اللغة، الكتابة والنقوش النوميدية خلال الفترة الرومانية في بلاد المغرب القديم

(منطقة الشافية بالشرق الجزائري أنموذجا)

 

د.مها عيساوي

- جامعة تبسة

 

 

الملخص :

تتناول الدراسة إشكالية تبحث في شقها النظري في طبيعة اللغة والكتابة التي كانت متداولة بين سكان المغرب القديم خلال الاحتلال الروماني ، وكذا أهم محاولات التدوين في النقوش اللوبية والتي أصبحت تعرف بالنقوش النوميدية لاحقا ، و كذلك تنظر الدراسة في دور تلك النقوش في دراسة الحياة الاجتماعية للنوميديين .

أما في شقها التطبيقي فتتناول المداخلة النقوش في نوميديا في إقليم هيبوريجيوس ، وذلك من خلال دراسة ميدانية لموقع الشافية التابع إداريا لدائرة بوثلجة بولاية الطارف .

 

مقدمة

تحدَّث المجتمع النوميدي لغة تطورت عن اللغة القديمة الشفاهية التي تكلمها المجتمع المغاربي القديم منذ بداية الفترة التاريخية ، واصطلح عليها المؤرخون باللغة اللُّوبية ، وقد كتبت في بداية الأمر بحروف فينيقية ثم حاكت البونية و البونية الجديدة ، لتستقل بأصواتها ومعانيها خلال مرحلة حكم المملكة النوميدية ، ثم تأخذ صورة متطورة في مرحلة الاحتلال الروماني تمثلت في النقوش المزدوجة الكتابة .

وبنا على ما سبق نطرح الإشكال التالي : ما هي الصورة التاريخية والأثرية للغة والكتابة اللوبية في بلاد المغرب القديم خلال فترة الاحتلال الروماني في منطقة كانت تصنف من المناطق ذات الأغلبية النوميدية ؟ وما هي أهم المعطيات الدالة على استمرارية اللغة والكتابة المحلية في فترة احتلال دامت عدة قرون ؟

أطلق الباحثون في مجال اللسانيات السامية على اللغة اللوبية تلك الأصوات وذلك الكلام الذي تداوله المجتمع المغاربي القديم منذ الألف الأولى ق.م ، أي منذ وجوده في صورته القبلية البسيطة التي جسدتها الوثائق المصرية في قبائل التحنو و التمحو ثم المشوش و اللبو ، وقد اتضحت معالم تلك اللغة في مرحلة حكم أسرة شيشنق المتمصِّرة 1 ، كما تكلَّمت بها أيضا القبائل المنتشرة على طول المستوطنات الفينيقية في غربي المتوسط والتي جمعتها مع الفينيقيين علاقات تجارية .

هكذا ، تكلمت القبائل اللوبية لغة استرعت هيرودوتس فكتب عنها ، و استمرت في التداول بين أفراد قبائل الاتحاد الماصيلي والماصيصيلي والموري فيما بعد .

إن الملاحظ هو أن الباحثين عندما أطلقوا تسمية " اللوبية " على نوع اللغة التي تكلمها السكان الأصليون ببلاد المغرب القديم ، لم يكن ليراعَى فيا أدنى تمييز للفترات التاريخية التي ظهرت خلالها ، وبالتالي فإن المقياس الجغرافي لهذه التسمية ينطبق– مثلا – على الفترة المحصورة بين القرن الثامن ق.م والقرن الرابع ق.م ، أما تسميتها باللغة النوميدية فينطبق على فترة الممالك المحلية سوا النوميدية أو المورية .

عليه ، فإنه يمكن القول بأن تسمية اللغة اللوبية تتوافق ومصطلح المجتمع اللوبي ، أما اللغة النوميدية فتتوافق مع المجتمع النوميدي ، وفي حقيقتها فهي لغة واحدة استمرت مع المجتمعين.

 

أولا : قراءة تاريخية في لغة المجتمع النوميدي

 

 1 - الدلائل التاريخية على وجود لغة لوبية في المصادر الأدبية

لم يتناول هيرودوتس 1بالذكر اللغة التي تكلمها اللوبيون ، فمن الممكن أن هذه القضية ليس مردها جهله بتلك اللغة ، وإنما لكونها لا تشكل قضية عنده يمكن أن يكتب عنها ، بل كان ينبئ ضمنيا تغييبه الحديث عن لغة اللوبيين أنها متشابهة وأنهم يتكلمون لغة واحدة بلهجات ولكنات مختلفة ، لكن في النهاية كان الجميع يفهم بعضهم بعضا .كما اعتبر بعض المؤرخين أن تسمية اللغة التي تكلمها السكان منذ تأسيس قرطاجة هي اللغة اللوبية الأكثر دقة ، وذلك بنا على الوحدة العرقية لسكان المغرب القديم.

تجدر الإشارة هنا إلى أن المؤرخ هيرودوتس عندما ذكر نص المساومة الخرسا ، لم يقصد به أن اللوبيون لا لغة لهم ، بل نظرا لأعجمية و صعوبة كلامهم وعدم اكتراثهم – آنذاك – بملَكَة تعلّم لغة الآخر، ولذلك لم يكلفوا أنفسهم عنا حذق اللغة ، فتوصلوا مع التجار الفينيقيين إلى وسيلة اتصال رمزية ، وكان الأوْلى بالفينيقيين التجار أن يحذقوا هم لغة الذين وصلوا إليهم .

كما أنَّه لا توجد شواهد أثرية تشير إلى أنَّ اللُّوبيين خلال القرون الثلاثة السابقة لتأسيس المملكتين النوميدية و المورية قد دوَّنوا لغتهم في صورة أبجدية أو على الأقل في صو رة رموز كتابية ، إذ أن اللوبيين قد بدؤوا يدونون بعد أن عرفوا الاستقرار والتمدن ولم يتأت لهم ذلك إلا منذ القرن الثاني ق.م .لكن الشواهد الكتابية كثيرة على أنهم تكلَّموا لغة مشتركة ، فمثلا : إن شخصية الملك حيرباص التي ذكرها المؤرخ ستيفان جزال عن كل من المؤرخ  للاتيني تيميوس ) Timius Taorminus ) 3 و ميناندروس الأفسسي ) Minandrus

) من كونه رئيس قبيلة لوبية ابتاعت منه الملكة الفينيقية عليسة خلال القرن التاسع ق.م ، قطعة أرض تلك التي بنت عليها قرطاجة ، فمن المؤكد أن علاقة البيع والشرا كانت قد تمت مشافهة وأن المفاوضين في العملية قد نجحت وسيلة الاتصال بينهم في عقد تلك الصفقة وبالتالي فإن فلعل اللغة اللوبية تعود إلى الفترة المذكورة سابقا ؟

كما ذكر المؤرخ ستيفان جزال أيضا عن المؤرخ اللاتيني تيتيوس ليفيوس وبومبيونوس ميلاَّ و بلوتاركيوس أن  يرباص ملك اللوبيين كان على علاقة جيدة مع الملكة عليسة وأتباعها مما يعكس أن وسيلة التفاهم بينهم كانت في  داياتها حسنة .

2 وضعية اللغة النوميدية في محيطها الاجتماعي قبيل الاحتلال الروماني

لقد كانت اللغة اللوبية لغة اجتماعية شأنها في ذلك شأن العديد من اللغات القديمة لكن من الواضح أنها لم ترق إلى المستوى الذي كانت عليه لغات الشرق الأدنى القديم كاللغة المصرية القديمة ، وقد ظهرت اللغة اللوبية في بلاد المغرب القديم بلهجات عديدة ، وتكلمها المجتمع اللوبي منذ أن تكوَّن في صورته القبلية البسيطة ، حيث أتاحت تلك اللغة لأفراده الاتصال في ما بينهم ، فحملت أفكارهم وأسهمت في وجودهم وإقامة علاقات فيما بينهم وبين مجتمعات العالم القديم المجاورة لهم ، وهكذا كانت تعتبر لغة مفهومة عند أفراد المجتمع اللوبي القديم على امتداد المساحة الجغرافية التي شغلها مع اختلافات فرضتها عملية النطق الإنساني .

