مراحل وخصائص تطور الأسرة الجزائرية:

من أجل فهم وتفسير التحولات الحاصلة

 

د. عتيقة حـــرايرية  /     جامعة الجزائر-2 

أ. نعيمـــــــــة  طبال   /   أبو القاسم سعد الله

 

 

ملخص:

نحاول في هذا المقال رصد أهم المراحل الأساسية التي مرت بها الأسرة الجزائرية تبعا للوضع الذي مرت به البلاد تاريخيا وسياسيا، وثقافيا واجتماعيا، كما أن الحديث عن الخصائص السوسيولوجية للأسرة، يقودنا حتما إلى إبراز سمات النموذج الاجتماعي الثقافي للأسرة الجزائرية التقليدية التي انبثقت منها الأسرة الجزائرية المعاصرة المتحولة، في محاولة لفهم أنماط السلوك الفردية والجماعية، وتفسير التحولات والتحديات التي شهدها ويشهدها المجتمع الجزائري، حيث سنعمل على مناقشة وتحليل مراحل وخصائص تطور الأسرة الجزائرية عبر المراحل التالية:

  • الأسرة الجزائرية قبل الإستعمار وخصائص الأسرة التقليدية الممتدة،
  • الأسرة الجزائرية أثناء الإستعمار التهديدات والتحديات التي واجهت الأسرة التقليدية الممتدة،
  • الأسرة الجزائرية بعد الإستقلال وخصائص الأسرة النووية.

الكلمات المفتاحية: الأسرة، الأسرة الجزائرية، الأسرة التقليدية الممتدة، الأسرة النووية.

Abstract:

In this article, we attempt to identify the most important stages of the Algerian family in accordance with the historical, political, cultural and social situation of the country. The discussion of the sociological characteristics of the family leads us to highlight the social and cultural model of the traditional Algerian family, In an attempt to understand individual and collective patterns of behavior and to explain the transformations and challenges experienced by Algerian society. We will discuss and analyze the stages and characteristics of the development of the Algerian family through the following stages:

- The Algerian family before colonialism and the characteristics of the extended traditional family,

- The Algerian family during colonialism Threats and challenges faced by the extended traditional family,

- The Algerian family after independence and the characteristics of the nuclear family.

Keywords: family, Algerian family, extended traditional family, nuclear family.

 

عرف المجتمع الجزائري منذ أوائل القرن التاسع عشر، تغيرات اجتماعية كبرى بفعل تدخل الاستعمار الاستيطاني، ثم بفعل تنفيذ المخططات التنموية التي أشرفت عليها الدولة الوطنية. حيث حملت تلك التغيرا ت تحولات نوعية في مجتمعٍ ظل لقرون عديدة يحافظ على نمط وأسلوب حياته، إلى مجتمع آخر يتميز بخصائص اجتماعية وثقافية تمثل تهديدا وتحديا لخصائص المجتمع الأول، والتي طالما كانت سبب صموده وبقائه مع كل التهديدات والتحديات التي واجهته. خاصة وأن معظم التحولات التي عرفها المجتمع الجزائري، لم تكن عفوية ولا ذاتية، بل كانت ناتجة أساسا عن احتكاك ثقافي، كما أنها كانت عنيفة وتمت في ظرف زمني قصير نسبيا. من هذا المنطلق، تنبع حتمية دراسة التغيرات التي عرفتها الأسرة الجزائرية، وضرورة ربطها بمسيرة التحول والتغير الثقافي والاجتماعي للأسرة والمجتمع ككل.

لطالما كانت الأسرة محل إهتمامٍ كبيرٍ من طرف الباحثين والمعنيين بالشؤون والسياسات الاجتماعية، نظرا للديناميكية التي تمتاز بها ضمن السياق التاريخي والاجتماعي. ولأن الأسرة التي هي نتاج إجتماعي، تعكس دائما صورة المجتمع الذي تتواجد فيه، وهي تقع في قلب الرباط الاجتماعي بإعتبارها المؤسسة الرئيسية الأولى في العملية الاجتماعية، وكل ما ينتج عنها من روابط وتفاعل واتصال. والمجتمع الجزائري، ككل المجتمعات، عرف تغيرات وتحولات كبيرة، كان لها الأثر الكبير في تحديد وتوجيه سلوكات الأفراد والجماعة، الأمر الذي نتج عنه تحولات وتغيرات هامة في مكانة وأدوار الأفراد والأنساق داخل المجتمع وعلى كل المستويات لاسيما الأسرة.

لكن الإلمام بواقع الأسرة الجزائرية اليوم لا يمكن في الحقيقة إدراكه إلا من خلال معرفة التحولات التي عرفتها الأسرة الجزائرية المعاصرة، عبر مراحل تطورها وخصائص كل مرحلة، والتي لا نستطيع إدراكها دون الإلمام بالخصائص السوسيولوجية للعائلة أو الأسرة التقليدية، ولا نقصد هنا أننا سوف نتطرق إلى تاريخ نشأة الأسرة في المجتمع الجزائري، لصعوبة تحقيق ذلك، لأسباب التالية:

  • انعدام المصادر العلمية حول نشأة الأسر في المجتمعات الإنسانية،
  • ثم إن المجتمع الجزائري لا يختلف عن غيره من المجتمعات في صفة الإنسانية.

تُلمح الكثير من الدراسات، ومنها دراسة الأستاذ بوتفنوشت أن الأسرة الجزائرية اليوم أصبحت تختلف كليا عما كانت عليه من قبل، ففي 1962 كان النمط السائد هو العائلات الكبيرة التي تضم من جيل إلى ثلاثة أجيال، وتبعا لحدود إمكانية السكن. أما في سنة 1977 فإن نمط العائلات قد تغير إلى نطاق محدود، وقد كان لتصنيع السريع وحركة العمران وترشيد أجهزة الإنتاج هي أساس التحولات التي لحقت بالمجتمع والأسرة(1).  بناءً على كل ما سبق، سوف نعمل في هذه الورقة على عرض المراحل الأساسية التي مرت بها الأسرة الجزائرية تبعا لوضع البلاد التاريخي والسياسي، والثقافي والاجتماعي، حيث أن الحديث عن الخصائص السوسيولوجية للأسرة، يقودنا إلى إبراز سمات النموذج الاجتماعي الثقافي للأسرة الجزائرية التقليدية(1) التي انبثقت منها الأسرة الجزائرية المعاصرة المتحولة، في محاولة لفهم أنماط السلوك الفردية والجماعية، وتفسير التحولات والتحديات التي يشهدها المجتمع الجزائري اليوم. حيث سيتضمن المقال مناقشة وتحليل مراحل وخصائص تطور الأسرة الجزائرية عبر المراحل التالية:

  • الأسرة الجزائرية قبل الإستعمار وخصائص الأسرة التقليدية الممتدة،
  • الأسرة الجزائرية أثناء الإستعمار التهديدات والتحديات التي واجهت الأسرة التقليدية الممتدة،
  • الأسرة الجزائرية بعد الإستقلال وخصائص الأسرة النووية.

