. ففي هذا الشأن يرى الدكتور محمد الديداوي أنه إذ اجتمعت صفة تنويع الجمل والتراكيب، أي التمكن من اللغة وإتباع طريقة التأخير والتقديم في سرد الأحداث، بمعنى البراعة في الربط بين الأفكار، سواء أكان ذلكباستعمال حروف جر أو غيرها.
يكون المؤلف أو الأديب قد احترم معايير الكتابة الأدبية في مؤلفه، ونال بذلك جملة من القراء.
نعلل هذه الفكرة كون الأسلوب الأدبي يرحل إلى ما وراء الكلمات، فيكسبها معنا غير التي كانت تحمله. حيث يظهر الاديب قرائحه الفنية في التنميق ويتصرف في خلق تراكيب لغوية باهرة. فتزداد بذلك شدة التأثير في نفس المتلقي، كما تتباين من أديب لآخر على اختلاف أساليبهم.
اذن الاسلوب:" يخاطب العاطفة...تميل اللغة فيه إلى التصوير الخيالي بغية التأثير، وتفخيم العبارة في إطار دافئ... يثري الوجدان ويبعث في النفوس النشاط والحركة".
ولان الاثار الأدبية تترك انطباعا معينا في جنان وتفكير القارئ، لن يتوقف الامر عند هذا الحد وفقط، بل سيظهر دور الاعلام جليا في الترويج والتعريف الواسع بهذه الاثار، التي انتشر الحديث حولها بين المتلقين.
لذلك نجد قاعات السنيما والحصص والبرامج التلفزيونية تتبناها وتعرضها على شاشاتها. ومنه يذيع صيت المؤلِف والمؤَلف. فيكون بذلك الاعلام قد أدى دوره في توصيل المعلومة ببثها حية بعيدا عن الكتابة الجامدة. بالتالي تسفر هذه الأدوار بل وتساعد بفاعلية عالية في اتصال الافراد بين بعضهم.
ويكون ذلك بالحديث عن هذا الموضوع او ذاك من زوايا عدة. سواء تقديم نصيحة او حث عن قراءة المؤَلف، او حتى التذكير بذلك الموعد الحي لبثه سواء على شاشة التليفزيون او قاعة السنيما او على مواقع الانترنيت.وعليه يتطور ويزدهر الأدب بفعل الترجمة والاعلام. وما يقومان به من دور جليل في تقريب المسافات بين الشعوب، وتفعيل سبل الحوار والتواصل، وتوسيع دوائر الفكر والمعارف بمزج الثقافات المختلفة.
"La littérature est, l’épreuve de la traduction, la traduction est un prolongement inévitable de la littérature."
ثانيا- الفــــن القصصي وخــــصائصـه:
يعتبر الفن القصصي جزءمن الأدب، يتطرق إلى مواضيع مختلفة ويتناول مشاكل بالتحليل واقتراح البدائل لحلها. إلى جانب تقديم العبر الأخلاقية. من تصرف الشخصيات القصصية والمعارف المتنوعة. التي تسهم بشكل أو بآخر في تطوير لغة القارئ وتفتيح فكره على العالم الخارجي وصقل مواهبه. يقول روبرت شولزShoalsRobert:"القص، قبل كل شيء، نوع من السلوك البشري. وهو، بخاصة، سلوك محاكاتي أو تمثيلي توصِل من خلاله الكائنات البشرية ضُروبًا معينة من الرسائل".
فهو ذلك السرد والوصف المدون الأكثر تداولا وقراءة بين الأشخاص. يقوم على تحويل مظاهر وصور بسيطة إلى قصص ذات مضمون، تحمل مغزى لمتلقيها.
يعتبر مصطلح السرد أو كما يطلق عليه بالإنجليزيةNarration، ذلك الخطاب الذي يتناول بالوصف والتحليل وضم التعليقات، مع الإلمام بجل جوانب الحدث المراد تقديمه للمتلقي.
ويكون السرد في مجال الأدب، لما يظهر في تأليف النوادر والقصص الخرافية دون إهمال الواقعية والقصيرة منها والطويلة. إلى جانب قص الأساطير المختلفة ورواية المُثُل والروايات إلى غير ذلك. كما قد يخرج عن هذا الإطار إلى مجالات أخرى مختلفة.
ومنه يكون القص بمثابة إسقاط لكينونات متجددة، فهو يخرج عن السائد والمألوف ليتحول نحو سبل البحث عن نماذج جديدة للرسم يستوعبها وعي القارئ. فيقدم القاص من خلالها للمتلقي سواء كان سامعا او قارئ عظات عديدة. لأنه من أهم عوامل نجاح الفن القصصي تناسق الأفكار وتسلسلها مع استخدام أسلوب بليغ. ذلك بتبني الصور البيانية، وانتقاء المصطلحات اللغوية الموحية من جانب المؤلِف. فَيُبْرِزُ بذلك ذاتيته وشخصيته فيما يكتبه أو يلقيه على سامعيه.
ا- القــصـة القــصيـرة:
تعتبر القصة القصيرة نوع من المؤلفات الأدبية، يعتمد القاص فيها على سرد تجاربه الشخصية في الحياة وثقافته كما يتناول سجايا وتاريخ ومعتقدات بيئته وغيرها من الأمور
الذاتية. يقول الأستاذ محمد صابر عبيد: " إن فن القصة القصيرة من أكثر الفنون الكتابية استجابة للنزعة الذاتية وتعاطيا مع التجارب الشخصية للقاص."
كما ان القصة القصيرة تستلزم قص موجزا لوقائع معينة من وجهة نظر محددة، فهي لا تصورها لا بدقة ولا بتفاصيل معمقة.اذ انها ذات مضمون قصير، نُسِج حسب خطة بسيطة وضعها القاص بتفان، حيث يحمل هذا المضمون حدثا محوريا معينا، قد يكون واقعيا كما قد يخرج عن ذلك. وهي تقدم في جل الأحيان مغزى يستقصيه القارئ أو السامع منها بعد فهم دقيق لها.
لذا نستخلص ماهيتها فيما جاء على لسان الدكتور رشاد رشدي: "كاتب القصة القصيرة ينظر إلى الحدث من زاوية معينة لا من عدة زوايا، ويلقي عليه ضوءً معينا لا عدة أضواء، وهو يهتم بتصويرموقف معين في حياة فرد أو أكثرلايصور الحياة بأكملها. فالذي يعنيه أن يجلو هذا الموقف، أي أن يستشف منه معنى معينا يريد إبرازه للقارئ." وعليه سينتج القاص قصة تخضع لمعايير الفن القصصي، فتحقق بذلك القصة هدفها النبيل. لأنه من أهم عوامل نجاح الفن القصصي تناسق الأفكار والأسلوب البديع، واللغة البليغة.دون اهمال عنصر التشويق والتحفيز للقراءة والاطلاع أكثر فأكثر على أحداث القصة. فمهمة القاص في كل هذا تكمن في جعل القارئ يخلق لنفسه مكانة وحياة أخرى، يعيشها جنبا الى جنب وشخصيات القصة بمهارة. فالقصة إنتاج وأثر أدبي لا يلتزم فيه الراوي بالواقعية والموضوعية في ذكر الاحداث والمسائل المختلفة. كما هو حالكتب التاريخ والتأريخ أو العلوم وغيرها.لذلك يتطلب نجاح هذا النوع من التأليف مستوى لغوي حصيف وأسلوب حكيم. ولهذا النوع الادبي على غرار غيره، عناصر يتفرد بها، نتناولها متتالية فيما يلي.
ا.1- عـــناصر القــصـة القـــصيـرة:
القصة القصيرة كما أسلفنا نوع من السرد النثري الأدبي. الذي يبعث في نفسية القارئ الهدوء الذي تسكناليه روحه، فيكتشف مواهبه، ويُخْلَق لديه ذلك الحس المرهف. فيتذوق هذا النوع ويدخل عالم الخيال والجمال من بابه الواسع.يرى الاستاذ مسلم حسب حسين أن الفن الأدبي: "شكل من أشكال الفكر الإنساني وموقف إزاء الإنسان والعالم وشأنه في ذلك شأن الفلسفة والدين". والفن القصصي بدوره يتشعب الى عدة أنواع وإن تشابهت فلابد أن تتنافر في بعض الخصوصيات. ومع ذلك فكل نوع يكمل الاخر. كما يفعل أفراد الاسرة الواحدة ثم الأسر في المجتمع الواحد. حيث تتضافر جهودهم من أجل راحة وهناء الجميع فيهم دون استثناء.