هكذا كانت اللغة اللوبية نظاما معيَّنا من اللهجات و الأصوات ، كما يعبِّر عنها علما اللغة ، وقد تعارف على ذلك النظام المنطوق جميع اللوبيين في ما بين غرب نهر النيل إلى رأس سولويس ، فكانت لغة صوتية كلامية منطوقة ذات جرْسٍ مسموعٍ عبَّر بها اللوبيون في مجتمعاتهم القبلية عن مختلف شؤون حياتهم اليومية فنشأت وازدهرت ، ثم أخذت تستقل كل جماعة بلهجتها حت توصلت اللغة إلى الانقسام في الفترات التاريخية اللاحقة وبالأخص في العهد النوميدي ، بعد أن تعارف الأفراد سلفا على نظام ذي دلالة معينة تعبر عن أفكارهم فأنتجوا فيما بعد الأبجدية الأفقية والعمودية .

لقد ظل مستوى هذه اللغة وحيدا يتوضع في المستوى الصوتي 4 الذي يحدد الكلمات أو أجزا منها وفق أنماط مقبولة ومتعارف عليها ضمن لغات العالم القديم المتزامنة معها كاللغة البونية .فمثلا : نجد أسما الأعلام والصيغ النذرية مدونة بحروف صامتة في نصوص النقائش، وهذا ما يعني أن الكلام ينطق في منظومة متناسقة ، أما الحروف الصامتة فتفهم من سياق النصوص المصاحبة لها في النقائش المزدوجة اللغة بونية – لوبية التي ظهرت في العهد النوميدي .

 

ثانيا : قراءة لسانية في لغة المجتمع النوميدي :

 

1 – المقياس اللغوي المحدِّد للغة النوميدية

إن مختلف خصائص ومزايا اللغة الإنسانية التي وضعها علما اللغة واللسانيات كمقاييس لتحديد لغة ما ضمن قائمة اللغات العالمية القديمة الميتة والحديثة الحية، لتنطبق على اللغة النوميدية ، فالمقياس اللغوي من خلال  تعريفات بعض علما اللغة ، هي كما يعرفها مثلا عالم اللغة الشهير ابن جني : " أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم " .  وإذا طبقنا هذا التعريف ، نجد بأن اللغة اللوبية هي مجموعة من اللهجات التي كان يفهمها أفراد المجتمع اللوبي و يتداولونها . وهي عند ابن خلدون : " ملَكَات في اللِّسان للعبارة عن المعاني وجودتها وقصرها بحسب تمام الملكة أو نقصانها " .

يعرف عن اللغة النوميدية أنه قد تكلمها أبنا مجتمعها بجودة وحذقوا معانيها . لقد عرَّف أشهر علما اللغة في المدرسة الغربية ومنهم : هنري سويت و هيرمان بول وروي هجمان و كندراتوف وستيفن أولمان و فرديناند دي سوسير وناعوم شومسكي وأندريه مارتينيه اللغة فقالوا عنها ما يلي : " هي قدرة ذهنية يمثلها نسقيتكون من رموز منطوقة ، يتواصل بها أفراد مجتمع ما " .  وإذا طبقنا هذا التعريف على المعطيات التاريخية المعروفة عندنا عن اللغة النوميدية ، جد بأنها كانت نسقا من الرموز الكلامية تميزت بوضوح معانيها بين اللوبيين.

بنا على ما سبق ، فإن اللغة النوميدية هي : تلك الصورة الذهنية المنتشرة بين أفراد المجتمع الواحد باختلاف الأصوات ، وقد توقفت اللغة اللوبية عند المستوى الأول من مستويات قياس اللغة ألا و هو المستوى الفونولوجي ) الصوتي ( . بالتالي لا يمكن فهم اللغة النوميدية ودراستها إلا من خلال مقاربتها مع اللهجات المنبثقة عنها وهي اللهجات الأمازيغية المنتشرة في كامل شمال أفريقيا ، وهذا ما قام به علما اللغة وفي مقدمتهم سالم شاكر  وليونال جالان  اللذان وجدت أعمالهما صدى كبيرا لدى المؤرخين لما تميزت به من رؤية تاريخية أنثروبولوجية لغوية .

 

2 - مظاهر ومحاور اللغة النوميدية

وفقا للدراسات اللغوية النوميدية ، فإن تلك الأخيرة كانت ظاهرة اجتماعية لها مظهرين ومحورين هما :

- المظهرالأول : هو الصورة الذهنية التي توجد في عقل الجماعة اللغوية .

-المظهر الثاني : هو مظهر الواقعية أي أنه كانت هناك مجموعة من الأصوات أو نظام الرموز الذي تكلم به الأفراد فعلا .

بناء عليه فاللهجات اللوبية – حسب نظرية اللغوي دي سوسير – هي وجه من أوجه النشاط الاجتماعي الإبداعي تحكمت فيه عوامل جغرافية أثرت على التركيبة التشريحية لجهاز النطق ، و هي النشاط الممارس من أفراد المجتمع وفق أدوات معينة . ولأن اللغة اللوبية نشاط اجتماعي فقد أسست على محورين :

- المحور الأول : هو محور الزمان والمكان حيث عرفت اللغة اللوبية تنوعا لهَجَياًّ بسبب العوامل التاريخية والجغرافية .

- المحور الثاني : هو محور التنوع الاجتماعي أي انتظام المجتمعات الصغرى في مستويات وطبقات تتناسب مع التوزيع اللهجي .

 

3 - خصائص اللغة النوميدية

كان مستوى الأصوات والحروف في اللغة اللوبية قويا ، شديد الطاقة ، ومخارج الحروف متنوعة حسب تقطع الجهاز الص وتي ، احتوت على أصوات صفاتها مجهورة ومهموسة معظمها لهوَيَّة ومزدوجة وهي : ) ق ، غ ، خ / ب ، م ، و( .

تفتقر اللغة إلى الحروف الأقصى حلقية ) مثلا حرف : ع ( ، أما ما وجد في نصوص النقوش فهو لا يتعد تخمينات ، ولأن السكان تكلموا البونية فقد غيروا من نظامها الصوتي لكن التحول كان بسيطا ، متدرجا ومحدودا قبل سقوط قرطاجة . ولعله زاد تأثيرا في فترة ازدهار المملكتين النوميدية والمورية ، إلا أن الثابت أن هؤلا لم يكتبوا كثيرا لأنهم اعتمدوا على المشافهة في نقل خبراتهم وفي كل المجالات بعكس البونية التي تركت تراثا جيدا يمكن معرفة الكثير منه .

وقد ساد التنوع اللهجي في مجتمع القرية والمدينة ، كلٌّ نَطَقَ بطريقته الخاصة ، وهذا طبيعي وراجع إلى العوامل الاختلافية بين الأفراد ، والتنوع اللَّهَجي ليس نقصا أو عشوائية في التعبير ، وإنما لأنَّ النظام اللغوي عند المجتمعات الصغيرة الفرعية مبني دائما على التقابل والتباين والاختلاف وللعوامل الجغرافية دائما أثرها الكبير في ذلك .

 

4 - مكانة اللغة النوميدية بين لغات العالم القديم

إن ندرة النصوص القديمة التي تتناول تاريخ هذه اللغة ومفرداتها في المصادر الكتابية ، بل والتجاهل الذي مورس عليها في كثير من الأحيان من طرف المؤرخين القدامى ، من حيث ندرة تناولهم للوضع اللغوي في المغرب القديم ، بالإضافة إلى قلة تنوع الشواهد الأثرية التي اقتصر معظمها على الجانب الديني .

