قبائل
الونشريس ودورهم في المقاومات

خلال الفترة الرّومانية (40 م- 284 م).

 

أ. مصطفى خاتمي

-جامعة أحمد بن بلة - وهران 1

  

تمهيد

لقد كانت جبال الونشريس من المعاقل الرئيسية للمقاومة المورية المناهضة للاحتلال الرّوماني، حيث تحصّن بها الثوار والعديد من قبائلها المحلية داعمة لهم كالمغازيس وقبائل البوار والبقواط الذين خرّبوا مدينة تنس مّما أدّى ذلك إلى إجلائهم من موطنهم الأصلي إلى غاية سفوح الأطلس، فكل القبائل عملت على رفض الرضوخ والسيطرة الرّومانية، واتخذت من الونشريس حصونا منيعة للانطلاق ضد العدو الذي كان يقف عاجزاً دون تسلقها ، ممّا أدخل المنطقة ضمن الحصار العسكري، وأدّ ى إلى وجود ردة فعل أخرى منها ثورة سيسقا في شمال الونشريس سنة 253 م، وثورة الأهالي الغاضب من الباوار والمغازيس والبقواط الذين رفضوا رفضاً تاماً هذا الاستيطان وهذا ما أشارت عليه بعض الوثائق حول تعرّض بعض المدن الرّومانية لهجومات من طرف الأهالي من تلك القبائل، أمّا شمولية الثورة في المقاطعة المورية تمثّلت في ثورة إيديمون وفيرموس التي عمّت الونشريس إلى غاية اختراق الجيش الرّوماني بفرقه المساعدة في مرتفعات الونشريس، فرفعت قبائل الما يزغ (Mazic) لواء المقاومة ضد القائد الرّزماني تيودورز وصدته انطلاقا من مواقعها الحصينة بالونشريس نفسها ، وتوالت أحداث خاصة في نهاية القرن الثالث التي سيتوسع فيها نطاق حركة الاحتجاجات التي يبلغ مداها إلى ظهور الدّوارين وامتدادها خارج نوميديا مماّ جعل الشعب الأهلي في الجبال التلية كالونشريس يُعلن العصيان والتمرد ثمُ الثورة على هذا الاستعمار الذي دبّ فيه الضعف ولكنّه كان في كل مرة ينقذ نفسه بنهب ثروات البلاد لتعويض خسائره ولذلك كان القمع والنهب المسلطان على الشعب الأهلي في تلك الثورة العارمة والتي سيقودها الأخوان فيرموس وغيلدون طيلة سنوات وهي المقاومة التي تذكّرنا ببسالة يوغرطة وعزة يوبا الأول وهي الثورة التي لبّى نداءها الشعب الأهلي منها القبائل الونشريسية.

 

أصل التّسمية من المصادر القديمة:

من أقدم المصادر التي نجده فيها ذكراً للونشريس بتسميته القديمة مع بقية الجبال في موريتانيا القيصرية هو"بطليموس" الإغريقي في جغرافيته تحت اسم "الجبل غاراف" (GraphMons) ، أما (Strabon)

عند اجتيازه لمضيق هرقل يظهر لك في الجهة المقابلة للشاطئ الليبي )يقصد بذلك الإفريقي( المقابل لموريطانيا جبال مرتفعة تعرف عند الإغريق بأطلس وديرس (Dyris) عند البربر وهي متوازية مع الجبال الجنوبية تنغرس سفوحها الجنوبية في رمال الصحراء التي تمثّل حصن طبيعي لا يسكنها سوى الجيتول أقوى الشعوب الليبية ..." ، وأحيانا يصفه بمصطلح دردس (Durdus) . يتفق العديد من الباحثين من خلال معطياتهم الأثرية والتاريخية أنّ أقدم مصطلح يُطلق على هذه الجبال حسبما استخلصوه من فقرات (Pline L’ancien) في تاريخه الطبيعي الضخم حيث ذكر بأنّ: " جبال أنكوراريوس الواقعة بموريطانيا الداخلية كانت تزخر بالخشب الوفير من شجر العصفية الذي أستغل من طرف الرّومان لحد الاستنزاف وذلك لصنع موائدهم . أمّا (Leveau.Ph) ، الذي كرّس دراسته حول الونشريس في الموسوعة البربرية تحت عنوان أنكوراريوس وأنكوراريوس مونس (Ancorarius ou Anchorarius mons) يعطينا مدلولاً حسب قناعته الشديدة أنّ مصطلح أنكوراريوس هو أقدم تسمية أطلقت على هذه الجبال خاصة مع القرن الرابع الميلادي  ، كما أستند على ذلك من خلال حملات القائد "ثيودوز" ضد الثائر "فيرموس" وأحلافه المحليين من قبائل المازيك والتي استقرأها من تواريخ المؤرخ "أميانوس ماركلينيوس " أنّ "ثي ودوزيوس" انطلق من "زوكابار" )مليانة( لمهاجمة الموريين جالوناتيس، ثم إنقضّ على المازيك قرب كاستيلوم تنجتانيوم )شلف( بعد عبوره جبال أنكوراريوس، جالوناتيس من حيث المقاربة اللغوية نراه شبيه بالمصطلح الذي أطلق على عين تكرية قديماً وهو كالومناتيس وهذا احتمالاً أن تكون هذه الأخيرة مهد قبائل المازيك، هذا من جهة، أمّا فليب لوفو يرى بأنّ موقع حالوناتيس الواردة عند أميانوس ماركيلينوس غير بعيدة عن ثنية الحد والذهاب منها إلى مدينة الشلف يستلزم عبور كتلة الونشريس، ولذلك اقتنع بأنّ هذه الأخيرة هي أنكوراريوس نفسها 2، كما أنّ هذا المصطلح باللاتنية "أنكورا "يعني المرساة، كما نجد مدلولا قريباً لها أنكورار بمعنى التلة.

أما "فاطمة كادرية خضرة" في أطروحتها حول دراسة للأضرحة الجنائزية لجدار بنواحي فرندة تشير أنّها عثرت على نقيشة بإحدى جدران ضريح (F) ، تحتوي على عبارة أكوراريو والذي قربته من لفظة أنكوراريوس من الناحية اللّغوية  .

واستنادا إلى المؤرخ أميانوس ماركيليوس في فقرة أخرى يذكر )...لقد تقدم هذا الأخير )ثيودوزيوس( من مدينة كاستلوم تانجيتانيوم )الشلف( يريد عبور جبال أنكوراريوس جنوباً وسرعان ما تمّ له الأمر، انقضّ على مازيك وفريكيوس قائد قبيلتهم في سهل كبير التي أزرت فيرموس فزهق الكثير من أرواحهم( وهنا لم يبيّن لنا "ماركيلينوس" أي منطقة جنوبية سار إليها "ثيودوزيوس" إلّا أنّه قارب لنا بسهل الكبي يعدّ الأقرب من خلال المعطيات الجغرافية لسهل سرسو حالياً.

وتماشياً مع الرأي الذي تقدّم به الباحث الفرنسي (Edouard cat) في نهاية القرن التاسع عشر الذي

دافع فيه كون جبال الونشريس هي أنكوراريوس الكتاب القدامى بطليموس وبلين الأقدم 5 أما (Gsell. St) يرى بأنّ سير الأحداث في الحملة الرومانية على ثورة "فيرموس" غامضة جدا ممّا قد تحفظ وصعب الجزم بأن تكون مسرح هذه العمليات في الجبال أنكوراريوس أو الونشريس حالياً  .