فالغاية من القصة القصيرة معروف عنها بإمتاع المتلقي أينا كان. ثم تقديم الموعظة وتمرير رسائل عبر جو رهيف بلغة وأسلوب نابع من مكنون الراوي، يفيض طيبة وخير.وبهذا تصل القصة القصيرة الى النقطة المرجوة منها.ويكون السرد فيها قد حقق كل هذا.
فكما للرواية والحكاية عناصر لابد من توفرها حتى يستقيم أسلوب الكتابة فيها، وينسجم نسيج نصها. هو الحال ذاته لما نتحدث عن القصة القصيرة. فهي كذلك تستلزم توفر جملة من العناصر المكونة لها. وما إن فُرِّطَ في أحدهاإلا واختل الهدف من القصة وباءت تعب المؤلِف بالفشل.
اولا - الحـــبكـة:
حتى يستقيم أسلوب كتابة القصة، على القاص الإلمام بجوانب الحكي والخضوع لمعايير وخصائص الكتابة القصصية. التي سَتُبنَى عليها قصته وبالتالي يعتدل مؤلَفه.
ومن بين هذه الخصائص الحبكة، وهي تمثل جملة الدوافع والأحداث والمواقف، التي تتلخص في النزاعات والخصومات بين الشخصيات في القصة. كما يطلق عليها أيضا الصراع. وهي بذلك تعبر عن المشكلة المعالجة أي موضوع القصة أو الحدث. بحيث سيفضي هذا الى أثر ومعنى يكون له بداية ونهاية.
يشير القاص، إلى جانب الأسلوب المتبنى في الكتابة، إلى أمور سيأتي الحديث عنها لاحقا. في حين أن الفكرة الحاضرة لم تنتهي بعد. فتتداخل وتتسلسل بذلك الأفكارنمضفية جوا من التشويق والترقب الحثيث لما ستسفر عنه الوقائع. دونما إهمال للعبارات اللغوية الموحية الممزوجة بالمجاز والبديع على السواء.
والأحداث في القصة تتبع مسارا واحدا متناسقا. فمن المنطلق إلى العقدة التي تعرف أوجها عند تطور الأحداث وتشعبها. وكذا تدخل الشخصيات الثانوية كل بدوره، إلى النهاية التي تفسح المجال إما لحل للمشكلة المطروحة، أو تركها على ما هي. وللقارئ نصيب في كل هذا فله أن يتخيل ويصور النهاية كما يراها أو يريدها هو بعد أن تَتَبَعَ القصة وفهم مغزاها.
كما تضم في هذه النقطة في السرد وتداخل الوصف، مستوى الإيقاع والوزن الذي يقتصر على مدى تسارع الأحداث أو بطئها، مما ينشط الحركة في القصة، كما قد يسبغ عليها جو من الركود.
وهناك أحداث تفرض على القاص بعضا من القوة في تصويرها، يتجلى ذلك في اختيار الألفاظ والتراكيب الملائمة والمقام. وله أن يعتمد على سرعة بديهيته وفطنته حتى يتمكن من سرد الوقائع في زمن دقيق ورسم جو ملائم.
ثانيا - الشــــخصيـات:
تعتبر الشخصيات في القصة جماعة أناس مختلطين بين الشرير والطيب، يقوم القاص باختراعها، فيجعل لكل واحد منها دور لتحريك الحوادث. يقوم ببعض التغيرات والتعديلات الطفيفة عليها حتى تتماشى والمقام وتسلسل الوقائع.
"تقدم الشخصيات...على أنها مجموعة أفراد معقدين، قابلين للتصديق ومكتملي الثقافة."
كما انه غالبا ما تنقسم الشخصيات إلى رئيسة وأخرى ثانوية. أما الأولى فيمثلها البطل أو الأبطال محركين بذلك حوادث القصة، التي ستظهر شخصيات أخرى ليس لها من الدور الفعال كسابقتها وهي الثانوية.
ولكل شخصية مهمة في سيرورة القصة تنجزها اعتمادا على بواعث، تقودها إلى القيام بذلك الفعل تحديدا وفي ذاك المقام، لا غيره.
ثالثا -الحــــوار:
وهو عبارة عن سلسلة الجمل التي تستخدمها الشخصيات للتحدث والتحاور فيما بينها، ناهيك عن الإشارات والإيماءات التي تترجم ما لم تتفوه به الشخصيات في المواقف المختلفة.
فقد تدل هذه العلامات على الحيرة أو الدهشة من موقف معين أو الإعجاب بتصرف ما أو الذم إلى غيرها من التعابير.
"El diálogo es un coloquio fingidoentre dos o más personas, que discuten acercade cuestiones determinadas e instructiva".
بمعنى: يجري الحوار عادة بين شخصين أو أكثر، حيث يتحدثون في مواضيع ومسائل محددة تعليمية. أي أن الهدف من حوار الشخصيات هو الإحاطة بالموضوع أو المشكلة المُعَالَجة، وتبسيطها للمتلقي ومنه تعليمه وتثقيفه.سواء فكريا أو لغويا.
من جهة أخرى نشير أن الحوار هذا يخضع لبعض السمات والسجايا الثقافية للبيئة، التي تجري فيها أحداث القصة. فلا يعقل أن تُروى قصة حول موضوع كتأثير الحروب على البشرية قديما، لَمَّا تخلّف الخسائر والانتهاكات، بينما يدور حوار الشخصيات حول طرق القضاء على فتيلات الحروب وبوادر الشرور،بعبارت علمية تكنولوجية. لا يفقها المتلقي العادي لمثل هذا النوع الأدبي. اذن الحوار مرتبط بزمن ومكان وقوع الحادثة.
رابعا - البــيئـــة الــزمـنيـة والمــــكـانـية:
يمثل هذا العنصر الزمان والمكان، أي حيث وأين جرت وقائع القصة. فلما نتحدث عن الزمن في القصة لا يمكن لنا تحديده بدقة، كونه شديد التماسك والأحداث التي تجري في هذه المدة الزمنية. كما نلاحظ أن بعض من وقائع القصة تحصل في أماكن ونقاط لا يمكن حصرها في زمن معين.
كقولنا مثلا:
تُكَلَّفُ شخصية ما، بمهمة إلقاء القبض على سارق مجوهرات سيدة طاعنة خلال زمن قدره يوم. قد تتمكن الشخصية هذه من اتمام المهمة، ولكن قد يتعدى الوقت المستغل إلى يومين أو أكثر.
لذا نفهم من هذا أن الزمن في القصة ليس بالوقت المحدد تماما. وإنما هو إشارة فقط لفترة أو حقبة زمنية معينة.
"El orden de lostiempos, de las circunstancias y de los objetos, que va presentando dispuestos con claridad yhace advertir como y porque se mueve de un lado para el otro".
أي تنظيم الزمن والمجريات والأفعال، يكون ممثلا باستعدادات واضحة، يتم الكشف عن طريقها عن كيفية وسبب الانتقال من موضع الى آخر.
خامسا - العقدة والحل:
هي المرحلة الأخيرة من القصة التي عرفت بداية تلاها عرض للأحداث أو الحادثة وستنتهي بالتأكيد الى مطاف أخير. هذا المطاف هو ذلك الحل للمشكلة التي عالجتها القصة. يطلق على هذا العنصر باللغة الفرنسيةDénouement.
ترى الاكاديمية الفرنسية للغة أن هذا العنصر عبارة أيضا عن تلك الخاتمة التي تعقب الوقائع:
"Se dit principalement en parlant d'une pièce ...dont le nœud, dont l'intrigue vient à se démêler vers la fin. "
ويشهد هذا العنصر تأزم الأوضاع ، وتشعب الاختلافات بين الشخصيات، وضيق في الوقت والمكان. مما يجعل الاستمرار في ذلك الموقف مستحيلا. فتفضي هذه الحالة كنتيجة حتمية لهذا التأزم، الى ابتغاء النهاية وحل الصراع.
II - استراتيجية الترجمة الأدبية والأمانة:
يتعلق إنتاج أي نص أدبي على اختلاف الموضوع المعالج فيه بجملة من الخصوصيات اللغوية والثقافية. والمتعلقة الأولى منها بأسلوب الكتابة من جانب المؤلف، الذي سيكون بالضرورة من رواد أحد التيارات الأدبية القديمة منها أو المعاصرة. والمؤثرة بطبيعة الحال على لغته أولا وعلى أسلوب تناوله المسائل ومعالجته للمواضيع ثانيا.
كما تتعلق الثانية منها بجميع ما يميز البيئة التي سيتم تناولها في الأثر، من عادات وتقاليد وأخلاق وتعاملات وأفكار وما الى ذلك.ولأن الكاتب وليد منطقة وطبيعة معينة من العالم، فهو متأثر بها ويأثر فيها. وهذا الامر الذي سيدفع به الى تدوين ما لامس إحساسه وما ولج فكره، في نصوص تخص رقعة وجزء من عالم يزخر بألوان من الاختلافات.