كلُّ هذا أثر تأثيرا كبيرا في تعميق المعارف حول ما يتعلق بالمستوى اللغوي عند أفراد المجتمع النوميدي ، ومدى تعامل أبنائه بها في الساحة الثقافية النوميدية التي كانت تعج – آنذاك - باللغات المتوسطية كاللغة البونية واللغة اليونانية .

وبحكم تبني أسرة الملك مسنسن الحاكمة للثقافة الهلِّينية ، فإن اللغتين البونية واليونانية كانت لغتان لهما مكانة كبيرة في المملكة النوميدية ، فإذا كانت البونية هي لغة الطبقة الثرية في المجتمع ، واليونانية لغة الطبقة المثقفة المتهلينة ، فإن اللغة اللوبية كانت لغة جميع النوميديين ، باختلاف أصواتها ونطقها من قبيلة إلى أخرى في المدن الداخلية والقرى ، وهكذا أعلى النوميديون لغتهم واعتزوا بها .

وكان يفرَّق بين المغاربة القدما عموما وبين الغربا في نطق بعض الحروف التي تختص بها قبيلة دون أخرى مثل حرف الخا المفخَّم .

و لأن اللغة تتأثر بالوضع السياسي ، فإنها قد ازدهرت في عهد الممالك المحلية المستقرة كعهد الملك مسنسن .

بالمقابل ، ضعف استخدام اللغة اللوبية خلال القرن الأول ق.م وذلك بسبب منافسة اللغة اللاتينية لها بفعل الاحتلال الروماني لبلاد المغرب القديم ، فأصبحت مكانتها بين اللغات القديمة محصورة في التداول بين سكان المدن والقرى ذات المنشأ اللوبي ، واقتصرت عملية تدوينها في المناطق الداخلية على احتياجات دينية .

وهكذا بقيت اللغة النوميدية متداولة بين السكان كلُّ بصوته ولكنته ، وما اللهجات الحالية المتداولة المعروفة باللغة الأمازيغية الآن في كل من الجزائر والمغرب الأقصى وتونس وليبيا من : قبائلية وشاوية وميزابية وتارقية وشلحية ولهجات أخرى كلهجة سكان جزيرة جربة بتونس وأهل جبل نفوسة الإباضيين بليبيا سوى تأكيد بأنها كانت تنبع من أصل واحد متشابه في خصائصه اللغوية هو الأصل اللوبي .__

وخلاصة لما سبق يمكن القول أن اللغة الل وبية هي أصل اللهجات الأمازيغية المعاصرة ، وقد أجمع علما اللغة على أن أصلها من العائلة الحامية السامية ) Chamito-Sémitique ( ، وكانت لغة مختلف القبائل اللوبية في بلاد المغرب القديم ثم هي لغة النوميديين في مملكة نوميديا الموحدة منذ القرن الرابع ق .م . 1

 

ثالثا : من اللغة إلى الكتابة :

هناك تساؤلات كثيرة حول علاقة المجتمع المحلي بالكتابة : كيف تمثلت الصورة اللغوية في كتابة مدونة على النقوش ؟ من كان يكتب في المملكة النوميدية ؟ و هل كانت هناك فئة الكتبة على غرار ما كان في مصر القديمة وقرطاجة ؟ و هل كان من المف ترض أن يكون الكاهن كاتبا ؟

هل كتب سكان المدن والقرى ؟ هل كتب النوميديون على الحجارة فقط ، بحيث أن الذي وصلنا من شواهد أثرية لم يكن سوى أنصاب حجرية ولا أثر لرقيمات الفخار؟ وما هي الآثار الأدبية التي خلفها النوميديون مدوَّنة باللوبية ؟ للإجابة عن ذلك نقول أنه يوجد نوعان من الرموز الكتابية اللوبية ، فإذا افترضنا أنها لغة تكلمها اللوبيون في منتصف الألف الأولى ق.م ، وحذقوها خلال فترة لسيادة الحضارية القرطاجية ، فإن تدوينها هو المظهر الثقافي لسيادة المملكة النوميدية الموحدة .

لقد توصل الباحثون إلى تقسيم الكتابة وتصنيفها بنا على مناطق تواجد النقوش التي احتوت النصوص اللوبية ، و اتجاه الأسطر أفقية كانت أم عمودية .

 

1 - أنواع الكتابات في بلاد المغرب القديم

أ - الكتابة اللوبية الشرقية

تعرف بالأبجدية الشرقية ، تدوَّن في النصب بشكل أفقي ، وكانت قد انتشرت في نوميديا الشرقية ، وعرفت بكتابة قبائل الماصيل .

لم ترد نصوصها منفردة في النقوش وإنما كانت مزدوجة الكتابة منها البونية – اللوبية ، ومنها البونية الجديدة – اللوبية ، وفي مرحلة لاحقة شاعت النقوش المزدوجة اللاتينية – اللوبية .

لقد سمحت ازدواجية النصوص لعلما اللغة بفك رموز الكتابة اللوبية ، وتحديد عدد حروفها وكذا تعيين القيم الصوتية لتلك الحروف في اللغة الشرقية الماصيلية ، وتنتمي إليها نقوش دوقة والنقوش المكتشفة في بعض المدن الداخلية مثل : ماكتريس و بونة و تيفست و كرتن و سيكا . كما أنه بفضل منهجية المقارنة ، تمكَّن الباحثون من معرفة معاني الرموز الكتابية اللوبية ، وهي التي أطلق عليها : الأبجدية النوميدية لأنها كانت تمثل فعلا وجه الإنتاج الثقافي للنوميديين ، بحيث لا تكاد تخلو منطقة شغلها الماصيل لا تحتوي على عدد من النقوش .

ب - الكتابة اللوبية الغربية

تعرف بالأبجدية الغربية ، وكانت تدوَّن بطريقة عمودية ، وقد انتشرت في كامل نوميديا الغربية ، أي في بلاد الماصيصيل ، ولكن هذا لم يمنع من انتشارها في بعض مناطق الماصيل ، ذلك أن رسم بعض الأحرف في الكتابة الغربية يشبه في رسمه بعض الأحرف في الكتابة الشرقية .

تضمَّنت النقوش اللوبية المكتشفة في نوميديا الغربية عددا محدودا من النصوص الكتابية التي تنتمي للأبجدية الغربية ، وقد وصل عددها إلى ثمان وثلاثين حرفا . ولا تزال القيم الصوتية للحرف الكتابي في الأبجدية الغربية غير معروفة لأن معظم النصوص لم تكن مزدوجة بكتابة رسمية تسمح بالمقارنة والتحليل اللغوي كما كان الحال في نقوش دوقة ، وإنما كانت وحيدة الكتابة .واشتهرت النقوش العمودية بانتشارها في المناطق الريفية ، وهي ذات طابع جنائزي.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه : لماذا كانت الكتابة اللوبية الغربية مقتضبة في نصوصها ومقتصرة على الجانب الجنائزي ؟ هل لأن النوميديين كانوا يعتقدون في الفاعلية السحرية لهذه الرموز من أنها تفيد موتاهم في الحياة الثانية ؟ أم أنها ردة فعل يحاولون من خلالها إثبات حضورهم الثقافي ؟

مهما يكن ، فإن الكتابتين اللوبيتين الشرقية والغربية قد جا تًا من الابتكار المحلي لأفراد المجتمع المغاربي القديم ، وغرضها ذلك هو تدوين بعض القضايا التي رأى فيها السكان ضرورة لأن تدوَّن بتلك الكتابة .

لهذا كانت الكتابة اللوبية من الكتابات الرسمية المتداولة في الفضا النوميدي .

