واقع ومكانة المرأة في الحضارات القديمة والمغرب القديم

 

 

الدكتورة: مالية بصال المركز الجامعي مرسلي عبد الله -تيبازة                                              

الأستاذ: أحمد سايح مرزوق   خميس مليانة

 

 

الملخص:

 

تعد المرأة أهم مكون لكيان المجتمعات، وقد شغلت عبر العصور أدوار هامة بل وكانت فاعلة ونشيطة في التأثير في مختلف جوانب ومناحي الحياة، فضلا عن تسيير الحركية السياسية كما أنها تحملت أعباء تفوق قدراتها وإمكانياتها، ونحاول في هذه الورقة البحثية تقصي مكانة المرأة في مختلف الحضارات القديمة من فرعونية وصينية واغريقية ومغاربية، وصولا الى الفترة الإسلامية التي أعطت المرأة حقها الفعلي والمشروع.

 

مقدمة:

       على مر العصور وتعاقب الأمم والحضارات، كانت المرأة ممسوخة الهوية فاقدة الأهلية منزوعة الحرية، لا قيمة لها تذكر، أو شأن يعتبر، بل كانت تقاسي في عامة أحوالها باستثناء عصور الرسالات السماوية، ألونا من الظلم والشقاء والذل، صاغتها أهواء ضالة أو عقائد فاسدة. ولقد اختلفت معاملة الشعوب للمرأة وتباينت نظرتهم إليها، لذلك جاءت الدراسة لتبين الأوضاع السيئة التي عاشتها المرأة في المجتمعات القديمة قبل ظهور الإسلام، لبيان مدى تكريم الإسلام بها، وما قدمه لإعلاء مكانتها الاجتماعية، حيث أعطاها كل حقوقها، والتي تتفق مع فطرتها ومع رسالتها في الحياة الإنسانية.

لا شك أن المرأة شطر النفس الإنسانية وأنها صانعه الجنس البشرى، ولكن هل كانت نظرة الرجل للمرأة على هذا النحو على مر العصور في مختلف الحضارات البشرية التي سبقت الإسلام؟

 

I/ نظرة مختلف الحضارات حول المرأة :

      1/ مكانة المرأة في بلاد الرافدين: رغم أن المرأة في بلاد الرافدين  كان لها الحق في أن تدير بيتها ومزرعتها،  وأعطت الشرائع الميزوبتامية  للمرأة حقوقا  من أهمها حق البيع والتجارة والتملك،  إلا أن الرجل كان هو المسيطر في كل الأحوال، وكان من  حقه بيع زوجته لسداد لما عليه من الديون، كما أن الحكم الأخلاقي على الرجل يختلف عن المرأة، فزنا الرجل كان يعد من النزوات التي يمكن الصفح عنها، أما زنا المرأة (الزوجة) فكان عقابه الإعدام[1].

       وفي قوانين حمورابي التي تعتبر أقدم نص تشريعي ظهر حتى اليوم، أعطى فيه للأب سلطة بيع أفراد أسرته أو هبتهم للغير مدة من الزمن، كما نص القانون بأن المرأة إذا أهملت زوجها أو تسببت في خراب بيتها تلقى في النهر، ونص كذلك على أنه عند اتهام الزوجة بالزنا دون دليل على ذلك وتناولتها ألسنة الناس تلقي في النهر وتغطس في الماء، فإذا عامت على وجه الماء كانت بريئة وإذا غطست اعتبرت آثمة[2].

       أما شريعة القصاص فقد تدنت بمنزلة المرأة تدنياً كبيراً، فمن قتل بنتا رجل كان عليه  أن يسلم له ابنته ليقتلها أو يمتلكها[3]، والمرأة البابلية لم يكن لها أن ترث إلا في حالة عدم وجود الذكور، أو كانت المرأة كاهنة، أما الأرملة فلم يكن لها من الميراث شيء إلا بقاءها في منزل الزوجية أما إذا تركت الزوج فلا ترث منه شيئا[4].كما كان يتصل بالهياكل عدد من النـساء، مـنهن الخادمـات، ومـنهن السراري للآلهة أو ممثليهم، الذين يقوموا مقامهم على الأرض، ولم تكن الفتاة في تلك الفترة ترى شيئاً من العار في أن تخدم الهياكل على هذا النحو، وكان أبوها يفخـر بـأن يهـب جمالهـا ومفاتنها لتخفيف ما يعتري حياة الكهان المقدسة من ملل وسآمة، وكان يحتفل بإدخال ابنته في هذه الخدمة المقدسة، ويقرب القرابين في هذا الاحتفال[5].