 

1 . حدودها الجغرافية:

وإذا سلّطنا الضوء على هذه المنطقة في العهد الروماني جغرافياً والتي كانت تحتوي على تعداد بشري وهذه القبائل عرفت برفضها للإستعمار الروماني ، فأقرب النقاط الجغرافية في الونشريس نجد في الشمال الغربي حصن ) Mina ( بغليزان والتي ذكرت في رحلة أنطون وطاولة بوتنغر وعلى 25 ميلاً نجد حصن جديوية ( Gadaum C astra (، أمّا شمالا نجد مدينة ) Castelum Tangitanium ( شلف حالياً والتي بنيت ل 50 م.

وغير بعيد عن هذه المدينة نجد مدينة ) Oppidum Noveum ( وهي عين الدفلى حاليا والتي تأسّست

في القرن الأول الميلادي حيث تمّ ذكرها في العديد من المصادر الكلاسيكية، وإذا اتجهنا شرق عين الدفلى. نجد مدينة قديمة وهي نقطة عبور بين مراكز المقاطعة الرومانية وهي مدينة مليانة ) Zucchabar ( باعتبارها أقصى نقاط الونش ريس، أمّا من جهته الشرقية فنجد حصن عمورة ) Sufasar (، الذي تمّ إنشاؤه في فترة الإمبراطور "هادريان" ) 117 - 137 م( كما يشترك مع حصن الخربة أولاد هلال ) Ala egemnia sebastena .) وإذا اتجهنا غربا نجد الحدود المشتركة بين مدينة رومانية محصنة عين تكرية )خميستي( بتيسمسيلت مع حصن سيدي الحسني ) Columnata ( بمعلم ميلي أمّا جنوبا يوجد معسكر عين سبيبة ) Cen (، والذي بني في مطلع القرن الثالث بجوار مدينة رومانية ثم نجد في أقصى الحدود الجنوبية الغربية مدينة رومانية تعرف ب (Cohortem Brecorum) حيث وجد بها حصن يؤمن الطريق الرابط إلى مدينة البنيان (Ala meliaria) وبالتالي مع هذه المدن اكتملت الدائرة الجغرافية المطوقة لمنطقة الونشريس  .

 

2 . قبائل الونشريس:

تتمركز بهذه المنطقة قبيلة المغازيس (Mazaices) التي تمتد أراضيها ما بين زكار والونشريس حيث أشارت فيهم المصادر الرّومانية عن ملوكهم المستقلين في مناطقهم ولم تتغلغل فيها الرّومنة وهي من أبرز القبائل التي شاركت في ثورة فيرموس  .

من بين تلك المصادر نجد "أميان ماركولينوس" (Ammianus Marcullunus) الذي يحصر هذه

القبيلة بالمنطقة القريبة من جبال أنكوراريوس (Anchorarios) وكذلك يعتقد أنّها هي جبال الونشريس .

في حين هناك مايراه من تلك الشعوب التي استوطنت قرب نهر شلف 3(Chénaleph Flumen) ، ويحدد (Camps.G) أنّ تلك القبيلة لها فروع بنوميديا وكذلك في موريطانيا الطنجية لكن معقلها الأساسي

ومنبع انتشارها جنوب جبل زكار في موريطانيا القيصرية  .

أمّا (Leveau.Ph) يرى أنّ قبيلة المازيكس (Maziques) هم من الشعوب التي تستوطن الونشريس

والأطلس البلدي وهم من جموع الشعب الأهلي الغاضب في الجبال التلية حيث منذ أن دأب الرومان في

المنطقة رفضت تلك الأهالي ذلك التواجد وتحالفت مع جيرانهم من البواريين (Bavares) وحققت استقلالها بعدما فشل "تيودوز" من السيطرة عليها فضلّت مستقلة عن الرومان والوندال وحتّ البيزنطيين 5 . وفي حوالي القرن الخامس الميلادي حدد موقع المغازيس بين أراضي قبائل الحلف الخماسي والبوارس (Bures) من جهة والموزوني (Mousouni) والأرتنيت (Arteninte) . من جهة أخرى، وبين الباوار (Bavares) والغرمنت جنوب اً 1 . وتقيم قبيلة الموزون (Musone) بين جبل زكار وسيدي بوراس (Asernianges) ويمكن أن تكون للموزون علاقة بالموكوني (Moukouni) المتواجدة جنوب الباوار، كان جبل زكار معقل لعدة قبائل وتنتشر بينه وبين الأطلس المتيجي خاصة نواحي مليانة. قبائل الكونتورباني (contourbani) والكافاو (Cafaves) والأسطوماط (Austomates) .

وتقطن بالجبال على غرار مغازيس كل من الأكويني (Akouini) والماكوراني (Makourani) والموكيني (Mukeni) وغير بعيد عنها جنوبا بنواحي "نهر واصل" قبيلة الماخوني (Makhouni) أمّا شمالها الونشريس فنجد قبيلة الطابنيس (Tabanise) فهي متواجدة بين شرشال (Caesaria) وعين الدفلى (Oppidum Novum) ويقيم الإيكامبانس (Icampaneses) ورأس جينات (Cissi) .

تعد قبيلة الماسيسيل (Massissili) من أكثر القبائل التي تمّ ذكرها في المصادر  ،حسب "بلينيوس الأقدم" (Pline L’anciene) و"بطليموس" (Potoléme) فإنّ إطارها الجغرافي يشمل القسم الشرقي

لموريطانيا الطنجية، والقسم الغربي لموريطانيا القيصرية 5، فعلماً أنّ تلك القبيلة انبثقت منها عدة قبائل خاصة بعد تفكيك حكمهم الموحد في سيغا على يد ملك نوميدي "ماسنسان" وما يشير إليه "ساليسيوس" أنّه بعد تسليم يوغرطة "لماريوس" استلم "بوكوس" كل قبائل ماسيسيليا أو قسما منها، وبقي ملكاً على المور ، وسكان هذا الإقليم الذين لم يبقوا نوميداً ولا ماسيلاً ولا حتّ ماسيسيلاً بل تلقوا تسمية قبائل المور ولهذا نعتبر مملكة ماسيسيل مهد لقبائل موريطانيا القيصرية خاصة في جزئها الغربي 7

كما تستوطن المنطقة الغربية لهذه المقاطعة قبائل البقواط (Baquates) كثيرة العدد وقد خلد ذكرى هذه