مما سبق ، نجد أن النوميديين كانوا قد توصلوا إلى مرحلة مزدهرة من التطور والتفوق الحضاري خلال حكم أسرة الملك مسنسن ، مما حمَّسهم إلى الاهتمام بالشؤون الحضارية ، و لو لم يسد الاحتلال الروماني لكانت المملكة النوميدية قد واصلت ازدهارها وتوفقها في مختلف مجالات الحياة .

 

رابعا النُّقوش اللوبية وأهميتها الحضارية

 

1 - ماهية النقوش اللوبية

النقوش اللوبية هي كتابات سُجِّلَت على نصبٍ حجريةٍ دينية جنائزية ، تضمنت إلى جانب النصوص الكتابية رموزا وأشكالا تصويرية ، وهي تشبه النقوش البونية في طريقة التنفيذ .

اكتشفت النقوش اللوبية من طرف بعض العسكريين والمهتمين بدراسة التاريخ والآثار من الأوروبيين أثنا الاحتلال الفرنسي للجزائر وتونس والمغرب الأقصى

و أشهر من اهتم بدراستها و تحليل مضامينها : )جيزينيوس Gesenius ( و)الجنرال جوداس Judas ( و)الضابط جوزيف هاليفي levyJ.Ha ( و)الجنرال فيدارب Faidherbe ) و) الطبيب فكتور روبو Reboud ) و )الضابط مينهوف Meinhof ( و )اللغوي ألفريد دي سولسي Alfred de Saulcy ) و )الأب جان شابو Abbée Chabot ) 5 و )جورج مارسي G.Marcy . ) 6

تعد المصدر المادي الأول الذي يؤكد أن المغاربة القدما قد عبَّروا عن لغتهم المحلية برموز كتابية ، 7 هذا وقد جمعت وصنفت النقوش المكتشفة فيما بين ) 1837 – 1940 ( في ديوان النقوش اللوبية للأب شابو الذي درس 1125 نقش دراسة تاريخية ولغوية متميزة جمع فيها مختلف أعمال الباحثين الذين سبقوه ، فكان ديوانه المصدر الأهم في دراسة النقوش اللوبية .

 

2 - الحياة الاجتماعية من خلال مضامين النقوش

احتوت النقوش اللوبية التي تعود إلى فترة القرن الثاني ق.م على معلومات هامة أماطت اللثام على الكثير من جوانب الحياة الاجتماعية للمجتمع النوميدي في مجال الدين واللغة ، وقد استطاع المؤرخون معرفة بعض أسما الأعلام ومكانتهم الإدارية والعسكرية .

أ - أسماء الأعلام

إن أبرز أسما الأعلام كانت خلال فترة ازدهار حكم المملكة النوميدية هي أسما ذات طابع محلي خالص ، وأغلبها أسما رجال ، مثل : " مسيرن ، منكده ، مسوه " و أسما كثير أخرى. كما توجد أيضا أسما أعلام لوبية متأثرة بنمط أسما الأعلام البونية مثل : " شنك ، تنكو ، عريش ، عنكان ، عطيبان " .  وهكذا ، فمن خلال دراسة أسما الأعلام في مجموعة النقوش اللوبية ، نجد أن النوميديين قد عملوا على الحفاظ على الهوية اللوبية للمتوفين ، وذلك عن طريق تدوين أسمائهم المحلية على شواهد قبورهم التي تعد معبرا لانتقالهم إلى الحياة الأخرى.

ب - النسب

لا يخلُ نقش لوبي من إشارة إلى نسب المتوفي وأحيانا إلى القبيلة التي ينتمي إليها ، بد اً من النقوش المزدوجة لوبية- بونية ، ووصولا بالنقوش وحيدة الكتابة .

فمثلا بالنسبة لنسب المتوفي : احتوى نقش دوقة الأول على الأنساب الآتية : " عطيبان بن يفمتاح بن فلو " و " أباريس بن عبد عشترت " و " زمر بن عطيبان " ، مما يعني أن الشخص ينسب لأبيه وجده في ما لا يدع أي مجال للشك بأن الأسرة كانت أبوية .  أما في نقش دوقة الثاني ، فنجد نسب العاهل النوميدي على النحو الآتي : " مسنسن بن جايا بن زلالسن " ، كما نجد أيضا نسب الأشخاص إلى الأب مثل " زمر بن مسنف بن شمن "

مما سبق نجد أن النقوش تؤيد صحة اسم الملك مسنسن المذكورة في العملة التي سكت في عهده ، وربما أيضا قيمتها الصوتية دون أحرف متحركة .

أما بالنسبة للقبيلة التي بنت الضريح النوميدي ، فقد ذكر في نقش دوقة الثاني " سكان بني فشن " وهي قبيلة كانت تقطن مدينة " تبجج " أي دوقة في عهد الملك مكوسن بن مسنسن .

هذا وقد ذكرت النقوش اللوبية أسما قبائل نوميدية ذات أصول محلية هما قبيلتي : " ندرمة " و " مسكره " ، اللتان استوطنتا إقليم هيبون وانتشرتا عبر ربوعها .

تجدر الإشارة إلى أن هذين الاسمين اسما قبيلتين ، وليسا من أسما الأعلام ، ولم يرد غيرهما من قبائل في النقوش المكتشفة .

ذلك أنه عند التنقيب الأثري الذي قام به فيدارب و روبو عثرا على مجموعة من النقوش اللوبية في مكان واحد ، ولعل هذا دليل على وجود مقبرة جماعية لأسرة واحدة من قبيلة واحدة ، أو لأبنا عمومة من قبيلة واحدة ، وكان هذا في مقبرة شعبة المكوس بوادي الشافية في الطارف بالجزائر، كما تكرر اسم " ندرمه " واسم " مسكره " الذي وجد في جميع النقوش اللوبية في مقبرة وادي القنطرة في جبال القطار بالطارف أيضا ، وهذا المكان سوف يظل محافظا على إنتاج النقوش حت فترة القرن الخامس للميلاد .

 

خلاصة لما سبق ، فإن الباحث في هذا الميدان يجد أن النصوص اللوبية لم تحتو على أكثر من الإشارة إلى نسب المتوفي ، و لذلك فإنه يتعين أن نعتبرها الإشعاع الأول الذي أفادنا بوجود كتابة للإنسان المغاربي القديم في ظل مناخ سيطرت عليه الإمبراطورية الرومانية ، فكانت بمثابة ردة الفعل الصامدة في وجه الاحتلال كما س يرد لاحقا .

 

خامسا : التنوع الثقافي و اللغوي في المغرب القديم خلال الاحتلال الروماني

منذ سقوط قرطاجة و إلى غاية حكم أغسطس سادت ثلاث ثقافات : اللوبية والبونية 1 واللاتينية ، وتوزع تأثيرها

الاجتماعي كالآتي :

- التأثير الثقافي اللاتيني : كان منحصرا في أبنا الطبقة الأرستقراطية ، وفي العهد الإمبراطوري الثالث تجاو زها إلى طبقة العامة .

- التأثير الثقافي البوني : كان متداولا بين الريفيين من النوميديين .

- التأثير الثقافي اللوبي : كان منحصرا في غير القبائل اللوبية ، غير أن الغالب عليها هو المشافهة ، كما سادت أيضا بين بعض اللوبيين المستقرين في المناطق الداخلية .

لقد أفرز ذلك التنوع الثقافي حضارة لوبية عرفت بالحضارة اللوبية الجديدة 2 وحضارة بونية مطعمة بالتأثيرات الرومانية ، ابتعدت كثيرا عن الصورة اللوبية القديمة التي عرفت منذ عهد هيرودوتس ثم سالوستيوس ، وذلك بشهادة الكم الهائل من النقوش اللاتينية التي عثر عليها في نوميديا ، وكذلك وجود نقوش لوبية صرفة تعود إلى عهد الازدهار الروماني في المناطق الريفية النائية .