أولا- الأسرة الجزائرية قبل الإستعمار:

شكلت القبائل، العشائر، والأسر الأبوية الممتدة، الوحدات الاجتماعية القاعدية لهيكل المجتمع الجزائري التقليدي قبل الاستعمار الاستيطاني الفرنسي، كما خضعت العلاقات الاجتماعية بين الأفراد وبين الفئات الاجتماعية لنظام القانون الإسلامي المالكي، إلى جانب الأعراف والتقاليد والعادات السائدة. أما مؤسسات المجتمع الأهلي، وعلى رأسها المساجد والزوايا فكانت بمثابة مراكز إشعاع ثقافي وتعليمي وتربوي، وتمثل دور مؤسسة الأوقاف في توفير المنشآت الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مثل المدارس، المعاهد والمساجد..وغيرها، كما أدت الطرق الصوفية دورا سياسيا واجتماعية دفاعيا مهما، خاصة في فترات الاضطراب السياسي.

على المستوى الاقتصادي هيمن الطابع الزراعي الرعوي على الإنتاج الاقتصادي، أما النشاطات التجارية والصناعية فكانت مكملة له. وقد تميز الاقتصاد في المجتمع الجزائري التقليدي بارتكازه على الاقتصاد المنزلي الذي يتسم بالتموين والاكتفاء الذاتي، حيث يقوم أفراد الأسرة الذين يعملون جماعيا بتوفير احتياجاتهم من المنتوجات الزراعية، ومنتجات الصناعة اليدوية التي يحتاجون إليها. أما الساحة السياسية فقد طغت عليها العلاقات المصلحية التي تربط مختلف الأطراف المالكة لأجزاء الشرعية والسلطة والنفوذ في المجتمع، والمتمثلة في السلطة المركزية )العهد التركي) من جهة، والقبائل ممثلة في أرستقراطيتها القبيلة والطرقية من جهة أخرى. هذه الظروف شكلت الوضعية التي كان عليها المجتمع الجزائري عشية الغزو الفرنسي، فما هي خصائص الأسرة الجزائرية في تلك الحقبة؟ وما هي التغيرات التي عرفتها؟

- الأسرة الجزائرية التقليدية هي أسرة ممتدة، الأسرة الجزائرية قبل الاستعمار عائلة متوسعة تعرف نمط الأسرة الممتدة التقليدية، أين تعيش العديد من العائلات الزواجية مع بعضها البعض، وهي تضم أكثر من جيلين إثنين وتشمل الأجداد والأباء والأبناء (الأحفاد). وقد يكون تركيب الأسر الممتدة التقليدية ذات إمتداد عمودي أي تضم أسرة الأب، التي تمثل النواة، وأسر أبنائه المتزوجين. أو ذات إمتداد أفقي وتشمل إتحاد أسر الإخوة بعد وفاة أبيهم، وبالطبع مع أبنائهم المتزوجين. وفي نفس السياق يقول بوتفنوشت أن الأسرة الجزائرية التقليدية هي " أســــــــــــــــــــــرة كبيرة أو ممتدة يعيش فيها عدد كبير من الأسر الزواجية تحت سقف واحد، ويسمى المسكن بالدار الكبرى عند سكان الحضر، وبالخيمة الكبرى عند أهل البدو، أين نجد من عشرين إلى ستين فردا يعيشون جماعيا، أي من ثلاث إلى أربع إلى خمسة أزواج أو حتى أكثر، ولكل منها من ثمانية إلى عشرة أبناء "(2).

- الأسرة الجزائرية التقليدية هي أسرة كبيرة الحجم يجمعها مجال واحد، الشيئ الأخر الذي يميز الأسر الممتدة التقليدية كنمط وحيد وسائد خلال مرحلة ما قبل الاستعمار هو كبر حجمها، بعدد افرادٍ فاق الخمسين فردا، وكذا وحدة المجال وهو السكن الموحد أو المنزل الواحد الذي كان يلعب دورا هاما في تحقيق التضامن والتلاحم فيما بين أفرادها. كما أن توسيع حجم الأسرة كان يؤمن لها الحماية والأمن الاقتصادي بواسطة كثرة الإنجاب.

- الأسرة الجزائرية التقليدية هي أسرة هرمية على أساس السن والجنس، بناءً على هذه الخاصية " يحتل الأب رأس الهرم، ويكون تقسيم العمل والنفوذ والمكانة على أساس الجنس والعمر(3)"، وعليه فقد ارتكزت السلطة بيد كبار السن وعلى رأسهم رب الأسرة. حيث مَارس الكبار سلطتهم على من هم أصغرهم سنا، وكانوا ينتظرون منهم على دوام الطاعة والامتثال، حيث يخضع الأصغر سنا بالضرورة لمن هو أكبر سنا. كما تركزت السلطة الأسرية في يد الذكور. وترتب عن هذا كله، شكلا هرميا سلميا لتوزيع السلطة، وعلاقات اجتماعية تراتبية، وتقسيما للفضاء الاجتماعي فضاءا عاما مخصصا للرجال وممنوعا على النساء، وفضاء خاص داخل البيت يحرم على الرجال المكوث فيه طويلا في النهار.

- الأسرة الجزائرية التقليدية هي أسرة أبوية، في الواقع لا يمكن التحدث عن النظام الأبوي دون التطرق إلى النظام الأوسع الذي ينبع منه، وهو النظام البطريكي(أو البطريقي) هذا الأخير الذي ارتبط بالأسرة الجزائرية منذ القدم، أين كان النظام القبلي هو الطابع المميز للمجتمع الجزائري، إذا كان شيخ القبيلة هو الذي يتكفل بالإشراف على جميع القضايا الاجتماعية، بالاعتماد على قوة الأعراف والعادات المتوارثة عن السلف. في النظام الأبوي نجد الأب يحتل المركز الأول داخل الجماعة وهو صاحب النزعة السلطوية الشاملة التي ترفض النقد، وانطلاقا من هذه الميزة التي يخولها له العرف والعادات، فإنه يسعى على وحدة الملكية وإلى تماسك الجماعة، كما أنه ينوب عن أفرادها ويمثلهم في جميع المعاملات. في حين كان الجد هو القائد الروحي للجماعة العادية، ينظم فيها أمور تسيير التراث الجماعي. كما أن النسب فيه ذكوريا والانتماء أبويا والميراث ينتقل في خط أبوي، من الأب إلى الإبن الأكبر حتى يحافظ على الطبيعة اللا إنقسامية للتراث.

- الأسرة الجزائرية التقليدية هي وحدة اجتماعيةاقتصادية غير منقسمة، إن تماسك الأفراد داخل هذه البنية الاجتماعية نابع أساسا من رابطة الدم، خاصة وأن طبيعة النشاط الممارس يضمن وحدة العائلة وتلاحمها، فالأسرة الممتدة التقليدية تميزت بإدارة شؤونها الاجتماعية والممارسة في العمل الزراعي على تعاونية جماعية دون أن يكون هناك تحديد لحقوق الأفراد في ملكيتها، حيث يمثل الأفراد هنا قيمة اقتصادية في الأسرة ومصدرا للدخل بالنسبة لها. على هذا الأساس فإن نوع الملكية الذي كان سائدا هي الملكية العائلية، وهي ملكية خاصة وليست ملكية فردية. في هذا المعنى يعرف العيد دبزي وروبير ديكلوتر الأسرة الجزائرية التقليدية بأنها  "جماعة منزلية تدعى »العائلة« مكونة من الأقارب القريبين الذين يشكلون وحدة اجتماعية - اقتصادية قائمة على علاقات الالتزام من تبعية وتعاون.(4)"

- الأسرة الجزائرية التقليدية أساسها التضامن، لقد ساهمت وحدة البنية الاجتماعية-الاقتصادية التي ميزت المؤسسة الأسرية في تلك الحقبة في بناء نظام التضامن الأسري في الأسرة الجزائرية التقليدية ودعمته، ولعبت الدار الكبيرة التي جمعت أعضاء الأسرة، دورا هاما في تحقيق هذا التضامن، في هذا السياق نجد أن الأباء يمنحون الأمن والحماية في وضع من التعاون الدائم، الذي كان حاضرا بقوة خاصة لما كانت الأسرة تعمل على توفير التربية والأمن للفرد، بالمقابل يعمل الأفراد على إظهار تضامنهم وولائهم للإسرة.

