مظاهر سلطة الأسرة السويرية في شمال أفريقيا القديم

من خلال البناءات العمومية

(قوس النصر كراكلا في تيفاست نموذجا)

 

 د. مها عيساوي

جامعة تبسة. الجزائر

البريد الالكتروني:

 

 

ملخص:

لقد مثلت البناءات العمومية الرومانية في تيفست ( تبسة حاليا) نموذجا لخدمة سلطة الاحتلال الروماني وتكريس هيمنته وتجذر وجوده في المنطقة. والملاحظ أن عموم تلك البناءات العمومية في المدينة تعود إلى فترة حكم الأسرة السويرية (193م-235م).ويعد "قوس النصر كراكلا أهم تلك البناءات، إذ لم يكن بناءً عموميا فحسب بل مظهرا من مظاهر السلطة الرومانية المطلقة في المدينة فقط. وتدعم هذه الفكرة مدلولات نصوصه المنقوشة على واجهاته الأربعة.

هكذا تحاول هذه الدراسة التطرق إلى موضوع متعلق بجدلية الفن في خدمة السلطة الاستعمارية، وذلك من خلال البحث في العناصر التالية : طبيعة السلطة الرومانية ممثلة في الإمبراطور سبتيموس سيفيروس وأبناؤه ، ثم تركز على أنواع المنشآت العمرانية ذات الطابع السياسي والإداري في النموذج المدروس خلال العهد الروماني. وتتبع مظاهره أيضا خلال العهد البيزنطي. مع وضع خاتمة استنتاجية تبين آثار العلاقة بين الفن والسلطة في نوميديا خلال العصور القديمة.

RESUME:

Cette étude traite un thème historique et archéologique, basé sur la relation entre l’art architectural romain et le pouvoir des empereurs. Suites aux inscriptions de l’arc de triomphe de Théveste actuellement Tébessa.

Les Romains ont fondé des villes en Afrique Romaine dont apparait des aménagements de l’art  et de l’architecture, et son développement dans la vie urbaine. Au temps elles reflètent  des pouvoirs des familles qui ont en gouverné. ainsi que les régimes à l’époque, et pour preuve les constructions publiques.

Les édifices publics romains à Théveste représentent  un type d’inscriptions au service du pouvoir de la colonisation romaine. De renforcer sa domination et existence au pouvoir, et ce qui est à remarquer c’est que l’ensemble de ces édifices dans la ville de Théveste reviennent à l’époque des pouvoirs de la famille des Sévères .

مقدمة:

أنشأ الرومان في شمال أفريقيا القديم مدنا عديدة احتوى ظاهرها مرافق ومنشآت معمارية دلت على ازدهار كبير لفن العمارة وتطور مذهل في الحياة الحضرية، وعكست في الوقت نفسه مدلولات سلطوية دلت على الأسر الحاكمة والنظم التي كانت سائدة آنذاك. وتعتبر البناءات العمومية خير دليل على ذلك.  وبخاصة تلك التي أنشأتها الأسرة السويرية (193-235 للميلاد). التي تعد من أهم العائلات التي اعتنت بالفن العمراني في مستعمراتها عموما وفي شمال افريقيا خصوصا. حيث ازداد في عهدها عدد المرافق العمرانية من البناءات العمومية، ولم يكد ينته القرن الثالث حتى أصبحت بصمة الأسرة السويرية، واضحة المعالم في البناءات. التي شيدت تكريما وتمجيدا لها، ولا أدل على ذلك من أقواس النصر التشريفية ذات الطابع الإهدائي لشخصي "سبتيموس" "سيفيروس" وابنه كراكلا .

وكغيرها من مدن مستعمرات الإمبراطورية الرومانية، تعتبر مدينة تيفست ( تبسة[1]  حاليا في شرق الجزائر) ، من المدن التي أحكمت سلطة الاحتلال الروماني سيطرتها عليها، فمنذ عهد فسباسيان( 69-79م)، تم انشاء مبان عمومية كثيرة فيها وأولها المسرح المدرج، والقصر القديم والفوروم.