هذا وقد درس علما النقوش 1 ما عثروا عليه في كامل المغرب القديم متعمقين في قضايا كثيرة في مجال الكتابة والقيم الصوتية للرموز وأسما الأعلام ومدلولاتها وتنظيم القبائل وديانتهم ، فوجدوا أن المجتمع المغاربي المحلي قد حافظ على لغته وعلى تواصلها ولم يسمح بضياعها في مواجهة المد الثقافي اللاتيني . 2

 

1 - النقوش ودورها في دراسة الحياة الاجتماعية خلال الاحتلال الروماني

حفرت النقوش التي عثر عليها في المغرب القديم منذ عهد أغسطس بثلاثة أنواع من الخطوط هي اللوبية والبونية واللاتينية ، وعكس هذا التنوع اللغوي والخطي في المنطقة وجود فئة متعلمة تقرا وتكتب بهذه الكتابات .

إذا كانت اللاتينية لغة وكتابة لها قواعدها النحوية والصرفية ، فإن الكتابة البونية الجديدة ظلت متواصلة ولا يوجد إحصا دقيق حول عدد النقوش في الفترة الرومانية على عكس الفترة السابقة التي قدرت النقوش بحوالي 2500 نقش .

أما النقوش اللوبية فقد قدرها شابو بحوالي 1100 نقش ، ثلثيها نقوش لوبية صرفة تعود إلى العهد الروماني .

2 - أنواع الكتابة اللوبية في الفترة الرومانية

انقسمت الكتابة اللوبية في فترة الاحتلال الروماني إلى أربعة أنواع 3هي على الترتيب من ليكسوس إلى تاكاب ) قابس حاليا( :

1 /الكتابة اللوبية الماصيصيلية الغربية : نقوشها ما بين طنجاي وفولوبيليس .

2 /الكتابة اللوبية الماصيصيلية الشرقية : نقوشها ما بين كارتيناي ) تنس( وإيومنوم ) تيقزيرت( .

3 /الكتابة الماصيلية : تمتد ما بين تيقزيرت إلى توبورسيكوبور ) تبرسق( والجم .

4 / الكتابة الجيتولية : تمتد ما بين جنوب فولوبيليس إلى جنوب تاكاب ، وهي التخوم الصحراوية والصحراء حيث كان الجيتول يتنقلون ، وهي المعروفة في المصادر بالكتابة التيفيناغية .  تجدر الإشارة هنا إلى وجود رموز نقوش جزر الكناري وهي رموز كتابية لوبية متميزة. أما النقوش اللاتينية فقد تم إحصا 50 ألف نقش في كامل المغرب القديم ، جلها مرتكز في المثلث الشمالي الشرقي للمغرب القديم ) البروقنصلية ونوميديا( ، وهي ثروة مصدرية مادية قد تضاهي تلك الموجودة في شبه الجزيرة الإيطالية .كما تم إحصا 600 نقش يحتوي على نصوص كاملة واضحة المعاني ثرية الأفكار جيدة التحرير ، استشف المؤرخون منها المستوى اللغوي الذي كانت عليه اللاتينية من حيث محتوى النص ومستوى النقش ، وهي ثرية ومتنوعة منها مثلا النقوش البلدية بتاموقادي ونقوش كويكول ونقوش مادور وغيرها كثير .

لقد أفادتنا النقوش اللاتينية بأسما أعلام متنوعة تعكس مقدار تقبل المواطنة في كل منطقة ، وقد بقي الكثير من الناس مخلصون لأطر الحياة التقليدية ، فظل الشعب قبليا ، وقد ألفت السلطة الرومانية هذا الوضع ، فكان لكل قبيلة ضابط روماني .

تعرضت الحضارة اللوبية الجديدة لتأثيرات ساميَّة بفعل العلاقات مع البونيين بالنسبة للمجال الجنائزي في نوميديا إذ نجد أضرحة وقبور وآبار دائرية من التومولوس والبازينات ظل يستخدمها الريفيون فضلا عن النواويس الرومانية المستطيلة ، كما أن آلهة باجا المحلية كانت دليلا آخر على محافظة أولئك الريفيين على تواصل الديانة البونية عندهم .

على كل ، فرغم صعوبة تحديد ملامح الإرث اللوبي في العهد الروماني - لأن المجتمع المحلي لم يترك سوى آثار قليلة في مجال اللغة نظرا لانتشارها في مناطق دون غيرها - فإنه من المؤكد أن استخدام اللاتينية عند الريفيين والبدو كان محدودا جدا .

هكذا ، فالحضارة اللوبية الجديدة حافظت على نظامها القديم وتقاليدها الاجتماعية والدينية ، كما أنَّ الأدبا الأفارقة كانوا مزدوجي الثقافة فإلى جانب حذقهم اللغة اللاتينية ولإبداعهم فيها ، فقد أتقنوا لغة آبائهم ودليل ذلك تلك النصوص المدرجة في كتاباتهم الموحية باعتزازهم بأصولهم ، مثل أبوليوس وفرونتونيوس وترتيليانوس وأوغسطين وس .

 

سادسا - تطور النقوش والكتابة اللوبية خلال الفترة الرومانية المتأخرة

 

1 – أنواع النقوش

أ- النقوش المزدوجة لوبية لاتينية

قدم القديس أوغسطينوس معلومات قيمة عن المزارعين المتواجدين بناحية هيبوريجيوس ، فذكر أنهم كانوا يتكلمون لغة عرفت بالبونية خلال القرن الرابع للميلاد ، ويمكن أن يكون المقصود بها هو اللغة اللوبية وليس البونية ، و قد استدل المؤرخون على ذلك أثنا التنقيبات الأثرية المتعاقبة في المنطقة التي تعود لتلك الفترة ، ونقصد هنا مجموعة النقوش اللوبية الصرفة التي عثر عليها، وتعود إلى تلك الفترات .

- تعريف نقوش الفترة المتأخرة

تعد النوع الثالث المتطور من النقوش اللوبية ، و يعتبر ذلك النوع من النقوش الأكثر انتشارا في المغرب القديم ، استخدمت إلى جانب اللاتينية في المعاملات الرسمية ، وهذا يعني أن الكتابة اللوبية لم يخبُ أوار تداولها .إن البحث في النقوش المزدوجة لوبية – لاتينية يطرح قضايا عديدة أهمها إثبات الهوية المحلية من خلال تواصل استخدام الكتابة اللوبية في المناطق الريفية النائية .

ب - النقوش الصرفة في إقليم نوميديا

تعرف أيضا بالنقوش وحيدة الكتابة ، وهي غالبا نصوص لوبية صرفة يتضمنها النقش ، وهي منتشرة بتركيز في منطقة نوميديا .

لقد بدأ الاهتمام بالنقوش اللوبية في ضواحي نوميديا من قبل الباحثين خلال النصف الثاني من القرن 19 م ، وقد استطاع الأب شابو أن يحصي في " مدون النقوش اللوبية " تعداد النقوش في الولايات الحالية التي كانت تشكل نوميديا سابقا.

من أمثلة ذلك أنه في منطقة أم البواقي أحصى شابو 19 نقشا مثبتة من الرقم ) 804 – 822 ( منتشرة في هنشير بير بوعمار وسيدي عباسي وبرج القصر وعثر عليها من طرف الضابط لوجار ومشت شعبة الما وأولاد خالد وعين طاقزة .

