تطور البحث العلمى في الجامعة الجزائرية

 

د.الجوزي وهيبة

جامعة تيزى وزو مولود معمري

 

ملخص المقال:

     تعد مرحلة البحث العلمي الحديث أعظم نقلة في حياة الإنسان وحضارته.  إلاّ أنّ سرعة التقدم في أنماط المعرفة المترتبة عليها وفي الطرق التقنية المتعلقة بعمليات تطبيقها ونشرها، جعلت النتائج التطبيقية كابتكارات، التي تترتب على عملية البحث العلمي نفسها، سريعة التقدم والزوال.  فتقنيات البحث التي كان يحتاج تكوينها ووضعها سابقا إلى جهد فكري وفني هائلين .وقدمت  على أنّها انفتاح ثوري في مجال البحث العلمي حيث أصبحت تقبل اليوم على أنها شيء عادي.  لهذا أصبح أمام البحث العلمي تحديات، تفرض على الباحثين في المجتمعات المتحضرة، على أن لا يتم الوقوف عند مرحلة محدّدة في عملية معالجة المشكلة، لكون أنّ الفكرة تقبل اليوم في حينها أو بشكل مؤقت، سرعان ما يتم تجاوزها في مراحل البحث المفتوحة نحو فهم أفضل وأشمل. وليس كما يمكن أن يوجّه البحث العلمي إلى الابتكار وإنتاج معرفة نوعية، قادرة على اتخاذ القرار والمساهمة في عملية التنمية المستدامة وحل المشكلات التي تعيق المجتمع والدولة معا.

      و من هنا تبرز أهمية المعرفة ومفاتيحها، وتأكيد دور التفكير العلمي والمنهجي في إثراءها ووضعها في السياق التطبيقي الملائم، حتى تتحقق المطابقة بين الفكرة والواقع والعمل على إثرائهما، والنهوض بالمجتمع فكريا وثقافيا. و تعزيز روابطه الحضارية والروحية والإنسانية.

    والإشكال المطروح في هذا البحث، هو إشكالية البحث العلمي في الجامعة الجزائرية ودوره في الخدمة الاجتماعية. و ذلك مساهمة منّا، في عملية الارتقاء بالبحث العلمي إلى البحث النوعي والجودة والخدمة الاجتماعية.

الكلمات المفتاحية:    البحث العلمي - الجامعة الجزائريةالخدمة الاجتماعية                                  - الباحثالتنمية المستدامة.

  Résumé :

   La recherche scientifique moderne est le plus grand saut dans la vie humaine et la civilisation. Cependant, les progrès rapides de leurs schémas de connaissances et de la manière technique dont ils ont été appliqués et diffusés ont fait des résultats appliqués des innovations, résultant du processus de recherche scientifique lui-même, rapide et éphémère. Les techniques de recherche, qui devaient être configurées et développées auparavant à l'effort des géants intellectuels et techniques. Il a été présenté comme une ouverture révolutionnaire dans le domaine de la recherche scientifique, où aujourd'hui il est accepté comme une chose normale.

   C'est pourquoi la recherche scientifique est devenue un défi pour les chercheurs des sociétés civilisées, mais il n'est pas possible de s'attaquer à ce problème car l'idée est aujourd'hui acceptée de manière ponctuelle ou temporaire rapidement dépassée dans les étapes de recherche ouverte vers une meilleure compréhension

   La recherche scientifique peut non seulement être orientée vers l'innovation et la production de connaissances de qualité, capables de prendre des décisions, de contribuer au processus de développement durable et de résoudre les problèmes qui entravent la société et l'État. L'importance de la connaissance et de ses clés est soulignée, et le rôle de la pensée scientifique et méthodologique est souligné en l'enrichissant et en le mettant dans le contexte approprié, afin que l'idée et la réalité puissent être conciliées avec leur enrichissement intellectuel et culturel. Et pour renforcer ses liens culturels et spirituels. Les problèmes présentés dans cette recherche sont le problème de la recherche scientifique dans l'université algérienne et son rôle dans le service social. C'est notre contribution à l'avancement de la recherche scientifique vers la recherche qualitative, la qualité et le service social.

Mots-clés:     Recherche scientifique - Université algérienne - Travail social - Chercheur - Développement durable.

 مقدمة:  