أما في عهد السويريين فشيد "معبد مينارف"  وقوس النصر كراكلا ، هذا الأخير الذي يعتبر أهم مظهر معماري فني يعكس بجلاء  سلطة حكم الأسرة السويرية في تيفاست.

ولكن قبل ذلك حري بنا أن نطرح التساؤلات التالية : ما هي أهم المنشآت والبناءات العمومية التي تكرس سلطة كراكلا ( 212-217م) في تيفاست ؟

ولماذا نعتبر المنشآت والبناءات المعمارية العمومية مظهرا من مظاهر السيطرة السياسية والعسكرية لإدارة الاحتلال الروماني وبخاصة أقواس النصر؟ وما هي المدلولات التي يقدمها قوس النصر كراكلا في تيفاست؟

1- دستور كراكلا وآثاره في مدن المستعمرات:

لعل من أهم الأحداث السياسية التي تصدرت القرن الثالث للميلاد وأكثرها تأثيرا في مجريات أمور الإمبراطورية الرومانية هي ارتقاء العائلة السويرية عرش روما. فالسويريون كانوا آخر حلقة في عهد الازدهار الذي عرفته الإمبراطورية، فرغم ما قام به "سبتيموس" "سيفيروس" من أجل تماسك الإمبراطورية، إلا أن جهوده قد أهدرت وخاصة حين خاض ابناه "جيتا" و كراكلا، حربا داخلية انتهت بنجاح كراكلا. والتمكين لحكمه في أرجاء الإمبراطورية، عن طريق تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة.[2]

عرف عن كراكلا أنه كان دمويا حيث قضى على 20.000 من أنصار شقيقه "جيتا "، كي ينفرد بالحكم كما محى اسمه من النقوش التي أثبته والده فيها، ولم يسجل في عهده أي تمجيد "لجيتا".

ذكر المؤرخ " ميخائيل روستوفتزف" [3] عن سير الأباطرة أن كراكلا كان حريصا على جمع الأموال من أرجاء الإمبراطورية المترامية الأطراف، وإنفاقه في خدمة أغراضه الشخصية. وقد ذكر "ديون كاسيوس" و"هيروديان" أن الطبقة الأرستقراطية قد نقمت على كراكلا بسبب سياسته، التي أدت إلى انخفاض قيمة العملة وضعف القدرة الشرائية للمواطنين، وحتى اعتبرت فترة حكمه بداية لمرحلة الانحطاط والتدهور الاقتصادي.

ولعل أهم ما نزل بها هو تطبيق دستور كراكلا أنتونينوس الصادر سنة 212 للميلاد والذي أنزل، ولو نظريا، جميع أحرار الإمبراطورية، منزلة مساوية للعنصر الروماني السيد، عن طريق منحهم حق المواطنة الرومانية. وبذلك أصاب كراكلا عتو الأرستقراطية الرومانية في الصميم وأحبط من شأنها.[4]  وقد اعتبر بعض المؤرخين المعاصرين دستور كراكلا بمثابة اغتيال للدولة الرومانية القائمة على مجلس الشيوخ والأمة الأصيلة من الدم الروماني، فالمواطنة فقدت قيمتها الاجتماعية بعدما فقدت قيمتها السياسية والروحية.

 وهكذا عندما صمم كراكلا على التخلي عن الطبقة العليا، وأظهر ثقته في الطبقتين المتوسطة والدنيا اللتين ينتمي إليهما الجيش خاصة. محابيا جنوده بمنحهم حقوق المواطنة وبازدرائه للطبقة الأرستقراطية والملاك الكبار والمثقفين.  زرع ذلك حبا وامتنانا واضحيْ الملامح في تصرفات بعض الجنود، الذين أرادوا رد الجميل وتقديم العرفان، في صورة صرح مشيد على مر الزمان. ولم يكن قوس النصر في تيفاست المهدى لكراكلا سوى تلك النتيجة المنطقية، لتعميم قانون المواطنة على طبقة لم تكن تحلم بالرقي الطبقي، لولا اهتمام مباشر بها من قمة هرم السلطة. فكان هذا الصرح  الذي قام به سكان المستعمرات كعرفان لدستور كراكلا وآثاره الاجتماعية عليهم.