وفي منطقة تبسة أحصى 8 نقوش مثبتة من الرقم ) 621 - 629 ( ، وهي لها نماذج نسخية من مجموعة ماسكيري )Masqueray ( ، كان قد عثر عليها في سيدي عبد الله بمرسط ) فاسامبوس في العهد الروماني ( وعين شابرو والعقلة وثليجان وبير العقلة وهنشير بوراوي في الشريعة وبحيرة لرنب قرب تازبنت وهنشير بوسكيكين وهنشير لعوابدية . أما في بازيليكا تيفست ، فقد عثر على بعض النقوش لكنها نقلت وضاعت ولم يبق منها سوى نسخ منقولة عن الصور الأصلية ، ومن المحتمل أن يكون بعض تلك النقوش قد أتلف أو لا يزال في مواقعه الطبيعية بكرا لم يكتشف بعد ، ولكن الثابت هو أنها نقوش عثر عليها في مناطق ريفية ظلت محافظة على لهجاتها المحلية .

 

- 2مضامين النقوش المزدوجة

احتوت النقوش المشار إليها آنفا على نصوص مزدوجة الأولى لاتينية واضحة المعاني جنائزية الطابع قليلة الأسطر ، والثانية نصوص لوبية قصيرة الأسطر تنتمي إلى نوع الكتابة الماصيلية الشرقية ، بالإضافة إلى علامات ورموز تصويرية ذات طابع ديني ، وأخرى خالية من أي دلالات دينية .

ومن أهم النقوش تلك التي عثر عليها في إقليم الشافية بالطارف ، وتتميز بثرا نصيها اللوبي واللاتيني .

كما انتشرت تلك النقوش في نوميديا وشمال غربي البروقنصلية في المناطق المعروفة حاليا بالحدود التونسية الجزائرية و عنابة وقالمة سيقوس وعين مليلة وسدراتة . 1

أ - ظاهرة رومنة أسماء الأعلام في النقوش اللوبية المزدوجة

رَوْمَنَة في النص و إن أول ملاحظة يمكن تسجيلها حول النقوش اللوبية المزدوجة هي ظاهرة أسما الأعلام الم ص اللاتينية ، واختلافها اختلافا جذريا في النصوص اللوبية من حيث المدلول والمعنى ، وهي واسعة الانتشار في النقوش المزدوجة ، مما يدعم من فرضية اكتساب الفرد النوميدي لاسمين ، فالمصادر المادية أوحت بذلك دون أن تؤكده ، 2 فعلى سبيل المثال ، إن النصوص التي تحتوي على إشارات دالة على ترومن الطبقة الأرستقراطية ، فإنما تشير بوضوح إلى المرتبة السياسية التي وصل إليها الأثريا ، أما السكان المحليين فإنهم أقبلوا على الرومنة لحل مشاكلهم الإدارية مع السلطة الرومانية ، فلم يجدوا ضيرا من اتخاذ أسما رومانية .

هكذا تسمَّى المغا ربة القدما بالأسما الرومانية ، ودوَّنوها في نقوشهم الجنائزية ، كما دوَّنوا أسما هًم المحلية ذات الأصل اللوبي ، وهذا يعني أن لكل فرد اسمين الأول اسم في الوثائق الرسمية والثاني اسمه المتداول في حياته اليومية .

من الواجب الحذر أن ننوه هنا في النقوش عند البحث حول مسألة " الرومنة والترومن " عند الأشخاص ، للدلالة على التغيرات الحضارية التي عاشها المجتمع إبان الاحتلال الروماني ، لأنه لا يمكن معرفة ما إذا كان الشخص قد عاش فعلا مترومنا ثقافيا أو مرومنا في السجلات الإدارية فقط ؟

كما أن المفهوم المشار إليه آنفا لم يكن ليشمل السكان الذين أعلنوا الولا المطلق للسلطة الرومانية بل شمل أبنا المجتمع المحلي ، ففي عهد الأنطونيين كانت الرومنة مقتصرة على الأوراس ، وفي عهد السويريين كانت الرومنة متجددة في الأوراس وشاملة لمناطق كثيرة .

فالرومنة – حينذاك - ليست حركة حضارية بقدر ما كانت حركة إدارية ، إذ مثلت من المنظور الروماني صورة عن نمط الحياة البلدية وتطبيق النظام البلدي في المدن ، ومن هنا فإن الاعتقاد بترومن السكان من خلال رصد أسما الأعلام المترومنة ليس دلالة على الترومن الحضاري .

على كل ، فقد حافظ الكثير من المغاربة القدما ضمن أسمائهم الثلاثية على اسم ذي أصل نوميدي أو جيتولي ، ومن خلال إحصا أسما الأعلام الواردة في النقوش اللاتينية فإن هناك 300 اسم من أصل لوبي مثل كتبت باللاتينية على النحو الآتي :

( Gildo , Zautum , Aptan,Chinidal ,Massiran ( وهي باللوبية )كنديل، يفطن ، زرتن ، جلد ، مسيرن ( ومن أسما النسوة الشائعة في البروقنصلية ) بيبيا ( ، كما هناك أسما ذات أصل بوني مثل : ) صفن ، بعل ( .  كما تداولوا أسما ملوكهم مثل يوبا وجودا وجايا وغلوسن وماسينيسا . 2

ب - التوزيع الجغرافي للنقوش اللوبية

اعتبرت نوميديا من أكثر المناطق التي تحتوي على النقوش اللوبية المزدوجة ووحيدة الكتابة ، ويمثلها حاليا الإمتداد الجغرافي الذي يبدأ من شمال غرب البروقنصلية ما بين دوقه وماكتاريس وسيكا ، ومنطقة نوميديا الشرقية حيث مناطق قبائل الماصيل ما بين هيبوريجيوس و تاغسط وتيفست و كالاما وإقليم سيرتا . أما التوزيع المركز – حسب شابو - للنقوش اللوبية فلا يخرج عن المناطق الآتية :

- منطقة دوقه : قدرعدد النقوش مزدوجة الكتابة ) لوبية – بونية ( بحوالي 03 ، وعدد النقوش وحيدة الكتابة ) لوبية( بنحو 18 نقشا .

- منطقة سدراتة وتبسة : 1 نقش ) لوبي – لاتيني ( ، و 10 نقوش وحيدة الكتابة .

- منطقة سيقوس وعين مليلة : 23 نقش وحيد الكتابة ، و 1 نقش ) لوبي – بوني (

- منطقة عنّابة وقالمة : 2 نقشان مزدوجا الكتابة ، و 138 نقشا وحيد الكتابة .

- منطقة الشَّافية ) القالة ( : 134 نقشا وحيد الكتابة ، و 9 نقوش مزدوجة ) لوبية – لاتينية ( .

نستخلص مما سبق ، أن منطقة الشافية تعد من أكثر المناطق في الجزائر التي تحتوي على هذا الكمّ الهائل من النقوش ، ولذلك فإنّ دراستنا ستنصب على أحد النقوش المكتشفة في الشافية ، والذي عرف نسبة للمكان الذي وجد فيه.

 

3 - قراءة في أهم النقوش المزدوجة خلال الاحتلال الروماني

أ- دراسة أثرية لنقوش الشافية

أ. 1 – خصائص نقوش منطقة الشافية

تتميز نقوش منطقة الشافية عن غيرها من نقوش المواقع النوميدية بما يلي :

1 - غزارة المحتوى : بالمقارنة مع بقيّة النقوش المكتشفة في الجزائر، إذ أنّ نقوش الشافية ثرية بالمشاهد التّصويريّة والرموز الكتابية ، وهذا جعلها ذات قيمة أثرية وتاريخية كبيرة

2 - سهولة فكّ رموز النّقوش : يتعلّق هذا بفك الرموز الكتابية للنص اللّوبي من خلال النّص المصاحب له - من الكتابات القديمة الرَّسم يّة - في مربّع النّقيشة مما يسهل فهم معانيها بدقة .