    2/ مكانة المرأة في الحضارة المصرية: كانت للمرأة  في الحضارة الفرعونية حقوق لم  تحصل عليها مثيلاتها في الحضارات الأخرى، فقد وصلت إلى الحكم وأحاطتها الأساطير، وكانت  المرأة المصرية لها سلطة قوية على إدارة البيت والحقل واختيار الزوج، غير أن الفراعنة في كثير من الأحيان يضحون بأفضل بأجمل فتاة كقربان رضا الآلهة[6].

     3/ المرأة عند الإغريق : كانت المرأة عند الإغريق محتقرة مهانة، وقد عوملت معاملة المخلوقات الوضيعة، وحتى اعتبروها رجسا من عمل الشيطان، وكانت كسقط المتاع تباع وتشتري في الأسواق[7]. وما يدعم هذا الكلام ما قاله الفيلسوف سقراط قائلا: «إن وجود المرأة هو أكبر منشأ، ومصدر الأزمة والانهيار في العالم، وإن المرأة تشبه شجرة مسمومة، حيث يكون ظاهرها جميلا، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت حالا»[8].

       كما كانت مسلوبة الحقوق محرومة من الميراث وحق التصرف في المال، وكانت في غاية الانحطاط وسوء الحال، فيقول أرسطو: «ثلاث ليس لهم القدرة على التصرف في أنفسهم العبد فليس له إرادة، والطفل له إرادة ناقصة، والمرأة لها إرادة لكنها عاجزة»[9].

       وكانوا يعتبرون أن المرأة لا تساوي الرجل إنسانياً، بل كانوا يعتبرونها كائنا أدنى من الرجل وأقل سموا من الناحية الأخلاقية، ولم يكن ذلك مقصورا على عامتهم بل كان الرأي السائد لدى شعرائهم وكتابهم وفلاسفتهم، ولم يقتصر ذلك على فترة معينة من تاريخهم بل استمر طيلة قرون عديدة ففي الإلياذة كان المحارب إذا أراد أن يسب آخر وأن يعبر له عن احتقاره كان ينعته بأنه امرأة[10]

[10]

 فلم يكونوا يحفلـون بمـشاعرها أو أحاسيسها، حتى النظام الثقافي اليوناني لم يجعل للمرأة أي مراعـاة، فـأفلاطون فـي جمهوريته الفاضلة قال: بمشاعية النساء والأولاد، خاصة بين فئتي الجنـود والحكـام[11].

     4/ المرأة عند الرومان : الرومان هم ورثة حضارة اليونان، فنجدهم التزموا بالموقف اليوناني من المرأة وهو موقف الاستهتار بها، واعتقادهم بأنها أقل قدرة من الرجل، لذلك لابد من بقاء سلطة الرجـل عليها وتحكمه بها[12].

       فلم تكن المرأة في الإمبراطورية الرومانية أحسن من غيرها في ظل الجاهلية، فقد كانت أقبح حالا وأكثر ذلك، لأنهم يعتقدون أن المرأة أداة للإغواء وسيلة للخداع وإفساد قلوب الرجال، لذلك كانوا ينظرون إليها نظرة احتقار واستذلال[13]، حيث اعتبر الرومان المرأة متاعا للرجل وسلعة رخيصة يتصرف فيها كيف ما شاء، وحياتها ليست ملكا لها، وإنما لأبيها ثم لزوجها من تاريخ زواجها ثم لأبنائها بعد وفاة زوجها، وملكيتهم لها ملكية السيد للرقيق[14].

        ووصل الأمر بهم إلى حد عدم مراعاة إنسانيتها، فأجازوا للرجل قمع أمومتها ساعة يشاء بأن ينتزع أولادها منها وتركهم يتعرضون للمرض والموت بعيدا عنها وربما أمامها، وكانوا يعتبرون أن المرأة والعبد من جملة أدوات الرجل الضرورية التي لابد منها[15].  ومن شرائعهم: أن العمل الذي يقوم به إنسان تحت تأثير المرأة عمل باطل قانونا، وأن المرأة إن مات زوجها لم ترث من ماله أي شيء.[16]

        ومن عجيب ما ذكرته بعض المصادر، أن ما لاقته المرأة في العصور الرومانية تحت شعارهم المعروف " ليس المرأة روح" فيتم تعذيبها بسكب الزيت الحار على بدنها، وربطها بالأعمدة، بل كانوا يربطون بعضها بذيول الخيول، ويسرعون بها إلى أقصى سرعة حتى تموت[17].

    والأغرب من ذلك كله ما يروي التاريخ في ذلك أن الرومان عقدوا مؤتمر للبحث شؤون المرأة، وانتهى بالقرارات الآتية:

  • أن المرأة ليس لها نفس، لذلك فإنها لا تستطيع أن تنال الحياة في الأخر.
  • يجب على المرأة ألا تأكل اللحم، وألا تضحك، ويجب عليها أن لا تتكلم.
  • المرأة رجس من عمل الشيطان، تستحق الذل والهوان في المجتمع.
  • على المرأة أن تقضي حياتها في طاعة الأصنام وخدمة الزوج.