وعليه فترجمة الأعمال الأدبية والفكرية، من لغات إلى أخرى، تسهم في إزاحة الستار عن الحقائق وبالتالي تساعد في نضج فكر الفرد وتفجير مواهبه.
لذا فالترجمة الأدبية تعنى بقيم وجماليات النص الأدبي المراد ترجمته، وذلك في سبيل المحافظة على شكل ومضمون النص الأصلي، يقول كلود تاتييونClaudeTatillonفي هذه النقطة تماما:
"La traduction littéraire, par exemple, surtout préoccupée de traduire l’esthétique des œuvre à traduire."
ومنه فالترجمة تعيد الحياة للغة لما تستخدمها، وتساعد اللغة الترجمة على بلوغ هدفها. فمهمتها هي الإنتاج الأدبي وهدفها تحقيق الرغبة في الاطلاع وإثراء لغة وفكر القارئ.
يقول نعوم تشومسكي: "أعتقد بأن وجه مهم جدا للغة يتعلق بتوطيد العلاقات الاجتماعية والتفاعل ويوصف ذلك كثيرا بالتواصل."
ولان العملية الترجمية تقوم أولا وابدا على الصدق والدقة في النقل، يعوز للمترجم قبل الخوض في أي نص، التيقن من مقدرته على إتمام الواجب كما يجب. على هذا الأساس ركز بل وشدد أيضا منظري المجال على أهمية المحافظة على مفاد المادة المراد ترجمتها. فاعتبرت هذه الخطوة بالجوهرية، يقاس وفقها وزن الترجمة ومكانتها وامانتها من عدمه.
III-دور المترجم في التواصل:
ان عملية الترجمة بشكل عام تفرض سلسلة من الكفاءات والوسائل الاستراتيجية، والأكثر من اللغوية الوجوب توفرها في المترجم الكفء. وحتى تنجح الترجمة الأدبية في مسعاها، وتحقق هدف النص الأصلي بإيصال المعنى فحوى الرسالة بأمانة إلى المتلقي، في لغته التي يفهمها. على المترجم أن يتميز بالحذق ويملك الثقافة الواسعة. ولا يكون ذلك إلا بالبحث عن المكنونات الثقافية واللغوية المنطلق منها إلى جانب الاستعانة بتجارب غيره للاستفادة منها.
"La traducción exige tambiénuna serie de competencias instrumentales, estratégicas, extra lingüísticas, indispensables en untraductor profesional"
أي إن القدرة في البحث عن مواد الترجمة لها دور فعال في تحسين مهارات المترجم، التي تتجلى لما يتمكن منالنص الموضوع، ومحيطه والمعايير التي نسج وفقها. ان الترجمة الاكاديمية تخضع لمعايير كما يرى أنطوان بيرمانAntoineBermanوقوانين سنها المنظرون، بغية تذليل الصعوبات المختلفة التي يمكن للمترجم التعرض لها اثناء تأدية مهمته. وهي بهذا المعنى تختلف تماما عن تلك الترجمة التي يمكن لأي شخص القيام بها، دون مراعاة ولا دراية منه بما يستلزمه نقل هذه الرسالة.
"La capacidad para documentarse ocupa un lugar central en el conjunto de competencias, ya que permite al traductor adquirir conocimientos sobre el campo temático, sobre la terminología y sobre las normas de funcionamiento textual del genero en cuestión."
نستنتج مما سبق ان دور المترجم في التواصل يكمن أولا في تمكنه من النص المصدر وبيئته ثم من اللغة الهدف ووسطها. لأنه كلما التزم بالشأنين نقل رسالة امينة الى متلقيها. ومنه يظهر تأثر المرسل اليه بفحوى رسالة المرسل. من هنا سيكون للمترجم يد في نشر المعارف بين الافراد، ومنه احتكاكهم الفكري وبتالي ستفعل نهجات التحاور والنقاش والتعامل والاتصال بينهم.
IV- عوائق النقل الادبي :
ان النقل المعرفي بين اللغات وان كان له من الشأن والإيجابية الكثير، حتى انه لا يوجد منا من يفند مكانة الترجمة بين العلوم، فلولاها لما انتشر العلم ولا فتحت الأبواب عن المكنونات ولا حتى تفطنا للبحث في اغوار أمور عدة. الا ان هذا النقل يستلزم الكثير من
الجهد الفكري، حيث سيسلك المترجم فيه طريق يتذكر في كل موقف يصادفه عنصر الأمانة، والصدق في نقل المعلومة او الفكرة.
مع ذلك فهنالك جملة من العقبات التي كانت ومازالت ولو بشكل أخف تعيق سيرة هذه العملية على الوجه المرغوب. يمكن ان نستنتج المحوية منها مما سبق الإشارة اليه وتحليها في نقاط التالية:
- تناول من هم من غير أصحاب المجال، نصوص معينة بالنقل المتواضع، دونما ان يفقهوا شيئا من أسس نجاح هذه العملية. وبالتالي بدل ان تروج وتذاع اعمالهم، يطغى عليها الكساد فتموت قبل ان ترى النور.
- كما يلاحظ ايضا عن المترجم، اثناء أدائه لمهمته، تغاضيه عن بعض المواقف في ترجمتها وقد يعلل ذلك كونه ليس لها من الدور الذي يستوجب المحافظة عليها، فلا نجده الا واختزلها. مع ان الكاتب لميصغها عرضيا، انما وكما أسلفنا لكل محطة خطاب يوجه للمتلقي. له ان يفسره وطبيعة تفكيره.
- نجد أيضا انه في أحيان أخرى ضيق معارف المترجم عن الموضوع محل الترجمة، وان كان يلم بجميع جوانب اللغة الهدف، الا ان هذا النقص ينجر عنه ترجمة ركيكة او حتى بعيدة عن المعنى.
- كما نشيرا وناكد على العوائق البارزة في النقل لما يتعلق الامر بالخصوصيات الثقافية منها الدينية، التي تختلف من بيئة الى أخرى.
فما قد يعرف عند المسيحيين مثلا من طقوس دينية كأسبوع الالام La Semana Santaالتي تقام يوم الجمعة صباحا، يلقي فيها القس موعظة، ثم يناول الحضور القربان المقدس وما الى ذلك. سيشكل هذا الموقف الديني نقطة عجز في نقله الى الثقافة الإسلامية، التي لا تعرف لهذه الطقوس وجها. منه يظهر عجز المترجم في نقل الامين، لأنه لا يتمكن من ثقافة النص الأصلي. وما ان حدث العكس سيجذ مسلكا ذكيا ينقل
عبره الخاصية هاته ببراعة الى متلقي اخر. يدخلها في ثقافته، فيتقبلها عقله ولا تنفر منها نفسيته.
وعليه، نستخلص انه حتى تبلغ الترجمة أهدافها، وينوط المترجم بدوره كما يجب، عليه أولا الا يهمل الأمانة في النقل. التي لن يعرف لها سبيل ما ان لم يتمكن مما سيقوم بنقله لغيره. لذا، نرى ان البحث والتنقيب حتى الاعماق عن كل ماله علاقة بالنص المراد ترجمته امر مفروض لضمان نجاح الترجمة، وبالتالي بلوغ اسمى مستوى لإيصال الرسالة وتنشيط التواصل.
خــــــــــــاتمة:
إن الكتابة هي أصدق وسيلة للتعبير عما يخالجنا من أفكار ومشاعر ورؤى، تُسْقَط على شكل قص وروايات ومسرحيات قد تدوم كمؤلفات أو تتبناها قاعات السينما والمسرح. وهكذا تتوسع بؤر الإنتاج الأدبي.فيظهر جليا دور الترجمة والاعلام في هذا الشأن، إذ بفضل الأعمال المترجمة يتم مزج الثقافات وتجديد الأفكار وإحياء التراث وتعلم اللغات، وتحسن اساليب العيش وما إلى ما ذلك.
وهو الامر ذاته لما نحصر الحديث في الفن القصصي، موضوع بحثنا هذا. كون هذا النوع الادبي الذي أصبح من أكثر الفنون الأدبية قراءة. يتوغل عميقا في غابة السرد والإبداع، ذلك للطاقات الفنية المتبناة.
فنجد الكتابة القصصية تتراوح بين البديع والبيان، تكسب بذلك الأسلوب رونقا وجمالا. يجعل من موضوع القصة مغامرة تثير حساسية المتلقي، فيعيش هذه المواقف موضوع القصة ويتقاسم وشخصياتها هذا الجو.