    البحث العلمي أو (Scientific  Research) هو الأسلوب المُنظّم في جمع وتوثيق المعلومات وتدوينها كملاحظات تحليلية موضوعية، بعيدة عن المشاعر والانحياز، ويكتب البحث العلمي بخطوات علمية ممنهجة، وهذا للتأكّد من صحته فيما لو أراد من يقرأ البحث من التحقّق مما ورد فيه، وهذا أيضاً لسهولة الاقتباس منه للباحثين الجدد والدارسين بهدف الوصول إلى نظريات تنبؤيّة جديدة أو نظريات جديدة اعتماداً على الدراسات السابقة. والأبحاث العلميّة تفرض على الباحث طريقة السير في البحث وتفرض عليه توثيق كل كلمة في البحث من أبحاث سابقة معتمدة، أو بالتجربة (للأبحاث التجريبية)، حيث يقوم بدراسة الموضوع المُختار، وتسجيل الملاحظات والمعلومات المهمة، ووصف تطور الحدث، ووضع أسئلة البحث التي يقوم البحث بمحاولة الإجابة عليها ويمكن الاستغناء عن الأسئلة بوضع فرضيّات وهذا غالباً في الأبحاث التربوية والإنسانية التي لا يوجد بها أجوبة دامغة، حيث تكون محدّدات البحث بشرية سلوكية تتغيّر من مكان لآخر ومن مجتمعات لأُخرى، وقد بدأ البحث العلمي عندما حاول عالم النفس (ernest weber) قياس السلوك البشري بطريقة متسلسلة مدروسة، ليسهل على من سيأتي بعده على تقفّي خطواته ونتائجه بسهولة، فبالإحصاء الوصفي والدراسة المنهجية بدأت الأبحاث تتطور، فالإحصاء الوصفي لوحده لا يكفي، ومع الوقت تعمق علماء الإحصاء فابتكروا طرقاً إحصائية للتحليل سمّيت فيما بعد الإحصاء ألاستنتاجي، فبالطرق المدروسة المنظمة مع الإحصاء الاستنتاجي قلّت نسبة الخطأ للباحثين وصار من الأسهل القيام بالبحث مهما كان حجم المجتمع كبيراً فبالتناسب تكون نسبة معينة كافية لتغطية المجتمع وتسمى عينة البحث.

   وأنّ الحاجات المستجدة التي خلفتها مشاريع التنمية والتطوير في القطاعات العامة والخاصة وكذا ضرورة إقامة جامعات وطنية تحافظ على تراث الوطن وتعمل على نشر ثقافته وتلبي حاجيات المجتمع وتعكس تطلعاته وأمانيه.

1- إشكالية البحث:                                                                                                       

قد يبدو أن الجامعات على اختلاف أنواعها ومواقعها وأعمارها تقوم تقريبا بنفس الأدوار والمهمات، ورغم ما قد يكون بينها من اختلاف في الأهداف والغايات، فالجامعة في أيامنا هذه تقوم بأدوار ثلاث متكاملة التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع. فالبحث العلمي أساسا هو أحد المؤشرات الرئيسية التي تؤخذ بعين الاعتبار عند المقارنة بين الجامعات ومحاولة تصنيف وتفضيل أحدها عن غيرها. فالجامعة التي لا ينشر أعضاء هيئة التدريس فيها أبحاثهم باستمرار تظل قيمتها العلمية وخاصة على المستوى العالمي منقوصة إلى حد كبير، رغم ما قد يتميز خريجوها به من جودة في التكوين والإعداد، فالبحث العلمي هو الثروة العلمية التي تمتلكها البشرية اليوم.

إنّ الفكر العلمي ذو الطابع الاجتماعي، يتكون من خلال الوعي الفردي الجماعي والذي يسير وفق أنماط اجتماعية خاصة، بهدف تعميم بعض التماثيل أو التصورات أو المفاهيم، بالإضافة إلى بعض الأفكار على المستوى الفكري وهذا باستعمال المناهج العلمية لاكتشاف الحقيقة.

إنّ نماذج الفكر العلمي المنبعث من مختلف الحالات على مستوى الممارسة الاجتماعية أو من الواقع الطبيعي هو الذي يحدد الميادين والقوانين التي من خلالها تتشكل المفاهيم والأفكار المرتبطة بالواقع والتي تتحقق بواسطة التجربة والمحاولات وإعادة الإنتاج.

كما يشكل البحث العلمي ثمرة عمل متواصل ومنهجي لباحث أو فريق بحث. ويعتبر مجهود عريق العهد يتواصل من جيل إلى جيل مما أدى إلى تراكم نتائجه والتحقق منها في كل المجتمعات، على غرار الاختلافات الأيديولوجية المتواجدة في العالم. إنها مهمة المؤسسات والمنظمات  المكلّفة بصيانة وتطوير الفكر العلمي. وهذا ما نلاحظه في المكتبات والجامعات والمخابر ومراكز البحث العلمي والنوادي العلمية والمجلات العلمية، وكل الوسائل الأخرى المختصة بعملية الاتصال والتي من مهامها حفظ وجمع أو نشر الفكر العلمي  بهدف استثماره في الواقع لتنمية المجتمع بشكل وظيفي وعقلاني. فالفكر العلمي هو جوهرة الإنتاج المادي فهو العقل الذي يجعل هذا الإنتاج بإمكانه التطوّر والتحسن حتى يتمكن العمال من ترقية طاقاتهم الإنتاجية، بينما تجد الفئة الأخرى في ذلك، إمكانية ممارسة أعمالها المتميزة باللاعقلانية واللاشرعية.