- الأسرة الجزائرية التقليدية مبنية على أساس نظام القرابة، ان خاصية التضامن الأسري هي بالدرجة الأولى ميزة البناء الاجتماعي الريفي القائم على أساس نظام القرابة، إذ تجمع أفراد الأسرة الواحدة رابطة قرابة الدم والانحدار من نسب واحد، ومن حيث الروابط الأسرية نجد أنها كانت قائمة على أساس القرابة التي تشكل مصدر موارد الأسرة ككل، وقد كان الفرد في الأسرة الممتدة التقليدية في خدمة نظام القرابة والأسرة وعليه فإن العلاقات كانت تبنى على أساس معنوى آلي، وليس كما هو الحال في نمط العلاقات السائدة اليوم، والتي أصبحت تأسس على مبدأ اختيار الأفراد، بمعنى انها أصبحت فردية، كما أن القرابة اليوم أصبحت تمثل مصدرا للفرد وحده، وعليه فقد أصبح في المجتمعات غير التقليدية كل من الأسرة ونظام القرابة في خدمة الفرد.

- الأسرة الجزائرية التقليدية أسرة متعددة الزوجات، ينتشر نظام تعدد الزوجات في كثير من المجتمعات الإنسانية، منها تلك الواقعة ضمن المحيط الثقافي العربي الإسلامي، أين تبدو آثار الدين الإسلامي واضحة في تنظيم المجتمع، وتنظيم مؤسسة الأسرة ومؤسسة الزواج(5) ، وتتكون الأسرة متعددة الزوجات من زوج واحد وأكثر من زوجة واحدة بالإضافة إلى الأطفال " ولابد أن تكون تلك الزيجات شرعية أي تتم بموافقة المجتمع، ولابد أيضا أن يكون للزوج أكثر من زوجة واحدة في نفس الوقت وليس في أوقات متعاقبة" (6).

ما يميز الأسرة الجزائرية التقليدية أيضا ظاهرة الزواج الداخلي، وفي وصف هذه الظاهرة يقول الأستاذ عبد الغني مغربي " الواقع أن الضعالة، وأعني به الزواج بين أفراد الجماعة الأصلية، يبدو ضروري في المجتمع المغربي، فالضعالة تعتبر ضرورة في الواقع لا مسالة موصى بها فقط، فالأمر في هذه الحالة يتعلق بقرابة العصب الثنائية، أي قرابة من جانب الأم وقرابة من جانب الأب الذي ليس هو سوى ابن العم الشقيق لزوجته(7) "، حيث يعكس الزواج الداخلي ميل الجماعة) العائلة، العشيرة أو القبيلة( لتمتين الروابط بين أفرادها وابقاء الإرث في حوزتها، عكس الزواج الخارجي الذي تهدف الجماعة من ورائه إلى إحراز مصالح، اجتماعية، اقتصادية أو سياسية من جماعات أخرى خارجية.

- الأسرة الجزائرية التقليدية تقدس القيم الروحية والاخلاقية، لطالما كانت القيم الروحية والاخلاقية محل إهتمام الأسرة التقليدية الممتدة، والتي فرضتها الوظيفة المنوطة بها، فهي مطالبة بالحفاظ والمحافظة على التقاليد الأسرية والدينية، وذلك من خلال عملية التنشئة الاجتماعية، فالملاحظ أن القيم الروحية والأخلاقية كانت مفضلة على القيم المادية. عملت الأسرة الجزائرية التقليدية على تنمية روح الضمير الخلقي في أفرادها وتزكية سلوكاتهم لما تقتضيه العادات والتقاليد أكثر مما يقتضيه الدين أحيانا، والدليل على ذلك ثقافة التسلط الرجالي التي تسند إلى الأعراف والتقاليد أكثر من استنادها إلى التعاليم الدينية.

ثانيا- الأسرة الجزائرية أثناء الإستعمار:

أحدث الوجود الاستعماري الإستيطاني بالجزائر "صدام بين ثقافتين لهما أصول تاريخية وتقاليد وتصورات ورؤى للحياة مختلفة ومتعارضة، وإن إحدى هاتين الثقافتين تعتقد أنها تملك من المقومات ما يؤهلها لفرض الهيمنة السياسية والاقتصادية والثقافة على الأخرى" .(8) من هنا عملت الإدارة الفرنسية ومنذ احتلالها الجزائر سنة1830 ، على انتهاج "سياسة التفكيك الاقتصاد والاجتماعي"(9)، وفرضت سياسيتها هذه بقوة السلاح والقانون. من ابرز هذه القوانين، قانون(Senatus consulte)  المؤرخ في 22 أبريل1863، وقانون(Warnier)  المؤرخ فـــــي26  أوت1873 ، حيث شرع القانون الأول لـ " هدم البنى الاجتماعية السابقة للاستعمار، وذلك بالقضاء على الملكية، ومنح الأفراد حق الإنفراد بحصصهم والتصرف فيها، سواء كانت أرضا فلاحية أو رعوية، كما ألحق الأراضي التي لامالك لها بأملاك الدولة (10)"الإستعمارية الإستيطانية. فيما جاء القانون الثاني مكملا لسابقه، ومدعما للملكية الفردية حيث أخضعت جميع الأراضي للإدارة الفرنسية. لقد بلغت هذه العملية أوجها سنة1860 ، وهدف التشريع الفرنسي من وراءها إلــى  "اغتصاب أراضي الفلاحين وتفتيت النسيج الاجتماعي القبلي(11)"، لوقوف القبيلة، باعتبارها نسيج اجتماعي وسياسي، حجر عثرة أمام تحقيق الإدارة الفرنسية لمآربها وخططها الاستعمارية التوسعية، بفضل المقاومات الشعبية التي انطلقت من مختلف جهات الوطن.

لكن أكبر التفككات الاجتماعية التي شهدها المجتمع الجزائري في العهد الاستعماري، هي تلك التى شهدتها سنوات حرب التحرير ما بين 1954 و1962، لقد رصد كل من بيير بورديو وعبد المالك صياد جانبا من هذه التحولات في كتابهم  « Le déracinement » بمعنى الإجثتات(12)، فقد عمدت الإدارة الاستعمارية الإستيطانية إلى إقتلاع السكان الريفيين من أراضيهم وإجبارهم على السكن في محتشدات خصصت لهم، قصد تحقيق إستراتيجيتين: قطع مصادر التموين ومنع الاتصال بين السكان والثوار من جهة، وإحكام السيطرة وفرض المراقبة على هؤلاء السكان أجمعين من جهة أخرى.