ولأنه يتميز بكل هذه الخصوصيات، فهو اذن يستدعي، من المترجم الكثير من الجهد والتركيز اثناء محاولة نقل مضمونه الى لغات مغايرة والى بيئات غير التي عرف فيها من قبل.
وبناء على اراء اللغويين كالفرنسي جاك ديريدا والروسي تشومسكي اللذين يقولان ان اللغة الأدبية هي اصدق وسيلة للاحتكاك بالشعوب، بل ذلك المفتاح السحري الذي تفتح به باب العالم الخارجي، فتنير شمس العلوم على الأمم.
وما سبق من تحليل نصل الى القول ان للترجمة الأدبية عوائق جمة في سبيلها. كاللغوية وأخرى ثقافية وغيرها كثير.
ولكن ومع ذلك، نرى انه كلما التزم المترجم بفحوى النص وتطلع بشكل واسع على خلفيات انتاجه، اكتسب المهارة والخبرة والحدق الواجب توفرهم فيه حتى يؤدي الأمانة بأمانة. فلا يخون ولا يُعاب جهده قط.
وبالتالي تكون الترجمة الأدبية قد حافظت على غاياتها النبيلة في النقل الأمين، لفحوى الرسالة للمتلقين. مع مراعاة ثقافتهم وبيئتهم في كل هذا.
وبناء عليه تكسب الترجمات قراء جدد يتهافتون على تناول هذه الاثار المترجمة الى لغاتهم، بحثا عن التثقف وتوسيع المعارف وتلقيح الفكر. ومن ثمة تقريب المسافات وجعل العالم كاسرة واحدة، وان اختلفت اللغات والثقافات بين افرادها.
وما إذ مالت عن هذا المعيار فلا المعنى سَيؤدَى، ولا جمهور يُكْتسب وبالتالي تبوء بالفشل، ولن تكون بذلك لا فنا ولا علما.نفهم من هذه الاقوال أنهبفضل اللغة تتواصل اﻷمم مع بعضها البعض، ممن يتقنون ويفهمون لغة بعضهم. وبفضل الترجمة والاعلام تتواصل جميع الشعوب فيما بينها، دون استثناء. فاللغة تتطلب الترجمة للتتوسع والترجمة تتطلب اللغة لتقوم بدورها في النقل والتعريف بالغير.
المصادر والمراجع:
الديداوي، محمد. (2005). منهاج المترجم بين الكتابة والاصطلاح والهوية والاحتراف. ط1. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء. المغرب.
الشايب، احمد. (1991). الاسلوب: دراسة بلاغية تحليلية لأصول الأساليب الأدبية. ط8. مكتبة النهضة المصرية للنشر والطبع.
الشنيطي، محمد صالح. (2001) . فن التحرير العربي وضوابطه وانماطه. ط5. دار الاندلس للنشر والتوزيع. المملكة العربية السعودية.
بارت، رولان.(2002).الكتابة في درجة الصفر.(محمد نديم خشفة، ترجم). ط1.مركز النماء الحضاري.
ايغلتون،تيري.(2013).كيف نقرا الادب.(محمد درويش، مترجم).ط1.الدار العربية للعلوم ناشرون بيروت لبنان.
برنس، جيرالد.(2003).قاموس السرديات.(السيد امام، مترجم).ط1.ميريت للنشر والمعلومات. القاهرة.
بن عائشة، حسين ﺃحمد. (2012). مستويات تلقي النص الأدبي: رحلة السند باد الأولى ﺃنموذجا، ط1، دار جرير للنشر والتوزيع. عمان. الأردن.
ترودوروف، تزفيتان.(د.ت). مفهوم الأدب ودراسات أخرى. (عبود كاسوحة، مترجم). منشورات وزارة الثقافة. دمشق.سورية.
تشومسكي، نعوم. (2010). أشياء لن تسمع بها أبدا: لقاءات ومقالات. (أسعد الحسين، مترجم). دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع. دمشق. سورية.
رشدي، رشاد. (1959).فن القصة القصيرة. ط1. مكتبة الانجلو المصرية للطبع والنشر. مصر.
صابر عبيد، محمد.(2010).المغامرة الجمالية للنص القصصي. ط1. عالم الكتب الجديد للنشر والتوزيع. اربد. الأردن.
شولز، روبرت. (1994). السيمياء والتأويل. (سعيد الغانمي،مترجم). ط1. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. بيروت. لبنان.
عزت، علي.(1996). الاتجاهات الحديثة في علم الأساليب وتحليل الخطاب.ط1.شركة أبو الهلال للنشر.القاهرة. مصر.
فتحي، إبراهيم. (1986). معجم المصطلحات الأدبية. المؤسسة العربية للناشرين المتحدين.التعاضدية العمالية للطباعة والنشر. صفاقس.الجمهورية التونسية.
فيدوح، عبد الفتاح. شعرية القص. من موقع www.ibtesama.com.pdf.
مسلم حسب، حسين.( 2007). جماليات النص الأدبي دراسات في البنية والدلالة.ط.1. دار السياب للطباعة والنشر والتوزيع. لندن.
مكي، أحمد الطاهر.(1987). القصة القصيرة (دراسة ومختارات). ط2. دار المعارف. القاهرة. مصر.
Dictionnaire de l’Académie Française).1798.( 5eme Éd.ImprimerieNationaleFayard. Paris.
Faber Benitez, Paula).2006(.La traducción del discurso científico y de su terminología. Editorial Universidad de Granada. Universidad de Granada.
Frumento, Luis.)1900.(Nociones de Estética Retórica y Poética.Ed. Potosí. Buenos Aires.
Hurtado Albir, Amparo.)2008.(Traducción y traductología, Introducción a la traductología.4ª ed .Ed. Cátedra. Madrid.
Meschonnic, Henri.)1999.(Poétique du traduire.Éd. Verdier.France.
Steiner,George.)1978).Après Babel: Une poétique du dire et de la traduction.Albin Michel. Paris.
Tatillon, Claude. (1986) .Traduire : Pour une pédagogie de la traduction:Collection Traduire, Écrire,Lire. Éd. GREF.
الاستعمار والحرب والعنف الممارس ضد المرأة
د.سعاد زبيطة
كلية الآداب و العلوم الإنسانية القنيطرة-المغرب
تمهيد
يقترن التاريخ الاستعماري والحربي عادة بالاعتداء والاضطهاد والعنف ضد شعوب المستعمرات، تتساوى المرأة فيه مع الرجل في التعرض لهذا التعسف والقمع، بل كثيرا ما يكون نصيب المرأة من العنف أكثر. فإلى جانب العنف السياسي والاقتصادي عانت المرأة عالميا من العنف الأخلاقي والجنسي، المندرج تحت مفهوم "هتك العرض" كجسد أنثوي يستهدف جنسانية النساء كمواطنات أصليات في مختلف المستعمرات، وهو ما لم تنتبه إليه الكثير من الدراسات أو تجاهلته خجلا من ذكر تلك الحوادث.
فكيف كان تأثير اللقاء الاستعماري والحربي على النساء؟ هل كان الاستعمار ومعارك الحروب رفيق بهن؟ وهل كان العنف الممارس ضد النساء يختلف عن العنف ضد الرجال؟ وما موقع هذا العنف من المشروع الاستعماري المتقدم به ل "تحديث" و"تحضير" الشعوب المستعمرة؟ وماهي الإجراءات والمواقف الدولية المتخذة ضد هذا العنف؟
هذه هي الأسئلة التي تؤطر هذا المقال، والتي تدفعنا إلى البحث والتنقيب عن أشكالالعنف الممارس على المرأة زمن الاستعمار.
- سياسة الجرائر الجنسية
لقد استند مشروع الاستعمار في سياسته التوسعية على العنف، هذه الكلمة التي تحمل دلالات متعددة، فهي في اللغة اللاتينية""Violenceتعني شدة وقهر وإكراه، وهي مشتقة من الكلمة اللاتينية"Vis"، أي القوة في شكلها الفيزيقي الملموس التي تمارس ضد شخص ما أو شيء ما، ومن معانيها ممارسة القوة الجسدية بهدف الإضرار بالغير، وفي اللغة العربية حسب تعريف ابن منظور "إنه الخُرقٌ بالأمر وقلة الرفق به، وهو ضد الرفق... وأعنفه وعنفه تعنيفا، وهو عنيف إذا لم يكن رفيقا في أمره، واعتنفالأمر: أخذه بعٌنفٍ. وفي الحديث: "إن الله تعالى يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، هو بالضم الشدة والمشقة وكل ما في الرفق من الخير ففي العنف من الشر مثله". وهو زمن الاستعمار والحرب سلاحا وركيزة أساسية لقهر شعوب المستعمرات وإذلالهم وردع مقاومتهم.