وقد طبق الرومان هذه القرارات فكانوا يضعون قفلا على فم المرأة لمنعها من الكلام، وتمشي في الطريق على فمها قفل من حديد يسمي "موزلير" لأن كلامها أداة للإغراء[18].

      وفي الحياة العامة كانوا ينظرون للمرأة على أنها مجرد متعة للرجل حيث أنهم شجعوا العهر وأباحوه دون أن يراعوا حرمة أو دينا، وكانت هذه المهنة ينظمها القانون ويشرف على تنظيمها وتحديد أجورها[19].

       5/ المرأة عند الفرس: كانت التقاليد الفارسية تحط من قدر المرأة وتهينها، وتنظر إليها نظرة تعصب وتتشاءم منها، ففي الديانة الزرادشتية يحقرون شأن المرأة، ويعتقدون أنها سبب الشر الذي يستوجب العذاب والسخط لدى الآلهة، فلم تكن المرأة الفارسية في مكانة تختلف عن مثيلاتها في المجتمعات القديمة، حيث قرر الفرس بعد جدال ونقاش أن المرأة إنسان إلا أنها خلقت للذل والهوان، ولتكون في خدمة الرجل وتحت أمره ونهيه يتصرف فيها كتصرفه في السلعة، وله أن يحكم عليها بالموت[20].

     كما عليها أن تعيش تحت أنماط الظلم، فكان للزوج السلطة الكاملة والتامة في التصرف في زوجته، وكان تعدد الزوجات دون قيد وشرط تشجيعا للنسل[21]. وكانت ولادة البنت عند الفرس تجلب اللوعة والحسرة، لأنهم يربوهن لمنزل رجل أخر يجني الفائدة.

     6/ المرأة عند الهنود : كانت نظرة الهنود إلى المرأة بين الإفراط والتفريط، فهي ذليلة مهينة ليس لها حق الاستقلال عن أبيها وزجها أو ولدها، فإذا مات هؤلاء وجب أن تنتمي إلى رجل من أقارب زوجها، وهي قاصرة طيلة حياتها، وتحرم من الحقوق الملكية والإرث، وتبقى ملكا للرجل مدة حيازته حتى آخر أنفاسها[22].

        كما اعتبروا المرأة دون الرجل منذ الولادة والخلق الأول، ففـي أسـاطيرهم أن المبدع الإلهي عندما أراد خلق المرأة وجد أن مواد الخلق قد نفذت كلها في صـياغة الرجـل، ولم يبق لديه من العناصر الصلبة بقية فحل هذه المشكلة عن طريق البقايا المتناثرة من خلـق الرجل، فصاغ المرأة من ما تبقى من القصاصات التي تناثرت من عمليات الخلـق الـسابقة، يختار قصاصة من هنا وجذاذة من هناك[23].

      والمرأة عند الهنود مادة الإثم وعنوان الانحطاط الخلقي والروحي، ولا خير فيها، ومما ورد شرائع مانو على أن الوباء والموت والجحيم والسم والأفاعي والنار خير من المرأة[24]. كما جاء أن الزوجة الوفية يجب أن تخدم زوجها كما لو كان إلها، وألا يأتي شيء من شأنه أن يؤلمه حتى وإن خلا من الفضائل، وعلى المرأة أن تخاطب زوجها في خشوع قائلة له: " يا مولاي وأحيانا يا إلهي"، وتمشي خلفه بمسافة ولا تتكلم معه، ولا تأكل معه، بل تأكل مما يتبقى من الأكل[25].

      كما لم يكن لها حق الحياة بعد وفاة زوجها، بل يجب أن تموت يوم موت زوجها، وأن تُحرق معه وهي حية على موقد واحد، واستمرت هذه العادة حتى القرن السابع عشر ميلادي[26]، حيث أبطلت هذه العادة على كره من رجال الدين الهنود، وإذا رضيت أن تعيش بعد زوجها، فهي قد تخففت من الموت المادي إلى نوع من أنواع الموت المعنوي، فعليها أن تحلق رأسها أو تجدع أنفها أو تصلم أذنها، أو تشوه وجهها، لكي تضمن ألا ينظر إليها بعد زوجها رجل آخر[27]. كما كانت تقدم قربانا لآلهة من أجل كسب رضاها لهطول المطر والسعة في الرزق[28].