لأجل هذا ، نعتبر النقوش اللوبية المصدر الماديّ الوحيد الذي أفادنا باستمرارية الكتابة واللغة المحليّة بين سكان بلاد المغرب القديم من النوميديين الريفيين خلال مرحلة الاحتلال الروماني .

 

ب نقش كاف بني فرج ) دراسة أثرية (

ب. 1 - تعريف ووصف النقش

- تعريفه :

هذا النقش من النقوش المزدوجة ) لوبية – لاتينية ( ، وهو من أشهر نقوش المنطقة حيث يتميّز بثرا نصَّيْه ، ويشكّل إلى جانب نقش عين الحفرة رقم ) 252 ) 1 و النقشين رقم ) 288 - 289 ( من أعمال شابو 2 ، وثائق لوبية هامة تعود إلى الفترة الرومانية .

- وصفه :

- يسمّى أيضا نقش كاف بني فرج نسبة للهنشير الذي وجد فيه .

- يحتوي على أطول نص لاتيني متكوّن من 8 أسطر ، ونص لوبي يتكون من 4 أسطر عموديّة .

- يقدّر ارتفاع النصب ) 1.45 م ( ، وعرضه ) 35 سم ( ، وتمّ نحته من حجارة جبليّة .

ب . 2 –تحليل النقش

- ملاحظات حول النص اللوبي

تمّت قرا ةً النص وفقا لجدول الكتابة اللوبية العمودية ، والجدير بالذكر أنّها تقرأ من الأسفل إلى الأعلى ومن اليسار إلى اليمين ، وقد تمّ وضع الفواصل بين الكلمات بحسب كلمة ) و ( التي تعني ) ابن ( ، ويقرأ كالآتي :

- السطر الأول : مزبه .

- السطر الثاني : مسكره صرمه .

-السطر الثالث : مس بن منكده .

-السطر الرابع : كطه بن مسولت . 1

ويقصد بذلك : السيّد مزبه بن كطه ولد مسولت رئيس قبيلة مسكره .

نستنتج من قرا ةً النص أنه يزخر بأسما الأعلام ، مثل كطه و مسولت إلاّ أنها غريبة ومجهولة المعاني ، ولم تعد متداولة كبعض الأسما التي لا تزال تفرض نفسها الآن كبغاي و زيناي ، كما يحتوي النص على اسم قبيلة مسكره ، وبإضافة الحروف المتحرّكة نقرؤها ميسيكيري ، وكانت هذه الأخيرة تنزل بمنطقة الشافية ) على الحدود التونسية – الجزائرية ( ، وهي من أشهر القبائل النوميدية التي حاربت الوجود الروماني في المنطقة ورفضته .

- ترجمة النص اللاتيني

- السطر الأول - Caius Julius Gaetu- C . IVLIVSGL

- السطر الثاني : - lus, veteranus , donis LVSVETDONIs

- السطر الثالث : donatistorqui DONATISTORQUI

- السطر الرابع : bus et armilis BUS ET ARMILLIS

- السطر الخامس : ET IN CIVITDIMISSVSdimissus et in civitate

- السطر السادس : sua Thullio flamen SVA THULLIO FLAM

- السطر السابع : perpetuus, vixit annus 80 ( octoginto) PERP VIX ANN LXX - - السطر الثامن : hic situs est H S T

من خلال النص اللاتيني كان بالإمكان معرفة المزيد عن هويّة صاحب النصب ، ونترجمه كالآتي :

1 - كايوس جوليوس جايتولوس .

2 – أهدي له وسام .

3 – وأُعْ م طيَته قلادة .

4 – واستفاد من أساور

5 – يعتبر مواطناَ هاماًّ .

6 – في مدينة تولاّ .

7 – يخلد بعد أن عاش 80 عاما .

8 – يرقد في هذا المكان .

- ملاحظات

يفسّر اللغويون اسم " جايتولوس " باسم " جايا" أحد أسما الأعلام اللوبية أصيلة المنطقة ، والمتتبع للأسما الرومانية يجد ان الاسم الثالث هو نسب القبيلة ولعله من الجيتول الذين استوطنوا في الشمال وظل وفيا لأصله الجيتولي . 1

وقد توفي وحظي بتكريم يتمثل في إهدائه بعض الحلي ووسام شرف ، وهو من أعيان مدينة تولا والتي هي كاف بني فرج في الشافية ، ويبدو أنّ هذا الرجل كان يدين بتعدد الآلهة بدليل أن النص يفتتح ب ( DMS) أي ) روح الآلهة المقدّسة ( ، وينتهي ب ( HSE) وتعني ) إنه يرقد هنا ( .

وبنا على ماسبق نستنتج مايأتي :

1 /وفرة النقوش اللوبية على قاموس مندثر من أسما الأعلام اللوبية ، ونذكر بعضها مما تم إحصاؤه في نقوش أخرى مثل ) ندرمه ، زينان ، باغاي ، منجي ، مسوه ( 2 .

2/التعرف على بعض الحرف المتداولة في تلك الفترة مثل النجارة والحدادة والبنا الحجري والهندسة ، ونظام توريثها لأبنا الأسرة ال واحدة ) كما دلّت عليه النقوش المزدوجة مع البونية في نقش دوقه ( .

3 /تقديس الحياة الآخرة بإقامة الأضرحة الجنائزيّة للملوك ، والنصب الفاخرة للطبقة النبيلة .

4 /تمجيد المتوفي ، وذكر أهله ونسبه ومكانته ) سيد أو مواطن أو من العامة ( .

 

4 - نقش سيدي جاب الله في الشافية

تعد منطقة سيدي جاب الله من المنطق التي حظيت باهتمام الباحثين عن النقوش الموجودة على مستوى المقابر اللوبية بمنطقة الشافية ، تلك الأخيرة قدمت لنا نماذج كثيرة من نقوش لوبية مزدوجة ووحيدة الكتابة ، ويقع بالقرب من منطقة عين الحفرة

 

آثار متفرقة عثر عليها في موقع هنشير ديار الجدري بالشافية من تصوير الباحثة

1 4 1

لقد أشار المؤرخ جزال إلى مناطق كثيرة في الشافية ، لكن على ما يبدو أنه لم يشر إلى واحة سيدي جاب الله ، رغم أن تسميتها تعود قديمة . 1

أ - بطاقة تقنية لنقش غير منشور

- التعريف بالقطعة الأثرية : نقش جنائزي من حجارة كلسية .

- النوع : نقش لوبي وحيد الكتابة .

- المنطقة المكتشف فيها: زاوية سيدي جاب الله ببلدية واد الشافية بالطارف .

- التصنيف : نقش لوبي غير منشور ، وهو غير مصنف في الدواوين 2 - تاريخ الاكتشاف : 06 / 08 / 2009 . الساعة : 15.06

- وصف الموقع : هو واد ضيق وجاف يعرف بهرية الزعرورة ، وهو جز من هنشير ديار الجدري 1، والنقش اللوبي عثر عليه في مساحة تقدر بحوالي 200 م 2 ، وتنتشر فيها قطع أثرية عديدة ، ورغم أنه قد تم العثور عليه ضمن دائرة شملتها عملية البحث الأثري المنظمة في الآونة الأخيرة ، إلا أنه لا توجد إشارات حول وجود نقوش لوبية في منطقة الشافية.

( أ )

2 4 1( ب )

وجه وظهر نقش غير منشور من منطقة سيدي جاب الله بالشافية تصوير : الباحثة بتاريخ : 06 / 08 / 2009 .

 

- تاريخ منطقة الشافية :

هي منطقة تقع على دائرة عرض 36.71 درجة شمالا ، تحتوي منطقة الشافية على مقابر لوبية ، تعد من المناطق النوميدية الريفية ، مارس سكانها الزراعة ، وحظيت باهتمام كبير من طرف الطبيب فيكتور روبو الذي اهتم بدراسة نقوش مقبرة شعبة المكوس واهتم كثيرا بدراسة لوترنو وهاليفي في مجال فك الرموز ومقارنتها مع نقوش اخرى.