2- نبذة تاريخية عن  مدينة تيفاست:  

كانت تيفاست جزءا من المقاطعات التابعة للإمبراطورية الرومانية، واللافت أن حدود مدينة تيفاست كانت تتغير باستمرار باعتبارها كانت مدينة تقع على الشريط الحدودي الفاصل بين "نوميديا" و"البروقنصلية". ولهذا فعندما آل عرش الإمبراطورية إلى السويريين خلال القرن الثالث للميلاد، كانت ضمن أفريقيا البروقنصلية. وبكل ما طرأ على شمال أفريقيا من تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية كانت تيفاست تمس بتلك التغييرات البارزة.

تأسست مدينة تيفاست ( تبسة حاليا) خلال فترة الاحتلال الروماني لشمال أفريقيا القديم، غير أن حضورها الجغرافي في بعض المصادر الأدبية اليونانية التي تعود إلى القرن الثالث والأول قبل الميلاد. ممثلة في مؤلف " التاريخ العالمي" لبوليبيوس Polybe وكذا "المكتبة التاريخية" لديدوروس الصقلي Diodore de sicile دفع بالمؤرخين المحدثين إلى اعتبارها مدينة ذات منشأ نوميدي، حيث كانت تعرف بمدينة المائة معبد هيكاتومبيلوس Hécatompyle.[5]

يؤكد المؤرخ غابريال كامس G.Camps  ، أن تيفاست كانت مدينة لوبية منذ القرن الثالث قبل الميلاد، مستدلا على ذلك بأحداث الحرب البونية الثانية. ففي سنة247ق.م قام القائد "حنون القرطاج"  بالاستيلاء على مدينة داخلية كبيرة وهي"ايكاتمومبيلوس" .[6] كما وأن "سان جيروم" هو من قدم هذا الشرح ، حسب "رواية ديودوروس الصقلي" وأخذ منها 3000 رهينة، وأن عدد سكانها قد بلغ آنذاك 15000 نسمة.[7]

أما بالبحث في الأدلة الأثرية فقد قدر الباحث كريستيان كورتوا المساحة بناءً على عدد السكان وكانت حوالي61هكتارا. وهذا يعني أنها مدينة كبيرة ومهمة من الناحية التجارية.[8]

كما ذكر أيضا أنها ربما كانت مدينة ذات تسمية بونية ، فحسب ستيفان جزال عن "ملتزر" أنه من الممكن أن يكون القرطاجيون، هم الذين أطلقوا تلك التسمية. لما رأوه من تشابه بين طيبة الفرعونية وايكاتومبيل. فهل القصد من هذا التشابه تجاري أم مناخي؟ [9] أما الاتجاه المعاصر فيعود بها إلى الأصل النوميدي(الأمازيغي) في لفظة(ثيواست).[10]

كانت تيفاست إذن تابعة للمملكة النوميدية، واشتهرت بالزراعة والأسواق التجارية الأسبوعية خلال القرن الثاني قبل الميلاد. ثم عرفت بالتسمية نفسها منذ أن وطئها الاحتلال الروماني حوالي 40 ق.م. واستوطنت فيها الفرقة الأوغسطية الثالثة حوالي 75 للميلاد في المكان الأثري المعروف حاليا بتبسة الخالية.[11]

أما عن الشواهد الأثرية الدالة على أصل التسمية، فأقدم دليل لوحة باللغة اللاتينية أعلى أحد الأبواب في المسرح المدرج منقوش فيها "تيفستيس" أو (ثيواستيس). ويعود عهد هذا البناء العمومي إلى فترة حكم "فاسباسيان". والمرجح أن اسم تيفاست محلي، كما أشار آخر محافظ للمتحف في الحقبة الاستعمارية سيري ديروش إلى ذلك.

لقد ظلت تعرف بتيفستيس إلى غاية دخول جحافل الواندال، واستقرارهم قرب بئر العاتر، وذلك في بداية القرن السادس للميلاد . ثم أخرجهم البيزنطيون بقيادة  القائد سولومون منها، وظلت التسمية على حالها. وكان سولومون قد بنى المدينة وحصنها بالأبراج والأسوار. وجعل المدخل الرئيسي للمدينة هو قوس النصر الروماني كراكلا . وعندما اعتنق أهلها الإسلام  خلال القرن الثامن للميلاد أصبحت تعرف بتبسة، إلى أيامنا هذه.