ومهما يكن من تزييف وتجميل للتاريخ، فقد كرس النظام الرأسمالي الاستعماري الذكوري مفاهيم العنف في مختلف أشكاله من قتل، وإبادة، وتجويع وتعذيب، وأسر، وبتر الأعضاء، وإحراق البيوت والحقول، وتهجير وغيره، إضافة إلى أبشع أشكاله مما عانته نساء المستعمرات من اغتصاب والاتجار بالنساء واعتداء جنسي كسلاح حربي وتدميري نفسي وجسدي، بل عملا عدوانيا لتعميق العار ضد شعب أعزل ضعيف. ويكفينا من موقعنا بتونس الاستشهاد بمعاناة نساء المغارب في بداية القرن التاسع عشر والقرن العشرين من اضطهاد التوسع الإمبريالي، حيث كانت معاناة الجزائريات أكثر قساوة ببشاعة استعمارهن "الضرب والسجن، والقتل، والتهجير، والتعذيب، والتجويع، والتمثيل بأبنائهن على مرأى منهن، والإجهاض القسري، وبقر بطون الحوامل وبتر أعضاء من أجسامهن. كما عانين من أبشع وسائل جرائم الحرب لصورة المؤنث باغتصابهن، اغتصاب جنسي، فردي وجماعي أمام الأهل. بمعنى أنه لم يكن اغتصابا لإشفاء رغبة جسمانية جامحة، وإنما غالبا لإرواء غضبٍ عدائيٍ تجاه "الآخر" الذي يحاربه، وإرضاءً لغرور الأقوى تجاه الأضعف لتحقيره وإذلاله ونزع إنسانيته عنه.وكثيرا ما كان يتم كهربة وطعن النساء في أعضائهن التناسلية بأسلحة فتاكة، وهو ما عبرت عنه إحدى مؤسسات كتلة النساء من أجل السلام بقولها: "يغتصب العدو ليس من أجل المتعة الجنسية لأنهم في بعض الأحيان يستخدمون أسلحتهم بدلاً من أعضائهم الجنسية. وتُغتصب النساء أمام أفراد أسرهن. وفي بعض الأحيان، يجبر المقاتلون الآباء على اغتصاب بناتهم"
وهواغتصاب لمجتمع بأكمله في شرفه وعرضه، أجبره وأجبر المرأة على الدخول في علاقة فظة مع المستعمر. "وفي هذا يقول مونتنياك: أن الجنرال لاموريسيير يهاجم العرب ويأخذ منهم كل شيء: نساء وأطفالا ومواشي، يخطف النساء، "نحتفظ ببعضهن كرهائن ونستبدل بعضهن بالجياد، ثم نبيع الباقيات منهن بالمزاد العلني باعتبارهن حيوانات لنقل الأحمال"، أما الجميلات منهن فنصيب للضباط. ويروي الضابط المراسل تارنو: "لقد أحرقنا كل شئ، ودمرنا كل شئ...آه من الحرب!! كم نساء وأطفال هربوا منا إلى ثلوج الأطلس ماتوا بالبرد والجوع". ويضيف قائلا: "النساء والأطفال اللاجئون إلى أعشاب كثيفة يسلمون أنفسهم لنا، نقتل، نذبح، صراخ الضحايا واللاقطين لأنفاسهم الأخيرة يختلط بأصوات الحيوانات التي ترغي وتخور كل هذا آت من سائر الاتجاهات"([1]). ومن جهة أخرى نجد العديد من الروايات تؤكد أن النساء اللائي كن يقعن في أيدي هؤلاء الجنود لا يستطعن أن يهربن من قدرهن المحتوم. وكثيرا ما كان يتم توثيق هذا العنف وهذه الممارسات الوحشية بالصور.
لقد تعرضت المرأة الجزائرية أكثر من غيرها لعمليات التنكيل والتعذيب، لكن هذا لا يعني أن التونسية والمغربية كانتا في وضعية أحسن، بل عانتا من نفس الاضطهاد وبدرجات متفاوتة فرضتها عليها طبيعة الاستعمار في القرية كما في المدينة، وفي الجبل كما في السهل. والواقع أننا حيث نجد الاستعمار نجد تقريبا نفس الأساليب، وسواء بحثنا في الجزائر أو في تونس أو المغرب أو غيرهم، نجد العمل الاستعماري واحدا يرتكز على الاستغلال والعنف والوحشية. وهذا ما تعكسه جرائم فرنسا الغير الإنسانية ولا أخلاقية في حق الجزائر وبعدها تونس من اغتيال، وتهجير، ومصادرة أراض واغتصاب النساء، وهو ما اعتبره الجنرال غارباي القائد الأعلى للجيوش الفرنسية بتونس: جزء من الفلكلور التونسي. وهو اصطدام بدأت رحلته في المغرب مع معركة إسلي 1844 وحرب تطوان 1945، لتنطلق في مختلف أجزاء التراب المغربي وتتعمق أكثر مع فرض الحماية سنة 1912، هذه السنة التي شهدت عملية تقتيل وإبادة لساكنة مدينة فاس، والتي لم تميز فيها بين العسكري والمدني، ولا بين المرأة والرجل. وهي المجازر التي عرفت بالأيام الدامية لمدينة فاس، وأشارت إليها الكتابات الفرنسية نفسها بمذبحة فاس. وهكذا أصبحت سياسة العنف خطة أساسية في الوجود الاستعماري الفرنسي بالمغرب، زكته إسبانيا في المنطقة الشمالية والصحراوية التابعة لنفوذها. وفي هذا السياق لا يفوتنا الإشارة إلى معاناة نساء المنطقة الشمالية بعد حرب الريف ما بين 1921 و1927، هذه الحرب التي لم تكن حربا إنسانية، ولا حربا تراعى فيها القوانين الدولية، ولا الاتفاقيات العالمية، ولا نوع الأسلحة المستعملة. لقد كانت حربا إجرامية، أو كما يسميها أبناء المنطقة "ارهاج"([1])، ألقت فيها الجيوش الإسبانية بقنابل تجريبية كيميائية واستعملت فيها الطائرات غازات سامة كأقصى درجات العنف لسحق شعب بكامله، كما استخدمت فيها العنف الجسدي ضد النساء كوسيلة تعذيب وانتزاع الاعترافات والمعلومات وجرح كبريائهن وشموخهن.
وسواء في البلدان المغاربية أو في مصر وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين وغيرها من دول منطقة الشرق العربي، أو في افريقيا أو الهند أوغيرها من المستعمرات - على سبيل المثال لا الحصر – فإن الملايين من النساء والفتيات تحملن من باب تكتيك الاستدمار، وطأة حروب لا يدا لهن فيها سوى انتمائهن لدول استهدفت لانتزاع خيراتها واضطهاد شعوبها بناءً على أن المنطق العنفيالكولونيالي الجنسي « يؤسس الأيديولوجيا القائلة بأن أجساد المواطنين الأصليين بطبيعتها قابلة للانتهاك، وبالتالي أراضي هؤلاء السكان الأصليين قابلة
للانتهاك والسلب». وهذا أمر بالغ الوضوح في التاريخ الاستعماري لقرون خلت، حيث هذه الآلية العنيفة استهدفت ولا زالت تستهدف في فلسطين تحديدا جنسانية النساء المواطنات الأصليات وأمانهنّ الجسدي بصفتهن «أعداء داخليين» فوق نفس الأرض وموضوعا من موضوعات الغلبة كحق مشروع للمحتل وضربا للسلطة الرمزية في ثنائية الشرف والعار.
وقد تجاوزت معاناة المرأة الاستغلال والتعذيب إلى الامتلاك الإجباري الكامل لحريتها في صيغة الرق والعبودية كتجارة قديمة تنعدم فيها كل شروط الإنسانية في ظروف اعتبرت لا بالعادية، ولا بالهادئة ولا بالآمنة.
- انعدام الأمن وانعكاسه على المرأة
لقد أحدث التسرب الأوربي مجموعة من الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بما فيها اختلال الأمن، ولا سيما أمن الطرق.
فكان من الطبيعي وبحكم التطورات السياسية والاقتصادية الجديدة والممارسات القمعية وانعدام الأمن وفصل الأزواج عن زوجاتهم وأبنائهم([1])، ارتفاع نسبة جرائم السرقة والاعتداء مع ظهور حركات لصوصية جشعة لا تضع نصب أعينها إلا مسألة الربح([1]).