إنّ مختلف مهام التنمية الوطنية تغذي بصفة متعددة أشكال النشاطات العلمية والتكنولوجية، كما يتبلور الآن برنامج طموح في مجال التنمية الاقتصادية العصرية الوطنية مشكلا مخبرا واسعا للتجربة والإنجاز، وأن تسيير المؤسسات الاقتصادية من خلال مشاركة الجميع في إدارة الحياة الاقتصادية ومجمل الإجراءات المتخذة لصالح العمال والجماهير المحرومة، كل هذه تعد نشاطات أساسية يندرج فيها العلم. ويكون لنشاطات البحث فيها دور الكاشف الذي يزداد أهمية أكثر فأكثر في الحاضر، ويكون هو الدليل للمستقبل.(1)

ولكي تستطيع أي دولة الحفاظ على وضعها ومكانتها في عالم اليوم وتعمل على تلبية التطلعات المتزايدة لشعوبها فلا يكفي أن تكون قد وصلت أو دفعت الثمن إلى مشارف التكنولوجيا، بل لابد لهذه الدولة، بعد ذلك، -للمحافظة على بقائها الاقتصادي- من أن تسعى بكل ما في وسعها، لكي تقوم الصناعة بالاستثمار الكثيف والفعّال في أنشطة البحث والتطوير التجريبي. ولا مفر للدول التي تفشل في  تحقيق ذلك من أن تنتظر وتتوقع التخلف عن ركب التقدم.(2)

لهذا هناك أعداد كبيرة من مثقفي الدول الناشئة يعملون وبنجاح وعلى مستوى ممتاز في أرقى مؤسسات البحث العلمي في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك نجد في الواقع أن التطورات العلمية الأساسية خلال الفترة الأخيرة قد ثبتت في المجتمعات الأوروبية. ولعل أبرز صفات العصر الرّاهن، هو بروز الدور المميّزة للعلم والتكنولوجيا مرفقا حيويا ديناميكيا له تأثير مباشر في مجمل النشاطات الإنتاجية والإنسانية.

    ولقد أثبتت الإحصائيات أنه مع ثبات رأس المال والعمالة المستخدمة لأي مشروع إنتاجي، فإن تطوير نوعية المنتوج وزيادة الإنتاج إلى حد يصل 80%. يعود أساسا إلى ترشيد استخدام العلم والتكنولوجيا في المشاريع الإنتاجية لتطويرها.  وهذه الحقيقة أدركتها مؤخرا شعوب العالم الثالث مما دعاها إلى فتح شراكة بين الجامعة والمؤسسة الإنتاجية وإنشاء مراكز للبحث العلمي التطبيقي.(3) والجزائر رائدة في هذا المجال، حيث قامت بإنشاء هيئات حكومية تختص بوضع سياسة البحث العلمي ومتابعته. وهذا يعني أن الباحث هو عضو خاضع لجهاز الدولة وبالتالي شاء أم أبى يعتبر عنصرا فعالا وخاضعا لأيديولوجية السلطة الحاكمة.

       في هذا السياق نطرح التساؤل التالي:

  • ما هي فعالية الجامعة والبحث العلمي وآفاقهما المستقبلية في الجزائر؟ باعتبار أن الجامعة مركز لإفراز القيّم وتطوير الأفكار وإعادة إنتاج الثقافة ومجتمع خاص تحيا فيه النخبة المثقفة في المجتمع الصانعة للأفكار والمثرية لها.

     وللإجابة على هذا الإشكال نتناول في هذا البحث موضوع البحث العلمي ودوره في الخدمة الاجتماعية في الجزائر.بتقديم،أولا، رؤية موجزة عن المراحل التاريخية للبحث العلمي في الجامعة الجزائرية. ثم نحاول، ثانيا، كشف واقع البحث العلمي وآفاقه المستقبلية في الجامعة الجزائرية.

2- فرضية البحث:

        وفي هذا البحث نقوم بصياغة فرضية البحث مؤسسة على التساؤل المحوري لمشكلة البحث وقائمة على تنبؤ معقول.

     وعليه ففرضية الدراسة تتمثل فيما يلي:

    للجامعة الجزائرية دور كبير في دعم البحث العلمي الموجه للخدمة الاجتماعية والتنمية الوطنية كما ينص عليه المشروع الوطني.

 3- المنهج المتبع:

     يتحدد المنهج الذي تدرس وفقه المشكلة، وهو المنهج الوصفي التحليلي، وتتضح التقنية المناسبة لجمع المعلومات المتصلة مباشرة بموضوع الدراسة وهي تقنية تحليل محتوى الوثائق الجامعية التي تتناول البحث العلمي كبحوث ومراسيم إدارية، وكذا المقابلة التي أجريت على الطلبة والقائمين على البحث العلمي على مستوى جامعة الجزائر.

 4- سبب اختيار الموضوع:

    والسبب الذي دفعنا إلى معالجة هذا الموضوع يتمثل في المساهمة في عملية الارتقاء بنوعية البحث العلمي إلى البحث النوعي والجودة والخدمة الاجتماعية.

5- تحديد المفاهيم:

-  تعريف البحث العلمي وأهميته:

يعرف الدكتور “ كايد عبد الحق البحث العلمي بأنه "حصيلة مجهود منظم يهدف إلى الإجابة على تساؤل أو مجموعة من التساؤلات المتصلة بموضوع ما متبعا في ذلك طرائق خاضعة لقواعد وضعية".

كما عرفته ثريا عبد الفتاح محسن بأنه : "محاولة لاكتشاف المعرفة أو التنقيب عنها أو تنميتها أو فهمها وتحقيقها بتقص دقيق ونقد عميق".  