3-  التعريف بقوس النصر كراكلا في تيفاست:

يعد قوس النصر من أبرز مظاهر العمران المكرس للامتنان للسلطة، وهذه القراءة تحاول أن تجمع كل ما يتعلق بقوس النصر في تيفاست وهي قراءة تاريخية، وصفية مستمدة من الأبحاث الأثرية ونقوشية، تبحث في مدلولات النصوص الكوديكولوجية المثبتة على جدران واجهات المعلم.

1.3-نوعه :   هو الأكثر شهرة بين المعالم التاريخية في المدينة، وهو معلم تاريخي من النوع رباعي الواجهات المتماثلة، محتوي على أربعة أعمدة كورنثية.

 وفي المصطلحات الأثرية يعبر عن ذلك اختصارا بمعلم مربع الأقواس " كادريفرون وتيترابيل أو تتراستيل". ويعتبر الأثري ألبير بالو أكثر من قام بتعريفه كالتالي"arc de triomphe quadrifrons et tétrastyle Un "

 ويمثل الأكثر ثراء من بين الأقواس المنتشرة ليس في ربوع البروقنصلية، فقط وإنما في كامل شمال أفريقيا. من حيث تماثل واجهاته الأربعة وكذلك للنصوص النقوشية والزخارف التصويرية التي يحتوي عليها. حتى أنه يشبه بقوس "جانوس في روما".

2.3-موقعه: يقع ضمن وسط مدينة تبسة، وهو جزء من مجموعة من معالم تاريخية تعود إلى العهدين الروماني والبيزنطي[12]. على بعد ستين متر من معبد مينارف الوثني، ومنذ القرن السادس استخدم كبوابة في السور البيزنطي.

3.3-سبب إنشائه: ارتبط إنشاء قوس النصر في تيفاست بالتشريف والإهداء للإمبراطور كراكلا خلال فترة حكمه (212-217م).

4.3-تاريخ بنائه: يجمع الدارسون له بأنه بني في فترة حكم كراكلا (211-217م). لكن أشارت معظم الدراسات الأثرية للمعلم أنه ابتدأ في بنائه سنة 211، التي توفي فيها سبتيموس وكان "جيتا" لا يزال في سدة الحكم. ودليل ذلك أن نقيشة الواجهة الغربية تذكر بأن جيتا إمبراطور إلى جانب أخيه كراكلا حسب رينيي،[13] وانتهى منه سنة 214 حسب جزال. [14]

أما عن الدليل الأثري في ذلك، فهو نص الوصية الذي نقش في أحد جدرانه الداخلية، والذي يذكر بأنه بني بأمر من القائد " كايوس كورنيليوس إيجريليانوس" قائد الفرقة الرابعة عشر المسماة "جيميناي". وهو أحد الأثرياء من أصل تيفستي. بني هذا القوس وهو أولا اهداء للإمبراطور كراكلا لكونه نال شرف المواطنة، وثانيا لأنها وصية لأفراد من أسرته.

4- تاريخ الدراسات والأبحاث السابقة  حول قوس النصر كراكلا :

 يعد العقيد "ليترونLétronne " أول من قدم عنه دراسة أثرية وصفية ومسحية قام بنشرها سنة 1842.

 في المجلة الأثرية معتمدا على تقرير الرقيب لارديLardy ، وكذلك مخطط ديلامارDelamar   وملاحظات العقيد نيقري Négrier . إذ شكل هؤلاء الطلائع الأولى للحملة الفرنسية على تبسة بعد احتلال الجزائر.

أما الضابط " مولMoll "  ففيما بين 1858-1861، وضع تقريرا في المجلة الأثرية لقسنطينة، في دراستين هامتين حول تبسة الأثرية وضواحيها.