وما حركة اختطاف النساء إلا جزء من هذه الحركات التي انتعشت وازدهرت، وهي مسألة تدخل في إطار العنف المسلط على المرأة خلال هذه المرحلة التاريخية، وإن كان مبدئيا جريمة الخطف والسبي، جريمة لا تقتصر على المرأة فقط، بل تشمل الرجال أيضا. إلا أنه في أغلب الحالات تكون المرأة أكثر عرضة لها بين رق صريح أو المتاجرة بهن واستغلالهن وإجبارهن على ممارسة الدعارة، أو خطفهن من طرف العسكر وجيوش الاحتلال. وما يترتب عنها من نتائج وخيمة على نفسية المرأة المستعمرة أصلا، من انتهاك واعتداء فظيع على حريتها وزرع الخوف والاستياء في نفوس الأهالي.
والأرشيف المغربي غني بالوثائق والمراسلات الشاهدة على وجود هذهالظاهرة بشكل مباشر، في عقود بيع أو خلاف حوله أو شكايات اختطاف أو ما شابهها، وفي هذا الإطار نستشهد بالرسالة التالية:
"محبنا الأعز [...]، وبعد فإن السيدة رحمة بنت محمد بن مبارك، الشرفاء المباركيين القاطنين في سلا ذكرت أنها خرجت لسيدي بوحاجة للزيارة فخطفها العسكر القادم في هذه الأيام وأتى بها لطنجة. وها هي الآن هنا تحت اليد إن ظهر أحد من أهلها يوجه عليها وعلى المحبة والسلام في 13 جمادى الأولى 1326 محمد العربي الطريس" إن هذه الشهادات وغيرها تؤكد بما لا يدع مجالا للشك انتشار هذه الظاهرة واستمرارها فرديا وجماعيا رغم قوانين حظر الرق كجريمة في حق الإنسانية. وهي جريمة تشابهت أحداثها في الدولتين المجاورتين الجزائر وتونس تحت وطأة الاحتلال في ظل أوضاع إنسانية مزرية، زادت من انتشار الفوضى وجرائم الخطف والاغتصاب.
كما تجسدها قصة "الفتاة الجزائرية المغتصبة" للشاعر محمد الهادي السنوسي الزاهري (1902-1974)المشهورة ب "مأساة وريدة"، الفتاة التي اختطفها طبيب فرنسي قرب منزلها، وسافر بها إلى فرنسا ولم تستطع خالتها استرجاعها رغم استنجادها "بعدالة" فرنسا.
كما أكد مونتنياك هذه المسألة في حديثه عن هجومات الجنرال لاموريسيير الذي يختطف النساء ويحتفظ ببعضهن كرهينات ويستبدل بعضهن بالجياد، ثم يبيع الباقيات منهن بالمزاد العلني([1]).
وقد يصل الأمر في بعض الحالات أخطر من هذا بعد اعتقال وحجز بعضهن في أماكن غير معروفة ولأوقات طويلة وتعريضـهن للتعـذيب والمعاملـة السيئة دون الكشف عن مكان احتجازهن حتى لذويهن. كما ثبت في كثير من الأحوال أن بعض المختفيات أو المحتجزات لم يسمع عنهن أبداً، مـا يعنـي احتمال تصفيتهن جسدياً.
هذا التسيب والانفلات زعزع أمنهن واستقرارهن، وضاعف من خوف الرجال على النساء، وتشديد الحراسة عليهن.ويمكن رصد العديد من حالات الاختطاف في أوقات الحروب والنزاع المسلح إلى اليومفي الصومال ودارفور وسوريا والعراق وكل المناطق التي تعيش بركانا من الثورات.
- الدعارة والعنف المنظم
وبالإضافة للاغتصاب وأشكال العنف الجنسي الأخرى واختطاف النساء واستغلالهن وبيعهن، قام المنطق الاستعماري للعنف ضد المرأة بتنشيط وتشجيع انتشار دور تقديم المتعة الجنسية لجنود الاحتلال كتجارة للجسد، انبنت على إرث حضاري قديم لهذه المهنة وطورته سلطات الاستعمار وطوعته وفقا لمتطلبات الظرفية الجديدة ضمن سياق تنظيمي، ضمانا لاستمراريتها ودوامها وحماية لمتعاطيها خاصة من الأوربيين. فبرزت دوررسمية للمتعة"مواخيرأوبورديلات" وأحياء خاصة بهذا النشاط بشروط وضوابط محددة مثل الفحص الطبي المنتظم...فأصبح لأول مرة جسد المرأة موضوعا لمراقبة إدارة المستعمِر، يتولى السهر عليه طاقم طبي، يخصص سجل معلومات خاص بكل واحدة منهن.
كما شجعت على خلق أوكار جديدة للفساد والدعارة من نوع جديد، عرف ببغاء المراقص والنوادي الليلية "كباريهات"،لإشاعة جو من المرح لعساكرهم الذين انقطعت الصلة بينهم وبين أهاليهم.
فتوسعت بذلك جغرافية هذا النشاط، واتخذت مسارات جديدة تزايد معها انتشار الخمور، وفي هذا يقول صاحب كتاب تونس الشهيدة عبد العزيز الثعالبي، حسن حسني عبد الوهاب: "كانت المشروبات الروحية مجهولة في تونس تقريبا قبل الاحتلال. وكان تعاطيها محصورا في الوسط الأوربي وجماعة قليلة من الإسرائيليين. لكن جيوش الاحتلال جاءت بها ومعها الحضارة الفرنسية فساهمت مساهمة فعالة في تثبيت وتدعيم النظام
الجديد". ويشير هودا في كتابها تنوغرافيا الجزائر إلى تزايد هذه الظاهرة بقوله: "كانت الدعارة نادرةفي المجتمع الجزائري،قبل مجيء الفرنسيين، ولكنهاالآنانتشرت،عن طريق نساء المدن ونساء البربر.أمابالجنوب فإن الدعارة اشتهرت لدى قبيلة أولادنايل".وقد صار تشييد أحياء الدعارة يسير بشكل متواز مع الحملات العسكرية مستجيبا لحاجياتالجيش في إشباع رغباتهم الجنسية،فاشتهرت عدة مدن مغاربية بمواخيرها، وخاصة تلك التي تعرف انتشار الثكنات العسكرية والوحدات الأمنية، الأمر الذي سيتفاقم أكثر مع نزول الجنود الأمريكيين في شواطئ الشمال الغربي من إفريقيا ( المغرب، الجزائر وتونس).
ولم تكتف الإدارة الاستعمارية بفتح الخمارات وبيوت الدعارة وسط السكان في الجزائر وتونس، بل فتحت لهن الأبواب بجوار الزوايا والمساجد([1])، وهو ما كتبت عنه جريدة لسان الدين: "أما الدعارة فقد نشرتها فرنسا كالوباء في كل حي دون مراعاة لحرمة الأوساط العائلية الشريفة. ولا احترام لقدسية الأماكن الطاهرة. حتى بات جامع سيدي رمضان تحيط به بيوت العاهرات إحاطة السوار بالمعصم"
بل أكثر من هذا وبتشجيع من فرنسا، صدرت تعليمات سرية عن وزارة الدفاع لإنشاء بورديلات مغاربية متنقلة في البوادي، ومن المرجح أن اللبنات الأولى للبورديلات العسكرية "بي- إم- سي""BMC" (bordelsmilitaires de campagne).
قد وضعت في بداية الاجتياح الفرنسي الجزائري، وصاحبت مجموعة من الفرق العسكرية مع بداية التوسع الاستعماري للمغرب ما بين 1907- 1934، لتأخذ أشكالا جديدة.
فمثلا في المغرب وبتعليمات مباشرة من المارشال ليوطي نظمت "الدعارةالمتنقلة"عبر تجنيد العشرات من المومسات للسير وراء القوافل العسكرية الفرنسية، حيث تخيم نساء مغربيات غير بعيد عن معسكرات الجيش الفرنسي وترافقن الجنود في تحركاتهم داخل وخارج المغرب وتتحدث الوثائق عن مصاحبة مجموعة نساء من قبيلة آيت إسحاق وأزيلال وبني ملال "جيش الكوم"- وهم الجنود المغاربة الذين ساهموا في حرب التحرير الفرنسية- إلى إيطاليا في الحرب العالمية الثانية. وسيقت فرق منهن إلى دوفينوا بفرنسا وغيرها.
وهكذا وموازاة مع الاستعمار الاقتصادي، كان هناك استعمار من نوع آخر، استعمار واستغلال للجسد، للتأوه والصراخ الجنسي، تحت الخيام بالقرب من المدافع والرشاشات، لمغاربيات فررن من الجوع والفقر وتجندن بأجسادهن في معركة ليست معركتهن.