القبائل في التاريخ الرّوماني بالمغرب حوالي سبعة عشر نقشا لاتينياً، كما ذكر البقواط في معظم المصادر الأدبية وكتب الرّحلات، من ذلك "بطليموس" الذي كان يسميهم البقواس (Baquas) وهي صيغة وردت أيضاً في وثيقة رحلة "أنطونيوس" إلى جانب هذه الصيغة (Baccauates) كما اختلفت المصادر الأدبية في ضبط موقعهم وتحديد علاقاتهم بالقبائل الأخرى المجاورة لهم، إذ أنّه في بعض المصادر حصرت موطنهم فيما وراء ملوية، بينما جاء البعض الآخر أنّهم كانوا متّحدين مع قبائل البوار المنتشرة في منطقة الونشريس والتيطري والبابور. ويظهر حسب الأخبار التي تواترت حول البقواط أنّهم كانوا يستوطنون المنطقة الممتدة من حاضرة وليلي (Volubilis) حتّ مرتفعات الأطلس الأوسط إذ كانوا في صراع مع حكام الرومان في مقاطعة طنجية من أجل السيطرة على هذا الإقليم 2 ، ويظهر أنّهم تمكّنوا من التوسع شرقاً فيما وراء نهر ملوية بعد تحالفهم مع قبيلة البوار حسب ما يشير إليه ذلك نقش في تنس (Cartennae) والذي عثر عليه في 30 جوان 1843 من قبل جنود الاستعمار الفرنسي من بينهم طبيب )بونتير ، ( Pontier ويرى "كاركوبينو" أنّها تعود إلى ما قبل نهاية منتصف القرن الثاني الميلادي، ولربّما إلى بداية عهد الإمبراطور "هادريانوس" ما بين ( 177 - 122 م(، حيث يشير مضمونها إلى "كايوس فولسينيوس" ابن "ماركوس" من قبيلة كويرينا والذي أحبه المواطنون في كارتينا ونال عدة ألقاب شرفية كونه صان المستعمرة من هجوم البقواط  .

وقد اختلف المؤرخون في علاقة البقواط بقبائل برغواطة التي اشتهرت في المغرب الإسلامي على لسان المؤرخين الغرب، والتي كانت تتواجد في الريف المغربي، فقال (Carcopinio) بأنّ البرغواطيين هم أحفاذ البقواط، وأنّه لا يوجد فرق بين الأسلاف والأحفاذ سوى في التسمية التي حرّفها النطق العربي، بينما هناك من عرض هذا الاختلاف ال -+فظتين (Baquates) و (Barghawata)4 أمّا أشهر قبائل الجبهة الغربية هم البوار أو الدوار، حسب بعض المصادر، تعرف هذه الأخيرة بقوتها وكثرة عددها وتحركاتها المستمرة والتي أقلقت الاستعمار الروماني في هذه المقاطعة، وكثيرا ما اتحدت وانضوت تحت زعامة أمراء أو ملوك تعاونوا على ضرب تحصينات الليمس للجيش الرّوماني، وهو ما أكّدته نقوش لامبيز (Lambaesis) التي نصت على وجود أربع حملات غربية على هذه المدينة تعود لقبائل البوار

تم ذكر هذه القبيلة في حوالي خمسة عشر نقيشة لاتينية عثر عليها في العديد من مواقع موريطانيا القيصرية ونوميديا 2 ، ولكن حسب المعلومات التاريخية المتعلقة بالبوار (Bavares) من رسم خريطة كبيرة لموطن هذا الشعب الكبير (Gentis Mulutus) ، الذي ظهر على مسرح الأحداث خلال القرن الرابع الميلادي. ينقسمون إلى قسمين الباوار الغربيين )تمتد من ناحية الونشريس إلى تلمسان غرباً( وهم الأجداد الزناتيين. والباوار الشرقيين في منطقة البابور إلى مشارف كويكل ) جميلة( وهم الجبليون المستقرون وليس من البدو الرحل. وحسب وصفه من بعض المؤرخين فإنّ قبيلة البوار لها فرع وحيد وهو معروف والذي يمتد من التل الوهراني غربا إلى جبال البابور فهم قوم جبليون مزارعون مربو المواشي 4، بينما يراهم (Camps.G) أنّهم كانوا منتقلين عبر السهوب من نهر ملوية إلى جنوب سطيف ويستوطن أغلبهم بجبال الونشريس وحوض الشلف  .

 

الونشريس وما جاورها شرقاً:

تقطن في المنطقة الشرقية لمقاطعة موريطانيا القيصرية عدة قبائل من أشهرها قبائل الحلف الخماسي

(Quinque gentiane) ، وهي تعيش في المناطق الجبلية وتتربع على كافة أنحاء منطقة القبائل الكبرى، هذه الأخيرة لقيت عدة اهتمامات من طرف مؤرخي الاستعمار حيث قاموا بدراسات حول تشكيلة هذا الحلف فهو يتكون حسب "كانيا" (Cagnat) من الماسنيسانس (Masinissenses) ،التندنيس

(Tundense) ، والتوباليني (Tubaleni) ، بينما قدّم"كورتوا (Courtois) دراسات حول هذا التحالف ذكر منهم ثلاثة فقط وهي الماسنيسانس (Masinissense) ، التيدنسيس (Tyndenses) ، والنتاباس (Natabes) . كما يضيف إليها قبيلتين هما التولنزي (Toulensi) و البانيوري 1(Baniori) ،ويرى (Gsell.ST.) أنّ قبيلة التوباليني (Tubalini) معقلها يمتد من سور الغزلان (Auzia) وهي من أبرز القبائل الداعمة للثائر "إيديمون" سنة 42 م، أمّا في ناحية سفوح الحضنة والأطلس الصحراوي نجد أراضي تملكها قبائل الكابراريانس (Caprarianeses)2، وبينما تقع قبائل الموكوني (Moukouni) جنوب البابور ولهم علاقة بالموزوني (Mousoni) الذين يسكنون بين سطيف (Sitifis) وجبال الحضنة، ويشير "توسكي" أنّهم جاؤوا من جنوب الأوراس وبعد نزوح قبائل الحلف الخماسي (Quinque gentanei) اتجهت قبائل الموزوني غرباً واستقرت بهضاب سرسو )تيارت(. وكانت كل من التيندسيس (Tyndenses) والماسنيسانس (Masinisenes) جارتين تقيم بالقرب من تيكلات (Tubusuctu) ، وغير بعيد عنها في أعالي شرق بجاية (Saldae) تتمركز قبيلة البانيوري(Baniori) وأيضاً الفرنتيس (frentisis) وهي مجاورة لقبيلة البارزوفولينالي (Barzofoulinali)جنوباً وروسوكانسس (Rusucenses) شرقأً وهؤولاء الذين ارتبط اسمهم بمدينة دلس (Rusucenses) ،  ومن جيران قبائل الحلف الخماسي (Quinque gentanei) قبيلة الفراكسينانس (Fracsinenses) التي اجتاحت نوميديا ويتواجد موقعها بجبال جرجرة، أمّا قبيلة الجيتالوسي (Getalousi) فهي تعيش ما بين وادي الصومام وجنوب سيدي زيبان (Mishibium) .ويقطن على مشارف البحر المتوسط وبالقرب من الوادي الكبير (Amssaga Flumen) قبيلة الماكوراس (Makourases) وهي جنوب البانيوري (Baniori) وغرب السلاسي (Salasi) ، أمّا شمال شرق مستوطنة ستيفيس (Sitifis) فنجد قبيلة التودوكاي (Toudoukae) ، في حين نجد فرع من قبيلة نوميديا (Numidia) تتواجد غرب برج مجانة قرب مدينة برج بوعريرج حاليا .

ثورات القبائل الونشريسية ضد الوجود الروماني.

أولاً: ثورة إيديمون (42 م):

لا نجد في المصادر تفاصيل الحرب بين إيديمون والرّومان في الونشريس، وقد حاول بعض الأثريين الاستنجاد بالبحث الأثري الذي يمكن أن يسدّ بعض الثغرات أو يقدّم بعض المؤشرات حول شمولية الثورة من موريطانيا الطنجية إلى القيصرية ومنه أمكن تحديد بعض الأماكن التي كانت ميداناً للمقاومة التي قادها إيديمون ومعه الكثير من المتطوعين من أبناء الشعب.