كما عمل كثيرون منهم على المعالم التاريخية للمدينة المدينة منهم: ألبير بالوBallu,A. ,1893)) وبوسريدون (Bosredon,1878) وأنطوان هارون ديفيلفوس (De Villefosse,H.,1880) ثم بيار كاستيل (P.,Castel ) وروني كانيا Cagnat,R.,1927,138)). وكذلك بايسونال في رحلته لتونس والجزائر. هذا وقد صنفها ستيفان جزال في الأطلس الأثري للجزائر، فأحسن في رصد مواقع معالمها الأثرية في الورقة رقم (28) من الأطلس.(Gsell,S. ,1997,f.28)

أما آخر من درس تيفاست قبل قيام ثورة التحرير الجزائرية (1954-1962)، فكان محافظ متحف مينارف سيري دي روك Seree De Roch ، الذي وضع الدليل الأثري الذي يحتوي على دراسات أثرية، وصفية وافية تعد مصادر لا غنى عنها حول آثار مدينة تيفست القديمة سنة 1952.[15]

أما الدراسات المعاصرة فكثيرة، وتعد دراسة جان ماري بلاس ديروبليس وكلود سينتس من أكثرها حداثة وجدية (De Roblès,M. et Sintes,C. ,2003,220) وكذلك آن ماري ليديي باري سنة 2006.

5- وصف قوس النصر بتيفاست المهدى لكراكلا:

تزخر المراجع الأثرية بتقديم وصف دقيق له.  وعموما فالمعلم له أربعة واجهات بأربعة أبواب رسمية تزينها أربعة أعمدة كورنثية تلفت ثلاث منها لأسباب غير معروفة بدقة. وتقع الواجهات في وضعية متناظرة بصورة مكعبة بحيث أن كل واجهة تسند ظهرها إلى الأخرى بحسب الاتجاهات الأربعة. وأن كل واجهة بنيت على شرف فرد من أفراد الأسرة السويرية. فأما الواجهة الشرقية فهي مكرسة لسبتيموس سيفيروس.

وأما الواجهة الغربية فمهداة لجوليا دومنا، بل وتتميز بمجسم نوط يمكن أن يمثل حامية المدينة، وأما الواجهة الجنوبية فهي لكراكلا الذي أطلق اسمه على كامل المعلم. ولكن الواجهة الشمالية لم تحدد الشخصية المهداة إليه، بسبب التشويه الذي طرأ عليها.[16]

1 5 7

     

1.5- أبعاده:

ترتكز بنية المعلم على قاعدة ضخمة طول ضلعها (3.17م)، وبتقويسة عقدية تقدر انحناءتها بـ(4.60 م)، وارتفاع قدره (7.50م ). أما أعلى ارتفاع في نقطة العقد (8.30م)، وأعلى نقطة في المعلم كافة (8.80م)، ويرتفع الإفريز عن الأرض (10.93م)، ويتميز بكونه يحيط كامل المعلم. له نتوءات سننية وزخارف بيضية الشكل. ويعمل أيضا على كونه مساندا بارزا في الجدار. ويعلو كل قاعدة مربعة من الواجهات عمود كورنثي مونوليتي بطول يقدر بـ (5.73م).

 أما السقف الداخلي فمكون من ألواح حجرية طويلة في جدران والواجهات، كانت فيها زخارف لم يبق منها ما يدل على جمالها. وتعلوه قبة محاطة بأربعة بناءات صغيرة، وفوق القوس توجد أعمدة تحمل تماثيل المعبودة أغست وكراكلا وجيتا. والإفريز ارتفاعه (1.25م).

 

2 5 7 

2.5-النوط:

 يحمل تمثال نصفي لرأس امرأة عليه تاج بعنق طويل، وشعر مجعد  ببعض الضفائر المعكوفة على جبينها. وأسفلها يوجد نسر بجناحين مبسوطين يمسك ميدالية بمخلبيه. وقد اختلفت التفسيرات حولها، فيمكن أن تكون مينرفا معبودة المدينة أو حاميتها.