     7/ المرأة في الصين: كانت المرأة في الصين تتجرّع كؤوس المهانة صباحا ومساء. وقد رسمت أغنية صينية قديمة صورة وضع المرأة الحقيقي في الصين وقد تضمنت: «ألا ما أتعس حظّ المرأة، ليس في العالم كله شيء أقلّ قيمة منها. إن الأولاد الصبيان يقفون متكئين على الأبواب كأنّهم آلهة هبطوا من السماء، أما البنت فإن أحدا لا يسرّ بمولدها وإذا كبرت اختبأت في حجرتها تخشى أن تنظر وجه إنسان ولا يبكيها أحد إذا اختفت من منزلها».

      ولقد كان الأب الصيني مثلاً إذا بشّر بالأنثى ذهب إلى السوق عارضا إياها للبيع بأبخس الأثمان، فإن لم يجد من يشتريها أعطاها لأول عابر سبيل بدون مقابل، أو عمد إلى قتلها خنقا في مكان مهجور أو إغراقها أو وأدها في التراب. والتي لم يتم التخلّص منها بوسيلة من الوسائل، يصار إلى تشويه أقدامها لمنعها من الخروج من بيت أبيها أو زوجها، وكانت المرأة دائما تحت الوصاية إما من أبيها أو من زوجها أو حتى من ابنها، أو من رجل من أقارب زوجها في النسب[29].

      8/ المرأة عند العرب قبل الإسلام: إن المرأة عند العرب في الجاهلية الأولى لم تلقى التكريم اللائق بها، بل كانت مهانة ومحتقرة، وقد كانوا يحرصون على كثرة إنجاب البنين في حين يكرهون ولادة الإناث، لأنهن لا يستطعن أن يمنعن الحمى، ولا فائدة منهن عندما تتأزم الأمور، وهن بعد ذلك هدف العدو.  لذلك لاقت المرأة ألوانا من الظلم والاضطهاد والمهانة والإذلال[30] منها:

        * / وأد البنات: وقد شهد القرآن الكريم بهذا المشهد البغيض الذي كان ينتظر الأنثى ساعة ولادتها في قوله تعالى: ﴿إِذَّا بُشِّرَ أَحَدُكُمْ بالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدَا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ القَوْمِ بِسُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هَوْنٍ أَمْ يَدُسُهُ فِي التُرَابْ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونْ[31]، ولم تكن مهانة المرأة تقف عند الوأد فقط، فقد كانت تشمل كل جوانب حياة المرأة.

    */ الجرمان من المهر: فقد كانت تحرم من المهر، حيث كان الولي يأخذ المهر ولا يعطيها شيئا.

    */ تعدد الزوجات والحرمان من الإرث: وكان تعدد النساء بلا حدود ودون قيد أو شرط، فضلا عن الطلاق التعسفي[32]، وكذا الحرمان من الميراث.

       فهذه صورة بشعة لحالة المرأة قبل الإسلام عند العرب قبل الإسلام وغيرها من الحضارات القديمة، من قتل ووأد وإذلال وحرمان[33].

       9/ المرأة عند اليهود: رغم أن اليهودية دين سماوي إلا أن اليهود آمنوا ببعض هذا الدين وكفروا ببعضه، وحرفوا كثير من الحقائق، فكانت حالة المرأة سيئة ومهانة، وكانت متاعا يورث فإذا توفى شخص بدون أن ينجب أولادا ذكورا تصبح أرملته زوجة تلقائية لشقيق زوجها، رضيت بذلك أم كرهت، ولا يجوز للزوجة أن تطلب الطلاق مهما كانت الأسباب[34].

        اعتبرت الديانة اليهودية المحرفة المرأة مصدر الإثم واللعنة، فحملتها التوراة غواية آدم وإخراجه من الجنة[35]، وجعلته يتملص من المسؤولية فتقول على لسانه: «هذه المرأة التي جعلتها معي هي التي أعطتني من الشجرة فأكلت»[36].

        كما كانت بعض طوائف اليهود تعتبر البنت في مرتبة الخادم، وكان لأبيها الحق في أن يبيعها قاصرة، ولم يكن لها حق في الميراث إلا إذا لم يكن لأبيها ذرية من البنين، وإلا ما كان يتبرع به لها أبوها في حياته. ففي الإصحاح الثاني والأربعين من سفر أيوب: «ولم توجد نساء جميلات كنساء أيوب في كل الأرض وأعطاهن أبوهن ميراثا بين أخوانهن»، وحين تحرم البنت من الميراث لوجود أخ لها ذكر يثبت لها على أخيها النفقة والمهر عند الزواج، إذا كان الأب قد ترك عقاراً، أما إذا ترك مالا منقولا فلا شيء لها من النفقة والمهر ولو ترك القناطير المقنطرة، وإذا آل الميراث إلى البنت لعدم وجود أخ لها ذكر لم يجز لها أن تتزوج من سبط آخر، ولا يحق لها أن تنقل ميراثها إلى غير سبطها[37].