وفي هذا السياق يمكن الرجوع إلى النص الأثري الذي عثر عليه بموقع فوليبوليس )وليلي، قصر فرعون( وهو نص إهدائي من فابيا بيرة Bira) (Fabia إلى زوجها المتوفي فاليريوس سيوبريوس ابن بوسطار * من قبيلة غاليريا تولى مناصب إدارية )شفطي، عضو بلدي، كاهن أبدي( وتحيّنت له قيادة الفرق المساعدة للجيوش المشاركة في الحملة ضدّ إيدمون في تلال القيصرية برتبة بريفكتيس 3 ، وهذا ما يستند عليه غاسكو (Gascou) أنّ أق رب تلال القيصرية هي إمّا جبال الونشريس امتدادا لزكارة وتيطري إلى غاية الظهرة غرب اً .

يمكن استخلاص بعض الأفكار من النصوص الأثرية وهي أنّ الرّومان قد نجحوا في إنزال جيوشهم والتوغل إلى داخل موريطانيا الغربية، وبسهل شلف موريطانيا الشرقية ومن تلك القوات العسك رية التي عثر عليها من خلال النصوص الأثرية تسجل اشتراك الفيالق المرابطة بإسبانيا منها النصب الجنائزي الذي عثر عليه في موقع ألبولاي )عين تموشنت( لجندي من الفيلق المقدوني الرابع 1، وشاهد آخر عثر عليه في موقع فوليبوليس لجندي من فيلق جيمنا العاشر 2 ، ومع وصول خبر الاستعداد لمقاومة إيدمون في موريطانيا تمّ إرسال تلك الفيالق من إسبانيا لغرض الاحتلال والقضاء على المقاومة ولعل استبعاد مشاركة ليغاتوس للفيلق الأغسطي الثالث المتمركز في نوميديا وهو الأقرب ومجاورته للمقاطعة الموريطانية سببه الخوف من أنّ ذلك قد يؤدي إلى اتس اع الاضطرابات إلى نوميديا مماّ سيحرم روما من القمح الإفريقي  .

وقدّر بعض المؤرخين عدد الجيش الرّوماني الذي شارك في العمليات العسكرية بعشرين ألف جندي ، وبعد أن امتنعت القبائل البربرية منها نوميديا عن تقديم القمح والمؤونة للجيش الرّوماني اضطر الإمبراطور كلاوديوس أن يكلّف الأسطول المتواجد ببريطانيا للقيام بمهة تموين الفيالق والفرق المساعدة المرابطة بموريطانيا  .

تركّزت العمليات العسكرية في سهل شلف والونشريس، وتمكّن إيديمون من تحرير مدن السهل السفلي كل من بوقادير (Vogal) و جديوية (Gadum Castra) وغليزان (Mina) ويلل Praesidium) (Ballenne بمساعدة القبائل المورية، وتوسّع    هذه الثورة غرباً حتّ وادي تافنة ومنطقة وليلي lis)i(Volub بموريطانيا طنجية ، وهذا ما تثبته المؤشرات الأثرية أنّ مدينتي ليكسوس وتامودة قد تعرّضتا للحرق والدمار النهائي من طرف ثائر إيديمون  .

1 2 3

 

استمرت تلك الثورة لأكثر من عامين وتمكّن الرومان من القضاء عليها بعد أن تخلت عنه قبائل في موريطانيا الطنجية وخاصة وليلي التي أعلنت مدينتهم مدينة رومانية سنة 44 م 3، أمّا زعيم المقاومة إيديمون فيكون قد قتل مع مساعديه المقربين منه ولكن في ظروف لا نجد عنها شيئاً في المصادر التاريخية التي فضلت الحديث عن احتفالات النصر التي أقيمت في روما أين ظهر قائد الحملة الرّومانية على موريطانيا كراسوس فروغي (Crassus Frugi) وهو يعتلي صهوة جواده ويرتدي الحلة التي خُلعت عليه من قبل الإمبراطور كلاوديوس ، أمّا إيديمون فقد سجّل اسمه في سجل الخالدين وقدّم لنا مثال لمن سيّأتي بعده ليحمل راية المقاومة من جديد.

هذه المناطق الجبلية من الريف غرباً إلى الونشريس شرقاً ظلّ الشعب الأهلي يعيش في إطار أعراف ونظم بل إنّ المصادر الرّومانية تتحدث عن ملوك أهليين كالمغازيس بالونشريس وهذا يعني أنّ لهم قدرا كبيراً من الاستقلال في مناطق لم تتغلغل فيها الرومنة، ومن هناك كان الشعب الأهلي من القبائل الونشريسية تتحين الفرص لاسترداد سيادته على وطنه

 

ثانياً. ثورة الأهالي الغاضب الباوار والبقواط (Bavares.Baquates) حوالي القرن الثاني الميلادي:

تعرّفنا سابقاً على أهمّ القبائل والسكان الأصليين في مقاطعة موريطانيا القيصرية، عالجنا إحدى القبائل المورية الأكثر شراسة كما وصفتهم المصادر اللاتينية ألا وهم القبائل البوار (Bavares) ، والبقواط (Baquate) من أبرز القبائل التي تحصّنت بمعاقل الونشريس ضدّ الاستبداد الرّوماني.

 

1 . ثورة قبائل البوار: (Les Bavares)

نعتت النقوش اللاتينية البوار بالمتمردين لا الغزاة مما يشير إلى أنّ موطنهم كان واقعا داخل الإقليم الجغرافي الذي كان يسيطر عليه الرّومان.

لقد اعتمد المؤرخون في افتراضاتهم حول موطن البوار على مضامين النصوص والنقوش اللاتينية، وهي موزعة جغرافياً من غرب مدينة فاس بالمغرب الأقصى إلى مشارف سطيف بالجزائر 2، بيما يرى (Cagnat) أنّ موطن البوار هو منطقة جبال البابور بسطيف ، لكن قزيل عارض هذا الافتراض واقترح أن تكون المقاطعة السطيفية بكاملها أنسب لموطن البوار ، في حين يذهب (Camps.G) إلى القول بأنّ البوار مجموعتان:

بوار الغرب كان موطنهم فيما بين نهر ملوية إلى غاية مرتفعات الونشريس والظهرة ويؤكد في هذا السياق على وجود كنفيديراليتين تجمع عدة أجناس مختلفة لكن تشترك في اسم البوار في تلك المنطقة، أمّا البوار الشرق من الونشريس إلى غاية مشارف نوميديا، حيث عثر على ذكراهم في النقوش اللاتينية  .

ذكر اسم البوار في مواضع مختلفة كالمصادر الأثرية، حيث ورد ذكرهم في حوالي خمسة عشر نقيشة لاتينية، لكن يبقى القاسم المشترك هو الحروب الواقعة في أماكن مختلفة وفي فترات زمنية مختلفة 6، كما أنّ (Camps)أورد لنا دور البوار * في معاركهم التي دارت ضد الجيش الرّوماني في عدة مناطق من القيصرية وهي كلها محاطة بالونشريس

. كتابة زوكابار zuccabar )مليانة( أقصى شمال الونشريس بمقاطعة موريطانيا القيصرية:

DIIS PATRIIS ET MAURIS CONSERVATORIBUS AELIUS AELIANUS V(IR) P(ERFECTISSIMUS)

PRAESES PROVINCIAE MAURETANIAE CAES(ARIENSIS)OB PROSTRATAM GENTEM BAVARUM MESEGNEITES IUMPRAEDASQUE OMNES AC FAMILIAS EORUM ABDUCTASVOTUM SOLVIT1

) ...وضعت هذه النقيشة على شرف الآلهة الوطن والآلهة المورية الحامية لشرف الفوز لحاكم مقاطعة آيليوس أليانوس (Aelius Aelianus) على أحد فروع البوار وهم الماسقنانتس Masgneites فقضى عليهم وأخذ منهم الغنائم والأسرى، وأوفى بنذره عن طيب خاطر...(.