وعليه فإن البحث العلمي عبارة عن جهد منظم يقوم به أفراد، هم أهل للقيام به لما يمتلكون من خصائص علمية ومعرفية تسمح لهم بذلك. متبعين خطة علمية معينة تسمح لهم بالوصول إلى نتائج محددة يمكن توظيفها والاستفادة منها في مجالات محددة تبعا لنوعية البحث وطبيعته.

    كما للبحث العلمي ارتباط بالمجتمع لأنه يعتبر مسعى إنساني وجهد بشري مقصود، يتم التخطيط له بطريقة عقلانية وموضوعية. ويمكن عن طريقه أن يحقق الإنسان طموحاته النبيلة وأهداف مجتمعه في شتى المجالات. مستغلا في ذلك ذكاءه العقلي أو قدراته الذهنية الفطرية التي وهبها الله له... ومستخدما الإمكانات المادية الطبيعية والعملية والبشرية...الخ. التي تحت يديه أو المتوفرة لديه.(1)

    وأيضا، البحث العلمي مهم في تطوّر العلوم بشكل عام، فالبحث العلمي للبحوث الإنسانية والعلمية هو دراسة ذو مصداقية، فيكفي أن يتبع الباحث خطوات كتابة بحث، ويتسلسل بتطبيق التجارب، والحصول على الأجوبة والنتائج الخاصة بالبحث ودراسة البحوث السابقة التي تعنى بموضوع بحثه، وإدراجها ليتتبع القارئ تطور البحث في سياق الموضوع المدروس ، كل هذا يجعل من البحث الطريق إلى تلخيص الدراسات السابقة في علمٍ ما ومن ثم اختار القارئ بالأبحاث الجديدة التي استفادت مما سبق ثم بنت عليه استنتاجاتها، والتي ليست بالضرورة توافقها بل يمكن أن تخالفها وبالتالي تشرح لماذا خالفتها وتقنع القارئ بالدلائل والمواثيق.

   كما يزوّدنا البحث العلمي –كباحثين أو كقارئين- بآخر المعلومات التي وصلت لها الدراسات العلمية الحديثة، بل وتسمح لنا بالتعرف على بدايات التدون العلمي لما يخص الموضوع منذ زمن طويل، وما هي الدراسات التي تم تفنيدها أو التي أثبتت صحتها ولو كانت قديمة، وباطلاعنا على الأبحاث المنشورة فنحن نتطلع على أفضل الأبحاث في سياقٍ ما، وتكمن أهمية البحث العلمي أنّه يساعدنا على تأويل نتائج البحث، ويسهل على من يأتي بعدنا البحث والتمحيص، وهو تطبيق عملي للبحث وليس كتابة نظرية، فهو قابل للتطبيق إن اتبع الباحث خطوات من سبقه، وتزود المكتبات بالأبحاث أولاً بأول ممّا يساعد الباحثين الجدد في الحصول على كل جديد، فتتشكل قاعدة بيانات كبيرة من الأبحاث.

6- لمحة تاريخية حول تنظيم وتسيير البحث العلمي في الجزائر:

        يمثل الفكر العلمي تقاليد حضارة الشعب الجزائري وتتمكن دائما من التعبير والتأكيد على وجوده عبر عدة قرون.

     إن الجزائر التي كانت تصنع أدوات إنتاجها وأسلحتها قبل الاستعمار الفرنسي (1830) والتي كانت تتوفر على الخبراء والمفكرين من العلماء والتقنيات والإنشاءات الضرورية لتنمية العلم والتقنية بالنسبة إلى عصرنا. وجدت نفسها اليوم متخلفة بعدة عصور بسبب الاستعمار.

    إن ثورة نوفمبر 1954 التي واصلت مشروعا اجتماعية مبنيا على الحرية والاستقلال والعدالة والمساواة وقد وضعت كمبدأ استرجاع الشخصية الوطنية بكل مقوّماتها ومكوّناتها والرّوح العلمية والمشاركة في الحركة العالمية لتطوير معرفة العلوم والتقنيات التي تشكل أحد العناصر الأساسية التي كان من شأنها تمهيد وبناء المستقبل. والجزائر لم تكن تتوفر غداة الاستقلال إلا على جامعة واحدة وإطارات بعدد ضئيل استدعوا إلى عملية إعادة البناء الوطني.

     وقد واصلت بعض مراكز البحث الموروثة من العهد الاستعماري، نظام البحث، لكن لم تستطع بأية حال تشكيل قاعدة انطلاق من أجل تأسيس نظام وطني للبحث العلمي، لذا اكتفى فقط بتكوين الإطارات وأخذ على عاتقه تسيير بعض مراكز البحث العلمي الموروثة.

     وحلّت هيئة التعاون التي أنشئت عام 1967، لتسيير مراكز البحث الموجودة وذلك بالتعاون معهم وتكفلت وزارة التعليم العالي بإدارتها، كما أسس مجلس مؤقت للبحث العلمي عام 1972.