3 5 7

 

5.3-مدلولات النقيشات

تعكس مضامين نصوص النقيشات مظاهر سلطة الأسرة السويرية، ولكن في قالب من الوفاء والامتنان الذي أبداه المستفيدون من المواطنة من الأفارقة. ويقصد بهم هنا التيفستيون الذين حصلوا على امتيازات حقوق المواطنة. ويحتوي قوس النصر كراكلا(212-217م) على أربعة نقيشات، ثلاث منها إهدائية والأخرى تعرف بوصية كورنيليوس.

أ-النقيشة الأولى: نقيشة إفريز الواجهة الغربية: وهذا هو نصها المترجم: " جوليا دومنا الأوغستا والدة إمبراطوران باسيانوس كراكلا و بوبليوس جيتا"، عن النص اللاتيني الأصلي:

IVLIAE-DOMNAE-AVG-MATRI   CASTRORVM-ET-AVG-ET-SEN-ET-PATRIAE         

أما ترجمته الكاملة فهي كالتالي:

juliae domnae augustae, matri cactrorum el augusti, el senatus et patriae

4 5 7

 

ب-النقيشة الثانية: نقيشة الواجهة الشرقية المهداة لسبتيموس سيفيروس، وهذا هو نصها :

DIVO-PIO-SEVERO-PATRI

IMP-CAES-M-AVRELI-SEVERI-ANTONINI

PII-FELICIS-AVG-ARAB-ADIAB-ADIAB-PARTH-MAX- BRIT

MAX-GERM-MAX-PONT-MAX-TRIB-POT-XVII-IMP-II

COS III- PROCOS-P P

جـ - النقيشة الثالثة: تقع في أعلى الواجهة الجنوبية المهداة لكراكلا، وقد قام بدراستها  مونيي  Meunier ، وذكر فيه اسم ( ماركوس أنطونينوس بيوس).

وهذا ما يقابلها:

5 5 7

 

NINI PII GERMANICI SARMALICI NEOPLI DIVI ANTONINI PII PRONEPOLI, DIVI HADRIANI ABNEPOTDIVI TRAJANI PARTHICI ELDIVI NERVAE ABNEPOTI, MARCO AURELIO ANTONINO PIO FELICI AUGUSTO ARABICO ADIABENICO PARTHICO MAXIMO BRITANNICO MAXIMO GERMANICO MAXIMO,PONTIFICI MAXIMO,TRIBUNICIAE POLESTATIS XVII,IMPERATORI II, CONSULI IIII,PROCONSULI,PATRI PATRIAE.

أما نقيشة الواجهة الشمالية فهي غير موجودة، ويبدو أنها مخربة عمدا.

د -النقيشة الرابعة : تقع في الركيزة الشمالية الغربية على اليسار باتجاه البازليكا، وهو نص الوصية.

6 5 7

 

وهذا ما يقابله:

1-…..AMENTO C CORNELI EGRILIANI

2-PRAEF LEG XVIIII GEMINAE QVU TESTAMEN

3-T  EX  HS  CCL N ARCUM STATVIS

4-……EN TETRASTYLIS DVOBUS CVM STATIVIS

5-……T MINERVAE QVAE IN FORO FIERI PRAE

6-…….ETER ALIA HS CCL MIL .N.QVAE.REI.PITA VT

7-….MNASIA POPVLO PVBLICA IN THERMIS PRAE

8-….D KAPITOL.ARG.LIB.CL XXI DEST LANCES IIII

9-….RI LEB ID EST PIHAL. III SCYPHOS II

10-….OM…M SECVUNDVM VOLVNTATEM

11-…..CORNELI FORTVNATVS ET QVINTA FRATRES ET

…..O SIGNAVERVNT ET OPVS PERFECERVNT.

ترجمة المعنى العام للنص: " هذه وصية كايوس كورنيليوس إيجريليانوس قائد الفرقة الرابعة عشر المسماة جيميناي، تخصص واجهتان للمعبودتين أوغست ومينرفا على شرف سبتيم سيفيروس ومينرفا، وجزء من ثروته لأخويه كورنيليوس فورتوناتو وكورنيليوس كوينتا، مع تخصيص مبلغ 250ألف سسترس لبناء حمامات للتيفستيين".