نفهم من خلال هذا النص على وقوع معركة ميدان كبيرة هزم فيها البوار وتعرضوا لخسائر من طرف الحاكم أيليوس أليانوس حيث بيّنت الأبحاث من خلال الكتابات اللاتينية تبرز وجود هذا الوالي خلال فترة حكم ديوقليسيانوس ) 284 - 289 م( 2 . وتؤكد لنا هذه النقيشة كذلك أنّ قبيلة البوار كان لديها العديد من الفروع من الماسقنانتس التي منيت بالهزيمة وأسر أفرادها.

 

II . كتابة البيّض:

IOVI OPTIM MAX ET DIS FAUTORIB VOTUM C OCTAVIUS PUDENS

PROC SEVERI AUG 3BAVARIB CAESIS CAPTISQUE

) للإله جوبيتر الطيب والأعظم وإلى الآلهة المناصرة، هذه أمنية كايوس أوكتافيوس بودانس، على شرف قتاله وقبض على البوار(.

يتّضح من خلال هذ النص أنّ هذه الكتابة جاءت كتخليد لنصر الوالي الرّوماني أكتافيوس بودانس

(C.Octavius Pudins) على قبيلة البوار وهو وكيل للإمبراطور سبتيميوس سيفيروس على موريطانيا

القيصرية.

عرف هذا الوالي بأعماله المتخصصة في بناء المباني العمومية ذات الصلة بالجانب العسكري وترميم الطرقات، ولم تذكر أي كتابة مواجهته للقبائل الإفريقية، ربما كانت مواجهته الحربية ضد البوار عندما أراد أن يشق الطريق من سفوح الونشريس إلى غاية أواسط الهضاب عليا، ودخل في أراضيهم الشاسعة وهذا شيء الذي أثار غضبهم  .

لا يهم هنا نوع الإله الذي كرّس له، بالإضافة إلى جوبيتر أعظم آلهة رومانية )سابق التعريف(، هنالك الآلهة المنتصرة Fautoribus) (Dis التي جاءت في النقوش على أنّها هي الآلهة المشرقية ميثرا * وجاء النص على النحو التالي: « Mithra Fautori Imperiisui » التي عبدت في فترة حكم العائلة الفلافية، لمو يجهل من جهتهم الأباطرة السيفيرين الطقوس والشعائر الدينية لهذا الإله 2، حيث وجدت العديد من الكتابات تشير إلى عبادة ميثرا لدى الفرق العسكرية الرّومانية. **

 

III . النقيشة القيصرية ) شرشال(:

Iovi Optimo Maximo ceterisque disimmortalibus

gratum referensquod erasis funditus

Babaris transtagnensibus secunda praeda

facta salvus et incolumiscum omnib(us) militibus

dd(ominorum)nn(ostrorum) Diocletiani et

Maximiani Augg(ustorum)regressus

Aurel(ius) Litua v(ir) p(erfectissimus) p(raeses) p(rovinciae) M(auretaniae) nsis)votum libens posvuiC(aesae . 1

)جوبيتر طيب الأعظم وإلى الآلهة الخالدة، تم الانتصار على شعوب الباباريس من ترانستاغننسيبوس قادمين من وراء الشطوط، وإقامة هدنة ومن إرادة أسيدنا ديوقليسيان و ماكسيماني الأغسطس، ومن ثمّ حاكم مقاطعة موريطانيا القيصرية أوريليوس ليتوافير،كرست عن طيب خاطر واستحقاق(.

تؤرخ هذه الكتابة ب) 290 - 292 ( وهي تشير إلى فرع آخر من قبائل البوار، وقد ذكر النص كلمة "باباريس" ورجّح الباحثون أنّها تدل على قبائل البورا وفرعها ترانس تاقنسيبوس (Transtagnensibus) يعني أنّها قبيلة قدمت من وراء الشطوط القريبة من القيصرية وهذا يعني واد شلف الأقرب لها وتاقنسيبوس من أقوام جبلية ولهذا يرجحها المؤرخ بإحدى فروع البوار التي كانت تتحصن بالونشريس وقامت بمداهمة القيصرية ممّا مكّن الوكيل العام بالقيصرية هو أوريليوس ليتوافير (AureliusLituavir) من تحقيق الانتصار عليهم وتوقيع معاهدة سلام مع إحدى فروع قبائل البوار، وذلك مع نهاية حكم الإمبراطور ديوقليسيانوس والإمبراطورماكسيموس ) 290 - 292 م( 2 .

 

IV . نقيشة جنائزية لدوار أربال بموريطانيا القيصرية:

بقيت المصادر مكتوبة صامتة طيلة أكثر من نصف قرن من الزمن حتّ تمّ العثور على كتابتين جنائزيتين بدوار أربال 3. ودلّت شواهد هذه القبور على مقتل مواطنين على يد البوار الغرب، ويؤرخ الأول بسنة 366 م وهي مكرسة لماركوس لوليوس صابينوس (Marcus Lolius Sabinus) وقتل ضحية البوار عن عمر يناهز 31 عام.

D(is) M(anibus) S(acrum)M(arco) Lollio Sabino marito Amantissim

O qui a vi(ctima) BavRu passusEst vixit an(nos)Xxxi Aurelia Maiorica ti

Tulu(m) fecit an(no) p(rovinciae) cc[xx] vii Ma(nlio?) f[ ]so vix(it) an(nos) xx[ ]i . 1

تنص الكتابة الثانية على نفس الأحداث إذ قتل بوبليوس أيليوس فليكي (PublioAelioFelici) في

الثلاثين من عمره، وتؤرخ الكتابة سنة 243 م.

D(is) M(anibus) S(acrum)P(ublio) (A)elio Felici

Amantissimo [qui] vi(ctima) Bavarum Perfect[u]s [es]t vixit an[nis]Xxx [2ma[ter]Aram [atq(ue)] tItulu(m) fece[runt]Pro(vinciae]cc .

نستخلص ممّا سبق أنّ قبيلة البوار بحدودها الغربية حسب ما فصل فيها كامبس أنّها لا تتعدى زكار ومنطقة جبال الونشريس، وتمّ ورود اسمها مع نهاية القرن الثاني الميلادي إلى أواخر القرن الخامس  الميلادي 3 ، وجل المصادر تذكر الصراع القائم بينها وبين السلطة الرّومانية، فكتابة البيض تعطينا صورة جديدة حول حركية هذه القبيلة وتراجع النزاعات إلى الجنوب  .

وذلك بفضل السياسة العسكربة الرّومانية وإقامة مختلف التحصينات ممّا قلّص نفوذ القبيلة إلى غاية الشمال وغرب المقاطعة كما بيّنته نقيشة وليلي بالمغرب الأقصى حول معاهدة سلام أقامها زعماء الباوار والبقواط ضد السلطات الرّومانية  .