      وكانت المرأة في المجتمع اليهودي تعتبر مملوكة لأبيها قبل زواجها وتشتري منه عند نكاحها لأن المهر كان يدفع لأبيها أو لأخيها على أنه ثمن الشراء، ثم تصير مملوكة لزوجها وهو سيدها المطلق، فإذا مات زوجها ورثها وارثه لأنها جزء من التركة، وله أن يبيعها، وكان الزواج بالأخت ذائعا عندهم، ثم بعد ذلك حرموا الأصول والفروع، وكان طبيعياً أن المرأة التي تورث كالمتاع لاحق لها في الميراث، والزوجة لا نصيب لها من تركة زوجها بل ظلت جزءاً من متاعه يرثها ذوي قرباه[38] .

           كان اليهود يحتقرون المرأة ويعتبرونها نجسة طوال مدة حيضها، فلا يأكل الرجل من يدها ولا ينام معها في فراش واحد، وقد بين الحديث النبوي الشريف ذلك، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن اليهود كانوا إذا حاضـت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى قوله: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذَى فَاعْتَزِلُوا النِسَاءَ فِي المَحِيضِ[39]، فقال صـحابة رسـول الله صلى الله عليه وسلم : ما نصنع يا رسول الله، قال: اصنعوا كل شيء إلا النكاح »[40]. (رواه مسلم).

      10/ المرأة عند النصارى:

        يرى النصارى أن المرأة باب من أبواب الشيطان، وأنها يجب أن تستحي من جمالها لأنها سلاح إبليس للفتنة والإغراء، وأن المرأة ينبوع المعاصي، فهي للرجل من أبواب جهنم[41].  ويقول ترتليانوس أحد كبار القساوسة عن المرأة: إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان، وإنها دافعة بالمرء إلى الشجرة الممنوعة، ناقضة لقانون الله، ومشوهة لصورة الرجل. كما صرح بولس بأن المرأة منبع الخطيئة، وأصل كل شر، وراء كل إثم ومصدر كل قبيح، وفي مجمع نيكون عام 586 م ومما خلص إليه النصارى فيه أن المرأة جسد به روح دنيئة، خالية من الروح من الناجية، واستثنوا مريم عليها السلام فقط لأنها أم المسيح عليه السلام[42].

II/المرأة في المغرب القديم :

      كان المغرب القديم تسكنه غالبية من الأمازيغ على هذا النحو، لوحظت المرأة الأمازيغية قد اتخذت على أدوار كبيرة في المجتمعات المحلية. وكان هذا واضحا بشكل خاص من خلال شخصية الكاهنة.

   كان للمرأة اللوبية دور بارز في المجتمع القبلي اللوبي حيث مثلت دور الزوجة والأم، فضلا عن مساعدتها للرجل في عدة مهام ولعل أبرزها خلال فترة الحروب حيث أدت دور الممرضة بإسعاف الجرحى، فارتدت زي الرجال عند تقليدها لمنصب قيادي[43].

  أولا/ مكانة المرأة اللوبية:

   كانت المرأة اللوبية ذات مكانة رفيعة فهي الطرف الفاعل في تقوية أواصر المصاهرة والقرابة بين الأسر والعائلات، كانت المرأة المتزوجة تعنى بأطفالها عناية كبيرة.

       وتذكر الأدلة التاريخية أعمالها التي كانت تمارسها حيث لم تقتصر في إعداد الطعام وحلب المواشي وغزل الصوف فقط، وإنما كانت لها وظائف طقوسية وعلاجية تنفرد بها، حيث كانت المرأة تقوم بكي عروق الصدغ عندما يبلغ الطفل الرابعة كي لا يمرض طيلة حياته ويتقي شر الأرواح الخفية.

   إن هذه الممارسة تعكس أن المجتمع اللوبي مجتمع تسلطت عليه فكرة تقديس السلف والتدين، ولابد أن تكون قد تولدت له هذه العادات من نظم الزواج[44].

ثانيا/ المرأة النوميدية:

       كانت المرأة النوميدية ذات ملامح جميلة وكانت تتزوج في سن مبكرة، ويشترط فيها العفة قبل الزواج[45]. نظرا للمهام الكثيرة المنوطة بالمرأة النوميدية كانت تهرم بسرعة قبل الرجل، فإلى جانب الحمل والولادة المتكررة فإنها تعمل في الزراعة وأعمال يدوية متعبة مما يجعلها تبدو أكبر من سنها.  وكانت مكانة المرأة عند زوجها بقدر ما لها من أبناء فكلما زاد عدد مرات الإنجاب كلما زادت مكانتها لما للأولاد من فائدة للعائلة في مساعدتها في أشغالها[46].