    وفي عام 1973 أصبحت كل عمليات البحث العلمي وطنية بإنشاء الهيئة الوطنية للبحث العلمي، تحت وصاية الوزارة، حيث قامت بالتكّفل في تنفيذ سياسة البحث العلمي المحددة من طرف الحكومة بشكل متوازي مع العمليات المنتظمة الخاصة باسترجاع الثروات الوطنية. وهذا بإحداث معاهد التكوين ومخابر البحث.

     وقد انعقدت أول دورة للمجلس الوطني للبحث العلمي في عام 1975 بمناسبة تهيئة المخطط الوطني الأول للبحث. وهي دورة تشاور وتبادل المعلومات حول مشاريع برامج البحث، حيث وضعت مبادئ البحث العلمي وتنظيم أحسن نشاطات البحث بين مختلف الميادين العلمية.

    كما اهتم المخطط الخماسي بقطاع البحث العلمي بوضع عمل تمهيدي تمثل في تشاور كبار موظفي البحث العلمي وموظفي التنمية في إطار أعمال اللجنة الدائمة لتخطيط البحث العلمي. وتكفلت الحكومة به، حيث أقرّت حجم 2,6 مليار دينار للبرنامج مع مليار دينار من اعتماد الدفع للفترة المعينة. وهي الفترة التي سمحت بتشكيل برنامج وطني وكذا السيطرة والتحكم الأفضل على البرامج وتحسين التنسيق بين القطاعات لتحقيق الأهداف المنشودة.(1)

    وإذا سمحت اللجنة الدائمة للتخطيط للبحث العلمي بجعل النشاطات المتخذة خلال المخطط الخماسي الأوّل والثاني أكثر ترابط داخلي والمشاريع المباشرة أكثر نضجا، وصلت بسرعة إلى حدود إمكانياتها لعدم وجود مخطط حقيقي للبحث  العلمي يعتمد على إستراتجية واضحة وأهداف ممكنة على المدى المتوسط والبعيد لا تندرج بصورة شكلية فقط بل بصورة ملموسة في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والهادفة إلى وضع برامج علمية وطنية حقيقية هي الآن ترى النور في الجامعة والمراكز العلمية والمخابر على مستوى التراب الوطني.

    ولقد استحدثت على مستوى المعاهد تبعا للتعديل الذي أحدث على النظام السابق حيث أصبح هناك وحدات للبحث العلمي. أي أن كل معهد يقوم بالبحث في نطاق تخصصه تحت إشراف الجامعة والوزارة، وتشكيل فرق بحث استحدثت على مستوى المعاهد والهدف منها تنشيط حقيقي لهيئة التدريس واندماج كامل في مشاريع الجامعة المتعلقة بالتكوين والبحث.(2)

7- واقع البحث العلمي وتحدياته المستقبلية:

    يحتاج البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي إلى إستراتيجية علمية واضحة المعالم، وقابلة للتطبيق وقبل ذلك إدارة سياسية داعمة، تؤمن بأهمية البحث العلمي في تقدم وتطور الدول والمجتمعات، كما يحتاج إلى إدارات جامعية مؤهلة أكاديمياً وقيادياً و يقوم به علماء مبدعون في ميادينهم، مدركون أوضاع أوطانهم وحاجاتها، قادرون على تقصي كل ما هو حديث وطرح الأسئلة، وتلقي الأجوبة.  والبحث العلمي باختصار هو الطريق إلى مواكبة العصر في جميع الميادين تتولاه مراكز ومجالس للبحوث العلمية الاقتصادية والصناعية والزراعية والصحية والسياسية والاجتماعية وتكون الجامعة هي النبع الذي يرفد جميع هذه المراكز والمجالس. ومما لاشك فيه أن من أهم مقومات البحث العلمي والتطوير توفر حرية أكاديمية مسؤولة عن مقاربة مشكلات المجتمع، كما يحتاج البحث العلمي الرصين للدعم المادي والمعنوي الكافي، وكذلك المتطلبات الضرورية من التقنيات الحديثة، والمختبرات والمراكز العلمية الملائمة، والخدمات الإدارية المساندة، فبهذه الشروط تمكنت البحوث العلمية في جامعات الغرب من إدخال تغييرات جذرية على برامجها التعليمية، ونظمها الإدارية والاقتصادية والاجتماعية.

    والناظر لوضع البحث العلمي في العالم العربي يلاحظ أن هناك الكثير من العقبات والصعوبات التي تعترض البحث العلمي وتحد من أدائه لدوره المتوقع منه، مما أدى إلى تأخر عملية التنمية والتطور في هذا الجزء من العالم. وسنناقش هذه العقبات والصعوبات التي تعترض البحث العلمي في العالم العربي لتشخيص المشكلة لعل أن يتم وضع الحلول المناسبة لها.