ومن خلال النقوش ندرك مدى مضايقاتهم في عقر دارهم من طرف العناصر الرّومانية، ممّا أجبرهم على شدّ الرحال نحو مناطق شمالية غربية وهذا دليله نقيشة أربال حول ضحايا الرومان الذين وقعوا في كمين قبائل البوار الثائرة وهناك العديد من المؤرخين والجغرافيين للفترة القديمة لم يشيروا إلى هذه القبيلة ولعل السبب ال وحيد الذي يفسّره هو أنّ قبيلة البوار الغربية لم يسلم بها بعد أنّها كانت في مرتفعات موريطانيا القيصرية، ولم تكن قبل القرن الثالث الميلادي في المحيط الذي ذكره المؤرخ كامبس، بل موطنها الأول حسب نقيشة البيض، كانت في منطقة الهضاب العليا ومكان عثور الكتابة يجبرنا على إعادة النظر إلى الخطوط الدفاعية الليمس، فمنطقة بيض بعيدة عن خط الدفاعي الذي أقامه الإمبراطور سبتيموس سيفيروس والتي كانت بعيدة عن تيارت، سطو الثقافة اللاّتينية وبعد تكوين قواهم وإمارتهم قائمة على رحّال ستوطنوا الأطلس التلي 1، وتفرعوا إلى مجموعات صغيرة كالبوار الماسقنتتانتس (Mesegneites) والبوار ترانس تاقينسيبوس (Transtagnenesibus) كأبرز النقاط القريبة من إقليم الونشريس.

 

2 . ثورة قبائل البقواط على مدينة تنس (Cartennae)

لقد وقع الاختلاف حول المناطق الأولى الأصلية لقبائل البقواط فالعديد من المؤرخين أكّدوا من خلال

معطياتهم الأثرية أنّ مرتفعات موريطانيا هي مهدها الأصلي وخاصة كاركبينيو أنّ معقلهم كان بمناطق الجبال المحاذية لمدينة تنس 2 ، وهذا ما يدعي تفسير أن هذه الأخيرة كانت مرابطة بالونشريس، فبعد هجومات هذه الأخيرة على مدينة تنس وفشلهم فيها تعرّضوا لاضطهادات أجبروا عليها من طرف الإمبراطور هادريانوس وهو التوجّه غرباً لاستعمالهم في موريطانيا الطنجية كحاجز بين الموريطانيتين.

تعتبر النقيشة التي كتبت على قاعدة تمثال في موقع (Cartennae) بشلف أقصى شمال الونشريس كشاهد

وحيد على ردة فعل الثورا المحصنين بالقرب من مدينة كارطينا في موريطانيا القيصرية وهي كالأتي:

C.Fulcinio.M.ƒ.Quir.Optato,ƒlam(ini)Aug(ustali),Ilvir(o),q(uin)q(uennali),pontiƒ(ici),Ilvir(o),augur(i),aed(ili) qu[ae]stori,qui inrup[ti]one Baquatium co[l]onian tuitus est C[tes]timonio decreti ordinis et populi Bvri, .4C[

)كرست هذه النقيشة ل)كايوس.م.فولسينيوس( أوبتاتوس ابن ماركوس من قبيلة كويرينا، فلامين )الكاهن(

أغسطس العضو في مجلس الإثنين خلال الخمس السنوات، راهباً وعضواً في مجلس الإثنين، وعرافاً، وقاضياً بلدياً، وخزاناً، الذي صان المستعمرة من هجوم البقواط، ويشهد على ذلك قرار مجلس )العشرة( والشعب سواء منهم مواطني كارطينا (Cartennae) أو سكانها )العاديين( وهو الأول ) في المدينة الذي أقيم له( هذا التمثال وليس لأحد قبله عن طريق التبرع(.

تتحدث هذه النقيشة عن هجوم تعرضت له مدينة كارطينا على يد قبيلة البقواط مجاورة لها، وتاريخ هذه

النقيشة خلق جدلاً بين كانيا (Cagnat) وتوفنو (Thouvenot) وكاركوبينيو (Carcapino) ، فكانيا يرى أنّها تعود لعهد الإمبراطور سبتيموس سيفيروس 1 ، وتوفنو يردّها إلى عهد الإمبراطورين أوريليوس وكمودوس، بينما يبدو أنّ الحجتين اللتين قدمهما كاركوبينيو أقرب للصواب، وتتعلق بما جاء في النقيشة بارتقاء المدينة إلى مستعمرة، وبالاعتماد على الباليوغرافيا التي ترتكز على مقارنة بعض الكتابات التي تعود لعهد الإمبراطور هادريانوس ) 117 - 138 م( .

لذلك نرجّح رأي كاركوبينيو ونعيد تأريخ رفع هذه النقيشة إلى ما قبل نهاية منتصف القرن الثاني الميلادي، ولربما إلى عهد الإمبراطور هادريانوس  .

يذكر مصطفى الأعشى هناك تساؤل حول كيف يمكن الربط بين موطن البقواط التي كانت على ما يبدو

خلال القرن الثاني الميلادي في الأطلس المتوسط، وهجومهم على كارطينا قرب نهر شلف بموريطانيا القيصرية؟

لكي تتضح الرؤيا يبدو أنّه من الأفضل العودة إلى ترجمة حياة هادريانوس حيث يذكر صاحب تاريخ أغسطس )....وقعت سنة 122 م أحداث في شمال إفريقيا مما عزم الإمبراطور هادريان وس الذي كان موجوداً بإسبانيا للرحيل إلى شمال إفريقيا ليقود بنفسه عمليات القضاء على الثوار المور(، وهذا حسب مدلته نقود روما و المكتوب عليها حملة أغسطس على موريطانيا، مما افترض (Carcopinio) ربط تلك الثورة بهجومات على كرطينا سنة ) 177 - 122 م( مّما ألحّ القول أنّ موطن البقواط كان قريباً من تنس، فبعد فشل هجومهم فرض عليهم من طرف الإمبراطور هادريانوس شد الرحالّ إلى موريطانيا القيصرية لاستعمالهم فيها.

يبدو أنّ رأي (Carcopino) غير وارد لأنّه كيف يمكن أن يقبل البقواط بقيام أعمال ضد قبائل أخرى،

وكيف يمكن أن نستوعب أنّ قبيلة ثائرة تصبح بسرعة، وبعد فشل انتفاضتها مسالمة بل وتنفذ أوامر الرّومان ولهذا يبدو هذا الافتراض غير منطقي.

ممّا دفع فرويزول إلى الاعتقاد بأنّ مواطنيهم كانت في بداية القرن الثاني محصورة بين نهر شلف بالجزائر والأطلس المتوسط بالمغرب. ونقوشهم عديدة في موريطانيا الطنجية تفسّر لنا أيضاً المحاولات التي ستقوم بها روما-فيما بعد لاستمالة زعمائهم ومحاولة احتوائهم  .

ومن النتائج المباشرة للهجوم على مدينة تنس (Cartennae) قيام السلطات الرّومانية في موريطانيا القيصرية بتغطية الولاية بنظام دفاعي يمهّد لإقامة الليمس، شمل القلاع والطرق الرابطة بينها، كما أنشأ هادريانوس معسكر جميلة أنذاك في مقاطعة نوميديا الذي تتجلى فيه سياسته الدّفاعية  .