مما دفع لويس ماسينيون نائب رئيس "لجنة المغرب-فرنسا"([1])إلى توجيه رسالة إلى رئيس الجامعة الفرنسية لحقوق الإنسان بتاريخ 7 يوليوز 1953، تضمنت اتهاما باستمرار تجارة الرقيق عن طريق تشجيع الدعارة، ودعا إلى تطبيق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر بتاريخ 2 دجنبر 1942، والداعي لحماية الإنسان من كافة أشكال الاستغلال كالدعارة([1]).
صورة لاعتقال وتعذيب المرأة الجزائرية
https://www.google.fr/search la femme algerienne
صورة من ريف العشرينات لامرأة تسحل من طرف بعض المجندين المغاربة في الجيش الإسباني
المكتبة الوطنية والمحفوظات تطوان
فإن كان هذا جزء من العنف الممارس على المرأة المغاربية والعربية والإفريقية خلال الاستعمار، فإن نساء أوربا وآسيا لم تنج من عنف أكبر خلال الحروب الخارجية والداخلية، خاصة خلال الحربين الكونيتين. فقد استخدم الجيش الألماني اغتصاب النساء الفرنسيات والبلجيكيات كسلاح استراتيجي في الحرب، واحتجز الجيش الياباني عدد كبير من نساء،أطلق عليهن اسم "نساء الراحة" في "معسكرات المتعة" أو ما يعرف ب "إيانفو".
لأنهن كن محتجزات في معسكرات يبددن توترات الجنود بعد المعارك. وانتهت الحرب ولم تنتهي معاناة النساء، إذ سيتم عقاب العديد من النساء الفرنسيات والبلجيكيات من طرف دولهن وإجبارهن على المشي عرايا في الشوارع وقذفهن بالطوب، عقابا على التعاون مع العدو الألماني.
كما قامت القوات السوفياتية والأمريكية بعد هزيمة ألمانيا باغتصاب عدد كبير من النساء الألمانيات، وهو ما سيعرف ب "اغتصاب برلين". ليستمر تعنيف واغتصاب النساء في التسعينات مع الحرب في يوغسلافيا السابقة والإبادة الجماعية في حملات التطهير العرقي برواندا عام 1994، كما ارتكبت جمهورية الكونغو الديمقراطية جرائم عنف جنسي ضد النساء بشكل عشوائي جعل منظمات حقوق الإنسان تتحدث عن "وباء الاغتصاب"
هذا الوباء الذي ستزداد معاناته مع حرب البوسنة والهرسك مابين 1992 و 1995 عند النساء المسلمات المستهدفات بشكل خاص.
حيث تشير التقارير على أنأعداد النساء اللاتي تعرضن للاغتصاب يقدر ما بين 20,000 إلى 50,000
نساء بلجيكيات يتعرضن للعقاب مجبرات على أداء التحية النازية
https://almanassa.com/ar/story/3372
نساء مجبرات على المشي في الشارع مرسوما على جبهتهن الصليب النازي
https://almanassa.com/ar/story/3372
وفي العصر الحالي وتحديدا في الألفية الجديدة بدأت هذه المصطلحات تظهر في الوطن العربي، فكانت البداية في فلسطين منذ النكبة إلى اليوم، لتنتشر عدواها إلى العراق بعد الاحتلال الأمريكي سنة 2003، خصوصا مع فضيحة سجن أبو غريب. ومع الربيع العربي وبداية ثورات الدول العربية، نجد من جديد أن ظاهرة الاغتصاب والعنف الجنسي بكل أشكاله شكلت أهم أدوات السياسة العقابية على نطاق واسع وممنهج بحق الضحايا من المعتقلين والمعتقلات، كما شهدت ساحات المظاهرات والاعتصامات أساليب شبه متشابهة بين جميع البلدان العربية الثائرة، كتجريد الفتيات من الملابس بقصد الاغتصاب أو التحرش. وقد تم توثيق حالات كثيرة بالفيديوهات والصور.
واليوم يستمر تعنيف واغتصاب النساء على يد العصابات السياسية المتخفية وراء الدين التي أخذت تطفو على السطح في البلدان العربية، تسوق النساء خارج بيوتهن ليتم استغلالهن وبيعهن كسلع جنسية في سوق الرق المحلي والدولي وإعدامهن مع حركة الدواعش التي أسفكت دماء النساء والأطفال في رمال الصحراء وأحلت الاغتصاب بفتوى دينية،بما في ذلك ممارسة الاستعباد الجنسي، خاصة في سوريا والعراق، حيث تصبح المرأة هي الضحية الأولى والمستهدفة الرئيسية من الجماعات الدينية المسلحة رغم التحولات التي طرأت في العصر الحديث على قيم العدالة والسلم. ففـي تــل كلخبحمــصالسورية مثلا، اقتاد جنود النظام السوري عددًا من النساء إلى مسجد المدينة لاغتصابهنّ هناك، فاتحين مكبِّرَ الصوت في المسجد ليصل صراخهن أثناء الاغتصابإلى أقصى مدى يُرهبون ويهينونَ به البشر والحجر.
ولا يزال يتم الكشف عن أعمال كبيرة من العنف الجنسي في الصراعات الظاهرة والخفية التي تؤكد أن ظاهرة العنف الجنسي مستمرة بنتائجها السلبية في كل بؤر النزاعات والحروب بالعالم، حيث النساء والفتيات يغطي صراخهن أصوات الرشاشات. وفي السياق نفسه تابعنا مؤخرا معاناة النساء في دارفور بالسودان ومعاناةمسلمات ومسلمي بورما.
بمعنى أن ممارسة العنف ضد المرأة ينتشر في أنحاء مختلفة من العالم، وهو فضيحة خفية في مجال حقوق الإنسان لأن حقوق المرأة هي من حقوق الإنسان.
وهكذا يتضح وحسب ما جاء عند المؤرخة سوزان براونميلر في كتابها "ضد إرادتنا: الرجال النساء والاغتصاب" أنَّ الاغتصاب كان وسيلة حربية على مر التاريخ، فقد كان هدفا للرجال في الحروب وليس النساء، وقد لجأ الرجال إلى ثقافة الاغتصاب هذه قديمًا وحديثا
واستفادوا منها لصالحهم وسيلةً لتكريس الهيمنة الذكورية بإبقاء النساء في حالة من الخوف، بهدف إذلال الطرف الآخر وترهيبه، كتكتيك عسكري متعمد لتحقيق أهداف سياسية، من بينها إذلال المعارضين والمعارضات السياسيين، أو لدفع الأقليات العرقية على الخضوع أو المغادرة، أو لترهيب المجتمع وحمله على الإذعان وغيرها، وبالتالي فإنه من الخطأ الاعتقاد أن هذه الاعتداءات هي مجرد إشباع لحاجات الجنود والثوار الجنسية.
صور من مشاهد اغتصاب النساء الذي يبقى هو هو مهما اختلفت جنسية المرأة ولونها وعقيدتها وانتماؤها الاجتماعي.
فقد تختلف ملامح المغتصبة لكن لا تختلف معاناتها
https://www.google.com/search?q
4- تجريم العنف الجنسي والمقررات الدولية
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم، بنيت ترسانة قانونية قوية ضد العنف الجنسي في زمن الحرب والنزاعات المسلحة، وإن كانت بدايتها محتشمة فقد انتهت سنة 1949 في اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية السكان المدنيين في زمن الحربإلى تحريم الاغتصاب في مناطق النزاعات الأهلية،لتبدأ رحلة مبادرات دولية مكنتنا من وضع مجموعة من القوانين والمساطير للقضاء على العنف ضد المرأة، فكان مؤتمر فيينا عام 1993 معززا ومكملا لعمل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، خاصة بعد تعيين راديكاكوماراسوامي كأول مقرر خاص بالأمم المتحدة، مَعْنِي بالعنف ضد المرأة وأسبابه ونتائجه([1])، وإصدار الأمين العام بطرس بطرس غالي بيانا يحدد بوضوح دور الأمم المتحدة في "تعزيز" و"حماية" حقوق المرأة. لتتكثف الجهود حول القضاء على مختلف أشكال العنف بعد مؤتمر بكين بشأن المرأةعام 1995، والتأكيد على بذل الجهود الضرورية لمنع ومعاقبة مرتكبي العنف ضد النساء والفتيات وتوفير الحماية للضحايا. كما نص قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325 من سنة 2000 وقرار رقم 1820 من سنة 2008 على تعهدات المجتمع الدولي الخاصة بمحاربة العنف ضد النساء في أوضاع النزاع المسلح. بل أكثر من هذا أذان البند السابع من ميثاق روما الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، واعتبره جريمة حرب، أو جريمة ضد الإنسانية، مؤكدا ضرورة استثناء جرائم العنف الجنسي من أحكام العفو العام في سياق عمليات حل النزاعات. وفي نفس الاتجاه، اتخذ مجلس أوروبا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا العديد من المبادرات حول العنف ضد النساء وهي مؤسسات يلعب الاتحاد الأوروبي داخلها دورا مهما. ويبين قرار البرلمان الأوروبي الصادر في عام 2005 الجهود والخطوات والإجراءات المحددة التي يجب اتخاذها لمحاربة العنف القائم على نوع الجنس والاتجار بالبشـر لأغـراض الاستغلال الجنسي وغيره من أشكال الاستغلال ورصد تنفيذها، وتكثيف الإجراءات عن طريق وضع استراتيجية شاملة ومتعددة التخصصات ومنسقة لمحاربة الاتجار، وتعزيز التدابير لمعالجة جميع العوامل التي تشجع على الاتجار بالنساء والفتيات، وذلـك بتقوية التشريعات القائمـة بغيـة تـوفير حمايـة أفضـل لحقـوق النسـاء والفتيـات ومحاكمـة مقتـرفي هذه الجريمة ومعاقبتهم.