- وصف النقش ومضمونه:

يحتوي النقش على نص وحيد الكتابة مؤلف من سطرين ، يقرأ من اليسار إلى اليمين ومن الأسفل إلى الأعلى ، طوله 76 سم ، وعرضه 42 سم ، وفكت رموزه عن طريق جدول الأبجدية العمودية .

- السطر الأول : س . ف . د . ط . ج .

- السطر الثاني : ب . ن . س .

الملاحظ أن الحروف تعبر عن اسم المتوفي و نسبه ، وهو كغيره من النقوش اللوبية وحيدة النص ، لا يمكن أن نستنتج منه أكثر من اسم العلَم للمتوفي ، ورغم قصر النص لكنه يضاف إلى قائمة النقوش والنسخ المحفوظة عن النقوش في كامل بلاد المغرب القديم والتي تثبت أن هناك لغة محلية تداولها سكان المغرب القديم واولوا ترجمتها كي تصاحب المتوفي إلى حياته الثانية.

 

خاتمة

نجد أن هناك نقوشا كثيرة لا تزال بحاجة إلى البحث و الاكتشاف وإزالة اللبس والغموض عن مضامينها ، وذلك عن طريق تكثيف البحث الأثري ، ذلك أنه على الرغم من قوانين السلطة الرومانية وإجرا اًت الكنيسة الرسمية إلا أن التأثير اللوبي كان واضح الملامح عن طريق النقوش الجنائزية ، وذلك بغرض الرد على الاحتلال الروماني حت وإن لم يكن بمؤلفات إلا أن استمرارية النقوش كانت دليلا على الحفاظ على الهوية المغاربية التي دامت عبر مئات السنين من الاحتلال الروماني .

كما تجدر الإشارة إلى أن المجتمع المغاربي المحلي حافظ على عاداته و ديانته و لغته وثقافته ، خاصة خلال مرحلة الاحتلال الواندالي حيث ازداد تمسكا بتراثه ، و استمر في ذلك واتضحت ملامح المجتمع بصورة أكبر خلال العهد البيزنطي ، كما سنشهد ذلك في المحطات الكبرى للتطور الاجتماعي خلال القرن السادس للميلاد.

 

المصادر والمراجع

الإبراهيمي خولة طالب، مبادئ في اللسانيات ، دار القصبة للنشر ، الجزائر ، 2000 .

حارش محمد الهادي ، التاريخ المغاربي القديم السياسي والحضاري – منذ فجر التاريخ إلى الفتح الإسلامي، ط، المؤسسة الجزائرية للطباعة ، الجزائر ، 1995 .

الرُّدَيْمني حمد علي عبد الكريم ، فصول في علم اللغة العام ، ط 1 ، دار الهدى ، الجزائر، 2007 .

شارن شافية وآخرون ، الاحتلال الاستيطاني وسياسة الرومنة ، منشورات المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954 ، الجزائر، 2007 .

ظاظا حسن، الساميون ولغاتهم ، ط 2 ، دار القلم ، دار القلم . الدار الشامية ، دمشق- بيروت ، 1990 .

الفرجاوي أحمد، بحوث حول العلاقات بين الشرق الفينيقي وقرطاجة ، ط 1 ، منشورات بيت الحكمة والمعهد الوطني للتراث ، تونس ، 1993 .

مجموعة من الباحثين ، تاريخ أفريقيا العام ، مج . 2 . حضارات أفريقيا القديمة، عمار محجوبي ، العصر الروماني وما بعده في شمال أفريقيا. ج. 19 ، مطابع كانالي ، تورينو ، 1985 .

موسكاتي سباتينو وآخرون ، مدخل إلى نحو اللغات السامية المقارن ، تر : مهدي المخزومي وعبد الجبار المطلبي ، ط 1 ، عالم الكتب ، بيروت ، 1993

ولفنستون إسرائيل ، تاريخ اللغات السامية ، ط 1 ، مطبعة الاعتماد، القاهرة، 1929 .

محمد الصغير غانم، النقوش الليبية في شمال أفريقيا المصطلح والرموز الكتابية، المورد ، مج. 19 ، ع : 12 ، بغداد ، 1990 .

محمد الخير أورفه لي، أسلوب الجرد في منهجية البحث الأثري – نموذج الأنصاب، أعمال الملتقى الثالث للبحث والدراسات التاريخية ، المسيلة ، 1995 .

محمد حسين فنطر، اللوبيون وحدة أم شتات قبائل وشعوب مختلفة ؟ ، مجلة : أفريقيه للدراسات الفينيقية البونية والآثار اللوبية ، ع : 12 ، منشورات المعهد الوطني للتراث ، تونس ، 2002 .

  1. De Saulcy , Lettre sur une inscription bilingue de Dougga , J.Asia. , 1843.

Georges Marcy , Les inscriptions Libyques Bilingues de l’Afrique du Nord , imp. Nationale , Paris , 1936.

Lionel Galand , Les Alphabets Libyques, Ant.Afr. , T : XXV, 1989

Ch. Courtois , Saint Augustin et le problème de la survivance de Punique, Rev.Af. , T: XCIV , 1950 .

Lionel Galand , Les Alphabets Libyques , Ant.Afr. , T: 25 , 1989 .

Lionel Galand , Le libyque et les Tifinaghs, P.1 .Sur le lien/ http://www.chez.com/asafu/dossiers/libyque.htm , Le : 18/07/2006.

Vincent-Mansour Monteil , Les Berbères aux Canaries, Ency .Bér., T : II , éd.Edisud , Aix-en-Provence , 1984 .

Yann Le, Histoire del’Afrique Romaine, éd.Picard, Paris, 2005.

Bates Oric, The Eastern Lybians (An Essay), éd. Macmilan and com Limited, London, 1914.

Berger Phillipe, Histoire de l’écriture dans l’Antiquité, 2ème éd., Imprimerie Nationale, Paris , 1892.

Benabou Marcel, La résistance Africaine à la Romanisation, éd. Maspéro et l’Univérsité de Paris-Sorbonne, Paris, 1976

Basse Dom, Les Moines de l’Afrique Romaine (IVème et Vème Siècles), T : II, Librairie B. Bloud, Paris, 1903.

Chabot J.B., Recueil des inscriptions Libyques, Imprimerie Nationale, Paris, 1940.

De Saussure Ferdinand , Cours de linguistique génerale, éd. Talantikit, Béjaia, 2002.

Faidherbe, Collection complète des Inscriptions Numidiques, Librairie Franck, Paris, 1870.

Galand Lionel, Langus et littératture berbères (vingt cinq ans d'études) , éd . C.N.R.S. , Paris , 1979.

Gsell Stéphane, Atlas Archéologique de l’Algérie, 2ème éd., A.N.A.P.S.M.H., Alger, 1997.

Gsell Stéphane, Histoire Ancienne de l’Afrique du Nord , Tomes :( I, II,III,V, IV), Librairie Hachette , Paris , 1913- 1927.

Gsell Stéphane, Textes relatifs à l’histoire de l ' Afrique du Nord. Hérodote, Alger, 1915

Camps Gabriel, Liste Onomastique Libyque d’après les sources Latines, REPPAL, T : VIII, Institut National de Patrimoine, Tunis, 1993

Punica Lingua et épigraphie Libyque dans la Numidie D'Hippone , B.A.C.T.H.S. , V : 23 , ( 1990-1992) , éd. Du comité des Travaux hist. Et scien. , 1994 .

Halévy Josephe, Tableau général des localités ou l'on a découvert des inscriptions Libyques, Rec . de Cne., 1875 .