 

ثالثاً: ثورة سيسكا ) 253 - 255 م(:

من خلال قراءة على إحدى الكتابات اللاتينية في مدينة شلف من أبرز النقاط العسكرية في شمال الونشريس، والتي أشارت إلى ثورة سيسغا خلال حكم الإمبراطور فالريانوس 4 ، وهذا نص الكتابة:

Imp.CAESP.LICINIO VALERIANOPIO FEL, AVG P.TR.PII COS.VAREB NOSTRA SISGA DEVESTA C.P.L GALLIENUS AVG.P.M.TR .P X COS M.COLONIAE IUS DED IDEMO.DED.

)...الإمبراطور، قيصر، بوبليوس، ليكينيوس، فاليريانوس، التقي،السعيد الأغسطي، ب روقنصل، ذي سلطة تريبونية للمرة الثانية، وهو الذي انتصر على سيسغا، مخ رب في كاستيلوم )شلف(، الإمبراطور ل وكيوس غاليانوس أغسطس الأب الوطن ، وذي سلطة تريبونية للمرة العاشرة، وهو القنصل الذي قام بترقية هذه المستعمرة، لقد تم تكريس(.

في سنة 253 م اندلعت مقاومة عنيفة في كل إفريقيا، التي أخبرنا عنها القديس كبريانوس من خلال الرسالة التي بعثها، لجميع الكنائس آنذاك لجمع أموال الفدية لإطلاق صراح الرهينات المسيحيات لدى الثوار، كما سخّرت روما إمكانيات عسكرية كبيرة للقضاء على هذه الثورة، وقد كلفت حاكم موريطانيا القيصرية بملاحقة الثوار وعززته بالفرق العسكرية الأجنبية، كما تمّ استدعاء الفرقة العسكرية (PrimigeniaXXII) المرابطة في مدينة تنس (Cartennae) بعد اندلاع ثورة سيسغا 238 م  .

ورغم كل هذه التعزيزات فإنّ الثوار بقيادة سيسغا Sisaga تمكّنوا من محاصرة مدينة شلف وتدميرها سنة 253 م، وقد تمكّن من خلالها فالريان (Valerian) من الانتصار على الثوار.

وفي سنة 255 م، ارتقت مدينة كاستيلوم-تانجيتانيوم- )الشلف( إلى مصاف المستوطنات، وقد حظيت هذه

الخطوة كما بيّنته النقيشة على يد الإمبراطور قاليانوس (Gallien) ..

نستنتج من خلال ذلك أنّ روما رمت بكل ثقلها بعد أن امتد لهيب الثورة في موريطانيا القيصرية، وأنّ العديد من القبائل التي ذكرتهم نقوش شاركت فيها والتي سمّيت فيما بعد بثورة الأهالي الغاضبين المتمردين خاصة الباوار الغربيين حسب كامبس حيث تعتبر الونشريس إحدى معاقلها، والبقواط في الشرق الذين استوطنوها مدة من الزمن وخرّبوا إحدى مدنهم بعدما قامت سلطات الاستعمار إلى زحفهم إلى أقصى الغرب من موريطانيا القيصرية، كما أبرزت هذه الثورة عن مدى وعي الأهالي بالمستعمر ورفضهم لسياسة الرّومنة الفاشلة والتي بقيت سطحية ومنحصرة في فئة قليلة منهم.

 

رابعاً: ثورة فيرموس: 372 - 375 م:

لقد حظيت منطقة الونشريس كغيرها من المناطق التلية الشمالية بهذه الثورة التي نسبت إلى الثائر فيرموس (Firmus) .

نقل فيرموس ثورته نحو الونشريس التي كانت تستوطنها مجموعة من الأهالي الغاضب والمغازيكس، وعندما أدرك تيودوز أنّ فيرموس يتحايل لربح الوقت 1 ، فأسرع إلى تيبازة واستقبل وفد قبيلة المغازيكس المرابطة بالونشريس وأخبرهم بأنّه سيقود جيشه ضدهم بسبب مساندتهم لفيرموس  .

انتقل ثيودوز من تيبازة إلى شرشال حيث كلّف الفرقة التراكية الأولى والثانية بمرافقته ثم خرج ليحتل زوكابار )مليانة( وهنالك أمر باعدام فرسان الكتيبة الرابعة المسلحة بالسهام (Cohortes Equittae Sagitariorum) وبعض مشاة الفرقة فافيا فيكتريكس قسطنطا (Alae Victrix Costanta) بسبب انضمامهم إلى قوات فيرموس 3 وباعدام بلانس (Bellenes) أحد قادة مغازيكس وفريكيوس (Fericius) الذي عينته روما على قبيلة مغازيكس بالونشريس  .

تقدّم ثيودوز جنوبا إلى تيغافا أو الخربة ثم إلى كاستيلوم تانجيتانيوم )شلف( حيث التقى بالمغازييكس وقتل كل من لم يستطع الفرار منهم، ثم تعقب قوات فيرموسا شمالا إلى مليانة فوصله خبر تحالف مجموعة من قبائل الموزون والبوار، ويشير أميان بشأنها أنّ كيريا (Cyria) أخت فيرموس كانت وعدت تلك القبائل المورية بمكافأتها في حالة وقوفها إلى جانب أخيها، فأثارت تلك القوة الرعب في أواسط الجيش تيودوز ودفعته إلى التراجع جنوبا إلى قبيلة مغازيكس بعد أن أقدم جموع الأهالي الغاضب على انتقامهم من العنصر الروماني، فقرّر اللجوء إلى سلاح آخر وهو المال وتمكن بهذه الوسيلة من تجنيد العدد الهائل من المور في صفه ووعدهم بالأمان والمكفأءة إن هم تخلوا عن فيرموس  .

في تلك الأثناء التجأ فيرموس إلى أحد أهمّ حلفائه وهو إيغماسن (Igmasen) زعيم قبيلة (Isaflenses)

بجبال التيطري واستجمع قواته من جديد بمساعدة أخيه مازوكا وأرسل موفدين إلى القبائل النوميدية طالبا

لتكثيف الهجوم على المراكز العسكرية والمعمرين وأعوانهم لتفريق جموعها 1، ثمّ قاد جيشه بمعية أخيه وإيغماسن توجيه ضربات من الخلف لتيودوز  .

انتبه القائد الروماني تيودوز إلى خطة فيرموس فعهد بمواصلة إخضاع المازيكس المرابطة على سفوح الونشريس لأحد قادته حسب (Leveau.Ph.) 3، وأسرع باتجاه فيرموس وفي الحرب أصيب مازوكا بجروح بليغة وانسحب إيغماسن إلى الهضاب المجاورة بانتظار التحاق فيرموس استعداداً لخوض المعركة 4، واضطر تيودوز إلى التراجع منتظراً وصول المدد إليه ، وهي الفرصة التي ضيعها فيرموس حينما لم يتعقب الجيش الروماني المنهمك وظلّ ثابتاً في معسكره  .