إن سياسة تجميع السكان في محتشدات كانت لها انعكاساتها الآنية والمستقبلية، فأهم نتائجها على المدى القصير نشؤ أشكال جديدة من الألفة الناجمة عن أوضاع النزوح والتشرد، ظهرت الاجتماعية على إثرها جماعات بشرية تفلت حتى من التصنيف العلمي، فالأعداد الهائلة من الفلاحين المطرودين من أراضيهم لا يمكن أن نطلق عليهم سوى اسم "الرابظين على أبواب الحضارة"  أو " مجموعات ما دون الطبقة"  كما يؤكد على ذلك الأستاذ عبد المجيد مزيان(13)، كما تسببت هذه الوضعية في حركة "هجرة خارجية وأخرى داخلية، قام بها الفلاحون بحثا عن أسباب العيش، بعد أن فقد معظم الفلاحين ملكيته الزراعية، أو أن قطعة الأرض التي بقيت في حوزة البعض الآخر، لم تعد تكفي لإعالة أسرته، إما لمساحتها المحدودة، أو لقلة الإمكانيات المادية لفلاحيها14))، من ثَم شكلت هذه المحتشدات بعد حصول الجزائر على استقلالها السياسي الخزان الذي طعم النزوح الريفي نحو المدن.

إن كل هذه الاعتداءات والتهديدات التي تعاقبت على المجتمع الجزائري لم تترك للأسرة حلا أخر غير اعتماد استراتيجية المحافظة على شخصيته ومكتسباته أمام هيمنة الأخر على طريقة عيشه، تاريخه، ثقافته..وكل ما من شأنه أن يشير إلى كل ما هو حداثي، فقد عمد المجتمع الجزائري على غرار كل المجتمعات العربية الأخرى آلية وميكانيزم الدفاع عن النفس من خلال التقوقع والانطواء على نفسها، بمعنى أن الأسرة اختارت الانغلاق على نفسها أمام الفضاءات والأفاق الاجتماعية من أجل المحافظة على قيمها وقدرتها الضبطية. وأصبحت بذلك الأسرة هي المصدر الوحيد للمحافظة على أصالة وإنسجام المجتمع ككل، لكن ذلك أثر على قدرتها على التغيير لاحقا.

كما شكل التدخل المستمر للمستعمر ومحاولاته المتعددة والمتكررة للتدخل في تسيير شؤون الأسرة الجزائرية، وذلك من خلال سن قوانين تعمل على تقليص سلطة الرجل على المرأة. وقد جاء أول نص قانوني بهذا الخصوص في شهر ماي 1930 ليتضمن عدم إمكانية إبرام عقد زواج البنات قبل إتمامهن سن الـ 15 سنة من العمر، وهي خطوة أولى حاولت من خلالها الإدارة الفرنسية كسب المرأة الجزائرية إلى صفها بهذا السند القانوني الذي يبدوا في ظاهره حماية لها من تعرضها للإجبار على الزواج في سن مبكر، غير أنه يهدف في الباطن إلى البحث واستغلال الثغرات التي تُمكنه من الولوج إلى الأسرة الجزائرية بغية السيطرة عليها شيئا فشيئا. رغم الظروف السيئة التي كانت تعيشها المرأة الجزائرية وتسلط الرجل عليها، إلا أنها لم تكترث لمساعي ومحاولات الإدارة الاستعمارية، إنما حافظت على البناء الأسري في شكله التقليدي المحافظ، القائم على تقسيم الأدوار والوظائف على أساس الجنس، بل كان لها دور أساسي في إعادة إنتاج هذه الوضعية في كل أسرة، ربما كأسلوب من أساليبها الخاصة في المقاومة والرد على المستعمر. ونتاجا لهذا التدخل، الذي باء بالفشل في جل مراحله، أُثبت للإدارة الإستعمارية الاستيطانية عدم قدرتها على إختراق الأسرة الجزائرية وإخراج المرأة من محيطها الأسري الضيق ومن سيطرة الرجل.

الواقع أن هذه القوانين زادت في تأزيم وضعية المرأة، لأنه كلما زادت محاولات التدخل الأجنبية للإدارة الاستعمارية في شؤون الأسرة الجزائرية زاد انغلاق المجتمع على نفسه، وأسقط بعض الحقوق عن المرأة، بحجة حمايتها ولأنها رمز لشـعوران هما الاحتشام) أو الحياء (والعــــــــــــــرض أو) الشرف) وقد " رفعا إلى مصاف الموجبات، وهما يمارسان رقابة إجتماعية قوية على أعضاء المجتمع(..)، ويبقى أن للحياء والشرف جوهرا قرآنيا، وأنهما يحددان رؤى إجمالية للعلم مبنية على قواعد مطلقة، هما يشكلان جزءً من تربية كل ناشيء مغربي" (15)    

إن القفزة التي تحققت للأسرة في هذه المرحلة هي مشاركة المرأة في ثورة التحرير، هذه المشاركة أحدثت ثورة على مستوى العادات والتقاليد المتعارف عليها من قبل، من خلال استحداث دور ومكانة غير التي كانت تحتلها. مع اندلاع الثورة التحريرية في سنة1954  وقفت المرأة إلى جانب أخيها الرجل في الكفاح وحمل السلاح، وهنا اكتسبت المرأة الجزائرية أدوارا جديدة في البيت وخارجه، كما اكتسب الرجل أدورا إضافية إلى جانب المهام الأساسية التي كان يؤديها. كما أن إلتحاق العديد من الجزائريات بالثورة والانخراط في صفوف المجاهدين في الجبال، شكل وضعية جديدة للمرأة، إذ لم يستطع الرجل سواء كان أبا أو أخا أو حتى زوجا من صدها وحرمانها من شرف النضال من أجل استقلال وحرية البلاد. وجود المجاهدات إلى الجانب المجاهدين في طريق الكفاح شكل وضعية لم يسبق التعامل معها، فما كان من المجاهد إلا أن رجب بها وبذل جهده لإحتوائها وصيانتها والمحافظة عليها، فكانت خطوة مهمة في طريق تحرر المرأة الجزائرية من قيود العادات والتقاليد، التي فُرضت عليها وكبلتها، وحدت من طموحاتها وحركتها. ومنه الثورة الجزائرية بولوجها تاريخ ومنطق الأسرة الجزائرية، وجدت نفسها أمام أمرين اجتماعيين مصيريين، هما:

  • ضرورة ضبط العلاقات بين الرجل والمرأة بالشكل الذي يضمن الاستقلالية الثقافة والاجتماعية للجزائرين عن الفرنسيين المحتلين.
  • ضرورة ضبط وضعية المجاهدات بالنسبة للمجاهدين، حيث تم اعتبارهن أخوات لهم، وبالتالي تتمعن بكل حقوق الأخت، من صون لعفتها وشرفها. كما يمكن الزواج لمن بين المجاهدين والمجاهدات، بطريقة شرعية وقانونية وتدوين ذلك في سجلات خاصة، في ظل الاحترام التام للضوابط الاجتماعية.