      كما كانت ظاهرة المصاهرة بين مختلف القبائل عادة منتشرة بشكل كبير، فعززت أواصر القرابة بل واستخدمت في فض النزاعات بينهما وإحلال السلام، كما بلغت المرأة في الجانب الديني مرتبة كبيرة الكاهنات ما يعادلها عند الرجال بكبير الكهنة، ومن الأمثلة على ذلك والدة ماسينيسا[47].

ثالثا/ القيم السلوكية الاجتماعية عند المرأة المغاربية القديمة:

   كان على المرأة النوميدية أن تلتزم بالأخلاق الحميدة التي تبعدها وتميزها عن أخلاق الرجال، فمثلا كان من المحرم على الزوجة أن تشرب الخمر[48].

  يذكر ترتليانوس حول عاقبة احتساء المرأة للخمر أن رجلا نوميديا زوجته عن طريق تجويعها، وهذا بسبب فتحها مخزن النبيذ فقط فكيف باحتسائه[49].

   أما الإجهاض فكان فعلا ممقوتا في العرف الاجتماعي، فحسب ترتليانوس الذي يقول: ''عندنا قتل النفس محرم إلى الأبد فلا يحل لنا إسقاط الجنين من رحم أمه وهو لا يزال في طور التكوين لأنه تعجيل بالقتل[50].

رابعا/ لباس المرأة:

  كانت المرأة النوميدية تلبس ثوبا طويلا يغطي كامل جسمها يعرف بثوب الستولا (stola)، كما كانت تنتعل الصنادل وحذاء الكاكي الذي يغطي كامل القدم فضلا على تزينها بالحلي.

خامسا/ عمل المرأة:

من المهن التي مارستها المرأة المغاربية القديمة نذكر ما يلي[51]:

  • السيدة بيتيليا التي كانت بائعة متجولة من فاسمبوس (نواحي تبسة حاليا)
  • صافيديا بائعة الخبز من كاستيليوم.
  • دوناتة صانعة الطبل من سطيف.
  • إيميليا بائعة الفول من كيرتا.

  كما تذكر المصادر ممارسة النسوة بعض الأعمال الإقتصادية مثل السيدة أوزنوفة التي لقبت بأونووي بمعنى المرأة العطوفة، وهي زوجة الملك الموري (بوغود) التي اشتغلت في التجارة أين كانت تتاجر بالخشب فضلا عن امتلاكها لفرقة من العازفات بتأجيرها لتنشيط مختلف الحفلات.

سادسا / نماذج من نساء المغرب القديم

   أ/ الملكة عليسة: تعد شخصية عليسة من أشهر الشخصيات النسوية بل وأكثرها تأثيرا في المجتمع القرطاجي والمغاربي القديم، اسمها الحقيقي (إليشات)، واشتهرت باسمين هما عليسة ديدون، زوجها (عشرباص) كبير الكهنة، قامت بتأسيس قرطاجة المعروفة في اللغة الفينيقية (قرط حدشت) لما وافق سكان المغرب القديم على ذلك مقابل دفعها ضريبة سنوية لهم.

      وتذكر الأسطورة التي يرويها جوستينيوس أنها أنهت حياتها بالانتحار نظرا لطلب الملك المحلي (هيرباص) الزواج منها وكان رفضها بإنهاء حياتها.

     سلوكات عليسة:

      تتميز عليسة بصفات كثيرة فهي امرأة ناضجة عقليا، وتمتعت بمجموعة من المبادئ والقيم استطاعت نقلها بعد تأسيسها لقرطاجة لأبناء شعبها الصغير.

        أما الجانب الإقتصادي فكان لها حس فعال في مواصلة النشاط التجاري البحري، وتمكنت من خلق ثروة كبيرة مكنتها من توسيع رقعة مدينتها.

ب/ شخصية صفونيسب:

       يعني اسمها الأصلي (صفنبعل) راعية الإله بعل، وهي من أصول أرستقراطية والدها عزربعل بن جيسكون، ولدت حوالي 221 ق.م .

      لم تذكر لنا المصادر أنها أسندت لها مناصب سياسية، إلا أنها لعبت دور في الصراع الخفي بين الملك صفاكس وماسينيسا، نظرا لجمالها وأدبها. فقد ظفر بها الملك صفاكس عن طريق الزواج السياسي المصلحي عام 205 ق.م لكنها ماتت مبكرا عن طريق تجرع السم في سن العشرين عام 201ق.م بمساعدة من ماسينيسا رافضا بذلك تسليمها للرومان، وهو ما يبرز نبالتها ونبالته.