 و في الجزائر رغم ما حققه التعليم العالي من انجازات ومساهمات في جميع المجالات إلا انه أضحى يعاني من أزمة متعددة المظاهر”هي نفسها تقريبـا الموجودة على امتداد ساحات عربية عديدة” بوعشة(2005).حيث يجمع الباحثين، مطانيوس (2006) ،ألبرغوثي وأبو سمرة (2007)، معمرية(2007)،عبد الزهرة محسن (2012).طعمية والبندري (2004)،المجيدل وشماس(2010)، أن البحث العلمي في الجامعات العربية في أزمة حقيقية. ومن أهم ملامحها الاهتمام والتركيز على العملية التعليمية وإهمال الاهتمام بالبحث العلمي،الاهتمام بتوظيف مدرسين عوض التركيز على توظيف باحثين قادرين على أداء مهمة البحث العلمي، غياب خطة للبحث العلمي،وضعف ميزانية البحث العلمي،عدم تخصيص وقت محدد للبحث مثل ما هو مع عملية التدريس،عدم توجيه البحث العلمي لمعالجة مشاكل المجتمع،والبحث العلمي هو عبارة عن دروس نظرية تلقى على الطلبة في الجامعات، وغيرها كثير، وتؤشر على وجود أزمة في مجال البحث العلمي.

     ممّا سبق اتضح لنا أن البحث العلمي في خدمة المجتمع والمؤسسة الجامعية التي تضمه أيضا والنظام التربوي الذي يضم كل من التعليم والبحث العلمي.

    وإذا تعمقنا في الأمر نشير أن البحث العلمي يكون في خدمة المجتمع إذا روعي في ذلك أمران هما:

      أ-  أن يكون البحث وظيفيا.

     ب- أن يراعي هذا البحث اهتمامات الباحث إلى جانب اهتمامات المجتمع.

    فالأمر الأوّل: أن يكون وظيفيا فإن الوظيفية هنا تعني قيام هذا البحث بمراعاة المطالب الاجتماعية المختلفة والمتجددة باستمرار، كالمتطلبات الوطنية والدينية والثقافية والتنموية وغيرها ... وتكون متوافقة وخصوصيات هذا المجتمع، وما عداها يعاكس ذلك، (غير وظيفية) وبذلك فقط يكون هذا البحث فعّالا ومجديّا ومؤثرا وبه وحده يكون في خدمة المجتمع الذي يعلق عليه آمالا كبيرة للنمو والتقدّم.

    الأمر الثاني: الذي يجعل البحث العلمي في خدمة المجتمع هو أن يلبي هذا البحث اهتمامات الباحث، أيضا، فأوّل ما يتبادر هنا إلى الذهن هو الفصل بين اهتمامات المجتمع واهتمامات الباحث العلمي. وهذا بتمسك الباحث بالأسباب الموضوعية ويبتعد عن الأحكام والقيم المسبقة إذا أراد النجاح لبحثه خاصة إذا كانت اهتمامات الباحث تتعارض واهتمامات المجتمع، فعليها أن تحفظ لعل اهتمامات المجتمع تتغير مستقبلا لتطابق الاهتمامات الحالية للباحث، كما أن الاحتفاظ بنتائج البحوث التي تعكس اهتمامات الباحث ضرورية لإثارة جو من النقد والنقاش الذي يسهم في خلق حركية معرفية وعلمية مفيدة تظهر من خلال ردود الأفعال حول نتائج تلك الاهتمامات.

وعليه تصبح اهتمامات الباحث وإن اختلفت، واهتمامات المجتمع بهذا التصوّر في خدمة المجتمع، طالما أن النتيجة واحدة وهي نمو وتطوّر المجتمع وحل مشكلاته الاجتماعية والاقتصادية.

     فالبحث العلمي هو قائم من أجل النهوض بالمجتمع ويستهدف مجالاته المختلفة عاملا على تنميتها وتطويرها من خلال زيادة المنتوج الفكري والمادي الذي يستخدم لسد الحاجات وتلبية المتطلبات وكذا تقديم حلول للمشكلات الاجتماعية والثقافية والسياسية والصناعية والبيئية وغيرها، التي يطرحها المجتمع.

     والبحث العلمي شأنه شأن المجالات الأخرى، تعترضه مشاكل عديدة سواء ما تعلق بمشاكل الباحثين في مسار بحثهم، إذ تعترض طريقهم في البحث صعوبات قد تعجزهم عن مواصلة البحث أو بالمشاكل التي يفتعلونها هم أنفسهم، إذ يتحملون أعباء هذا البحث بكسلهم وعدم كفاءتهم وميولهم الأيديولوجية التي يفرضونها على تصوراتهم البحثية أو في إطار الإشراف العلمي على الأطروحات الجامعية إلى أداة للقهر الفكري وترويج بعض الاتجاهات السلبية وفرض التبعية الفكرية وهو أمر يتنافى مع الهدف الحقيقي من تكوين الرجل والباحث ويُورث الخضوع للاستبداد بالرّأي واحتقار الديمقراطية.(1)  فالمشكلة الأيديولوجية كانت ولازالت تعيق البحوث العلمية على مستوى العلوم الإنسانية خاصة. ومن المشاكل أيضا المشكلة السياسية لأن بعض الموضوعات هي تعتبر حساسة كثيرا ما تمانع الحكومات على تبنيها كبحوث علمية وتتعمد عرقلتها، هو ما يؤكده الدكتور أحمد ظاهر "الحكومات العربية أيضا لا تشجع قيام البحوث العلمية في معظم الأحيان ولا تحب البحث في قضايا حساسة كقضايا القبلية والانصهار الاجتماعي والاغتراب السياسي أو قضايا التغيير والتحديث وغيرها"، فإذا طلب الباحث ترخيص لبحثه من الجهات المسؤولة فإن طلبه غالبا ما يرفض.  وهناك مشاكل أخرى متعلقة بالظروف التي تحيط بالبحث العلمي وهي ذات الأثر السلبي على البحوث العلمية بحيث تقلّل من مفعولها، رغم جهود الباحث في مواجهتها وإقامة التحديات المختلفة، فتسيطر الأهداف ووضع الخطط وتوفير المناخ المادي والمعنوي يذلل بها صعوبات بحثه وهذا إن توفرت لديه الإرادة والعزيمة لإنجاح بحثه العلمي.