لقد احدثت الثورة التحريرية ثورة أخرى في وضعية المرأة الجزائرية، فرغم محاولات الإدارة الاستعمارية التي استمرت سنوات لإخراج المرأة من محيطها الضيق، لكنها باءت كلها بالفشل. في المقابل، نجد أنه وبمجرد إندلاع الثورة التحريرية وجدت النساء انفسهن في صفوفها من دون سابق تخطيط، ومن دون أن يطلب منهن ذلك، وإنما كان نتيجة حرصها الدائم على سلامة أفراد أسرتها كما كانت عبر تاريخا من جهة، وكنتيجة لنمو وعيها بمسؤولياتها السوسيو سياسية من جهة ثانية. إذا تعتبر الثورة الجزائرية عامل اساسي في التغيير الحاصل، خاصة فيما يتعلق بالسلطة والأدوار داخل البيت، وهذا ما يفسر أهمية وخصوصية هذه المؤسسة ونعني الأسرة، وهو ما يفسر استهدافها بإستمرار من طرف الإدارة المستعمرة الإستيطانية من أجل القضاء على الثورة. لأن الأسرة كانت وسبقى روح التضامن الاجتماعي، ومصدر الرباط والتواصل الاجتماعي، فما كان يزيد المجتمع الجزائري قوة هو ذاك التضامن الرباط اللذان كانت تكفلهما وتوفرهما الأسرة الجزائرية.

 ثالثا- الأسرة الجزائرية بعد الاستقلال:

شهد المجتمع الجزائري بعد الاستقلال عدة تغيرات ويعتبر التحضر والتصنيع والتحديث ثلاث عمليات اجتماعية كبرى عرفها المجتمع الحديث وكان لها الأثر الأكبر على الأسرة وعلى وظائفها. بالرغم من أن الفترة الاستعمارية" أرست قواعد التحديث المادي في الجزائر، بإنشائها بعض المدن أو الضواحي الحديثة على الطراز الأوروبي في المدن القديمة، وبإضفاء الطابع الرأسمالي على الاقتصاد، وتعميم نظام الأجور والتعامل النقدي، وفتح بعض المناجم وإنشاء بعض المدارس والمعاهد...الخ، ولكن هذا التحديث لم تستفيد منه فئات الشعب الجزائري الواسعة التي ساهمت فيه وتحملت آثاره النفسية والاجتماعية والاقتصادية، فظلت فقيرة ومحرومة(16) "، وشكلت مجموعة هذه التراكمت عبئ كبير في مشوار التغير والتطور الذي عرفه المجتمع. والجزائر على غرار بلدان العالم قد تأثرت بالتغيرات التي كانت سريعة وعنيفة في أن واحد، مما انعكس على بنية الأسرة ونمطها وكذا شكلها ووظيفتها وطبيعة حياتها. في هذا الصدد يقول الأستاذ بوتفنوشات « لقد ساهمت عملية إدخال التقنيات الجديدة في الاقتصاد الكلي، وفي الاقتصاد الجزئي أو المنزلي بالإسراع والتعجيل بعملية تطور المرافق، والتصرفات داخل المجتمع، وكذلك داخل العائلة الجزائرية»، وهو ما تسبب في ظهور قيم وسلوكيات جديدة لم تشهدها الأسرة التقليدية من قبل وأدت إلى تشجيع انتقالها من الحياة الريفية إلى الحياة الحضرية، بحثا عن حياة جديدة تساعدها على تحقيق متطلباتها، فكانت الهجرة نحو المدن التي أحدثت تنقلات كبيرة للسكان والتي أوجدت تحولات عميقة في الأسرة التقليدية وأدت إلى بروز نمط جديد من الأسرة يعرف بنمط الأسرة النووية "الزواجية".

- من أسباب تكون الأسرة النووية، لقد تبين أن الأسرة الممتدة لم تعد الشكل الذي يتميز به المجتمع الجزائري، وخصوصا المدن الكبرى أين بدأ ينتشر شكل الأسرة الزواجية أو النووية، وهذا لا يعني أن النسق الأسري أصابه خلل، وإنما ذلك راجع إلى محاولة الأسرة تحقيق التكيف مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية العديدة، التي أحدثت وما تزال تُحدث آثارا مختلفة في المجتمع. هكذا فإن عملية تقلص الأسرة الجزائرية لتصبح أسرة زواجية نووية ليست نتيجة التطور وحده، بل تكتسب معانيها من سعي هذه المؤسسة الاجتماعية لتلبية المقتضيات، فإذا كان النشاط الاقتصادي القائم على الزراعة في الريف، والذي ساعد على بقاء واستمرار الأسرة الممتدة، وذلك من خلال تأمين معاشها بالتعاون والتضامن. لكن الصورة لم تعد كذلك في الوسط الحضري، لأن تأمين معاشها أصبح يعتمد على دخلها الشهري المتمثل في المرتب أو العمل المأجور. فانقسام الأسرة في هذه المرحلة لم يكن إلى مجموعة من العائلات المجاورة التي تعيش في نفس الرقعة الجغرافية، إنما إلى أسر فردية تعمل على إعالة أفرادها وتعرف بالأسرة النووية التي تضم كل من الآباء والأبناء غير المتزوجين. بهذا لم تعد بإمكانها أن تعيش في ظل الجماعات القرابية الممتدة وأن تعمل كوحدات متكاملة تجمعها ظروف العمل أو العيش والإقامة. هذا النوع من الأسر أصبح اليوم النموذج الأكثر انتشارا، أين فقدت الأسرة التقليدية خصائصها، فتحول مبدأ إقامتها الجماعي الناتج عن تنقلات الأفراد إلى وجود مظهر جديد للإقامة، والمتمثل في المسكن المستقل التي تنفرد به الأسرة الزواجية القائمة على رابطة الزواج وحدها حيث التكاثف القوي للروابط والعلاقات الداخلية التي أصبحت تتمتع أكثر بشرعية الحقوق والملكية الخاصة في ظل القانون المدني، الذي حل محل السلطة العائلية المطلقة. كما أن هذه الأسرة مبنية أكثر على اتفاق الزوجين اللذان يعملان على تنظيم حياتهما الزوجية وتدبير شؤونهما بطريقة إختيارية ويهتمان أيضا بتنظيم النسل القائم على إتفاقهما المسبق. من جهة حجم الأسرة الجزائرية، بدأ يتجه نحو الانخفاض حيث أن نسبة كبيرة من الأسر الجزائرية التي كانت تأخذ طابع الأسرة المتددة أصبحت تميل أكثر إلى صغر حجمها وتحديد عدد أطفالها، بسبب زيادة الإقبال على استعمال وسائل منع الحمل، وهذا يدل على مدى التغير السوسيوثقافي الذي لحق بالأسرة الجزائرية، حيث كانت نظرة رجال الدين إلى وسائل منع الحمل على أنها منافية لقواعد الدين لأنها تتدخل في مشيئة الله غير أنه يبدو أن نظرة الأسرة لهذه الوسائل تتغير حتى بالنسبة لعائلات الفلاحين، حيث نجد أن بعضها لا يمانع في استخدام هذه. ويمكن تحديد أسباب هذا التغير فيمايلي:                                             

تحول اعتماد الأسرة في دخلها الاقتصادي من العمل الزراعي إلى العمل المأجور والدخل الفردي لأعضائها مما أنقص من القيمة الاقتصادية للأولاد حيث لم يعد الطفل مصدرا للدخل كما كان في الأسرة الممتدة وإنما أصبح عبئا على والديه، وهكذا فقد تحولت الأسرة من وحدة إنتاجية إلى وحدة استهلاكية.   