      أصل هذه القصة قصة حب أين اختلطت المصلحة والسياسة، هسدروبعل ابن جيسكون هذا القائد القرطاجي كانت له هذه البنت المسماة صفونيسب، كان كل من ماسينيسا وصفاكس يكنون حبهما لها، فتواجها الخصمين في السياسة وفي الحب.

     ولما تواجها الخصمين في معركة السهول الكبرى أفريل 203 ق.م ونتج عنها انهزام صفاكس ففر إلى مملكته، ولحق به ماسينيسا ولايليوس وأسروه بالقرب من قسنطينة أما صفونيسب أسرها ماسينيسا وخطط ليتزوجها وطالبت منه وتوسلت بعدم تسليمها للرومان حية نظرا لطلب لايليوس تسليمها للرومان كأسيرة حرب.

     فأعطى ماسينيسا لصفونيسب كمهر كأس من السم وشربته بدون تردد وهكذا وضعت حد نهايتها مما يبين رفض المرأة المغاربية الخضوع للأجنبي وهذا على مر العصور

    سلوك صفونيسب:

كانت شابة في مقتبل العمر، لكن عرف عنها شدة تدينها بعبادتها للآلهة القرطاجية في مدينة سيقا عاصمة زوجها صفاكس، كما كانت وفية لزوجها ذلك أنها انتحرت مكررة تصرف جدتها عليسة، مما يبين لنا تمسكها بالتقاليد والأعراف البونية المحافظة.

 

خاتمة:

بعد هذا العرض الموجز للمرأة في الشرق والغرب القديم خلصنا إلى النتائج التالية:

  • للمرأة مكانة متباينة منذ القدم وعلى مر العصور عند مختلف الشعوب.
  • احتقار الإغريق والرومان للمرأة والتي اعتبرت كسلعة تباع وتشترى.
  • المرأة عند الفرس والهنود والصينيين لم تحظ بمكانتها بل تم الحط من قيمتها بأبشع التصرفات
  • دور المرأة في الحياة الاجتماعية موغل في القدم ولم تكن مجرد كائن حي ولازالت قيمتها إلى يومنا هذا.
  • المرأة المغاربية القديمة تبوأت مكانة كبيرة وكانت سندا للرجل في مختلف أعماله على عكس المرأة في باقي الحضارات.
  • حظيت المرأة المغاربية القديمة بعفتها حتى قبل دخول المنطقة الإسلام.

وصول الإسلام إلى مختلف المناطق التي غطتها الدراسة زاد من قيمة المرأة وإعلاء شأنها فهو الدين الوحيد الذي أعطاها قيمتها الحقيقية.

[1] - أميمة محمد الحسن على النقى، حقوق المرأة بين الإسلام وأهواء الغرب، معهد العلوم والبحوث الإسلامية، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، ص 4.

[2] - Pierre Cruveilhier, Commentaire du code d' Hammourabi, Librairie Ernest Leroux, Paris, 1938, p 129.

 

[3] - مصطفى السباعي، المرجع السابق، ص 17.

 

[4] - عبد الباسط محمد حسن، مكانة المرأة في التشريع الإسلامي، ج4 ، مركز دراسات المرأة والتنمية جامعة الأزهر (كلية البنات الإسلامية)،  القاهرة ، ص 15.

[5] -  ول ديورانت، قصة الحضارة ، ترجمة زكي نجيب محمود وآخرون، ط 1988 ، ج2، دار الجيل، بيروت،  ص 32.

[6] - مريم إبراهيم أبو كشوة، مكانة المرأة وواقعها قبل الإسلام ومقارنتها مع واقعها ومكانتها بعد الإسلام، من أعمال الملتقى الدولي الأول للسيرة النبوية الشريفة، الخرطوم( السودان)، جانفي 2013، ص 119.

[7]-محمد على سكيكر، حقوق المرأة وواجباتها في الشرائع،  كتاب الجمهورية، مصر،  ص21.

[8] - باسمة كيال،  تطور المرأة عبر التاريخ،  عز الدين للطباعة و النشر، بيروت ( لبنان)، 1971،  ص 37.

 

[9]- أبو الأعلى المادودي، الحجاب، تعريب محمد كاظم السباق، ط2، دار الفكر، دمشق( سوريا)، 1964، ص8.

 

[10] - محمود سلام زناتي، المرأة عند قدماء اليونان، الإسكندرية، 1957، د د ن، ص 30.

 

[11] - ول ديورانت، المرجع السابق، ج 3، ص 114.

[12] - نفسه، ج 10،  ص 368.

 

[13]- عبد الباسط محمد حسن، مكانة المرأة في التشريع الإسلامي، مركز دراسات المرأة والتنمية، القاهرة، جامعة الأزهر، ص8.