مما سبق يمكن استخلاص النتائج التالية:

- نصوص قوس النصر قدمت الكثير من أجل فهم بعض القضايا في التاريخ الاجتماعي للمدينة. فبعد أن منح الإمبراطور كراكلا حق المواطنة لجميع سكان الإمبراطورية، وعرفانا من أهالي تيفست شيدوا المعلم. وهو يدل على أن سلطة الأسرة السويرية كانت متغلغلة في قلب المدن الداخلية ذات الطابع الاقتصادي.

- طريقة تشييد البناء، توحي بأن المعلم قد بني بتأن ورغبة في إبراز قيمة الامتنان، الذي يظهره التيفستيون للأسرة الإمبراطورية الحاكمة.

- تقدم النقيشات معطيات لتتبع سيرة كراكلا وانتصاراته العسكرية، ففي النقيشة المهداة لسبتيموس يتم تعداد مناقبه والخضوع الكامل لأسرته.

-  نص الوصية يعترف بالولاء والشكر لكراكلا، كونه قدم ترقية اجتماعية وسياسية للأفراد. فالروماني بالتجنس أصبح مثل الروماني بالولادة، ولا فرق بينهما في تحمل أعباء المواطنة. كواجب الخدمة العسكرية ودفع القسط العشريني من التركة. فالوضع القانوني الجديد مكن سكان تيفست من اكتساب كيان وسط المواطنين الرومان والطبقة الأرستقراطية. بعد أن منح الاسم الثلاثي لكل فرد، ولا أدل من "كايوس كورنيليوس ايجريليانوس". وبالتالي يمكن أن نعتبر النقيشات جزءا من المنشآت في حالة قوس النصر كراكلا.

 

خاتمــــــــــــة:

عكس قوس النصر كراكلا إشكالية الولاء الظاهري المفعم بالرهبة من قوة الأسرة السويرية الحاكمة فكان من النماذج المعمارية التي كرست لعلاقة الفن بالسلطة في ظل الإمبراطورية الرومانية.

 

قائمة المصادر والمراجع:

اكصيل، اصطيفان. (2007). تاريخ شمال أفريقيا القديم.ج5. الرباط: مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية.

احصاءات المكتب البلدي للولاية.

كاستيل، بيار. (2009). حوز تبسة، دراسة وصفية جغرافية تاريخية لإقليم تبسة واعراشها. (العربي عقون، مترجم) ط1. الجزائر: مطبعة بغيجة حسام الخاصة.

كامبس، قابريال . (2008). ماسينيسا أو بدايات التاريخ. (محمد العربي عقون، مترجم). الجزائر: منشورات المجلس الأعلى للغة العربية.

Ballu, A. , (1894).Tebessa , Lambèse , Timgad . Paris: éd. Berthaut  Frères.

Bosredon. (1878).Promenade Archéologique dans les environs de Tebessa . Rec. De Cne. , V : XIX .

Corbier, Paul et Gascou, Jacques. (1995) .Inscriptions de Tebessa d’après les archives de Paul Albert Février. Antiquités Africaines. T.31.

Castel, P., Tebessa ( Histoire et description d'un territoire Algérien ). T : 2 éd. Paris: Henry Paulin .

De Roch, S., (1952). Tebessa(Antique Théveste). Alger : imp.officielle.                               

De Roblès, J.Marie et Sintes , (2003).Claude. Sites et monuments antiques de l’Algérie. EDISUD .Aux_en-Provence

De Villefosse H., (1871).Tebessa et ses Monuments, Le tour du monde. Algérie.

Gsell. (1920).H.A.A.N.,T :2. Paris: librairie Hachette.

Gsell. S., (1997). Atlas Archéologique de l’Algérie.T:1. 2ème éd. Alger : Agence nationale d’archéologie et de protection des sites et monuments historiques.

Lancel , Serge .(2003). L’Algérie antique. Paris: éd. place des victoires.

Le Bohec, Yann. (1989). La troisième Légion Auguste. Paris: éd. CNRS.

Moll, M., Mémoire historique et Archéologique sur Tébessa(Théveste)et ses environs . Rec.de Cne.,T: 1 . Alger-Paris éd. Bastide-Challamel ( 1858-1859) , et (1860-1861)