- ارتفاع الأسعار وثبات مصادر الدخل، مما دفع بالأسرة إلى التفكير في تحديد عدد أبنائها حتى تتمكن من الإنفاق عليهم،                                        

- رغبة كل أسرة في المحافظة على مستوى معيشي مرتفع، خاصة عند الفئات الحضارية،

- الرغبة في توفير أسباب الرعاية الصحية والتعليم والملبس والغذاء لأطفالها، مما دفع بها لتحديد عدد الأطفال،                           

- دور وسائل الإعلام في توعية الأسر حيث خصصت برامج تثقيفية خاصـــــــــــــــــــــــة، جعلت من موضوع تنظيم الأسرة والنسل بالغ الأهمية حتى في الاوساط الشعبية.

لكن الذي يتضح هو أن الأسر الحضرية أكثر نزوحا نحو خفض الولادات من الأسر الريفية، ومما يؤكد هذا الاتجاه هو أن معدل عدد الأطفال بالنسبة للمرأة الجزائرية يرتفع كلما اتجهنا من التجمعات السكانية الرئيسية إلى التجمعات السكانية الثانوية، وقد يعود هذا التوجه إلى عوامل كثيرة أهمها:                

   - تقدم سن النساء المتزوجات بحيث أن نسبة الخطوبة تدنت.                     

   - خروج المرأة للعمل المأجور بالنسبة للأسر الحضارية .                      

   - ارتفاع المستوى التعليمي عموما لدى الأسر.                                   

   - انتشار الثقافة الصحية الأسرية والأفكار المتعلقة بتنظيم الأسرة من خلال التعليم ووسائل الإعلام والاتصال وكذا توفر المراكز الصحية.

في الواقع إنه لا يمكن الحديث عن الأسرة ونمطها وحجمها دون الحديث عن المسكن من حيث نمطه وسعته، فلكل من النمط والسعة دور في وظيفة الأسرة وفي علاقاتها وروابطها وما يترتب على ذلك من أثر في أداء الوظيفة، حيث يبقى موضوع السكن في الجزائر من الموضوعات الهامة للأسرة الجزائرية، فهو يمثل الوحدة التي تعيش الأسرة بداخله، أما اقتناء المسكن فيستعصى على شريحة هامة من المجتمع وهو مرهون بالتوجهات السياسية، وقد يتغير نمط المساكن الجزائرية بالتنوع الذي ينحصر في: الفيلا والشقة والمسكن التقليدي والمسكن الهش، وتتفاوت نسبة هذه الأنماط من فترة لأخرى تبعا لسياسة البناء والسكن، هكذا فإن تقلص حجم الأسرة في إطار المجتمع الخضري وكذا ضيق المجال السكني انعكس على وظائف الأسرة الاجتماعية. إن عمل على اختفاء بعضها واسناد البعض الاخر إلى هيئات اجتماعية أخرى تهتم بأدائها على غرار ما كان يحدث في الأسرة التقليدية التي كانت تشرف بنفسها على كل نشاطاتها الاجتماعية دون وجود لأي وسيط خارجي يتدخل في نظامها.                     

- وظائف الأسرة النووية، ما سبق لا يعني أن الأسرة النووية لم تجد ما تقوم به، بل استمرت في تأدية مجموعة من الوظائف، لكن الجديد هو أنه يمكن أن تحل محلها مؤسسات اجتماعية أخرى في أداء هذه الوظائف، جزئيا أو كليا، أهم هذه الوظائف:             

  • حفظ النوع البشري: تعد هذه الوظيفة من أبرز الوظائف الأساسية التي تحافظ على النوع البشري واستمرار بقائه، لأنها تتمثل في عملية الإنجاب والتناسل عن طريق الزواج الشرعي الذي يقرره المجتمع طبقا لمجموعة التنظيمات الاجتماعية التي تساير التعاليم الدينية والعادات الاجتماعية.
  • الوظيفة النفسية: هذه الوظيفة لها دور كبير في تحقيق الرعاية النفسية للطفل التي لا يمكن أن يجدها إلا في أحضان أسرته، لأنه يبقى بحاجة إلى الشعور بالأمن والتقدير طول مراحل تكوينه ونموه، وعن طريق تفاعله بين جميع أفراد مجتمعه يلقى العطف والحنان الذي يساعده على النمو الكامل والسليم.
  • إعالة الأطفال وتربيتهم: على الرغم من تعدد المؤسسات والهيئات الاجتماعية التي تشارك الأسرة وظيفتها في تنشئة الطفل، فان المنزل لا يزال عاملا من أهم عوامل التربية وما زالت الأسرة الخلية الأولى للمجتمع يعتمد عليها في تربية الأطفال، تتولى الأسرة تكوين شخصية الطفل وتكسبه عاداتها واتجاهاتها ومعتقدات المجتمع التي ينتمي إليه.
  • الوظيفة الاقتصادية: رغم أن طبيعة الحياة الحديثة أجبرت أفراد الأسرة على العمل والسعي خارج محيطها وانتقالها من وظيفة الإنتاج إلى وظيفة الاستهلاك، إلا أن هذا التحول سمح للأسرة من إقامة روابط جديدة، وعلاقات اقتصادية مكنت أفرادها من تحقيق استقلالهم الاقتصادي، إذ لم تعد الأسرة المكان الوحيد لإشباع حاجاتهم المادية، ورغم هذا التحول في هذه الوظيفة الاقتصادية إلا أن الأسرة لا تزال تسعى جاهدة إلى توفير متطلبات أفرادها.

التغيرات التي ميزت الأسرة النووية، من بين التغيرات التي أصبحت تميز الاسرة الجزائرية منذ مرحلة ما بعد الاستقلال وإلى يومنا هذا، نشير إلى:

1- ابتعاد الأسرة عن وحداتها القرابية، فلم تعد هذه الاخيرة تهتم بتماسكها العائلي في ظل الأسرة الزواجية الصغيرة، التي شهدت تحررا كبيرا لأفرادها الذين اكتسبوا امتيازات متعددة، فلم تعد القرابة هي شكل موارد الأسرة ككل كما كان في ظل الأسرة الممتدة التقليدية. والذي كان الفرد في خدمة قرابته وأسرته، وإنما أصبحت القرابة في الاسرة الزواجية تمثل مصدر للفرد وحده وعليه أصبح كل من نظام القرابة والاسرة في خدمة الفرد، كما أن انتقال الأسرة الجزائرية إلى المناطق الحضرية واستقلالها عن مسكن الوالدين جعل الدرجة القرابية غير كافية بمفردها لتحقيق التفاعل ضمن الوسط العائلي، لقد نمت علاقات أخرى مع الأصدقاء وزملاء العمل، حتى في حالة إنشاء علاقات مع الأسر التي تربطها صلات القرابة، فإن هذه العلاقات لم يعد لها طابع شكلي، بل اخذت تكتسب الطابع الانتقالي، أي علاقات على أساس السمات المشتركة، وعليه فإن العلاقات والروابط العائلية فقدت في هذه الحالة طابعها الالزامي كضرورة صلة الرحم. إن العلاقات التي كانت تبنى أساسا على أساس معنوي آلي في الأسرة الممتدة أصبحت في النووية أساسا على مبدأ اختيار الأفراد، بمعنى أنها فردية ومنه حدث نوعا من البعد الاجتماعي على مستوى الروابط الأسرية.               