   إنّ الداء الذي تعاني منه الجامعة الجزائرية هو مستفحل على جميع الأصعدة وفي جانبه البيداغوجي بشكل خاص حيث نلاحظ التشويش على الإطارات والعمل الجماعي الذي يجعل منها كلا مجزءا. أين نجد الكل منطوي على ذاته. الأغلبية القصوى من الأساتذة الباحثين لا يبحثون من أجل البحث وتجديد المعلومات وتجديد دروسهم، لكن ينقلون نفس الذخيرة المعلوماتية المهجورة من عام لآخر، ينتج عنه عدم التأهيل للجامعيين، وما يزيد من تفاقم الوضع في الجامعة هو وجود انزلاقات خطيرة قد تطيح بالجامعة وتفقدها قيمتها النبيلة، كأعلى مؤسسة في التعليم والتكوين، وتفقد بها قيمتها في المجتمع وحتى لدى الأسرة الجامعية بكل أعضائها. إذ نذكر من تلك الإنزلاقات البيداغوجية منها إذ وصلت إلى حد المتاجرة بالنقاط أي بالعلامات، وبعض من يزعمون أنهم يمثلون الحركة الطلابية ينحدرون في المستوى إلى ممارسة نشاط السمسرة، بربط علاقات مع المموّنين للأحياء الجامعية والخدمات الجامعية، والاستغلال الرديء والخطير للأحزاب والتنظيمات التي يمثلونها، كان من نتائج ذلك وللأسف الشديد، استنزاف هيئة التدريس بهجرة عناصر أكثر كفاءة وخبرة إلى الخارج ... هروبا من الوضع المزري الذي آلت إليه الجامعة الجزائرية.

     وثمة الإشارة أيضا إلى إعادة إنتاج المناهج وتغيير وتجديد بعض الطرائق التي يعلم الجميع أنها من سمات التخلف في ظل الإصلاح الجامعي الجديد، فطرق التكوين والتأطير ومسابقات التوظيف ومسابقة الماجستير تتم في كثير من الأحيان بطرق تخضع لضغوطات مباشرة أو غير مباشرة وهي ممارسات غير علمية وغير أخلاقية. لكن هذه الطرق يتم التحفظ عليها بكيفية أو بأخرى ما يدفع بالطالب إلى التساؤل، وإن توفرت الجرئة، إلى البحث أيضا لترصد حقيقة ذلك. هو ما أفصح عنه وبجرئة الدكتور عبد الغني مغربي في أحد منتديات المواطنة والعصرنة حيث قال: "لماذا في هذه الحالة نبدي نوعا من التعقيد حينما نعلم أن الشهادة العليا وفي المقابل دكتوراه دولة التي يمكن أن تمنح لشخص لا يملك حتى مستوى الماجستير فمنح هذه الشهادة لا يتم في سرية كما يمكن

أن نعتقد، لكن في هذا الإطار شبه الرسمي أين تحترم حرفيا النصوص التشريعية

أو التنظيمية لأن المناقشة تتم في إطار مفتوح وهنا نحن في مستوى التأكيد أن الحرف قتل الفكر."(1)

وإذا تمعنا بنظرنا إلى المشهد الثقافي داخل الحرم الجامعي ودققنا الملاحظة نرى الطلبة في عزوف عن المطالعة حيث لا تشهد المكتبات الجامعية إقبالا كبيرا ما عدا فترة الإمتحانات. إذ لا نكاد نرى الطلبة إلا في وضعية ترفيه وبالأحرى مطالعة صحف أو مجلات الموضة للبنات والرياضة فيما يخص الذكور.

8-  نتائج الدراسة:

      - خلصت هذه الدراسة إلى جملة من النتائج تتمثل فيما يلي:

1) إن وضع الجامعة الحالي يؤول إلى انشغال الجامعة الكبير بمتطلبات التنمية الاجتماعية والاقتصادية وهذا ينعكس في المواضيع والإشكالات المطروحة على مستوى البحوث العلمية التي يقوم بها الطلبة والتي تندرج في إطار تخصص العلوم الاجتماعية والعلوم ألاقتصادية وأيضا على مستوى نشاط الأساتذة الجامعيين بمختلف درجاتهم العلمية على مستوى المخابر العلمية المعتمدة من الجامعة وبشراكة مع المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية تحت وصاية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

2) التفعيل النسبي لدور الجامعة الجزائرية في خدمة التنمية الوطنية وهذا بوضع مشروع الشراكة بين الجامعة والمؤسسة الاقتصادية في الميدان وليس فقط حبر على ورق، موثق في مراسيم وزارية تزكي معنويا نشاطاتها، ومستفيدة ماديا منها. وتفتح فضاء للبحث العلمي لذوي الكفاءات بالنشاط والعطاء، مساهمة بذلك في إنجاح المشروع التنموي للبلاد.