ما إن وصل المدد إلى تيودوز من تيبازة والقيصرية وبادر هذا الأخير إلى حيلة أخرى فيها إغمازن على أن يكون ملك على عدة قبائل فعبر الط ريق إلى سور الغزلان 7، حيث هاجم القبائل إيسالنس وعاد إلى سطيف مرورا بأوبيدوم ليستأنف الحرب ضد القبائل الإسافلاسن المحالفة لفيرموس 8، وبعد انهزامها ونظرا لحرص ملكها إغمازن على حياته وسلامة ملكه تحالف مع ثيدوز ونكث الحلف بينه وبين فيرموس وساعد الرومان في محاولة القبض على فيرموس، حيث طلب من القائد الروماني في تكثيف هجومه ضد أفراد قبيلته، ولماّ اشتدّت المعركة بين الجيشين، انهزم فيرموس وحاول الهرب لكن إغمازن تمكن من القبض عليه ، ولكن انتحاره حرم هذا الأخير من شرف تسليمه حياً لتيودوز الذي بعدما تأكد من جثة فيرم وس عاد إلى سطيف (Sitifis)

 

خاتمة:

وخلاصة القول أنّ فشل فيرموس في تحقيق هذا الهدف لا يعني نجاح السلطة الرومانية في فرض سيطرتها على شمال إفريقيا *، بحيث لا تمضي عشرون سنة على قمع ثورة فيرموس لم تنطفئ جذوة المقاومة وستستمر مع قائد آخر من ذات العائلة هو قيلدون (Gildoun)1 . وإذا كانت سلسلة المقاومات هذه لم تحقق انتصارا ساحقاً على الجيوش الرّومانية النظامية المحترفة فإنّها نجحت في إضعاف الهيمنة الرّومانية التي لم تصمد أمام الاكتساح الوندالي بعد ذلك فاسترد الونشريس استقلاله طيلة القرنين V وVI بحيث لم تخضع لا للوندال ولا للبيزنطيين وعاش في كنف ملوكه إلى أن وصل الإسلام إلى ربوعه فوفد أحد زعماء زناتة وهو صولات بن أوزمار على الخليفة عثمان بن عفان في المدينة ليعلن إسلامه وإسلام، قومه. 2

 

المصادر والمراجع:

إبن خلدون ) ع.(،كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر،ج 7،دار الكتاب مكتبة المدرسة،بيروت، 1983 .،ص. 27 .

حارش )م.ل.(، ثورة فيرموس ودوناتية ) 372 - 375 م(، مجلة الدراسات التاريخية، العدد السابع،

الجزائر، 1993.

دريسي )س.( ، قراءة وتحليل للكتابة الأثرية المكتشفة بالبيض، مجلة الأثار، العدد 11 ، معهد الأثار، جامعة الجزائر 02 ، 2014.

ساليسيوس ، الحروب يوغرطة، تر . محمد مبروك الدويب، منشورات بنغازي الجامعية، ليبيا ، 2008.

شنيتي )م.ب.(، التغيرات الاقتصادية والاجتماعية في المغرب أثناء الإحتلال الروماني، ط 1 ، الجزائر، 1984

شنيتي )م.ب(، الجزائر في ظل الإحتلال الروماني، بحث في منظومة )الليمس الموريطاني( ومقاومة المور، ج 1 ، ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر، 1999 .

شنيتي )م.ب(، أضواء على تاريخ الجزائر القديم، دار الحكمة، الجزائر، 2003 .

العقون )م.ع.(، الونشريس الهوية والمقاومة في القديم، مجلة أبحاث )اليومين الدراسيين حول إسهامات منطقة الونشريس في المقاومة الجزائرية عبر التاريخ وشواهدها الأثرية(، منشورات دار الثقافة لولاية

تيسمسيلت، 2012 .

فاضل )أ.( ، جبال الونشريس في النصوص القديمة، مجلة أبحاث )اليومين الدراسيين حول تاريخ وتراث منطقة الونشريس، منشورات دار الثقافة لولاية تيسمسيلت، 2012 .

فوكة )م.( ، تأثير قبائل منطقتي شلف والونشريس في السياسة العسكرية الرومانية ) في الف ترة الأولى قبل الميلاد إلى القرن الثالث(، اليوميين الدراسيين حول تاريخ وتراث منطقة الونشريس، مجلة أبحاث ، منشورات دار الثقافة تيسمسيلت، العدد الثاني، 2013 .

فوكة )م.( ، مناطق سهل الشلف في ظل الإحتلال الروماني في الفترة الممتدة من ق 1 ق.م إلى ق 3 م، مجلة عصور الجديدة، مختبر البحث التاريخي، جامعة وهران، العددين 11 و 12 ، 2013 - 2014 .

كامبس )غ.( ، في الأصول بلاد البربر. ماسينسا أو بدايات التاريخ، تر. محمد العربي العقون، مجلس الأعلى للغة العربية، الجزائر، 2010 .

المقدم )ب.(، سياسة الروّمان إتجاه القبائل بلاد المغرب القديم خلال العهد الإمبراطوري الأعلى، رسالة

ماجستر، قسم التاريخ وعلم الأثار، جامعة وهران ، 2001 / 2002 .

منصوري )خ.( ، قبائل موريطانيا القيصرية ) القرن I والقرن II (، مجلة الدراسات المغاربية،وهران، 1998 .

وابل )أ.( ، سياسة الإمبراطور سيفريس في تطويق منطقة الونشريس، اليومين الدراسيين حول ال تراث والإقليم، مجلة أبحاث، منشورات دار الثقافة تيسمسيلت، العدد الرابع، 2015 .

Camps (G.), Les Bavares Peuple De Maurtanie Ceasarienne, R.Af, 1955, XCIX.

Camps (G), Les Aux origines de la Berberie. Monuments et Rites Funéraires Protohistoriques, Edt, Arts et Métiers graphiques, Paris, 1961.

Carcopinio (J.), Sur La morts de potolémée roi de Maurétanie, M.F.L.H.A., Offert à Paris. 1940.

Gsell (St.), Observations Géographique Sur la Révolution de Firmus, R.S.A.C, 1902.

Gsell (ST.), Atlas archéologique de L’algerie, 2 Vol.Cartes, paris, 1912. F8, N°102.

Gascou (J.) M. Licinius Crassus Frugi, Légat de Claude en Maurétanie, Mélanges Boyancé, Rome Collection de l’ecole francaise de Rome, 1974.

Gascou (J.), Aedemoun, Ency.berb, 2/Ad- Aguh-n-Tahli, Aix-en-provence, Edisud, 1985.

Christol (M), L’oeuvre de C.Octavius Pudens Caesius Honoratus en Maurétanie Césarienne, Africa Romana, t.10, 1992.

Desanges (J.), Baquates , in Ency.berb, 9 | Baal BenYasla [En ligne], mis en ligne le 01 décembre 2012, consulté le 25 mars 2017. URL : http://encyclopedieberbere.revues.org/1285.

Kadria khadra (F.), Les Djeddars, Monument funéraires de la Région de Frenda, SNDE, Alger, 1983.

Leveau (Ph.), L’aile II des Thraces, Les tribus des Mazices et les praefectis gentis en Afrique du Nord, A.Af.1974.

Leveau (Ph.), Ancorarius ou Anchorarius Mons, Ency.berb, 5 | Anacutas Anti-Atlas, Aix-en-Provence, Edisud, 1988.

Polybe, III, 3, 15, XVI, 1, 2, 36.Tite-live, XXVIII, 17, 5.

Touxier (H), Etudes Sur Les Migrations, R.Afr, 8, 1864.

Rufer (J.), Etude sur établissements Romaines du Bas Cheliff .B.S.G.A.O. n°.27. 1907.