2- من ناحية السلطة، لقد تغير عن التغيرات في نمط الأسرة ونظامها الاقتصادي والاجتماعي أنماطا وسلوكيات فردية مختلفة، فنجد الأب العامل في المصنع أو في الشركة قد اكتسب أنماطا وسلوكيات فردية مختلفة عن خبراته، وكذلك فإنه يكون قد كون علاقات اجتماعية مع فئات اجتماعية ومهنية مختلفة غيرت من ذهنياته ورؤيته التي كانت منحصرة في حياته التقليدية المسيطرة، ويصبح هذا التغير شاملا كل أعضاء الاسرة، فنجد مع ديموقراطية التعليم أن الأبناء تحصلوا على نوع من التفكير الذي يكون مختلفا عن أراء وتفكير الآباء كما أن مجال التوظيف والعمل المأجور يعد أكبر مكسب الذي عمل على استقلالية الأفراد من السلطة الأبوية. فالفرد الذي يستقل بعمله يمكنه أن يستقل بحياته و أرائه الخاصة لما أصبح كل فرد من أفرادها هو وحدة اقتصادية إنتاجية قائمة بذاتها وأصبح لكل فرد حق التملك لأن الملكية لم تعد جماعية كما كانت من قبل. هكذا تحول من وضع المسيطر إلى وضع يتميز بالعدالة والمرونة أي من أب متسلط إلى أب ديموقراطي. كما أن ظهور الدولة وممارستها حق الضبط الاجتماعي وتقديم الخدمات الاجتماعية ساعد الفرد على التحرر من قيود السلطة الابوية الخاصة لما أصبحت الدولة تتدخل في الحياة الاسرية، فمثلا  أصبحت المصالح الإدارية من خلال منح الشرعية لعقد الزواج بعد ما كان يتم بمباركة إمام مسجد، كما أن المولود يجب أن تكون له وثائق رسمية تحدد تاريخه وكذا نسبه. حيث يتبين لنا أن الدولة لعبت دورا هاما في تقليص السلطة الأبوية.       

3- على مستوى نظام الزواج، أما في ما يخص عادات الزواج فلم يتغير جذريا عما كان عليه في الأسر التقليدية، لكنه لم يعد مجرد إتفاق بين أسرتين وإنما أصبح يقوم على التوافق وحرية اختيار الشريك الذي يحتم على الزوجين تحمل مسؤوليات هذا الاختيار. وهكذا أصبح المقبلون على الزواج لديهم حرية قبول أو رفض هذا العرض، إن الزواج لم يعد تحت وصاية الأسرة والجماعات القرابية كما كان في الماضي لأنه أصبح يقوم على الإرادة الحرة لكل من الزوج و الزوجة، و بالرغم من الحرية الشخصية في الإختيار إلا أن الفرد يبقى يحتاج دوما لمن يساعده على ذلك من الناحية الاستشارية إلا أنه تم تعويض الأهل بأصدقاء العمل أو الحي.                                                             

4- على مستوى القيم، فنجد على انها مرتكزة على ما هو مادي، ليست روحية أخلاقية كما كانت من قبل، أي قيم مادية بعيدة عن العادات والتعاليم الدينية، لهذا نجد أن الدين في المدن ليس له وضوحا كما هو واضح في الأرياف. لكن رغم هذه التغيرات بقيت الأسرة الجزائرية المستحدثة إلى حد بعيد متمسكة بقيمتها، بحيث نلاحظ  أن هذا الشكل الجديد من الأسرة أي: بدأت تتسم به المراكز الحضرية تتميز في كونها بقيت تجمع نوعا ما بين خصائص الأسرة الحضرية ووظائف الأسرة الأسرة الريفية التقليدية وهذا على مستوى الجيل الأول والثاني للنازحين، أما الجيل الثالث ففي الغالب يتجه نحو الأسرة الممتدة، كما تشير إلى ذلك الدراسات والابحاث(17):                                                                  

النموذج الذي يعبر عن الجيل الأول: يمثل في الأسرة الحديثة، التي انتقلت حديثا إلى المدينة حيث انتقل الآباء مع أبنائهم إلى المدينة، وهكذا نكون في البداية أمام أسرة زواجية وليس إلا بالتدريج وبعد زواج أبنائهم تبنى الأسرة الممتدة من جديد، بحيث نجد الام هي التي تختار زوجة الابن حسب التقاليد ونستطيع القول ان الاسرة الابوية في شكلها الحديث اخذت تبنى على انقاض الاسرة الممتدة التقليدية.                                                   

النموذج الذي يعبر عن الجيل الثاني: فيتمثل في الأسرة الزواجية التي هي نتيجة لانفجار الأسرة الأبوية أمام التمدن والتدارس، فهذه الاسرة بالطبع تكون بعيدة عن الأسرة التقليدية الأم بحيث اختار الزوجان نمط حياة مختلف عن النمط التقليدي بحيث أن ضيق السكن قد قلص من حجم الاسرة ،وهي تعتمد على اجر منتظم وكذا وجود المستوى التعليمي للزوجين... ففي اغلب الأحيان نجد ان الزوجة في هذه الأسر قد حصلت على مستوى تعليمي معين، ومهما كان منخفضا يسمح لها بإعادة النظر في دورها التقليدي، وفي أن تختار النموذج الحديث للحياة... فنجد أن المرأة تعمل أو عملت أو تأمل العمل.                                                                              

النموذج الذي يعبر عن الجيل الثالث: والذي يمثل الجيل الثالث فهو يعبر عن الأسرة الجزائرية المعاصرة حيث يكون الشريكان قد تعرفا على بعضهما واختار كل واحد منهما الأخر، وقرار بكل حرية الزواج وفي تنظيم العرس. ودور الحماة هنا يكون ضيق، إذ لم يكن لها دور في اختيار الكنة..وغيرها، وسلطتها أصبحت ضيقة.                                                               