وغير بعيد عن المنظمات الدولية والأممية، نجحت الحركات النسائية على امتداد سنوات طويلة في إقامة التنظيمات النسائية على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية والدولية، مشاركة بقوة في موجة الاحتجاجات ضد العنف الممارس على بنات جنسهن، فشاركت في الاجتماعات الدولية ومؤتمرات الأمم المتحدة، واحتشدت أعداد منهن في الاجتماعات، ونزلت في المظاهرات بالشوارع، وكتبت في الصحف، ودونت تغريدات على مختلف مواقع الاتصال الإلكترونية التي تساهم في سرعة توصيل المعلومة. وركزت حركة حقوق الإنسان الخاصة بالمرأةعلى توسيع التعريفات الحالية للحقوق بمايغطي المزيد من الانتهاكات المرتكبة ضد المرأة بصفة خاصةوتقديم حلول وطرائق للإنصاف في مايتعلقب الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة،كماركزت على التداخل والترابط بين الحقوق نفسها بغية الموازنة والربطبين المبادئ المنصوص عليها في صكوك منفصل.
خاتمة
وعلى الرغم من الأشواط الطويلة التي قطعتها المرأة على طريقة أخذ الحقوق ومحاربة العنف، إلا أنها ما زالت بعيدة عن المستوى الذي يضعها بمصاف العدل والإنصاف. فأكيد أن القرارات وحدها لا يمكن أن تؤدي إلى حماية حقيقية للمرأة من العنف، بل يتطلب الأمر وضع استراتيجيات جماعية "تستند إلى منظومة القيم النظرية المشتركة بين كافة الأديان والأمم والشعوب، بحيث لا تنفرد قوة وحيدة، أو دولة مهيمنة، بوضع هذه الاستراتيجيات، وأن تسعى لقلب ودحض معايير القـوة المحضـة، والتمييز (العنصري والديني والثقافي... )، وانفصام الأخلاق عن السياسة باعتبار أن هذه هي المعايير السائدة والمسيرة لمجمل العلاقات الدولية الراهنة، والمتسببة -في الوقت نفسه- في خلق مصادر التوتر والنزاعات، وفي وقوع الصراعات والحروب وإلحاق المظالم بالشعوبالمستضعفة.
كما يتطلب الأمر مؤازرة ومساندة ضحايا العنف والاغتصاب التي تتخطى الحدود الدولية والإقليمية، بتقديم المساعدات والخدمات الاجتماعية، والسهر علىتحسين وضعهن الصحي والنفسي، وتعزيز طرق المقاضاة والمحاسبة، وتحديد مسؤولية المجرمين، وتحريك الضمير الإنساني، وخلق آلية مشتركة لعمل النشطاء المناهضين للعنف، وحث الدول على الوفاء بالتزاماتها وتقديم الدعم والتعاون للمنظمات الغير الحكومية، مع إيجاد قوانين وتشريعات أكثر صرامة تحمي المرأة والجماعات المستضعفة من مختلف أشكال العنف في زمن الصراعات المسلحة بغض النظر عن المكان والدولة والعرق واللون أو العقيدة. وعليه تعتبر المطالبة بحماية المرأة من مختلف أشكال العنف ليس مطلبا موجها فقط لمجلس الأمن، وإنما ينبغي أن يوجه أمام الدول التي لم ترتق بعد لشرف التصدي القانوني والمجتمعي والثقافي لهذه الجريمة.
المصادر والمراجع:
أ.عجناك بشي (يمينة)، المــــرأةفي الشعر الإصلاحي الجزائري الحديث، جامعة الجزائر 2، ضمن: مجلة الأطهار، عدد 19، السنة 2014.
ابن منظور الإفريقي المصري، لسان العرب، بيروت، دار صادر، د. ت.، ج. 9.
الثعالبي (عبد العزيز)، تونس الشهيدة، ترجمة سامي الجندي، بيروت، دار القدس، 1975.
الحيدري (إبراهيم)، سوسيولوجيا العنف والإرهاب، دار الساقي، 2015.
الخطيب (أحمد)، الثورة الجزائرية: دراسة وتاريخ، بيروت، دار العلم للملايين، 1957.
شكاك (صالح)، المغرب العميق ورديغة الكبرى 1873- 1956- مساهمة في دراسة تاريخ الجهات بالمغرب العميق المعاصر، الرباط، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، 2010.
الطريس (محمد العربي)، محمد العربي إلى القائد الحاج الطيب الصبيحي، في موضوع اختطاف رحمة بنت محمد المباركي بتاريخ 13 جمادى الأول عام 1326/ 13 يونيو 1909، سلسلة1، مح. 6. وثيقة 668، الخزانة الصبيحية.
الفاسي (علال)، الحركات الاستقلالية في المغرب العربي، الدار البيضاء، مطبعة النجاح، ط. 5، 1993.
فنان (جمال)، نصوص سياسية جزائرية في القرن التاسع عشر 1830- 1914، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 1993.
قصاب (أحمد)، تاريخ تونس المعاصر 1881- 1956، تعريب حمادي الساحلي، تونس، الشركة التونسية للتوزيع، 1986.
مريوش (أحمد)، الشيخ الطيب العقبي ودوره في الحركة الوطنية الجزائرية،الجزائر، 2007.
Ageron (Ch. Robert), Histoire de l'Algérie contemporaine, Paris, Presse Universitaire de France 1964, 2éd, t.1.
Bakalti(S.), La femme Tunisienne au temps de la colonisation,1881- 1956, Paris, L' Harmattan, 1996.
Bakalti(S.), Mouvements et organisations féminines de lutte de libération natinale en Tunisie, Tunis, Publications de L'I.S.H.M.N., 1999.
Bakalti (S.), Formation professionnelle et travail féminin au temps de la colonisation, in Histoire des Femmes au Maghreb: culture matérielle et vie quotidienne, Tunis, Centre de publication universitaire, 2000.
El Qadéry (M.), Femmes de Bordels Militaires de Campagne. Les BMC de l'armée coloniale française au Maroc", in Des Femmes sur les routes, voyages au féminin entre Afrique et Méditerranée, Travail collectif: Miriam Chekh et Michel Péraldi, Casablanca, Le Fennec, 2009.
El Qadéry (M.), Femmes de Bordels Militaires de Campagne.
Houdas (O.), Ethnographie de L'Algérie,Paris, 1886.
Mouhsine (R.), Filles de joie, vie de misère, in Zamane, n° 35, octobre 2013, pp. 54- 57.
http://archief.wereldomroep.nl/arabic/article/2571
https://ar.wikipedia.org/wiki/ إعلان_بشأن_القضاء_على_العنف_ضد_المرأة
https://digitallibrary.un.org/record/543458/files/E_CN.6_2005_10-AR.pdf
رسالة مؤرخة ٢ آذار/مارس ٢٠٠٥ موجهة إلى الأمين العام مـن الممثـل الـدائم للكسمبرغ لدى الأمم المتحدة.
http://www.mohamedzitout.com/2013/11/05/قال-الكاتب-حضارة-فرنسا-في-الجزئر)
محمد العربي زيتوت/ الموقع الرسمي، قال الكاتب "حضارة" فرنسا في الجزائر، 5 نونفمبر 2013.
http://midan.aljazeera.net/reality/community/2017/8/15/الاغتصاب-أداة-الأنظمة-القمعية-لإذلال-الشعوب
ليلى الرفاعي، الاغتصاب... أداة الأنظمة القمعية لإذلال الشعوب
http://ochaonline.un.org/News/InFocus/SexualandGende, Comité France- Maghreb."Sexual and Gender-Based Violence in Conflict: A Framework for Prevention and Response".UnitedNations Office for the Coordination of HumanitarianAffairs, 2008.