 

[14]- أميمة محمد الحسن على النقى، حقوق المرأة بين الإسلام وأهواء الغرب، معهد العلوم والبحوث الإسلامية، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، ص 3.

[15] - عاطف مصطفي البراوي التتر، حقوق الزوجة المالية في الفقه الإسلامي (مقارنة  بقانون الأحوال الشخصية الفلسطيني)، رسالة ماجستير، كلية الشريعة والقانون، الجامعة الإسلامية، غزة، 2006، ، المرجع السابق، ص19.

[16] - ول ديورانت، المرجع السابق، ج7، ص118.

[17]- محمد ابن أحمد إسماعيل المقدم، عودة الحجاب، ط10، ج2، دار طبية للنشر والتوزيع، الرياض (السعودية)، 2006، ص47.

[18]-  أحمد شلبي، مقارنة الأديان، ج3 ، مكتبة النهضة الإسلامية، مصر، 1973، ص207.

[19] - عاطف مصطفي البراوي التتر، المرجع السابق، ص20.

[20]- صفاء عوفى حسين عاشور، قضايا المرأة المسلمة والغرو الفكري، رسالة ماجستير، جامعة غزة ، فلسطين، 2005، ص8.

[21]- أميمة محمد الحسن على النقى،  المرجع السابق، ص3؛  محمد فريحة، حقوق المرأة المسلمة في القرآن و السنة، المكتب الإسلامي، بيروت، 1996، ص 12.

[22]- مصطفى السباعي، المرآة بين الفقه والقانون، ط1، مكتبة الوراق للنشر والتوزيع، بيروت، 1999، ص 18.

 

[23] - ول ديورانت، المرجع السابق،  ج3، ص 178.

[24] -  نفسه.

[25]- صفاء عوني حسين عاشور، المرجع السابق، ص 10.

 

[26] - عمر رضا كحالة، المرأة في القديم والحديث، ط 1، ج2، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1979م،  ص8؛ محمد فريحة، المرجع السابق، ص 12.

[27]- مصطفى السباعي، المرجع السابق، ص18.

 

[28] -  ول ديورانت، المرجع السابق، ج3، ص 108؛ مصطفى السباعي، المرجع السابق، ص 18.

 

[29]- غادة الخرسا، المرجع السابق، ص 21.

[30]- صفاء عونى حسين عاشور، المرجع السابق، ص20

[31]- سورة النحل، الآيات 58-59.

[32] - Faryal Abbas Abdullah Sulaimani, The Changing Position of Women in Arabia

Under Islam During the Early Seventh Century, A Thesis Submitted For The Degree of Master of Philosophy,  University of Salford, International Studies Unit, 1986, p17  

 

[33]- صفاء عونى حسين عاشور، المرجع السابق، 21-28.

[34]- أحمد شلبي، المرجع السابق،  ص ص41-42.

[35]- نوال بورحلة ، مكانة المرأة في الحضارات القديمة، مجلة العلوم والإنسانية والاجتماعية، العدد 31، ديسمبر، 2017، ص98.

[36] - التوراة، سفر التكوين، الإصحاح 3/ 12.

[37]- أحمد بن عبد العزيز الحصين، المرأة المسلمة أمام التحديات، ط1، دار المعارج الدولية، الرياض، 1998، ص 23.

 

[38]- محمد حامد ناصر، المرجع السابق، ص 4.

 

[39] - سورة البقرة، الآية 222.

 

[40]- صحيح مسلم، كتاب الحيض، الحديث رقم 302، ص 38.

[41] - مصطفى السباعي، المرجع السابق، ص ص 18- 19.

 

[42] - أحمد بن عبد العزيز الحصين، المرجع السابق، ص ص 24-25.

 

[43]- مها عيساوي، المجتمع اللوبي في بلاد المغرب القديم، أطروحة دكتوراه، إشراف محمد الصغير غانم، جامعة قسنطينة، الجزائر 2009/2010، ص 119.

 

[44]Jehan desange,catalogue des tribus africaines de l’antiquite classique a l’ouest du nil, ed. P.U.B, dakkar, 1962 p81.

 

[45]Gsell(s), H.A.A.N, t5, librarie Hachette, Paris 1927, p42.

[46]Gsell(s),op.cit, p46.

- محمد الصغير غانم، سيرتا النوميدية، ط1، دار الهدى-عين مليلة، الجزائر 2008، ص 230.[47]

- مها عيساوي، المرجع السابق، ص 415.[48]

- ترتليانوس، المنافحة، (دفاع عن التوحيد)، ط1، تر.عمار الجلاصي، طرابلس 2001 ج2، ص 30.[49]

- مها عيساوي،المرجع السابق، ص 416.[50]

 - نفسه، ص 422.[51]