5- مكانة ووضعية المرأة في الأسرة الجزائرية الحديثة، لقد مرت مكانة ووضعية المرأة في الأسرة الجزائرية الحديثة بمراحل من التغير أين تخلصت ولو جزئيا من القيود والسيطرة التقليدية، فنجدها في الوسط الحضري تحض ببعض المكانة داخل الأسرة، لكون شكل الاسرة المعاصر قد أصبح مختلفا عن الشكل التقليدي حيث أصبحت المرأة تشارك في السلطة وكذا في ميزانية الأسرة، ولم تعد تلك المرأة التي هي البنت أو الزوجة المنعزلة والمتحفظة أمام الرجل، ولم تعد تحت سلطة الأب، الزوج والحماة مع محافظتها على الاحترام لكل منهم. فوظيفتها الجديدة سمحت لها بأخذ الكلمة والمبادرة واتخاذ القرار. ذلك أن متطلبات العصر المختلفة حتم على المرأة على أن تشارك خارج البيت، فنجدها عاملة، وهذا ما مكنها من فرض وجودها كطرف فاعل و منتج في المجتمع، كأن تعمل على رفع من المستوى المعيشي والاجتماعي لأسرتها، وخاصة إذا كانت أما وربة بيت متعلمة فإنها تكون واعية أكثر بمسؤولياتها داخل الاسرة مما سبب لها لاحقا عدة مشاكل من أهمها الإجهاد النفسي والعصبي لقيامها بوظيفتين في نفس الوقت. كما أن المرأة أصبحت ترفض كل الخضوع وسيطرة من الوسط التقليدي ومن الحماة خاصة، إذا لم تعد تستطيع العيش معها تحت سقف واحد. ولا حتى أن تتدخل هذه الحماة في تربية أبنائها لاختلاف طرق التربية بين الجيلين. والتغير أيضا يكمن في ن الرجل أن الرجل الجزائري وإلى وقت قريب لم يقبل أن تتولى المرأة إعالته وإعالة الأسرة ولا أن يأخذ شيئا من مالها وإلا سيكون محل سخرية معارفه و أصدقائه. لكن هذه الفكرة تلاشت تدريجيا أمام التحول الاقتصادي وغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، فأصبح راتب واحد لا يكفي لسد النفقات مما جعل الشاب يقبل على الزواج من المرأة العاملة ليشتركا في مواجهة الحياة، بل أصبح يشترط أن تعمل الزوجة بعد الزواج لتقاسم أعباء الحياة سويا، في حين أنه ومنذ سنوات من قبل كان يشترط أن تترك العمل وتمكث في البيت للتفرغ له ولأولاده. وهنا يكمن التغير في أن مشاركة المرأة في العمل واقتحامها الميدان بقدر ما اعطاها موقعا محترما داخل الأسرة بقدر ما زادها مسؤولية، خاصة لما استقال الرجل وتراجع عن العديد من أدواره الأسرية أو ما يعبر عنه المختصين في علم الاجتماع بـالانسحاب الاجتماعي.                                                      

 

خلاصة القول:

  • إن جملة الخصائص - المذكورة أعلاه وحصرها في بعض النقاط - التي تميز الأسرة الجزائرية الحديثة خلقت نوع من الحنين إلى الأسرة الممتدة التقليدية، التي مهما حاولت الأسرة الزواجية الانعزال عنها إلا أنها تعاود الرجوع إليها في بعض الأمور كالزوج مثلا. إننا نعلم أننا عندما يشتد الحاضر نلجأ إلى إعادة تشكيل الماضي، فالخطاب الممجد للأسرة التقليدية ما يزال مهما عند الأغلبية وهو الخيال العاطفي والأمني الذي نواجه به اللااستقرار.
  • إن فهم التحولات الحاصلة للأسرة والمجتمع الجزائري في إطارها التاريخي والاجتماعي والثقافي، والاقتصادي، والنفسي يسمح لنا بتحليل وتفسير تلك التغيرات، ووضعها في الإطار المناسب لإجاد حلول جذرية وواقعية لها.
  • إن نوعا من الفوضى قد جعلت من الأسرة التقليدية أكثر انجــــــــذابا وعليه يمكن أن نفهم أو ندرك أن الحنين إلى الماضي يكون عندما نعجز عن حل مشاكلنا الأنية.
  • قوة الأسرة الجزائرية دائما كانت مرتبة بوجود هدف موحد يجمعها ويقوي إرادة التكافل والتضامن بين عناصرها.
  • لابد للسياسات الاجتماعية والاقتصادية والتنموية التي تنتهجها الدولة أو جهة إصلاحية أن تأخذ هذه الظروف والوضعيات التي مرت بها الأسرة والمجتمع الجزائري بعين الاعتبار، حتى يمكن تنفيذ تلك السياسات بالكفاءة والنجاعة المطلوبتين.
  • ضرورة الاستعانة بالدراسات والبحوث العلمية التي تناولت المجتمع والأسرة الجزائرية، وفي كل التخصصات، من أجل بناء تصور كلي وشامل لتلك السياسات والمناهج التي يمكن أن تستجيب لطموحات الأفراد والمجتمع.
  • الاهتمام بالتاريخ كتابة وقراءة وتدارس، لأنه كان وسيبقى ذاكرة الشعوب ورمز فخرها، لأن التاريخ الذي طالما حمل ماضي الشعوب يحمل بالضرورة وبلا شك أسرار وعومل بقائها وإستمرارها.
  • إلتفاف المجتمع وخاصة النشئ على عوامل ومقوماته التاريخية والحضارية، الاسلام والعروبة والامازيغية، والارتقاء بها لمواجهة رياح العولمة وطمس معالم الأصالة لدى شعوب العالم

المراجع:

)1) Claudine CHAULET, la terre les frères et l’argent: Stratégie familiale et production agricole en Algérie depuis 1962, Tome1, Alger, OPU, 1987, P203.

(2) Mustapha BOUTEFNOUCHET, La Famille Algérienne, évolution et caractéristiques récentes, Alger, SNED, 1982, P40.

(3) حليم بركات، المجتمع العربي المعاصر: بحث استطلاع اجتماعي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،1984 ، ص .179

(4) Robert Descloîtres, Laïd DEBZI, Système de parenté et structure familiales en Algérie, in Annuaire de l’Afrique du nord, Paris, CNRS, 1963, p29.

(5) Philipe FRAGUES, "la démographie du mariage Arabo-musulman: tradition et chargement ", Maghreb–Machrek, n°16, Avril / Mai / juin, 1987, PP59-73.

 (6) عاطف وصفي، الأنثروبولوجيا الثقافية، دار النهضة العربية، بيروت،1971 ، ص.187

(7) عبد الغاني مغربي، الفكر الاجتماعي عند ابن خلدون، ترجمة: محمد الشريف بن دالي حسين، المؤسسة الوطنية للكتاب مع ديوان المطبوعات الجامعية،1988، الجزائر، ص .146

(8) أحمد أبو زيد، الفيلسوف ابن البوسطجي: بيير بورديو والتجربة الجزائرية، العربي، العدد530 ، يناير2003، ص.118

(9) محمد سويدي، مفاهيم علم الاجتماع الثقافي ومصطلحاته، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1991، ص226.

(10) محمد حمداوي، وضعية المرأة داخل الأسرة في المجتمع الجزائري التقليدي، إنسانيات، عدد10 ، جانفي /أفريل،2000 ، ص.6

(11) M'hammed BOUKHOBZA, Ruptures et transformation Sociales en Algérie, OPU, Vol 2, Alger, 1989, P560.

(12) Pierre BOURDIEU et Abdelmalek SAYAD, Le Déracinement: La Crise de L'agriculture traditionnelle en Algérie, Minuit, Paris, 1964.

(13) عبد المجيد مزيان، النظريات الاقتصادية عند ابن خلدون وأسسها من الفكر الإسلامي والواقع المجتمعي: دراسة فلسفة واجتماعية، المؤسسة الوطنية للكتاب مع ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،1988 ، ص.371

(14) محمد السويدي، مقدمة في دراسة المجتمع الجزائري: تحليل سوسيولوجي لأهم مظاهر التغير في المجتمع الجزائري المعاصر، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،1996 ، ص95.

(15) Nefissa Zerdoumi, Enfants d’hier L’education de L’enfant en milieu traditionnel Algérien, Ed: Froncis Maspero, Paris, 1979.

(16) دحماني سليمان، ظاهرة التغير في الأسرة الجزائرية: العلاقات، ماحستير غير منشورة، جامعة أبي بكر بلقايد (تلمسان)، قسم الثقافة الشعبية، 2005/2006.

(17) Souad Khoudja, les algériennes du quotidien, Enterprise nationale du livre, Alger, 1985.