 * وعليه، أقدّم بعض الاقتراحات علّها تنشط عملية البحث في الجامعة.

  • إنشاء صندوق الدّعم المالي للبحث العلمي والإنفاق عليه، يموّل من هيئات حكومية مهتمة أو قطاعات خاصة تستفيد من نتائجه العلمية والتي تساهم في تطويرها.
  • توفير المناخ العلمي السليم في الجامعة وإزالة غموض اصطلاح الحرية الأكاديمية في أنظمتها وقوانينها.
  • وضع إستراتيجية تهدف إلى العمل على إيجاد بيئة متكاملة للبحث العلمي والابتكار والريادة. ومنافسة ومساهمته في التنمية.وفي انتاج المعرفة وربط مؤسسات التعليم العالي بالقطاعات التنموية والمساهمة في تطوير العمل الأكاديمي في المستقبل.

                                        

خاتمة

  إن البحث العلمي وتطويره من أهم القضايا التي يجب أن نوليها كامل اهتمامنا وعنايتنا ، ذلك لأن المواضيع التي يتناولها البحث العلمي بالدراسة ماهي إلا محاولة جادة لإيجاد حلول للمشكلات الكثيرة والمتعددة التي

تواجهنا في الحياة اليومية ، والتي تشكل عقبة في سبيل تحقيق التقدم والنجاح ، على مستوى كل الأصعدة ، من ذلك تتأتى لنا الأهمية البالغة والبارزة للبحث والتنقيب ، ليس أي بحث ولكن ذلك الذي أعد وفق قواعد وأسس تؤكد صحة وسلامة النتائج المحققة.  وما ينبغي الإشارة إليه ، هو أن المنهجية ليست مجرد قواعد وخطوات علمية ، أو مجرد مجموعة من التقنيات والأساليب التي يجب أن يتبعها الباحث خلال إنجاز بحثه، وإنما هي أسلوبا في التفكير السليم والمنطقي ، فأحرى بالطلبة والباحثين في ميدان المنهج العلمي ، ونقصد بهذا تنظيم سير العقل بما يوافق القواعد العلمية ، ليكون لهم سندا وأساسا ينطلقون منه في إنجاز أي بحث أو القيام بأي دراسة علمية .فالبحث العلمي لا يحقق الفائدة المرجوة منه إلاّ إذا التزمنا في إنجازه بالمنهجية السليمة.

      نخلص إلى القول، أنّ البحث العلمي في الجامعة الجزائرية ورغم ثرائه، إلاّ أنّه في الواقع لم يصل بعد إلى المستوى الذي نرضى عنه جميعا.  وهذا لاعتراضه جملة من المعوقات كنقص التدعيم المالي المخصص للبحث، وانشغال الأساتذة أكثر بعمليات التدريس والأعمال الإدارية وصعوبة النشر. وعدم وجود سياسة وطنية محكمة للبحث العلمي تحدد مجالاته وأولوياته.

      فالواقع أن الحرية في البحث العلمي وفي الكثير من المجالات، تكون مقيّدة، ففي بعض الميادين يصعب على الباحث تناول القضايا الواقعة في نطاقها (السلطة) وإذا استطاع تناولها فإنه قد لا يكون حرّا في نشر النتائج التي يتوصل إليها. إلاّ إذا كانت ضمن الأطر المسموح بها. وخاصة في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية الضاربة في عمق المجتمع والكاشفة له.

 

قائمة المراجع:

 1- جون-ب. ديكنسون،(1986) العلم والمشتغلون بالبحث العلمي في المجتمع الحديث، ترجمة: اليونسكو، الطبعة الثانية، باريس.

2- اتحاد مجالس البحث العلمي العربية (الأمانة العامة، (1980)، دور أجهزة البحث العلمي العربية في عملية التنمية العمومية، وقائع الندوة المنعقدة في عمان (الأردن)،

5-7/02/1979، تحرير د. بسام الساكت، بغداد .

3- سامي سلطي غريفج، (2001)،الجامعة والبحث العلمي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، عمان، الأردن.

4- وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، (2006)،  النظام الداخلي لجامعة الجزائر،دليل مختصر.

5- مجدي عزيز إبراهيم، (2001)،رؤى مستقبلية في تحديث منظومة التعليم، مكتبة الإنجلو المصرية، القاهرة .

6- مجلة الجامعة، ديوان المطبوعات الجامعية، (1975)،العدد 2، الجزائر .

  -7Abdelghani MEGHERBI,(2006) « Bonne gouvernance espace de citoyenneté et mutations socio culturelles, Revue de Forum algérien pour la citoyenneté et la modernité – Alger N°4, Mars.

-8 Dominique Glasman et Jean Crémer, (1978) ,Essai sur l’université et les code en Algérie, éd.  C.N.R.S.  

 -9http://www.swmsa.net.

حمود البدر : معوقات البحث العلمي في العلوم الاجتماعية و الإنسانية.